صورة إسرائيل “الديمقراطية”

قديما قيل أن إسرائيل “الديمقراطية” تعيش وسط بحر من الاستبداد العربي والشرقي ذات طابع حكم دكتاتوري وشمولي، ونظر الغرب الى هذه “الواحة الديمقراطية” بشيء من الإعجاب الكبير دفع بتلك المجتمعات لتوفير كل سبل الدعم لإسرائيل باعتبارها استنساخ للديمقراطية الغربية.
لكن الأمر لم يستغرق وقتا طويلا حتى بدأت تتكشف الكثير من المعطيات والحقائق بأن “ديمقراطية” إسرائيل تقوم على عنصرية وتمييز يغذيهما واقع مؤسسي مدعم بالحقائق التي تقسم المجتمع الى طبقات متفاوتة.حيث يحتل الغربيون الدرجة الأولى في المجتمع يليهم اليهود الشرقيون فيما يحتل العرب المرتبة الأخيرة في تصنيف هذه الدولة الديمقراطية وهو تقسيم يتناقض مع أبسط مبادئ الديمقراطية التي تشترط وحدة المواطنة ومساواة المواطنين.
وقد نص دستور دولة “إسرائيل” على انها دولة قومية للشعب اليهودي ولكنه حدد أيضا تحديدا واضحا بأنها “دولة” ستكون مبنية على مبادئ التشريع والحرية والعدل والمساواة الاجتماعية والسياسية دون تفريق في الدين أو اللون أو العرق مع ضمان حرية المعتقدات واللغة والثقافة والحفاظ على الأماكن المقدسة.
لكنه ثبت وجود توتر كبير بين الدولة التي تعرف نفسها كدولة يهودية وبين محاولة تأسيس مجتمع متساو لكافة مواطنيها، وبدا ذلك واضحا من خلال جملة من المعطيات والتشريعات التي أقرتها حكومات إسرائيل المتعاقبة وتعاملت معها الكثير من المؤسسات الاجتماعية والحكومية ودافعت عنها بدءا من سن القوانين والتشريعات التي استهدفت فلسطينيي 48 وانتهت بشعبنا الفلسطيني في جميع أماكن تواجده، حيث تصاعدت حدة الكراهية داخل إسرائيل ضد الفلسطينيين وأخذت إشكالا مختلفة، وازدادت حالات التطرف والعنصرية المدعمة بفتاوى الحاخامات الإسرائيلية بدءا من فتاوى تسميم مياه الشرب إلى فتاوى اغتصاب الفلسطينيات.
وبدت صورة إسرائيل الديمقراطية باهتة أمام حقائق كثيرة اتسمت بوجود نظرة عنصرية حاقدة حتى في الشارع الإسرائيلي فقد منعت سلطات الأمن الإسرائيلية احد الفلسطينيين من الصعود على متن طائرة إسرائيلية تابعة لشركة “العال” في إحدى المطارات الألمانية. ثمة أمثلة كثيرة على استشراء التطرف والعنصرية الإسرائيلية وهو ما أعلنت عنه شبكات الفنادق الإسرائيلية عندما نصحت زبائنها من اليهود بإلغاء حجوزاتهم في فنادقها بسبب ازدياد حركة العرب على حجوزات تلك الفنادق. ومما زاد الأمر غرابة في ديمقراطية دولة إسرائيل عندما قرر رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو باقتطاع أجزاء من الأموال الفلسطينية بحجة استخدامها في تمويل “الارهاب” لكن قاتل الشهيد عبد الفتاح الشريف في مدينة الخليل حظي بدعم حكومي واجتماعي غير مسبوق وتطوع العديد للقيام بحملة تبرعات لتمويل اتعاب الدفاع عنه وهي حملة حظيت أيضا بموقف حكومي رسمي حيث لم تتحرك حكومة إسرائيل لوقف تلك المهزلة التي تشجع على قتل الفلسطينيين وهو تناقض يحاول نتنياهو وحكومته إشاعته من ان إسرائيل هي واحة حقوق الإنسان والديمقراطية وهكذا بدأت المكافئات داخل المجتمع الإسرائيلي وكأنه شعار “اقتل فلسطينيا واحصل على الثمن” ، وهي حملات تشجع الجنود الإسرائيليين على الاستهتار بحياة الفلسطينيين واستهدافهم.
مفهوم الديمقراطية لا يقتصر فقط في إشراك المواطنين في الانتخابات ولكن يجب مسائلة ومراقبة النظام السياسي واستجوابه وعندما يحاول أحدا من المواطنين العرب في دولة “إسرائيل” توجيه مسائلة للحكومة فأنهم يتعرضون للمضايقات ويتهمون بالعداء للسامية ويتم ملاحقتهم وتهديدهم.
ترسيخ مبدأ الدستورية الديمقراطية يعني أن السلطات والمواطنين يحترمون الدستور ويرجعون إلى القضاء لحل الخلافات وهذا ما تفتقد إليه “دولة” اسرائيل.

مركز الإعلام

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version