ذكاء الفرد موجود وذكاء المؤسسة مفقود

بقلم: د. ناصر اللحام

لا تقوم الدولة على ذكاء الافراد، أبدا. وانما تقوم على ذكاء المؤسسة وتفاعلها ونجاح عمل الفريق فيها. ومهما بلغ انجاز الافراد فإنه لا يرقى لمستوى كتابة التاريخ، أمّا عمل الجماعة فهو الضمانة لحل المشاكل والقفز عن العقبات والوصول الى نتيجة متوازنة ومرضية.
وفي كل مرة ينخدع بعض الحكام ويعتقدون أنهم الاذكى والافضل والاكثر الهاما وابداعا وان الشعوب “غبية” ولا تفهم، يقعون في فخ النهاية المريرة، وتكون النتائج مأساوية ومهلكة.
وتستفحل المشكلة ويصبح حلها أصعب حين تقع الأحزاب في نفس خطأ الدولة، وتعتمد الاحزاب على ذكاء الفرد. فنجد المسئول الذكي، والطبيب الذكي، والقائد الذكي، والمؤسس الذكي، والوزير الذكي. ولكننا لا نجد الدولة الذكية، والمؤسسة الذكية، والوزارة الذكية، والمشفى الذكية، والحزب الذكي، والمدرسة الذكية، والجامعة الذكية … وهو امر يتعلق بالتربية والتأسيس. فنحن نربي اولادنا ليحصلوا على المرتبة الاولى ولا نربي اولادنا ليحصلوا على أفضل مدرسة وأفضل وزارة وأفضل حزب. ولاننا جيل اعتمد “الذكاء الفردي” كأداة قياس فقد أنتجنا من ظهورنا جيلا يخطئ نفس الخطأ ويستخدم نفس أداة القياس. فحصلنا على مسؤول ابن مسئول، ومهندس ابن مهندس، وطبيب ابن طبيب، وشيخ ابن شيخ، وغني ابن غني، وثائر ابن ثائر، وأسير ابن أسير، وفقير ابن فقير.
قرأت أمس لاحد الشيوخ يدعو الى تطبيق نظام الجزية، ولانه “ذكي” فإنه لم يعرف ان كل العرب المسلمين يدفعون الجزية للسفير الامريكي.
وسمعت ابن مسؤول يدعو الجماهير للغضب، ولانه “ذكي” فإنه لم يعرف ان الغضب ليس وجبة “ديليفري” يطلبها سعادة البيه الصغير من السوق.
ما قيمة ان يكون لدينا وزير ذكي ووزارة غبية؟
ما قيمة ان يكون لدينا رئيس عبقري ورئاسة “ليست عبقرية”؟
ما قيمة ان يكون لدينا شيخ خاشع لله وجماعة لا تخاف الله؟
وما قيمة ان يكون لدينا مناضل شريف وحزب فاشل؟

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version