الرباعية وعلامات استفهام كبيرة على دورها؟

لا زال التقرير الذي صدر عن اللجنة الرباعية فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الاسرائيلي يثير ردود فعل غاضبة لدى الاوساط السياسية والإعلامية وحتى الشعبية الفلسطينية نتيجة تجاهله لجوهر الصراع مع اسرائيل وهو استمرار احتلالها للأراضي الفلسطينية. وقد فسر هذا التقرير على انه تشجيع لإسرائيل في استمرار احتلالها حيث انه لم يطالبها بالانسحاب الكامل كأساس لحل الدولتين وإنهاء الصراع وابقى على الامور عائمة وهو ما زاد من صلف اسرائيل وتعنتها .
وبالتأكيد فان هذا التقرير سيلقي بظلاله على عملية السلام بشكل كامل من حيث الاهمال المتعمد من قبل الرباعية لأهم المرتكزات التي قامت عليها عملية السلام وهو الانسحاب الاسرائيلي من الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 بما فيها القدس الشرقية وخاصة انه صدر في ظل توقف عملية السلام بشكل كامل نتيجة الرفض الاسرائيلي للتعاطي مع الحقوق الوطنية الفلسطينية وجاء هذا التقرير بمثابة دعم لإسرائيل على مواقفها مما تسبب في استمرار الشلل المحيط بعملية السلام.
هذه المعطيات تطرح تساؤلات كبيرة حول دور الرباعية الذي كان من المفترض ان يكون معاكسا تماما لما حدث لكن موقفها كان استنساخا للمواقف الامريكية الداعمة والمنحازة لإسرائيل.
لماذا هذا التحول في مواقف روسيا من ازمة الشرق الاوسط وهي التي اخذت على عاتقها الدفع بعملية السلام حتى ان الرئيس الروسي كان له تصريح يقول”سنناضل من اجل اقامة دولة فلسطينية” وهذا يعني من خلال حل الدولتين. ثم ماذا بالنسبة للمواقف الاوروبية والتي اعلنت منذ ايام تبنيها للمبادرة الفرنسية لحل الصراع ودعمها حيث نراها تتراجع بشكل ملحوظ في تناقضات مثيرة خلال ايام. اما بالنسبة للعضو الثالث في الرباعية الا وهو الامم المتحدة فان هذا التقرير افقدها هيبتها وأعطى المبرر لإسرائيل للاستمرار في انتهاك القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
وإذا كانت كل من اوروبا والأمم المتحدة لا زالت تتأثر بهيمنة السياسة الامريكية على قراراتهما فان التساؤل الاكبر يأتي عن سبب الاخفاق الروسي داخل الرباعية ولماذا تطابقت وجهة نظره مع وجهة النظر الامريكية ام ان المصالح كانت حاضرة عند صياغة هذا التقرير. من المفترض ان تكون روسيا اعتمدت على دورها وعضويتها في الرباعية الدولية من اجل العودة الى حالة من التوازن مع الولايات المتحدة وهي احدى الخطوات الرئيسة التي تبقيها في حالة التوازن معها اضافة الى بعض النقاط الساخنة في العلاقات الدولية والتي بدت تظهر فيها الخلافات حول المواقف ووجهات النظر بين روسيا والولايات المتحدة.
التقرير بحد ذاته يعتبر فشلا للأطراف التي كانت متابعة بعناية فائقة لعملية السلام وكانت تدرك ان مخاطر توقفها او جمودها آتية من الجانب الاسرائيلي واعني بذلك كل من روسيا والأمم المتحدة بالدرجة الاولى وأوروبا بالدرجة الثانية اما الولايات المتحدة فموقفها ثابت سواء كان داخل الرباعية ام خارجها، اما وقد تغيرت مواقف هذه الدول والمؤسسات سواء كانت تحت ضغوط او تحت تأثير المصالح العامة فان ذلك ايضا يطرح تساؤلات حول دور كل منهم في حفظ الامن والسلم الدوليين بصفتهما اعضاء في مجلس الامن الدولي ومطالبين بفض النزاعات الدولية والعمل على حلها، لا زيادة تعقيداتها.
ان استمرار الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية سيبقى يشكل عبئا على كاهل المجتمع الدولي وعلى كاهل تلك الدول صاحبة العضوية الدائمة في مجلس الامن والتي تساهم مباشرة في صياغة السياسة الدولية وان عدم حصول الفلسطينيين على دولة لهم سيبقي المنطقة في حالة من عدم الاستقرار ومعرضة لمزيد من التصعيد في ظل بروز حركات التطرف الاسلامي.

خاص- مركز الإعلام

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا