الانتخابات الأميركية..عجز ترامب عن استغلال مأزق كلينتون

واشنطن – هشام ملحم
تلاحقت التطورات والنشاطات المتعلقة بانتخابات #الرئاسة_الأميركية هذا الأسبوع بشكل مذهل ومقلق لقيادات الحزبين الديموقراطي والجمهوري على خلفية استطلاع للرأي أكد عمق استياء الناخب الأميركي من الانتخابات ووصول نسبة الناخبين الذين تخيفهم الحملة الانتخابية إلى 61%.
بدأ الأسبوع بهزة قوية عندما أعلن مدير #مكتب_التحقيقات_الفدرالي (الـ”اف. بي. آي”) جيمس #كومي أن المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون أظهرت “إهمالا كبيرا جدا” في تعاملها مع الرسائل الالكترونية السرية التي تلقتها وأرسلتها كوزيرة للخارجية من بريدها الالكتروني الخاص الذي أداره محرك تملكه في منزلها خارج حماية وإشراف #الخارجية_الأميركية . ولكن كومي أضاف أن هذه الممارسات لا ترقى إلى مستوى الانتهاكات المقصودة للقانون، ولذلك فإنه سيوصي وزارة العدل بعدم ملاحقتها قضائيا.
بعد ساعات قليلة من هذا الإعلان الدرامي، كانت كلينتون تخاطب مؤيديها في مهرجان انتخابي وبرفقتها للمرة الأولى الرئيس باراك #أوباما . وفي اليوم التالي أكدت وزيرة العدل لوريتا لينش أن التحقيق القضائي قد انتهى دون ملاحقة كلينتون أو أي من مساعديها.
ردود الفعل كانت متوقعة: ارتياح قلق في أوساط حملة كلينتون، وسخط كبير في أوساط حملة دونالد #ترامب الذي لجأ أولا إلى سلاحه المفضل في مبارزاته السياسية أي حسابه في تويتر ليتساءل كيف يمكن لكومي أن يقول “إن هيلاري الفاسدة هددت أمننا القومي، ولا اتهامات؟”.
وسارع الجمهوريون إلى تنظيم جلسة استماع طارئة في مجلس النواب في اليوم التالي واستدعوا مدير الـ #اف_بي_آي كومي للإدلاء بشهادة وللإجابة على أسئلتهم التي تراوحت بين الاستهجان، والاستغراب. وأجوبة كومي زادت من كمية الذخيرة الحية التي سيستخدمونها في حملتهم ضد هيلاري كلينتون في الأشهر التي تفصلنا عن الانتخابات.
وقبل انتهاء الأسبوع أعلنت وزارة الخارجية أنها ستعود من جديد لفتح باب التحقيق بقضية #رسائل_كلينتون الالكترونية. هذه التطورات المتلاحقة أكدت مرة أخرى أننا بصدد حملة انتخابية غير معهودة بسرياليتها وشراستها واستقطاباتها.
صحيح أن كلينتون أفلتت من القبضة القضائية، ولكنها سقطت في كمين القبضة السياسية أو ما يسمى في #الولايات_المتحدة “محكمة الرأي العام”، حيث تواجه في الأصل درجة من العداء تماثل وربما تتعدى درجة العداء التي واجهت ترامب في الأشهر الماضية.
وقبل بيان كومي، الذي اعتبره المراقبون بمثابة “إدانة سياسية” لكلينتون، كانت كلينتون تعاني من “مشكلة صدقية” في أوساط الناخبين حيث أظهر آخر استطلاع لشبكة التلفزيون “أن. بي. سي” وصحيفة “وال ستريت جورنال” أن 69% يقولون لأن صدقية كلينتون تسبب لهم القلق.
وأدى بيان كومي وأجوبته خلال جلسة الاستماع إلى تقويض ادعاءات وتبريرات كلينتون التي كررتها مرارا خلال الأشهر الأخيرة، حول محرك جهاز بريدها الالكتروني: كلينتون قالت إنها لم تستلم رسائل مصنفة سرية، كومي قال إنها استلمت مثل هذه الرسائل، كلينتون ادعت أنها قدمت جميع الرسائل التي كانت في محركها لوزارة العدل، كومي قال إن هذا غير صحيح، كلينتون قالت إنها استخدمت محركا واحدا وجهاز هاتف واحد، وكومي قال إن هذا غير صحيح وإنها استخدمت أكثر من محرك وأكثر من هاتف. كلينتون أكدت أن محركها الإلكتروني لم يتعرض للاختراق من جهات خارجية، كومي قال إنه لا يعرف ذلك بالتأكيد، ولكنه يميل للقول إن أجهزة كلينتون الخاصة تعرضت للاختراق.
وبدلا من أن يقوم ترامب وحملته بنشاطات دعائية-سياسية لاستغلال مأزق كلينتون، لجأ ترامب الذي يفتقر إلى الخبرة السياسية إلى تويتر، وإلى إلقاء الخطب الانفعالية غير المفهومة، وسمح لغطرسته ونرجسيته وأحقاده الشخصية لأن تهيمن على مواقفه خلال أسبوع كان أي مرشح جمهوري آخر قد استخدمه بشكل فعال لإبقاء كلينتون في موقع دفاعي وكل ما عليه أن يفعله هو بث الدعايات التلفزيونية التي تقارن بين ادعاءات ومغالطات كلينتون من جهة وتفنيدات مدير الـ”اف. بي. آي” جيمس كومي من جهة أخرى.
ولكن مثل هذه الدعايات تتطلب ميزانية مالية كبيرة، لا تملكها حملة ترامب التي لم تبث حتى مع هذا الوقت المتأخر في السباق أي دعاية تلفزيونية واحدة، بينما تنفق كلينتون مبالغ مالية كبيرة على الدعايات في الولايات المحورية التي ستقرر من سيصل إلى #البيت_الأبيض في الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
وبينما توقع #الجمهوريون أن يركز ترامب في هذا الأسبوع المحوري على الذخيرة التي أعطاه إياها جيمس كومي مجانا، وجدناه يتحدث قليلا عن ما كشفه كومي وبعدها يبدأ بالانتقال من موضوع إلى آخر في خطبه الطويلة، وهي عبارة عن جمل وفقرات متناثرة لا يربطها أي سياق منطقي. ولذلك لم يكن من المستغرب أن يدافع ترامب عن سمعة صدام حسين، بعد أن يصفه أولا بشكل عابر بأنه “رجل سيء”، لينتهي للقول إن صدام فعل شيئا جيدا وجميلا مثل قتل الارهابيين دون المبالاة بحقوقهم المدنية.
وإذا لم تكن هذه الكبوات كافية، عقد ترامب اجتماعا مع قيادات في مجلسي النواب والشيوخ شملت بعض الأعضاء الذين قالوا إنهم يريدون تطمينات بأن أسلوب ترامب سوف يتغير. ولكن ترامب تمسك أكثر بمواقفه، ووجه انتقادات قاسية لثلاثة أعضاء في مجلس الشيوخ، وتنبأ بسقوطهم في الانتخابات.
في الأسابيع التي سبقت بيان وتصريحات جيمس كومي، بدأت كلينتون ببناء حجج مقنعة حملتها للناخب الأميركي لإقناعه بأن ترامب يفتقر إلى التروي والحكمة وميال بطبعه إلى الانفعال والتهور، وبالتالي فإن قراراته لن تكون حكيمة أو متروية.
ويقول منتقدو كلينتون كيف يمكنها الآن بعد أن اتهمها مدير الـ”اف. بي. آي” بإهمال كبير في تعاملها مع أسرار البلاد، وكيف يمكنها اتهام ترامب الآن بأنه يفتقر إلى الحكمة وأن شخصيته سوف تجره إلى اتخاذ مواقف متهورة. مأزق هيلاري الراهن، جاء ليذكر الناخبين الشباب بأن لبيل وهيلاري كلينتون علاقة قديمة وحتى وثيقة مع الفضائح، وهذا آخر ما يريده الرئيس أوباما أو عائلة كلينتون.
تبين آخر استطلاعات الرأي أن الهوة بين ترامب وكلينتون بدأت تضيق لصالح ترامب. وإذا أراد ترامب استغلال هذه الفرصة القصيرة فعليه أن يغير وبسرعة من أسلوب عمله، وتغيير نبرته. ولكن كم عدد الأفراد الذين تبنوا تغييرات جذرية من هذا النوع وعمرهم 70 سنة مثل ترامب؟ المفارقة أن حملة كلينتون التي تجد الآن أن في رقبتها حجرا ثقيلا معلقا اسمه تحقيقات محرك البريد الإلكتروني، قد تجد أن ترامب – مدفوعا بغطرسته وتهوره المعروفين، ورفضه التأقلم مع المتغيرات المحيطة بالعملية الانتخابية – يمكن أن يخرجها من مأزقها، وأن كل ما عليها أن تفعله لاستئناف مسيرتها إلى البيت الأبيض، اختيار نائب رئيس يلقى قبولا واسعا من الأجنحة الهامة في الحزب الديموقراطي، وأن تضمن مؤتمرا شيقا للديموقراطيين بعد أسبوعين، وأخيرا توجيه الضربة القاضية لترامب في المناظرات الانتخابية.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا