عدوان الخمسين يوما … ذكرى مأساوية

ناهـض زقـوت
مدير عام مركز عبد الله الحوراني للدراسات والتوثيق

بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بثلاثة أشهر، أصدرت كتابي “خمسون يوما هزت العالم – العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة 2014” وجاء في نحو (400) صفحة، حيث كنت خلال العدوان أوثق الممارسات الإجرامية واللاانسانية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي من الجو والبحر والأرض ضد أبناء شعبنا. وتواصل العدوان بشكل يومي طوال خمسين يوما من 8/7 إلى 26/8/2014. طوال هذه المدة ارتكبت إسرائيل أبشع عمليات الإجرام والإبادة ضد أبناء شعبنا الآمنين والمسالمين، أعادت إلى ذاكرتهم ما حدث عام 1948 من تهجير وقتل ومذابح.
طوال فترة العدوان نفذت القوات الحربية الإسرائيلية نحو (60.664) غارة، أطلقت خلالها (43 ألف) قذيفة صاروخية، و(39 ألف) قذيفة دبابة، و(4 مليون و800 ألف) رصاصة باتجاه المواطنين ومنازلهم وممتلكاتهم، أي أربع رصاصات لكل مواطن في غزة.
لقد وثق الكتاب لأغلب العمليات الحربية الإسرائيلية ونتائجها وتداعياتها على أبناء شعبنا، ومما جاء في الكتاب حتى تاريخ انتهاء العدوان:

– استشهاد (2145) شهيدا، منهم (1659) من الرجال، و(486) من النساء، و(581) من الأطفال، و(102) من المسنين. أما الجرحى فقد بلغوا (11.231) جريحا، منهم (7691) من الرجال، و(3540) من النساء، و(3436) من الأطفال، و(418) من المسنين.
– ولحقت أضرار بـ(17) مستشفى، و(50) عيادة رعاية صحية أولية، وإغلاق (6) مستشفيات، و(28) عيادة صحية، وتدمير (16) سيارة إسعاف. وكذلك استشهاد (23) من الطواقم الطبية ما بين مسعف وطبيب، وإصابة (83) آخرين بجروح مختلفة.وتعرضت (197) مدرسة سواء حكومية أو تابعة لوكالة الغوث أو خاصة للأضرار، بالإضافة إلى الجامعات والكليات التعليمية. كما تعرضت المساجد ودور العبادة سواء الإسلامية أو المسيحية للاستهداف المباشر، ما أدى إلى تدمير (73) مسجدا تدميرا كاملا، بالإضافة إلى الكنائس التاريخية، ناهيك عن استهداف المقابر ومؤسسات الأوقاف.
– وتم قصف وتدمير (20 ألف) وحدة سكنية دمرت بشكل كامل، أو أصبحت لا تصلح للسكن، فيما تعرضت (40 ألف) وحدة سكنية أخرى إلى أضرار جزئية. مما أثر على ما يزيد على (260 ألف) شخص أصبحوا بدون مأوى. وكان من نتائج تدمير المنازل أن أصبح نحو نصف مليون فلسطيني من سكان قطاع غزة، خاصة المناطق الحدودية (شرق رفح، وعبسان، وخزاعة، والقرارة، وبني سهيلا شرق خان يونس، ووادي السلقا، وشرق مخيمي المغازي والبريج، وجحر الديك، والمغراقة في الوسطى، وأحياء الزيتون والتفاح والشجاعية شرق غزة، وبلدتي بيت لاهيا وبيت حانون ومحيطهما، ومخيم جباليا ومحيطه) بدون مأوى أو سكن، أي أن واحدا من بين كل أربعة أشخاص في قطاع غزة اضطر إلى النزوح واللجوء إلى أماكن الإيواء العامة أو المساكن المشتركة عند الأقارب والأصدقاء، بعد التدمير الهائل الذي تعرضت لها منازلهم سواء من الطائرات أو من قذائف الدبابات.
– وقد زاد هذا العدوان من المعاناة بعد تدمير البنية التحتية لقطاع الخدمات الاقتصادية والعامة؛ ما أدى إلى تقليص تقديم الخدمات الأساسية لسكان القطاع البالغ عددهم مليون و800 ألف نسمة، بالإضافة إلى فقدان الآلاف من فرص العمل في المنشات التي تعرضت للتدمير.
إن الحديث عن العدوان الإسرائيلي الذي تعرض له شعبنا في قطاع غزة، حديث ذو شجون ومسارب متعددة، ولكن الذي رأى ليس كمن سمع، والذي سمع ليس كمن شاهد، والذي شاهد ليس كمن اكتوى بناره، والذي قرأ ليس كمن عاين الأحداث.
لقد جاء هذا العدوان على قطاع غزة ليذكرنا جميعا بحجم الظلم والمعاناة وعدم الاستقرار التي جلبتها سنوات طويلة من الاحتلال الإسرائيلي على شعبنا الفلسطيني، والذي نخشى أن يحول دون تحقيق حل جذري ودائم للقضية الفلسطينية، ويتمثل هذا الحل في تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة والخالية من المستوطنين، وعلى حدود الرابع من حزيران عام 1967، وعلى أساس قرارات الشرعية الدولية والأمم المتحدة، كما أن التوصل إلى حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية هو الضمان الوحيد لإنهاء الصراع وتحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا