ماذا بعد تبني اوروبا للمبادرة الفرنسية؟

شهدت العلاقات الاوروبية الاسرائيلية في المدة الاخيرة اجواء سياسية مشحونة وتوترات متزايدة على خلفية المواقف الاوروبية من عملية السلام ومطالبة اسرائيل بالالتزام بحل الدولتين.وارتفعت وتيرة الخلاف بين الطرفين بعد اعترافات البرلمانات الاوربية بدولة فلسطينية التي كانت مقدمة لاعترافات دول اوروبية بدولة فلسطينية حيث ساهم اعتراف السويد في إنتاج مناخا سياسيا جديدا في اوروبا كسر حاجز الصمت لدى دولا اوروبية اخرى اخذت تستعد للاعتراف بدولة فلسطينية.وزاد من حدة التصعيد الاوروبي تجاه اسرائيل عندما قرر الاتحاد الاوروبي وسم منتجات المستوطنات الاسرائيلية كرد على سياسة الاستيطان الاسرائيلية التي يعتبرها الاتحاد الاوروبي غير شرعية وطالب اسرائيل مرارا بـــ وقفها، وهو ما اعتبرته اسرائيل نوعا من المقاطعة الاوروبية لمنتجاتها غير ان الموقف الاوروبي كان ينطلق من عدم الاعتراف بشرعية المستوطنات وحقيقة كونها ليست اراض اسرائيلية بل اراض فلسطينية. وكان رد اسرائيل على القرار الاوروبي بتعليق الدور الاوروبي في عملية السلام وهذا قرار لا ينسجم مع المواقف الدولية اذ ان الرد الاوروبي لم يتأخر وجاء سريعا حيث اعلن الاتحاد الاوروبي انذاك بانه سيواصل العمل من اجل السلام وحل الدولتين.
وفي تطور لاحق ارتفعت حدة التصعيد في العلاقة الاسرائيلية الفرنسية بعد طرح فرنسا مبادرتها لانهاء الاحتلال والدعوة الى مؤتمر لدولي للسلام تشارك فيه كافة الاطراف حيث قوبلت هذه المبادرة بردود فعل عاصفة في اسرائيل وكشفت صحيفة صحيفة هارتس الاسرائيلية النقاب عن خلافات غير مسبوقة بين فرنسا واسرائيل على خلفية المبادرة الفرنسية لحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، وقالت ان المباحثات الاستراتيجية التي عقدت بينهما تحولت الى صراع غير مسبوق بسبب المبادرة الفرنسية واصرار فرنسا على الدعوة لعقد اجتماع في باريس لحشد الدعم للمبادرة الفرنسية الامر الذي استدعى التدخل الامريكي لافشال الاجتماع بناء على مطالب اسرائيل وهو ما حدث عندما استطاع جون كيري وزير الخارجية الامريكي التأثير في البيان الختامي الذي ظل مبهما دون قرارات واضحة في ظل صمت من قبل وزراء خارجية دول الاتحاد الاوروبي الذي كانت امال فرنسا متعلقة بهم لتوفير الدعم للمشروع الفرنسي، وبدا ان اجتماع باريس قد فشل وان المبادرة الفرنسية سيكون شأنها شان المبادرات والمشاريع الاخرى التي طرحت.
لكن وفي تطور لاحق فاجأ وزراء خارجية دول الاتحاد الاوروبي الجميع واعلنوا تأييدهم المطلق للمبادرة الفرنسية واعلنوا عن تبنيهم بالكامل لكافة بنودها وهكذا وضعت اسرائيل مرة اخرى في مأزق واخذت تبحث عن حلول ومخارج على الاقل لتعديل الاعلان الاوروبي الجديد.
وهكذا فرض الاتحاد الاوروبي نفسه في لعب دورا داعما لعملية التسوية رغم هيمنة الولايات المتحدة على مسيرة المفاوضات والتي حاولت تحجيم الدور الاوروبي وتحاول ان تجعله دائما تحت عباءتها مع ان الجانب الاسرائيلي يرى في الموقف الاوروبي بأنه منحازا للعرب. وتبدي اوروبا حرصا كبيرا على تحقيق الاستقرار في المنطقة العربية لاعتبارات عدة اهمها حماية مصادر الطاقة وتكوين سوق واسعة لدول الاتحاد الاوروبي بشكل يعزز اقتصاديات هذه الدول، كما تنظر اوروبا الى استمرار التوتر والنزاعات في المنطقة العربية بنوع من الخوف والقلق ومن امكانية وصول افرازات تلك الازمات اليها في ظل جوار جغرافي لا يمكن تجاهل دوره في الربط بين الاحداث في المنطقتين العربية والأوروبية.
وتتخوف اسرائيل من ان الخطوة الاوروبية ربما تكون بتنسيق مع الولايات المتحدة وضوء اخضر منها حيث ان الكاتب الامريكي هنري سيغمان كان قد اشار سابقا في مقالة له بأن الحكومة الأميركية لم تقدم أبداً التزاماً غير مشروط لإسرائيل لعرقلة دور مجلس الأمن في التوصل إلى اتفاق سلام الدولتين، ولكنها التزمت بعرقلة دور مجلس الأمن طالما أن هناك احتمالا معقولا بأن يتوصل الطرفان إلى مثل هذا الاتفاق لوحدهما _وهذا الاحتمال لم يعد موجوداً، مشيراً إلى أن التزام الولايات المتحدة بالحفاظ على أمن إسرائيل يدفعها للضغط على مجلس الأمن لوضع نهاية للاحتلال الإسرائيلي وتمهيد الطريق لإقامة دولة فلسطينية.

خاص- مركز الإعلام

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version