فرقعت مع سمانا

بقلم فؤاد سليّمان

عدت من النّاصرة بعد مقابلة مع فرقة سراب في قناة مساواة لأجد زوجتي تتكلّم مع أهلها الألمان عبر الهاتف الخلويّ، ثمّ إتصل بي أبي وعزمني على طبخة كوسا وورق من طبيخ أمي اللذيذ, فقبلت دعوته وأجبته بروح النّكتة قائلا : “أبي إنّي أتساءل مع نفسي ، هنالك دار الكوسا صحيح؟ ” فأجاب “صحيح هنالك إسم عائلة بإسم الكوسا ” فتابعت قائلا ” فلماذا ليس هنالك دار الورق؟” ، فرط أبي من الضحك. عدّت الى داري بعدالوجبة وجلست أمام حاسوبي وتصفّحت الفسيبوك لأجد أحد أصدقاءي يكتب عن عيد الصّليب، ففهمت حالا أنّ هذا الأمر يفسّر المفرقعات التي سمعتها خلال النّهار كلّه.

بما أنّ عيد الصّليب جاء هذا العام في 9\13 وفي فترة عيد الأضحى لدى المسلمين ، فقرّر المسيحيون أن يخفّفو من الفرقعة في عيد الصّليب, أيضا لكي يظهرو وجها لطيفا أمام المسلمون وأيضا لتوفير النّقود التي قد يبذّروها على شراء المفرقعات. لا بدّ أنّ أمر فرقعة المفرقعات النّاريّة أمر خطير حين يتمّ بشكل غير منظّم ، وإنّ الشرطة تقوم بالضّبط على من يبيع المفرقعات أحيانا ، ونرى أخبار عن إصابات مدمية سبّبتها المفرقعات. ولقد جاء الأمر ألى مرحلة جديدة في خطورة إستعمال المفرقعات في مجتمعنا العربي في البلاد حين شاهدنا جميعنا الشّجار العنيف في كفر مندا قبل بضع أسابيع. في هذه الحالة في كفر مندا إستعملت المفرقعات كسلاح للتخويف وللأذى, أنا عندما رأيت هذه المشاهد المروعة والمؤسفة قلت لأبي : “شكلها فرقعت مع سمانا” . ما هذا ! شجار من نوع جديد ! شجار مفرفع لدرجة غريبة ! وطبعا إستغلّت وسائل الإعلام العبريّة الأمر لكي تري كما نحن العرب همجا ولا دين لنا ولا خجل . أنا حقيقتا عندما رأيت مشاهد الفرقعة خجلت من كوني عربيّ, وبصراحة، والصّراحة مهمّة للغاية، فإنّي أشعر بالخجل من كوني عربيّ مرّتان أو ثلاث كلّ يوم. وخصوصتا في أيّام مثل عيد الصّليب الّذي تحوّل إلى مصنع للفرقعة والإزعاج. أنا متأكّد أن لو عاد السّيد المسيح من السماء إلى الأرض في عيد الصّليب لتأفأف من وضع أتباعه.

نحن أقليّة هنا ونعاني من العنف اتّجاهنا من مؤسّسات الدوله، هذا العنف ينعكس في عنصريّة، عدم تواجد فرص للنّجاح، فقر، تجاهل وغيرها من الظّواهر. ونحن مليئون بالقهر، ونريد أيّ فرصة لتنفيس ذلك العنف الذّي يكمن بداخلنا ، فنبدأ بأذيان كل من هو أضعف منّنا، كما ونبدأ بأطلاق النار والمفرقعات وغيرها من الأسلحة. والعنف يبدو في مرحلة إزدياد وليس إنخفاض. فقد رأينا في الفترة الأخيرة حوادث اطالاق النّار الموجّهة الى الرأس، من رئيس مجلس جولس إلى الشّب من النّاصرة الذي أطلقوا النّار في رأسه في زمن حلول عيد الأضحى. إنّ ما يحصل هنا هو إزدياد من شدّة العنف ونوعيّته وهذا أمر مؤسف جدّا.

هنالك أبحاث عن دور العاب الحاسوب العنيفة في زيادة أو تخفيض ظواهر العنف في المجتمع ، فإتضّح من البحث أنّ هنالك نوعان من البشر ، النوع الأول يكتفي بالعنف خلال ألعاب الحاسوب ويكون هادءا في حياته الفعليّة ، أمّا النّوع الثّاتي فيقلّد ما يراه خلال العاب الحاسوب ويصبح أكثر عنفا في حياته الفعليّة . إنّ الفلسفة الوجوديّة تقول أنّ الإنسان بحاجة إلى العنف وأن هنالك متعة في مشاهدته وإستعماله , وأنّ ذلك يأتي من كونه تطوّر من القرود المفترسة، وإن إيّ حلّ لقضيّة العنف البشري قد يأتي فقط عن طريق إحداث تغييرات في الجّينات البشريّة ، ليس بفكرة سيّئة حسب رأيي.

ها أنا أجلس أمام حاسوبي وآخذ جغعة من عصير التمر هندي ورشفة من السّيجارة حيث أسمع صوت الفراقيع ، فراقيع عيد لبصّليب ، الّتي تقاطع أغنية للفنّان علاء عزّام من كلام خير فودة والّتي تقول : “ تعبان وعايف حالي من هالعيشة المرّة يا خالي”. وأغلق أعيني لكي أتوحّد في سلام داخلي عميق.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا