حديث القدس: احتجاز جثامين الشهداء عقوبة وإساءة لذويهم

وجّه الشيخ عكرمة صبري خطيب المسجد الأقصى المبارك رئيس الهيئة الاسلامية العليا خلال خطبة الجمعة أمس الأول، أربع رسائل هامة وضرورية، إلا أننا سنتناول الرسالة الثالثة التي تتعلق باحتجاز سلطات الاحتلال الاسرائيلي لجثامين عدد من الشهداء منذ حوالي عشرة أشهر في ثلاجات تحت درجة حرارة 30-40 درجة تحت الصفر دون مراعاة لحرمة الأموات، رغم أن جميع الأديان السماوية تراعي ذلك إلا الاحتلال الاسرائيلي الذي فاقت ممارساته وانتهاكاته كل التصورات،خاصة ما يتعلق بكرامة الميت.
إنّ احتجاز جثامين الشهداء في ثلاجات وتجميدها لدرجة لم يستطع أهالي عدد من هولاء الشهداء، الذين قامت إسرائيل بتسليم جثامينهم بعد احتجازها لأشهر، لم يستطيعوا التعرف عليها بسبب تجمدها ولأن سلطات الاحتلال فرضت عليهم دفن جثامين أبنائهم فور تسلمها وبأعداد محدودة ووسط ظلام الليل الدامس.
وبالتأكيد فإن إسرائيل ترمي من وراء مواصلة احتجازها لعدد من الجثامين إلى معاقبة أهالي هؤلاء الشهداء، فهي ضالعة في ممارسات العقاب الجماعي، لأي سبب كان. فعلى سبيل المثال فان محافظة الخليل لا تزال تخضع لحصار عسكري مشدد منذ أسابيع لأن قوات الاحتلال تبحث عن منفذي عملية ضد المستوطنين.
واحتجاز جثامين عدد من الشهداء يندرج في هذا السياق، أي العقوبات الجماعية، فهي تعاقب أهالي الشهداء لأن أبناءهم قاموا أو حاولوا القيام بعمليات ضد الاحتلال والتي جاءت ردا على انتهاكاته وممارساته التي لا تعد ولا تحصى والمتصاعدة يوميا، كما أنها تشكل إساءة لهم لا يمكن تبريرها.
ان اسرائيل باحتجازها جثامين الشهداء تمس أيضا بالأديان السماوية وكذلك بمراسم كل دين بشأن الأموات، فالمراسم الاسلامية تقول إن إكرام الميت دفنه، وكذلك بقية الأديان، وبهذا تضع اسرائيل نفسها فوق هذه الأديان وتفرض على ذوي الشهداء تجاوز المراسم المتبعة.
ولم تكتف اسرائيل بهذه العقوبات للشهداء وذويهم ومجتمعهم، بل تذهب الى أبعد من ذلك حيث تقوم بهدم منازل ذوي الشهداء، وهذا أيضا نوع من أنواع العقوبات الجماعية، خاصة وان هدم منازل ذويهم يبقيهم في العراء، دون اكتراث لا بالنواحي الانسانية ولا بالقوانين والأعراف الدولية التي تحرم العقوبات الجماعية.
كما ان اسرائيل، الى جانب كل ذلك تقوم باعتقال آباء وأشقاء الشهيد وتحقق معهم وتسيء معاملتهم، وفي بعض الأحيان تفرض عليهم إقامات جبرية في منازلهم او مناطق سكناهم ومنعهم من دخول القدس رغم انهم مقدسيون كما حصل مع والد الشهيد بهاء عليان المحامي محمد عليان حيث تم اعتقاله بعد مداهمة منزله وفرض الإقامة الجبرية عليه.
ان من واجب جميع الجهات وخاصة المؤسسات والمنظمات الحقوقية مطالبة اسرائيل بالإفراج عن هذه الجثامين ليتسنى لذويهم دفنها وفق المراسم المتبعة احتراما لجثامينهم ولذويهم الذين يبقون في حالة قلق مستمر ما دامت جثامين أبنائهم لم تدفن إكراما لها.
كما انه من واجب السلطة الفلسطينية مواصلة الضغط على الجانب الاسرائيلي لتحقيق هذه الغاية الانسانية واذا اقتضى الأمر اللجوء الى المنظمات الدولية التي تعنى بحقوق الانسان.
فليس من المعقول ولا المقبول مواصلة احتجاز هذه الجثامين في ثلاجات. وفي الآونة الأخيرة. وفي سياق العقوبات الجماعية التي تفرضها اسرائيل، فقد تمت مناقشة اقتراح بالعودة لمقابر الأرقام والتي تمس بالشهداء وبذويهم وهي بصدد تنفيذ ذلك، وعلى الجهات المسؤولة في السلطة الوطنية العمل بكل الوسائل للحيلولة دون هذا الأمر.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا