الاخوان والتعاون الاسلامي في الاتفاق التركي- الاسرائيلي

رغم ان الاتفاق التركي الاسرائيلي درس وعبرة لحماس لن يقرأ قادتها حرفا منه، ولن يبصروا في المدى ابعد من مواطئ اقدامهم، الا ان رؤية الاتفاق من منظور الشماتة بحماس هي رؤية قاصرة لا تختلف عن رؤية حماس القاصرة والفئوية جدا للقضية الفلسطينية، والصراع الفلسطيني العربي– الاسرائيلي.
تركيا بهذا الاتفاق ضربت العمود الفقري لسياسة القيادة الفلسطينية التي ربطت علاقات الدول العربية والأعضاء في منظمة التعاون الاسلامي مع اسرائيل بتحقيق شرط قيام دولة فلسطينية مستقلة بعاصمتها القدس الشرقية، حتى ان المبادرة العربية ربطت موضوع الاعتراف والعلاقات مع اسرائيل بهذا الشرط ما يعني ان الاتفاق التركي الاسرائيلي وجه ضربة مزدوجة واحدة لمنظمة التعاون الاسلامي والأخرى للمبادرة العربية حيث أن الدول العربية تشكل اكثر من ثلث اعضاء منظمة التعاون الاسلامي!!.
تركيا عضو مؤسس في منظمة التعاون الإسلامي التي تأسست بعد حريق المسجد الأقصى في 21 آب من العام 1969، كمحاولة للدفاع عن شرف وكرامة المسلمين المهدورة في قبة الصخرة المحتلة، والمسجد ألاقصى المحروق بنيران المستوطنين اليهود حينها!! واختيرت القدس كمقر دائم، اما المؤقت بانتظار تحرير مدينة اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومهد المسيح ومسرى النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) فهو مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية.
57 دولة الى جانب تركيا وهي (دولة مؤسس) في المنظمة كانت قد حملت اسم منظمة المؤتمر الإسلامي التي جعلت من نفسها اطارا هدفه “حماية المصالح الحيوية للمسلمين” البالغ عددهم نحو 1,6 مليار نسمة. وللمنظمة عضوية دائمة في الأمم المتحدة.
كنت راهنت على العلاقة الاستراتيجية بين انقرة وتل ابيب في عز فوران ومرارة الانفعال الفلسطيني والعربي اثر حادثة السفينة مرمرة، والسبب بسيط هو ان العلاقة الأمنية والعسكرية بين جنرالات المؤسستين الأمنية والعسكرية في تركيا وهي دولة عضو في حلف الناتو وبين القاعدة الاميركية الاكبر في الشرق الأوسط اسرائيل لا بد ان تمضي قدما لا تعبأ ولا تتأثر بخطابات المنابر السياسية والاعلامية، فالمصالح الجامعة بين اضلاع المثلث (مختلف الزوايا والأضلاع) اقوى واشد متانة مما يعتقده أصحاب دوائر الجماعة الفقاعية الصغيرة، فلدولة الخلافة سابقا، و اسرائيل والولايات المتحدة سوابق في احتلال اقطار عربية بغض النظر عن سنوات وعقود وقرون الاحتلال – نذكر هنا ان قادة الجمهورية الاسلامية في ايران تذكروا فجأة انهم فرس وانهم ينتمون الى تلك القومية الحضارية – فما الذي يمنع صحوة تركية اذا صح تسميتها كذلك، فالأتراك مؤمنون بقوميتهم وبلغة المصالح، وهذا منطق مشروع وقانوني في العلاقات بين الدول في الفكر السياسي الدولي الحديث والمعاصر.
تركيا التقت مع قيادة جماعة الاخوان المسلمين في مركزهم الرئيس مصر وفي فرعهم بفلسطين على هدف اسقاط ثورة 30 يونيو ومنع نهوض التيار القومي العربي من جديد، لكنهم لم يفكروا ولم يعملوا على نزع احد اضلاع المثلث لأنهم كانوا وما زالوا رأس حربة هذا المثلث الناخر في الوعي الفردي والجمعي لشعوب الدول العربية، فهم ادوات حفر الطرق الخفية للتسلل الى عقل الانسان العربي عبر المفاهيم الدينية المزيفة.
نجحت اسرائيل كدولة احتلال في اختراق ما كانت تسمى دولة الخلافة الاسلامية، ودول الرجال الذين تنتظرهم القدس لتحريرها، وهذا اشد فتكا بوعينا الانسان العربي والمسلم، لأن الاتفاق الأمني الاقتصادي بين تركيا واسرائيل والمحتفى به في شوارع انقرة عبر نشر الملصقات الدعائية قد حصل فيما القدس مازالت محتلة، ومخاطر تهويد وتقسيم المسجد الأقصى وصلت الى المرحلة النهائية في مخطط الاستيلاء والسيطرة على أهم معالم المسلمين الدينية.
ادرك الرئيس التركي اردوغان ان التعقل مع اسرائيل وروسيا قد يمنحه الحصة التي كان يأمل نيلها من سوريا، وأن التعقل يعني التنسيق بينه وبين اسرائيل وروسيا، خاصة ان موسكو وتل ابيب قد اتفقتا على التنسيق بينهما فيما خص سوريا، صحيح ان التفجيرات الدموية الارهابية الهمجية في اسطنبول عجلت في اقناع الرأي العام التركي بالتحولات الدراماتيكية لاردوغان، الذي استطيع القول انه غسل يديه من جماعة الاخوان المسلمين لقناعته بفشلهم في الوصول الى مستوى 2 من المئة مما وصل اليه حزبه ذو التوجهات الاسلاموية في عملية البناء والتطور، فربما ادرك اردوغان متأخرا ان جماعة الاخوان وتحديدا فرعهم فيفلسطين حماس ارادوا تركيا كمركز استقواء استراتيجي وبقرة حلوب اكثر من اخذها كتجربة في البناء الاقتصادي والتطور.
سننتظر خطابا من اردوغان يقول هذا ألأمر لكن ليس قبل ان تفك قيادة حماس عقدة لسانها حول هذا الاتفاق. يبدو ان الحلقوم التركي قد لزق السنتهم بسقوف حلوقهم.

كتب موفق مطر

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا