مدارس جولن “خدمة” للتعليم أم واجهة للعمل السياسي؟

أصبحت حركة “فتح الله جولن” في بؤرة الأضواء بعد أن وجهت لها السلطات التركية تهمة محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا منتصف يوليو الماضي، والتي جعلت أردوغان يتوحش في قيامه بحملة تطهير موسعة شملت مختلف مؤسسات الدولة من الجيش إلى القضاء إلى الشرطة. وأكدت التقارير أن أكثر القطاعات التي سجلت أرقامًا عاليةً فيمن أقيلوا من أعمالهم كان قطاع التعليم الذي تتركز فيه كتلة كبيرة من أتباع حركة «الخدمة» التابعة للداعية فتح الله جولن التي تسميها الحكومة بمنظمة فتح الله جولن أو «الكيان الموازي». حركة «الخدمة» الغامض للغرب تروج نفسها باعتبارها حركة «الإسلام المعتدل»٬ وتحاول ربط اسمها «بأمجاد تركيا بنكهة أتاتوركية» أي علمانية لكسب الأتراك. ولسريتها وآليتها التي تركز على التوسع من خلال سبل القوى الناعمة المجتمعات٬ في الوقت الذي يسميها البعض حركة «الماسونية الإسلاموية». وحول الجماعة نشرت جريدة الشرق الأوسط تقريرًا موسعًا جاء فيه:
جماعة «الخدمة» التي أسسها فتح الله جولن في عام 1971 أخذت اسمها من كونها أسست في البداية لخدمة الطلاب بحكمها كانت تشخص أمراض الشرق الأوسط بثلاثة محاور أهمها الجهل والفقر والتشرذم أو الفرقة. وبالفعل وجهت معظم عملها في البدايات إلى بناء المدارس والمعاهد التعليمية ومساكن الطلبة وغيرها بحيث كان تركيزها تماما على الأعمال التعليمية والتربوية في هذا الإطار٬ ولذلكُ سميت جماعة «الخدمة». لاحًقا٬ على مدى عشرات السنوات تحولت إلى إمبراطورية ضخمة ليس فقط على مستوى المدارس٬ بل على مستوى التعليم والاقتصاد والمؤسسات المالية والإعلامية وغيرها. حتى في موضوع المدارس تحولت إلى إمبراطورية ضخمة٬ إذ نتحدث عن آلاف المدارس داخل تركيا وآلاف المدارس في نحو أكثر من 100 دولة حول العالم. عملت الحركة في قطاع التعليم وأنشأ رجال الأعمال المنتسبون لها نحو ألف مدرسة في أنحاء تركيا وألفي مدرسة في أكثر من 100 دولة في أنحاء العالم٬ لا سيما في دول إفريقيا التي كانت ظروفها في غاية الصعوبة عندما كانت الحركة تعمل هناك. كما تمددت في هذه الأنشطة٬ لا سيما التعليمية منها التي تقدمها مدارس الخدمة بمستوى راٍق. واجتذبت هذه المدارس أبناء الصفوة في الدول التي تعمل بها إضافة إلى تخصيص منح دراسية للطلاب المتميزين من غير المقتدرين. ونجحت الحركة في الاندماج في المجتمعات التي تعمل بها٬ لا سيما الفقيرة منها من خلال حفر آبار المياه وتقديم المساعدات الغذائية والطبية والمنح الدراسية كما في الدول الإفريقية وبعض دول آسيا والقوقاز. وطالت الحملة الأمنية في تركيا عقب الانقلاب العسكري الفاشل نحو ألف مدرسة ومؤسسة تعليمية و15 جامعة و109 مساكن طلابية٬ إضافة إلى 1125 جمعية خيرية ووقًفا للمساعدات الإنسانية أبرزها جمعية «هل من مغيث؟» (كيمسا يوكمو)٬ التي نشطت في تقديم المساعدات الإنسانية والغذائية في مناطق الكوارث والحروب والمناطق الفقيرة حول العالم و35 جمعية طبية و19 نقابة مهنية وعمالية. وبحسب آخر حصيلة أعلنها وزير التعليم التركي عصمت يلماز ألغت السلطات التركية تصاريح عمل 27 ألًفا و242 من العاملين في قطاع التعليم بينهم 21 ألف معلم كانوا يعملون في مدارس تابعة لحركة «الخدمة» التي أسهها ويديرها الداعية فتح الله جولن٬ كجزء من التحقيقات التي تجريها السلطات في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة٬ التي تتهم الحكومة جولن المقيم في أمريكا منذ عام 1999 بتدبيرها٬ فيما ينفي جولن٬ الذي يعيش في منفاه الاختياري في ولاية بنسلفانيا الأمريكية٬ أية مشاركة أو صلة له في المحاولة الانقلابية. وقال يلماز في تصريحات الأسبوع الماضي إن هؤلاء الأشخاص «لنُيسمح لهم بالعمل في معاهد القطاع العام٬ أو القطاع الخاص مرة أخرى». كما أعلن مجلس التعليم العالي الجمعة أنه تم إبعاد 5 آلاف و٬342 أكاديميًّا وإداريًّا عن العمل بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة٬ كانوا يعملون بالجامعات التابعة لجولن والمساكن التابعة لها وبعض الجامعات. ولا تعد الحملة على مدارس ومؤسسات جولن والمؤسسات الأخرى القريبة منه وليدة محاولة الانقلاب الفاشلة في منتصف يوليو الماضي٬ لكنها بدأت مع تفجر فضائح الفساد والرشوة وتحقيقاتها في تركيا في 17 و25 ديسمبر 2013 التي طالت حكومة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان قبل انتخابه رئيًسا للجمهورية في أغسطس ٬2014 التي وصفها بأنها محاولة من جانب الكيان الموازي (حركة الخدمة) للإطاحة بحكومته. واتخذت الحكومة سلسلة من الإجراءات ضد مؤسسات جولن امتدت إلى فرض الوصاية على جميع مدارسه وجامعاته ومؤسساته الاقتصادية والإعلامية المرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بحركة الخدمة٬ كما قادت وزارة الخارجية التركية حملة دبلوماسية في الخارج في مسعى لإغلاق مدارس الحركة ومؤسساتها الأخرى خارج تركيا. ولم تلق التحركات الدبلوماسية من جانب الحكومة التركية خلال عامي 2014 و2015 صدى لدى الدول التي توجد بها مدارس ومؤسسات جولن الأخرى من مراكز ثقافية وتعليمية ومؤسسات اقتصادية. بين الرفض والترحيب عقب محاولة الانقلاب الفاشلة صّعدت تركيا حملتها الدبلوماسية ووجدت استجابة من بعض الدول مثل الأردن التي أغلقت مدرسة للحركة وأذربيجان والسودان٬ وليبياالتي أغلقت المدارس الموجودة والصومال التي تقوم فيها الحكومة التركية بأنشطة كبيرة من خلال وكالة التنسيق والتعاون الدولي بها٬ كما أعلنت باكستان أنها ستدرس وضع 24 مؤسسة تعليمية أنشئت منذ 21 عاما بواسطة رجال أعمال. كما وعدت كازاخستان بالنظر في الأمر خلال زيارة رئيسها لتركيا الأسبوع قبل الماضي بعد أن حذر السفير التركي في كازاخستان نوزات أويانيك من المدارس المرتبطة بالداعية جولن قائلًا إنها لا علاقة لها بأجهزة الدولة الرسمية في تركيا وردت وزارة التعليم في كازاخستان بأن هذه المدارس تخضع لقوانين الدولة. أما ألمانيا٬ فرفضت فرض الرقابة على مدارس جولن كما رفضت نيجيريا إغلاق هذه المدارس التي تعمل بها منذ أكثر من 20 عاما٬ وكان هذا هو الحال في مصر أيضا. وبالنسبة للولايات المتحدة التي يوجد بها نحو 200 مدرسة ومركز تعليمي وثقافي للحركة فترفض إغلاقها لأنها تخضع في الأساس للقانون الأمريكي الذي يتيح للأوقاف من مختلف الديانات بإنشاء المدارس. قرغيزستان٬ التي تعد نقطة تمركز مهمة لحركة جولن في آسيا الوسطى فقد رفضت طلبا من الخارجية التركية بإغلاق مدارس جولن فيها قائلة إنها دولة ذات سيادة ولا تقبل إملاءات من وزير خارجية دولة أخرى. وتواصل تركيا قدما حملتها الدبلوماسية على أمل تطويق حركة جولن خارج البلاد٬ قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو٬ الأسبوع الماضي٬ إن 15 مؤسسة تابعة لـ«منظمة فتح الله غولن (الكيان الموازي)» تنشط في مجالات التعليم والثقافة والتجارة باليابان٬ داعًيا طوكيو إلى إيقاف عمل تلك المنظمات لما تشكله من خطر على أمن البلاد واستقرارها.

بوابة الحركات الاسلامية

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا