المشرع الأمريكي ينتهك قواعد القانون الدولي

بقلم: الدكتور عادل عامر

إن المشرعين الأمريكيين، ينتهكون ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي انتهاكا صارخا، وتخلون إخلالا جسيما بمبادئ العلاقات الدولية وأعرافها، وتهددون حقوق الدول في السيادة الوطنية، فإن هذا المشروع ليعكس روح التعالي والعجرفة والفكر الاستعماري القديم والمقيت الذي منح دولا بعينها ورعايا بأشخاصهم حقوقا ومميزات لا يستحقونها يميزهم عن باقي دول وشعوب العالم”. أن استهداف وتشويه سمعة دول صديقة للولايات المتحدة من شأنه أن يضعف هذه الجهود ولا يتعين الخلط بين الأفعال المنسوبة إلى أشخاص معزولين وبين مسئولية الدول.

أن فرض القانون ضد الدولة نفسها ظلم، فمن العدالة أن توجه الاتهامات إلى الأفراد وأن يتحملون مسؤولية تعويض الضحايا، و لكن القانون بهذا الشكل قد تستخدمه الدول الكبيرة وتقاضى الدول الصغيرة وعلى سبيل المثال ليس من العدالة أن تتحمل مصر مسؤولية هذا المتهم المصري المتورط في أحداث 11 سبتمبر، فهم أفراد ينتمون إلى تنظيمات إرهابية ترفضها الدول فلا يجوز استخدامها ضد هذه الدول

فالنظم لا يصح أن تتحمل المسؤولية الجنائية مباشرة. و أن العناصر المتورطة في العملية الإرهابية منهم مصري وعدد من الأفراد السعوديين، و أنه منذ فترة تحاول الولايات المتحدة عدم توجيه اتهام للسعودية، ولكن وزن السعودية الاستراتيجي لم يعد كما كان لدى أمريكا، وذلك بسبب انخفاض سعر النفط بما لا يتجاوز 30 دولارا والعلاقة مع إيران وتورط السعودية في الأحداث الجارية سواء في سوريا أو اليمن والنظام السعودي، لم يعد يحظى بالأغلبية المطلقة، فالأصوات التي كانت متحفظة في السابق على توجيه اتهامات للسعودية قلت، و من المحتمل أن الإدارة الأمريكية ممثلة في الرئيس قد تعترض على هذا القانون، ولكن من العدالة أن يُنصف الضحايا، والمجرم لا يجب أن يفلت من العقوبة سواء دولة أو أفراد ولكن من يقاضَوا هنا هم الأفراد وليس الدول”. فكيف يصدر هذا التشريع الآن وبعد خمسة عشر عاما كاملة من أحداث 11 سبتمبر، أهي حمى الانتخابات الأمريكية الوشيكة سواء على المستوى الرئاسي أو البرلماني؟،

لان إصدار مثل هذا القانون الذين يشكل – في حال تطبيقه – سابقة خطيرة في العلاقات بين الأمم سيمثل تهديدًا لاستقرار النظام الدولي وسيكون له أضرار اقتصادية عالمية كبيرة، ويحمل بواعث للفوضى وعدم الاستقرار في التعاملات الدولية، فإنها تأمل بأن لا تعتمد الولايات المتحدة الأمريكية هذا التشريع الذي سيعطي للدول الأخرى الفرصة لإصدار قوانين مشابهة مما سيؤثر سلبًا على الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب.

و أنه “يتعين تحميل مرتكبي أعمال إرهابية مسؤولية أعمالهم الدنيئة أمام العدالة ، ولكن لا يجب، في أي حال من الأحوال، تحميل مسؤولية الأعمال التي يقوم بها أشخاص معزولون لبلدانهم، كما أن هؤلاء الأشخاص يتصرفون ضد أمن مصالح بلدانهم نفسها، وبالتالي لا يتعين الخلط بين الأفعال المنسوبة إلى أشخاص معزولين وبين مسؤولية الدول. إن مثل هذا الخلط من شأنه أن يدفع إلى إعادة النظر في تاريخ الإنسانية برمته”.

أم هي مغازلة رخيصة للناخب الأمريكي دون النظر للعواقب الدولية الوخيمة؟ ودون حساب للسوابق الدولية الخطيرة التي يرسيها مثل هذا القانون؟”.

أن مثل هذه القوانين ستؤثر سلبا على الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب.لان هذا القانون يتضمن أحكاما لا تتوافق مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة أو مع القواعد المستقرة في القانون الدولي،

كما أنه لا يستند إلى أي أساس في الأعراف الدولية أو القواعد المُستقرة للعلاقات بين الدول ولا تُقر، تحت أي ذريعة، فرض قانون داخلي لدولة على دول أخري. وأكد المتحدث الموقف الثابت والواضح لنا جميعا من رفض وإدانة الإرهاب بكل أشكاله واحترام القانون الدولي والتمسك به،

ونأمل :- بألا تعتمد السلطات التشريعية الأميركية هذا التشريع الذي سيفتح الباب على مصراعيه للدول الأخرى، لإصدار قوانين مشابهة، ما سيؤثر سلباً على الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب،

ويُخل إخلالا جسيما بمبادئ دولية راسخة قائمة على أسس المساواة السيادية، والحصانة السيادية للدول، وهو ما استقر العمل بموجبه في جميع التعاملات الدولية، منذ تأسيس الأمم المتحدة،

ما سينعكس سلباً على التعاملات الدولية، ويحمل في طياته بواعث للفوضى، وعدم الاستقرار في العلاقات بين الدول،

وسيعيد النظام الدولي للوراء، كما سيجد فيه التطرف المحاصر فكريا ذريعة جديدة للتغرير بأهدافه”.

وجديرا بالذكر :-

قانون (العدالة ضد رعاة الإرهاب) هو التشريع الجديد الذي صوتت عليه اللجان المختصة في الكونغرس أولاً، ثم مر يوم الثلاثاء في مجلس الشيوخ، ومن المقرر تمريره في مجلس النواب قريباً وبسهولة، كما يتوقع المشرعون في واشنطن.

وإن ما يُثير الانتباه هو أن الحزبين الجمهوري والديمقراطي متفقان على القانون، ما يعني سهولة تشريعه واعتماده كقانون، على الرّغم من مخاوف الرئيس أوباما من هذا القانون، وقد عبر عن ذلك بتلميحه بعدم توقيعه، ليكون نافذاً أو قد يستخدم حق النقض الفيتو.

إذا لم يوقعه الرئيس، فليس في الأمر ضير، فسيترك المهمة لخلفه، كما حصل ذلك بالنسبة إلى قانون (تحرير العراق)، عندما رفض الرئيس الأميركي الأسبق (كلينتون) توقيعه، ليُوقّعهُ خلفه (بوش الابن)، ليُسقِط نظام صدام والعراق أيضا . أمّا إذا استخدم الفيتو لرده، فسيعود القانون إلى الكونغرس، لتمريره بأغلبية الثلثين، وعندها سيسقط نقض الرئيس له. المشرعون من كلا الحزبين مطمئنون على أن الكونغرس سيمرر القانون بالنسبة المريحة التي يحتاجها.

وسيسمح القانون: أولاً؛ بنشر الصفحات السريّة من التقرير الخاص بشأن هجمات سبتمبر عام ٢٠٠١ والذي صدر في عام ٢٠٠٤ والتي فيها اتهامات صريحة بتورط نظام القبيلة الفاسد بالهجمات الإرهابيّة.

ثانيا؛ بقبول القضاء الأميركي للدعاوى الجنائية التي سيرفعها ضحايا الإرهاب ضد السعودية، وبذلك سيقع الطلاق بين الولايات المتحدة الأميركية والسعودية 0

برأيي، فإن القانون سوف لن يقف عند واشنطن، وإنّما سيتمدد أثره، ليشمل كل الدول التي تعرّضت إلى هجمات إرهابيّة مماثلة لهجمات سبتمبر.

خلاصة القول :-

أن قانون العدالة ضد رُعاة الإرهاب، الذي أصدره الكونجرس الأمريكي لا يتعدى حدود الدولة التي صدر فيها، إن أي تشريع في أي دولة لا يستطيع أن يتخطى حدودها؛ لأن القانون الدولي هو الأسمى والأعلى. وإنه منذ الثمانينات تعتبر المملكة من أكبر عشرة دول في العالم تكافح وتسعى لاجتثاث الإرهاب ولازالت تكافحه حتى الآن.
كاتب المقال
دكتور في الحقوق وخبيرالقانون العام مستشار تحكيم دولي وخبير في جرائم امن المعلومات ومستشار الهيئة العليا للشئون القانونية والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الازهر والصوفية

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا