منطق الغزو والاحتلال (وشلومو زاند وقبيلة بني اسرائيل العربية والخزر)

بقلم: ابراهيم البحراوي

ألقى نائب وزير «الدفاع» الإسرائيلي إيلي بن داحان محاضرة بمعهد دراسات الأمن الوطني الإسرائيلي، قرر أن يتعرض فيها بالنقد لعمدة تل آبيب رون حولدائي وأن يفند فيها منطقه حول العلاقة السببية بين الاحتلال والعنف الفلسطيني. كان حولدائي قد قال إن الاحتلال هو الذي يدفع الفلسطينيين لممارسة المقاومة (الإرهاب بالمصطلح الذي استخدمه)، ودعا الزعماء الإسرائيليين للخروج من دائرة الكلام عن التسوية إلى دائرة الفعل والاكتفاء بدولة إسرائيل في مساحة أصغر مع أغلبية يهودية واضحة. لقد أجاب نائب وزير الدفاع على هذا المنطق الذي يفتح الطريق إلى السلام بقوله: أريد أن أذكر حولدائي بأن الإرهاب كان موجودا منذ مائه عام وأن الفلسطينيين قتلوا اليهود في الخليل عام 1929 حينما لم تكن هناك دولة إسرائيل ولم يكن هناك احتلال. هنا نسجل على منطق نائب وزير «الدفاع» الملاحظات التالية:

أولا أنه ينفي العلاقة السببيه بين الاحتلال الذي تقوم به دولة إسرائيل حاليا وبين مشاعر السخط والإحباط لدى الشبان الفلسطينيين وهي المشاعر التي تدفعهم للمقاومة التي يسميها الإسرائيليون إرهاباً لنزع الشرعية عنها. إن نائب وزير الدفاع الإسرائيلي يريد أن يقول بهذا إن الفلسطينيين يمارسون المقاومة إما لأنهم وحوش جبلت على العنف أو لأنهم يكرهون دولة إسرائيل من دون أي سبب عاقل. علينا أن نبين لهذا النائب أنه يتعامى عن رؤية واقع الاحتلال الذي يمارسه هو شخصيا بحكم منصبه ويحاول أن يدفع عمدة تل أبيب الذي يبصر هذا الواقع للتعامي عنه بدوره، كذلك علينا أن نوضح له أن الفلسطينيين بشر يبحثون عن حقهم في الحياة الكريمة بعيدا عن الاحتلال والقمع.

ثانيا: إن نائب وزير الدفاع الإسرائيلي عندما يعود إلى الخلف مائة عام ليدلل على أن المقاومة الفلسطينية كانت موجودة من دون دولة إسرائيل واحتلالها للضفة، فإنه بهذه الطريقة يكشف عن منطقه اليميني المتحجر.

إنه يتناسى أن الشعب الفلسطيني كان يعيش على أرضه آلاف السنين قبل أن يتعرض، كما يقول المؤرخ الإسرائيلي شلومو ساند، لغزو من جانب يهود أوروبا الذين لا تربطهم أي صلة بالعبريين الشرقيين القدماء، وذلك تحت شعار الصهيونية. وهم في الحقيقة منحدرون من قبيلة الخزر الأوروبية التي اعتنقت اليهودية في القرن العاشر الميلادي.

كذلك يتناسى أن الشعب الفلسطيني الذي صدمه هذا الغزو الصهيوني الأوربي ودفعه للمقاومة المبكرة إنما يمثل خلاصة وتجسيداً للتطور السلالي على الأرض الفلسطينية. بعبارة أخرى فإن الشعب الفلسطيني هو مزيج سلالي من الشعوب والأقوام كافة التي عاشت في فلسطين بدءاً بالكنعانيين وقبائلهم القادمة من شبه الجزيرة العربية، وهم أول من استوطن فلسطين منذ القرن الخامس والعشرين قبل الميلاد، ومن تلاهم بعد ذلك من قبائل دخلت فلسطين، بما في ذلك العبريون الذين دخلوها في القرن الثاني عشر قبل الميلاد

(خطأ متكرر فالعبريون قبائل منشقة عن القبيلة ومتمردة وهم عرب اما بني اسرائيل المقصودين وهم قبيلة موحدة من قبائل العرب اليمنيين فلقد هاجروا كما العرب الوثنيين الآخرين نتيجة الحروب والجدب الى فلسطين معا-نقطة)

وصولاً إلى العرب الذين جاؤوا مع الفتح الإسلامي.

لقد ظهر بين الغزاة الأوربيين الصهاينة منذ أكثر من مائة عام مفكرون أدركوا هذه الحقيقة وبالتالي طرحوا فكرة «أرض لشعبين»، بينما رأى آخرون أنه لابد من تجاهل وجود الشعب الفلسطيني واستيطان أرضه بمساعدة البريطانيين، بل ودعا بعضهم مثل جابوتنسكي إلى استخدام العنف والقهر مع الفلسطينيين واحتلال فلسطين من البحر إلى النهر. إذن لم يكن العنف الفلسطيني منذ مائة عام ناتجاً عن كون الفلسطينيين محبين للعنف، بل هو نتاج طبيعي لتعرضهم لغزو أوروبي كانت نواياه واضحة من البداية، وهى استيطان فلسطين، وطرد سكانها، وإحلال اليهود الأوروبيين محل أصحابها التاريخيين.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا