أضواء على الصحافة الاسرائيلية 11-12 تشرين الثاني 2016

الخارجية الإسرائيلية تتكهن بأن ترامب سيقلص تدخل واشنطن في الشرق الأوسط

واصلت صحف نهاية الأسبوع تعقب نتائج الانتخابات الامريكية، ومحاولة استقراء السياسة التي سينتهجها الرئيس المنتخب دونالد ترامب، قياسا بما صدر عنه من تصريحات خلال المعركة الانتخابية، ومدى كونها ملائمة الان بعد انتخابه، وامكانية تحقيقها، خاصة وانها تتعارض مع سياسات امريكية تقليدية، وتتعارض مع مواقف القوى العظمى الأخرى على الحلبة. وبالطبع يجري التركيز في الصحف الاسرائيلية حول السياسة التي يمكن لترامب اتباعها في الموضوع الاسرائيلي الفلسطيني، بشكل خاص، في ضوء ما صدر عنه او عن مستشاريه للشؤون الاسرائيلية خلال الحملة الانتخابية.

في هذا الصدد، تتناول صحيفة “هآرتس” بشكل موسع، وثيقة التكهنات التي اعدتها وزارة الخارجية الاسرائيلية، والتي تعتقد بأن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، سيقلص تدخل الولايات المتحدة في الشرق الأوسط عامة، وفي الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني خاصة. وتؤكد هذه الوثيقة التي اعدها قسم الاستخبارات في وزارة الخارجية، وتم توزيعها، امس الاول (الاربعاء) على السفارات الاسرائيلية في انحاء العالم، ان تصريحات ترامب في موضوع عملية السلام خلال الحملة الانتخابية، لا تدل على سياسة متماسكة.

وجاء في الوثيقة انه “في اطار اهتمامه المقلص بالمسائل الخارجية، لا يعتبر ترامب الشرق الاوسط استثمارا صحيحا، ومن المتوقع ان يسعى الى تقليص التدخل الامريكي في المنطقة. هذا الى جانب التزامه بمواصلة محاربة تنظيم داعش، ومواصلة دعم ادارته لزخم المعركة الدائرة على مدينتي الموصل في العراق والرقة في سورية”.

واضافت الوزارة في وثيقتها ان “العملية السياسية بين اسرائيل والفلسطينيين ليست مطروحة في مقدمة جدول اولويات ادارة ترامب، ويمكن الافتراض بأن هذا الموضوع سيتأثر بالطاقم المحيط به، ومن التطورات الميدانية. تصريحات ترامب لا تدل، بالضرورة، على سياسة متماسكة في هذه المسألة. فمن جهة اعرب عن دعمه للمستوطنات ونقل السفارة الى القدس، لكنه قال في تصريحاته الأخيرة انه سيكون محايدا وان على الاطراف التوصل الى صفقة بينها”.

وتحت عنوان “ادارة ترامب – ملاحظات اولية”، تحاول وثيقة التقييم التي اعدها مركز الدراسات السياسية في وزارة الخارجية، تحليل كيف ستبدو سياسة ترامب امام العالم عامة، وامام الصين وروسيا واوروبا، خاصة، وكذلك على الحلبة الداخلية الامريكية. الرسالة الأساسية في الوثيقة، والتي تمثل موقف القيادة المهنية في وزارة الخارجية، هي ان ادارة ترامب قد تقود سياسة انعزالية. وتتضمن الوثيقة تقييما يعتقد بان بداية ولاية ترامب ستتميز بمحاولة عزل نفسه عن السياسة الخارجية لبراك اوباما، لكنه بعد ذلك بالذات، من المتوقع ان يرجع الى سياسة الرئيس المنتهية ولايته والتي تقول ان على الولايات المتحدة وقف التصرف وكأنها الشرطي العالمي.

“دخول ترامب يتوقع ان يعيد تعريف دور الولايات المتحدة على الحلبة الدولية. ترامب سيشكل تحديا للمنظومة الدولية على خلفية صعوبة معرفة ما هي مواقفه واهتمامه المحدود بالمسائل الخارجية… يصعب تمييز موقفه على خلفية تصريحاته المتناقضة.. لكن الخط الذي يميز ادارته يشير الى ميله نحو الانعزال وتخفيف عبء التدخل على الحلبات الخارجية”.

ويؤكد المركز في وثيقته ان ترامب، كرجل اعمال، يحلل المسائل حسب مقياس الربح والخسارة. وكتب معدو الوثيقة انهم يتوقعون تركيز سياسته الخارجية على المصالح الامريكية الفورية والضيقة، بدل ان تنبع من وجهة نظر واسعة وشاملة. كما كتب في الوثيقة ان “ترامب اعرب عن مواقف متضاربة في مسائل رئيسية، وليس واضحا ما اذا كان ذلك يعكس سياسة عملية. حسب تقديرنا، فان معرفة ترامب المحدودة بالحلبات الخارجية ستولي اهمية للطاقم الذي سيحضره معه الى البيت الأبيض، والذي سيكون له تأثيره الواسع على تحديد السياسة الخارجية الامريكية”.

وحسب وثيقة وزارة الخارجية، فان ترامب يرى في روسيا شريكة للحوار المحتمل، خاصة في كل ما يتعلق بالحرب الأهلية السورية. ويذكر رجال وزارة الخارجية في هذا السياق، بان ترامب اعرب عن دعمه الملموس للإبقاء على نظام الأسد والعمل من اجل اظهار القوة الأمريكية امامه. وفي كل ما يتعلق بإيران، كتب رجال الخارجية بأن ترامب انتهج خلال الحملة الانتخابية خطا مناقضا، حيث عارض الاتفاق النووي واطلق تصريحات متناقضة بشأن الالتزام بالاتفاق في حال انتخابه، لكنه امتنع في نهاية الحملة عن الدعوة الى الغاء الاتفاق.

وتتطرق وثيقة التقييم الى تعامل ترامب مع الدول الحليفة في العالم. “من شأن نظرته كرجل اعمال، ان تقود الى تغيير العلاقات الدولية لأمريكا والتأثير على نشاطه على الحلبة المتعددة الأطراف. ترامب لا يرتدع عن اعادة النظر في نشر قوات امريكية في العالم، والدعوة الى اعادة النظر في الدور الامريكي في الناتو، والتراجع عن بعض اتفاقيات التجارة الدولية التي وقعتها الولايات المتحدة”.

وبشأن السياسة الداخلية لترامب بعد دخوله الى البيت الأبيض في 20 كانون الثاني، اشار رجال وزارة الخارجية الى ان نتائج الانتخابات قد تجر الولايات المتحدة الى ازمة داخلية ملموسة ومن ثم الى تغيير وجهي الحزبين الديموقراطي والجمهوري.

وحسب الوثيقة فان “انتصار ترامب كشف التيارات العميقة في المجتمع الامريكي والتذمر والتحفظ من المؤسسة الحاكمة في واشنطن والقيم التي يمثلها الرئيس اوباما. توقع الديموقراطيين بالانتصار اعتمد على الوجه المتغير لأمريكا وعلى دعم مجموعة الاقليات لأوباما. لكن هذا التوقع خاب في اعقاب نسبة التصويت المتدنية بين الاقليات وقدرة ترامب على تحريك مجموعات مضادة تركبت في الأساس من رجال بيض.. الانقسام الذي تكشف بكامل قوته في الانتخابات قد يتصاعد. ليس من الواضح ما اذا كان ترامب يستطيع او يريد مواجهة تحدي العلاج الاجتماعي المطلوب – خاصة في ضوء تصريحاته السيئة خلال الحملة الانتخابية”.

وأضاف رجال وزارة الخارجية، انه من المتوقع في الحزبين اجراء حساب مع النفس في اعقاب الانتخابات. على الرغم من ان الفوز في الانتخابات قد يؤخر ذلك لدى الجمهوريين. “الحزب الجمهوري يتميز بالفجوات بين مواقف المؤسسة الحزبية ومواقف الرئيس المنتخب. ليس من الواضح ما اذا كان يمكن توحيد الصفوف. ما زال من المبكر التحديد كيف سيختار ترامب التعامل مع المؤسسة الجمهورية التي تنكر له الكثير من قادتها.. لكن قلة خبرته السياسية يمكن ان تضطره للتعاون معهم”. في الجانب الثاني من الخارطة السياسية، يعتقد رجال الخارجية الاسرائيلية، انه يتوقع في اعقاب الانتخابات تعزز الجناح اليساري في الحزب الديموقراطي، والذي يقوده برني ساندرس واليزابيث وورن.

ترامب لا يرى بالمستوطنات عقبة امام السلام

في نبأ آخر حول سياسة ترامب، تكتب “هآرتس” ان مستشاره الرفيع جيسون غريبلات، اعلن بأن دونالد ترامب لا يرى في المستوطنات الاسرائيلية عقبة امام السلام، ولا ينوي فرض أي حل للصراع الاسرائيلي – الفلسطيني.

وفي لقاء اجرته معه اذاعة الجيش الاسرائيلي، صباح الخميس، قال غريبلات ان ترامب “لا يعتبر المستوطنات عقبة امام السلام، وسيطرح كدليل على ذلك الوضع في قطاع غزة، ذلك ان السلام لم يتحقق حتى بعد إخلاء المستوطنات اليهودية منه”. وحسب قوله فان ترامب يعتقد ان اسرائيل “تتواجد في وضع صعب جدا ويجب ان تدافع عن نفسها، ولذلك فانه لن يفرض أي حل قسري عليها، وهو يعتقد ان السلام يجب ان يأتي من الاطراف نفسها”.

وحين سئل غريبلات عما اذا سيقوم ترامب بنقل السفارة الامريكية الى القدس، قال: “اذا قال بأنه سيفعل ذلك فسيفعل ذلك. انه يختلف بالنسبة لإسرائيل عن الرؤساء الآخرين. انه شخص يلتزم بكلمته، انه يعرف الارتباط التاريخي والمميز للشعب اليهودي بالقدس، خلافا لليونسكو، مثلا.”

رسالة للإسرائيليين

وتنشر “يسرائيل هيوم”، نصا تقول انه رسالة وصلتها من ترامب، بعد اجتماعه بالرئيس الحالي باراك اوباما، جاء فيها: “انا احب وأقدر اسرائيل ومواطنيها. اسرائيل والولايات المتحدة تتقاسمان الكثير من القيم المشتركة، كحرية التعبير وحرية العبادة، والأهمية المنسوبة لخلق الفرص لكافة المواطنين من اجل تحقيق أحلامهم. انتظر تعزيز العلاقة غير المنفصلة بين امتينا الكبيرتين. انا اعرف جيدا بأن اسرائيل هي الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط والمدافعة الوحيدة عن حقوق الانسان، وتشكل بارقة ضوء وأمل للكثير من الناس. انا اؤمن بأن ادارتي يمكنها ان تقوم بدور هام في مساعدة الأطراف على تحقيق سلام عادل ومستديم، يجب ان يتم تحقيقه في المفاوضات بين الطرفين وعدم فرضه عليهما من قبل الآخرين. اسرائيل والشعب اليهودي يستحقان ذلك”.

اسرائيل تطلب تدخل روسيا لدى حماس لإعادة مواطنيها الخمسة

تكتب “هآرتس” ان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو طلب من رئيس الحكومة الروسية، ديمتري ميدفيديف، خلال اجتماعه به صباح الخميس في ديوان رئيس الحكومة في القدس، الضغط على حركة حماس في كل ما يتعلق بإعادة جثتي الجنديين المفقودين والمواطنين الاسرائيليين الثلاثة المحتجزين في قطاع غزة. ذلك انه خلافا للولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبي، تحافظ روسيا على علاقات مع حماس وتجري حوارا مع قيادة التنظيم بشكل دائم.

وقال مسؤول كبير اطلع على فحوى المحادثة، ان ميدفيديف رد بالإيجاب على الطلب وقال لنتنياهو بأن بلاده ستساعد في هذا الأمر. وتطرق نتنياهو الى الموضوع خلال حديثه لوسائل الاعلام في اعقاب اللقاء، وقال: “اريد توجيه الشكر له على استعداده للمساعدة في هذا الموضوع الانساني من الدرجة الاولى – اعادة جثتي اورون شاؤول وهدار غولدين، والمدنيين الاسرائيليين الثلاثة المحتجزين في قطاع غزة. هذا يعكس الصداقة بيننا”.

كما تم طرح الموضوع خلال اللقاء الذي عقد بين ميدفيديف ورئيس المعارضة يتسحاق هرتسوغ، حيث طلب الاخير من رئيس الحكومة الروسي “كرئيس قوة عظمى بالغة الاهمية وذات تأثير ضخم في الشرق الاوسط تفعيل كل الثقل من اجل هذا العمل الانساني والسياسي العادل، اعادة الجنود وتحرير ابرا منغيستو”.

وقد تطرق نتنياهو بعد اجتماعه بالضيف الروسي، الى الاوضاع في سورية، وشكره على التنسيق الامني بين اسرائيل وروسيا من اجل منع وقوع صدام بين الجيشين الاسرائيلي والروسي خلال العمل في سورية. وقال نتنياهو ان اسرائيل تعارض أي وجود عسكري ايراني راسخ في سورية، وتحويل اسلحة متطورة الى حزب الله. من جهته قال ميدفيديف ان اسرائيل وروسيا تواجهان الارهاب معا. “هذا يهدد الكرة الأرضية كلها، ولكنه يسود الشعور به بشكل خاص في هذه المنطقة. نحن ايضا نعاني من الارهاب ويجب محاربته معا”.

مندلبليت يحذر الحكومة من ابعاد المصادقة على قانون تشريع البؤر الاستيطانية

تكتب “هآرتس” ان المستشار القانوني للحكومة الاسرائيلية، ابيحاي مندلبليت، حذر خلال الاجتماع الذي عقد في ديوان رئيس الحكومة، نتنياهو، صباح الخميس، لمناقشة موضوع إخلاء بؤرة عمونة، من ان المصادقة على قانون تشريع البؤر الاستيطانية في اللجنة الوزارية لشؤون القانون، يوم الاحد المقبل، سيؤدي، حسب رأيه، الى رفض المحكمة العليا لطلب الدولة تأجيل هدم البؤرة لسبعة اشهر.

وشارك في الجلسة نتنياهو ووزير الامن افيغدور ليبرمان، ووزير التعليم نفتالي بينت، ووزيرة القضاء اييلت شكيد. وفي اعقاب موقف مندلبليت تقرر مناقشة الموضوع خلال جلسة قادة الائتلاف الحكومي، يوم الاحد واتخاذ قرار. من جانبه قال بينت انه ينوي طرح مشروع القانون للتصويت يوم الاحد حسب المخطط.

وتم خلال الجلسة الضغط على بينت وشكيد لتأجيل طرح الموضوع في اللجنة الوزارية في انتظار صدور قرار المحكمة العليا. وقالت مصادر في البيت اليهودي انه قد يتأجل طرح القانون مرة اخرى.

وتكتب الصحيفة ان سبب محاولة تأجيل التصويت مضاعفة: التخوف من ان يؤدي دفع المبادرة لتشريع بيوت البؤرة الى المس بفرص المصادقة على طلب الدولة من المحكمة تأجيل إخلاء عمونة، والى جانب ذلك وجهة النظر التي صاغها المستشار القانوني والتي تعارض دفع القانون – ايضا بصورته الجديدة. وينبع التخبط في الحزب من ان يؤدي تأجيل التصويت الى تقصير الجدول الزمني، بحيث لا يتبقى الوقت الكافي لسن القانوني قبل موعد إخلاء البؤرة.

الحكم على جنديين بالسجن لشهرين بعد قيامهما باحراق مخزن للخشب في نابلس

ذكرت “هآرتس” ان المحكمة العسكرية في الجنوب، فرضت يوم الخميس، حكما بالسجن لمدة شهرين على جنديين من كتيبة “ناحل” قاما باحراق مخزن للخشب في نابلس. وتم في اطار صفقة ادعاء ادانة الجنديين بتجاوز الصلاحيات الى حد تشكيل خطر على الحياة، لكنه لم يتم ادانتهما باحراق المخزن. كما فرضت المحكمة على الجنديين دفع تعويض قيمته عشرة آلاف شيكل لصاحب المخزن الفلسطيني. وادعى الجنديان انهما قاما بهذا العمل “نتيجة للملل، وكطرفة، وفي لحظة حماقة”.

وتبين خلال التحقيق ان قائد الفرقة 932 في الناحل ارسل الجنديين لإقامة حاجز، لحراسة دخول المصلين اليهود الى قبر يوسف، وطلب منهما ايقاد النار كي يتم تمييز مكان الحاجز، وبعد قيامهما باشعال النار قررا استخدام الوقود الذي تبقى في حوزتهما لاحراق كمية من الخشب في منطقة مجاورة. وبعد قيامهما باحراق المخزن وقفا هناك لعدة ثواني ثم غادرا المكان دون ان يحاولا اخماد الحريق. وقامت قوات الاطفاء الفلسطينية باخماد الحريق لاحقا.

وتبين من التحقيق ان الجنديين ركبا بعد ذلك في سيارة الباص وعادا الى قاعدتهما دون ان يبلغا عن احراق المخزن. ونتيجة لفعلتهما احترقت سبعة اكوام من الخشب وكاميرا تصوير. وقدر المخمن الأضرار بمبلغ 56 الف شيكل.

وتوصلت النيابة الى صفقة ادعاء مع محامي الجنديين، اعترفا خلاله بالتهمة، لكنه لم يتم الاتفاق على العقوبة. فقد طلبت النيابة سجنهما لمدة ثمانية اشهر، بينما قال محاميهما انه يجب سجنهما لمدة شهرين فقط. وفي النهاية صادقت المحكمة على طلب المحامي. كما فرض على الجنديين العمل في خدمة الجيش لمدة شهر.

وزراء في الليكود يطالبون نتنياهو التخلي عن حقيبة الخارجية

تكتب “يديعوت احرونوت” ان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، صرح في السابق، بأنه سيحتفظ بحقيبة الخارجية لرئيس حزب “المعسكر الصهيوني” يتسحاق هرتسوغ، كي ينضم الى الحكومة. لكنه منذ اعلن هرتسوغ خلال مراسم احياء ذكرى رابين عن انتهاء فصل الوحدة، يرفض نتنياهو مناقشة مسألة الحقيبة مع كبار المسؤولين في حزبه.

وقام عدد من المسؤولين الكبار في الحزب بتحويل رسائل الى نتنياهو تقول انه من المناسب ان يسلم الحقيبة الان الى احد وزراء الليكود. وقال مصدر في الحزب ان “نتنياهو قام بتفكيك حقيبة الخارجية، كما يبدو لكي لا يعيطها لأحد”، بينما ادعى مصدر آخر ان “نتنياهو ليس معنيا بمنح حقيبة الخارجية لأحد، “لكي لا يتيح لأي من وزراء الليكود البروز في منصبه. انه يهتم بنفسه فقط”.

في هذه الأثناء تمت الإشارة الى الوزراء يسرائيل كاتس، غلعاد اردان ويوفال شطاينتس كمرشحين لهذا المنصب، علما ان كاتس كان قد حصل على وعد من نتنياهو بتسلم احدى الحقائب الرفيعة الثلاث.

ليبرمان يهاجم عودة: “لن يبقى عضوا في كنيست اسرائيل”!

تكتب “يديعوت احرونوت” ان وزير الامن افيغدور ليبرمان، شن امس الاول، هجوما شديد اللهجة على رئيس القائمة المشتركة، النائب ايمن عودة، في اعقاب الخطاب الذي القاه في مراسم ذكرى ياسر عرفات في رام الله.

وكتب ليبرمان على صفحته في الفيسبوك ان عودة “لم يكن مستعدا للوصول الى جنازة بيرس في القدس، لكنه وافق على القاء خطاب في ذكرى عرفات في رام الله. سنواصل العمل كي لا يبقى عضو كنيست في القدس، وانما، في ابعد تقدير، عضو في المجلس الفلسطيني في رام الله”.

وقال عودة معقبا: “شاركت في احياء الذكرى لنقل رسائل سلام وأمل، لكن مثل هذا الرسائل لا تُسمع لدى وزير التحريض والكراهية”. وقال ان “ليبرمان يريد تجريد كل المواطنين العرب من مواطنتهم، ولذلك يبحث عن كل فرصة للتحريض علينا، لكننا هنا لكي نبقى، في ام الفحم وحيفا ورهط وفي الكنيست”.

يشار الى ان ليبرمان اقترح بعد رفض نواب المشتركة المشاركة في جنازة بيرس، مقاطعة خطاباتهم في الكنيست من قبل الائتلاف الحكومي. لكنه تبين مع بدء الدورة الشتوية للكنيست انه لا يمكن تطبيق المقاطعة الكاملة.

نتنياهو يشكر كلينتون على دعمها لاسرائيل

تكتب “يسرائيل هيوم” ان رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، أجرى يوم الخميس، محادثة هاتفية مع الخاسرة في الانتخابات الامريكية هيلاري كلينتون. وقالوا في مكتب نتنياهو انه شكر كلينتون على دعمها لإسرائيل، واضاف انها تملك دعوة مفتوحة لزيارة اسرائيل في كل وقت.

وجرت المحادثة بين نتنياهو وكلينتون بعد عدة ساعات من محادثة نتنياهو مع ترامب لتهنئته بفوزه في الانتخابات، والقول له ان الولايات المتحدة لا تملك حليفا افضل من اسرائيل.

الجيش سيشتري مئات منظومات “معطف الريح” لحماية دباباته ومدرعاته

كتبت “يسرائيل هيوم” ان مدير المشتريات في وزارة الأمن اعلن بأنه سيشتري مئات منظومات “معطف الريح” من انتاج شركة “رفائيل” بمبلغ يقدر بمئات ملايين الشواكل. وحسب بيان الوزارة فان الهدف من هذه الصفقة هو تزويد كل دبابة من طراز “مركباه سيمان 4″، وكل مدرعة من طراز “نمير” بهذه المنظومة الفاعلة، قبل خروجها من خط الانتاج.

وعلم انه اجريت في الأشهر الأخيرة تجارب ناجحة لمنظومة “معطف الريح” على مدرعات من طراز نمير، الأمر الذي اتاج انتاج مئات المنظومات الدفاعية الفاعلة.

مقالات

بالنسبة لليمين، انتصار ترامب ينهي “السنوات السبع العجاف” في الضفة والقدس.

يكتب نير حسون ويوتام بيرغر، في “هآرتس” ان “السنوات السبع العجاف” للبناء في القدس الشرقية والضفة الغربية، كما يسميها اليمين، بدأت في العاشر من آذار 2010، مع زيارة نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن الى اسرائيل. في ذلك اليوم، استعد بايدن لمأدبة العشاء في منزل رئيس الحكومة، لكنه تم في تلك الساعة نشر نبأ المصادقة على خطة كبيرة للبناء في حي رمات شلومو (في القدس الشرقية). وتأخر بايدن عن العشاء لنصف ساعة، ونشأت أزمة كبيرة بين ادارة اوباما وبنيامين نتنياهو في مسألة البناء في المناطق وفي القدس الشرقية. ومنذ ما حظي باسم “ازمة بايدن”، تم اخضاع معايير التخطيط في القدس والضفة للمعايير السياسية. وتم رفض خرائط، وتجميد مخططات والغائها، وغالبا من دون الاعتراف بأن المقصود أوامر عليا بضغط امريكي.

رئيس الادارة الجماهيرية في حي جيلو في القدس، عوفر ايوب، يقول: “في كل مرة كانت ذرائع واهية، مرة الرئيس مريض ومرة المخططة مريضة.” ويضيف رئيس مجلس المستوطنات ورئيس المجلس الاقليمي بنيامين، آفي روئيه: “سياسة رئيس الحكومة كلها مشتقة من الضغط الامريكي”. وحسب أقواله فان “كل ما يتحرك يواجه باعتراض امريكي”.

في اليمين يحذوهم الأمل بانتهاء السنوات السبع العجاف مع دخول دونالد ترامب الى البيت الأبيض. وهم يطمحون الآن الى اعادة اخراج سلسلة من مخططات البناء من الجمود العميق، والتي كان يمكنها ان تسبب ازمة خطيرة في العلاقات بين اسرائيل والولايات المتحدة. والحديث عن مخططات لاقامة مستوطنات جديدة في الضفة، واحياء يهودية جديدة في القدس الشرقية، ومستوطنات خاصة داخل الاحياء الفلسطينية في المدينة. اضف الى ذلك، انهم يأملون استئناف هدم البيوت الفلسطينية في القدس والضفة، وتغيير الوضع الراهن في الحرم الشريف ونقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس.

هذا كله كان يبدو خياليا الى ما قبل يومين، وفجأة، مع الدخول المرتقب للإدارة الجديدة، واختفاء عامل الضغط الأمريكي، اصبح ممكنا. ورغم ذلك، لا يقوم احد في اليمين بفتح زجاجات الشمبانيا: فكل من عمل مع نتنياهو يعرف انه استخدم الضغط الامريكي كدرع واق لمواجهة انتقاد اليمين.

لقد حرصت ادارة اوباما على شجب كل خطة بناء يجري دفعها في القدس الشرقية والضفة، لكن ثلاث مخططات جعلتها تستلقي على الجدار: خطة البناء في منطقة E1 قرب معاليه ادوميم، خطة “غبعات عيطام” بين افرات وبيت لحم، وخطة البناء في “غبعات همطوس” في القدس الشرقية. فهذه المخططات الضخمة، كما تدعي تنظيمات اليسار منذ سنوات، من شأنها ان تخلق التواصل الاقليمي الذي سيصعب جدا المفاوضات السلمية. وقد فهموا ذلك في البيت الأبيض، واهتموا بعدم دفعها. ولهذا السبب، لا تزال هذه المخططات عالقة منذ سنوات في القنوات البيروقراطية لهيئات التخطيط في المناطق.

تعتبر “غبعات عيطام” هدفا استراتيجيا بالنسبة للمستوطنين، لأنها تفصل بين افرات وبيت لحم. في 2009، نشرت “هآرتس” بأنه تم الاعلان عن 1700 دونم في المنطقة بأنها أراضي دولة، تمهيدا لبناء اكثر من 2000 وحدة اسكان.

في 2012 تم دفع الخطة لبناء حي ضخم في منطقة E1، يضم اكثر من 3000 وحدة اسكان، لكنه تم تجميد الخطة منذ ذلك الوقت. وفي 2013، عندما حاول وزير الاسكان في حينه، اوري اريئيل، دفع البناء في المنطقة، تم توبيخه من قبل نتنياهو. اما خطة البناء في “غبعات همطوس” والتي تشمل بناء 2600 وحدة اسكان لليهود، فقد تم ايقافها قبل ثلاث سنوات. وقيام اسرائيل بدفع احدى هذه المخططات خلال الأشهر القريبة، سيشكل دلالة جيدة على تغيير الأجواء بين القدس وواشنطن.

الانتصار المفاجئ لترامب، يجعل جهات في اليمين تبحر في خيالها نحو ألوية بعيدة جدا، كاقامة حي يهودي كبير في المنطقة الصناعية “عطروت”، دفع خطة لبناء حي يهودي في الحي الاسلامي قرب باب الساهرة وفي راس العامود. الا ان جهات كثيرة في اليمين تؤجل الاحتفال. وحسب روئيه فان الحاجز امام البناء لا يتواجد بالضرورة في البيت الأبيض. ويقول ان “نتنياهو محاصر داخل نظرية الدولتين للشعبين. يجب عليه، اولا، تغيير هذا الموقف”. ويضيف: “هل نقول إنه سيخرج الآن للبناء كما نريد؟ حسب رأيي لم نصل الى ذلك بعد”.

نائب رئيس بلدية القدس، دوف كلمنوفيتش، يقول ان “الاختبار سيكون خلال الأشهر القريبة، قبل تسلم ترامب لمنصبه. هذا شباك فرص لنا كي نقرر ما الذي نريده وتحديد ذلك للأمريكيين وعدم مواصلة الخنوع”. ويوم امس (الخميس)، قال رئيس لجنة التخطيط والبناء في البلدية مئير ترجمان، للقناة الثانية ان “هناك مخططات لبناء 2600 وحدة اسكان في غبعات همطوس، و3000 في جيلو، و1500 في رمات شلومو، وغيرها الكثير من المخططات التي انوي استغلال استبدال السلطة في الولايات المتحدة لطرحها والمصادقة عليها. حتى اليوم مورست علينا الضغوط طوال الوقت من قبل ديوان رئيس الحكومة، بعد غضب الامريكيين، من اجل ازالة، الغاء، وتأخير المخططات. لقد انتهى ذلك. منذ الان، نحن نخطط لتنفيذ المخططات المجمدة”.

“تغيير الديسك”

عضو كنيست من الليكود يقول: “لا احد يفتح الشامبانيا. لا يوجد أي شيء مع ترامب حتى الان، هذا ليس شخصا تم التنسيق معه ويعرف ما الذي سيحدث. نأمل ان يواصل دعم اسرائيل، على الأقل كما في فترات الرؤساء الآخرين”. وحسب اقواله، ستكون هناك حاجة لممارسة الضغط الكبير على رئيس الحكومة لكي نخترق سد البناء وراء الخط الأخضر. “الرسالة موجهة الى القيادة الداخلية، قيادتنا. علينا تغيير الديسك لدينا. يجب وقف الحديث عن الدولتين وبدء الحديث عن البناء وتعزيز المستوطنات وفرض السيادة”.

في اليمين يؤمنون بأن المعارضة الامريكية كانت مريحة لنتنياهو، الذي فضل الحفاظ على الوضع القائم بدل التسبب بغضب المجتمع الدولي. خلال الأشهر الأخيرة، وبشكل خاص خلال الأسابيع الأخيرة، تقوم مجموعة كبيرة من اعضاء الكنيست وقادة المستوطنين بدفع حملة لضم معاليه ادوميم الى اسرائيل. هذه خطوة غير مسبوقة، اذا تمت المصادقة عليها ستقود الى ردود فعل دولية شديدة، ولكن في غياب نظام امريكي يعارض ذلك، من المشكوك فيه ما اذا سيكون التبرير السياسي الدولي كافيا لتخليص نتنياهو من المعضلة السياسية.

وقال مصدر ضالع في الصراع من اجل ضم معاليه ادوميم: “كنا على اتصال مع رجال ترامب طوال الحملة الانتخابية. لقد نقلوا الينا رسائل مفادها انهم سيحترمون كل قرار للبرلمان ولن يتدخلوا”. وقال عضو بلدية القدس، الناشط اليميني ارييه كينغ، والذي تواصل خلال الأشهر الأخيرة مع رجال ترامب: “لا شك ان الضغط سيتبخر. الان يملك بركات ونتنياهو فرصة لترسيخ حقائق على الأرض”.

من شأن السياسة الامريكية اللينة، التأثير، أيضا، على مستقبل قرية سوسيا. في السابق نقل مسؤولون في ادارة اوباما رسائل الى اسرائيل مفادها ان هدم قرية سوسيا سيقود الى “رد امريكي شديد”. اذا كانت التقييمات بشأن سياسة ترامب صحيحة، فان “الرد الامريكي الشديد” ابتداء من كانون الثاني، سيتحول، في اقصى الأحوال، الى رد متثائب، اذا تم الرد اصلا. في المقابل، يتخوف سكان القرية من أن الاخلاء بات ينتظر عبر الزاوية. وقال مواطن من القرية: “لم يفكر احدنا بأن هذا سيحدث. لم نفكر ان ترامب سينجح. لا اعرف ماذا سيحدث، لكنه يسود الشعور بأن الوضع هنا سيكون صعبا”.

في غياب الضغط الامريكي قد لا تصل الجرافات الى سوسيا فقط. ففي الحكومة جهات معنية بإخلاء المجمعات البدوية التي بنيت في منطقة غوش ادوميم. في عهد ترامب – سواء اذا تم تكثيف البناء في المستوطنات ام لا – يمكن لليد الامريكية الكابحة ان تختفي، ويمكن لنتنياهو ان يجد نفسه امام عقبة سياسية جديدة. المحامي داني زايدمان، الناشط اليساري الذي يحافظ على اتصال مع جهات دولية، يقول: “هذا تغيير تكتيكي.. خلال عشرات السنوات كانت تجري اتصالات مع الادارة الامريكية كل يومين او ثلاث. كل الدلائل تشير الى ان الكوابح ستختفي. لكن هذا مثل خلية عائلية مات فيها الأب فجأة – والان يجب على الأخوة الكبار تسلم القيادة. يجب على اوروبا تحمل المسؤولية. يصعب معرفة ما اذا ستشكل بديلا، لكن لندن، باريس، برلين، روما وبروكسل، هي ليست “مجموعة” لترامب، ولديها سياستها الخارجية الخاصة”.

هل تتحول الساحة الفارغة الى مبنى للسفارة؟

عند منعطف شارعي الخليل ودانئيل يانوفسكي في القدس، توجد ساحة خالية. في نهاية سنوات الثمانينيات، ايام جورج بوش الأب، تم تخصيص الارض من قبل دائرة اراضي اسرائيل لبناء مقر للسفارة الأمريكية، التي كان مقررا نقلها الى القدس. لكنه منذ ذلك الوقت، حرص الرؤساء على توقيع امر يمنع نقل السفارة الى القدس. في هذه الأثناء، واصلت اشجار السرو النمو في الأرض بدون ازعاج.

صحيح ان ترامب كان مقلا في تصريحاته بشأن الشرق الأوسط خلال حملته الانتخابية، لكن ابرز تصريحاته تتعلق بنقل السفارة من تل ابيب الى العاصمة. ديفيد فريدمان، المقرب من ترامب ومن جرى الحديث عن نية ترامب تعيينه سفيرا لدى اسرائيل، قال ان “الشخص الذي يمكنه الوقوف في وجه وزارة الخارجية هو ترامب”. وخلال اجتماع عقد في القدس دعما لترامب، قبل اسبوعين، قال: “اذا قال رجال الخارجية بأنه لا يمكن نقل السفارة الى القدس لأن هذا يتعارض مع السياسية فسيقول لهم بكل بساطة – كلكم مفصولين”.

اذا تم فعلا نقل السفارة الى القدس فسيتعارض ذلك مع موقف المجتمع الدولي كله منذ 1949، ومن المتوقع ان يثير غضبا في العالم العربي. اذا وصلت الجرافات فعلا الى قطعة الأرض عند منعطف طريق الخليل، سيكون ذلك مؤشرا على عهد جديد في الشرق الاوسط.

في السلطة الفلسطينية، عباس فوق القانون

تكتب عميره هس، ان أكاديميا فلسطينيا من قطاع غزة، كتب في رد عاجل على فوز ترامب: “كخطوة أولى، ترامب سيأمر بإعداد تقارير أمنية للمنحرفين في حزبه الذين صوتوا لكلينتون، وسيقيم محكمة دستورية لفصل اعضاء الكونغرس الذين لم يصوتوا لصالحه”. الفلسطيني المتوسط لن يجد صعوبة في “ترجمة” هذه اللسعة: محمود عباس يعمل منذ عدة سنوات على حملة تطهير وإسكات لكل من يصنفهم من أنصار محمد دحلان والمنحرفين عن الخط الرسمي. حتى نيكولاي ملدانوف، منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط (UNSCO)، وجد من الضروري التلميح بشكل سميك الى عملية كم الافواه.

مساء يوم الاربعاء الماضي، اقيم احتفال صغير ومغلق، للمدعوين فقط، بمناسبة تدشين متحف ياسر عرفات، في الذكرى الثانية عشرة لوفاة ابو عمار. وكان ملدانوف احد الخطباء، واشار في كلمته الى عدة محطات في حياة “الزعيم الذي حول اللاجئين الى امة”، واضاف: “لقد احترم آراء المعارضين له”. سواء كانت هذه المقولة صحيحة ام لا، تجمل الواقع او دقيقة – فإنها مقولة تعلو في ذاكرة اعضاء منظمة التحرير الفلسطينية وفتح، حين يقارنون قيادة محمود عباس بقيادة عرفات.

في مطلع الأسبوع، عرف عن خطوة اخرى في عملية زيادة قوة الرئيس الفلسطيني. فقد حددت المحكمة الدستورية الفلسطينية في الثالث من تشرين الثاني، بأن الرئيس يملك صلاحية الغاء حصانة اعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني. على المدى القصير، يعني هذا التحديد ان امر الرئيس عباس في 2012 بإلغاء حصانة محمد دحلان كان قانونيا.

الاحتجاج الشديد الذي صدر عن اعضاء المجلس التشريعي (المشلول منذ 2006)، وتنظيمات حقوق الانسان الفلسطيني، لا تنبع من القلق الشخصي على سلامة ومصير دحلان، الذي تحول من ناشط في فتح يثير الالهام ضد الاحتلال في غزة في سنوات الثمانينيات، ومن رئاسة جهاز الامن الوقائي في السلطة الفلسطينية، الى رجل اعمال دولي. المحتجون يعتبرون قرار المحكمة الدستورية بمثابة خطوة اخرى لتطبيق ما يبدو كاستراتيجية مدروسة لعباس واعوانه في فتح، من اجل قيادة سلطة داخلية دكتاتورية.

المحكمة الدستورية لا تزال جديدة جدا. فقد تم سن قانون اقامتها في 2003، عندما كان عرفات رئيسا محاصرا وطلبت اسرائيل والدول الداعمة تقييد صلاحياته. وتكمن مهمة المحكمة في ابداء رأيها وتفسير بنود القوانين غير الواضحة في حال حدوث خلاف بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

في كانون الثاني 2006، عشية فوز حماس في الانتخابات، وبعد ان اصبح عباس رئيسا، مر قانون انشاء المحكمة بتعديلات من بينها، الغاء مشاركة المجلس التشريعي في تعيين القضاة، والغاء صلاحية المحكمة في مراقبة اعمال الرئيس. ورغم ذلك، فقد بقيت المحكمة الدستورية فارغة ومشلولة: لم يتم تعيين قضاة. وفي نيسان الماضي، فقط، تم الاعلان عن تعيين تسعة قضاة. وفي حينه سأل رجل القانون الفلسطيني – الصقلي، اميليو دابد، في موقع The Nakba Files : لماذا قرر عباس بعد كل هذه السنوات تفعيل المحكمة؟ ويجيب: “الدعم الشعبي لقيادة السلطة الفلسطينية انخفض الى حضيض جديد، وقادتها – الذين يزدادون صلاحيات – يثيرون معارضة واسعة في صفوف القضاة. وبسبب الفجوة بين النظام الدستوري الفلسطيني وبين سياسة السلطة الفلسطينية يحتاج عباس الى محكمة استثنائية تبرر قانونية الخطوات الاستثنائية التي يتخذها من اجل ضمان سيطرة السلطة الفلسطينية”.

فور تعيين القضاة، ادعى 18 تنظيما لحقوق الإنسان الفلسطيني – من بينها المفوضية المستقلة لحقوق الإنسان، وهي جزء من مؤسسات السلطة الفلسطينية، ان المقصود تعيينات غير قانونية. وحسب اقوالها، فان كل القضاة هم رجال فتح او من المقربين منها، ورغم انه كان يفترض ان يؤدوا اليمين الدستوري امام رؤساء السلطات الثلاث (التنفيذية والتشريعية والقضائية)، الا انهم فعلوا ذلك في غياب رئيس السلطة التشريعية. وحسب رأيهم فانه في الفترة التي تحتم لأم التمزق بين غزة والضفة واحياء المجلس التشريعي، فان تفعيل المحكمة الدستورية بهذا الشكل يحقق الأمر المعكوس: انه يعمق التمزق ويقلص مكانة المجلس التشريعي. ونفى متحدثون رسميون في وسائل الاعلام بأن القضاة هم من رجال فتح، وقالوا انهم رجال قانون خبراء ومستقلين وان عملية التعيين تمت بوعي موزون.

في بيان نشرته تنظيمات حقوق الانسان، هذا الأسبوع، احتجت على قرار المحكمة الدستورية، وذكرت بأن رئيس المحكمة الحالي اعلن في 2013 في عدة مناسبات، بأن القانون الفلسطيني الأساس، هو قانون مثل كل القوانين، وليس اعلى منها، وان صلاحيات المجلس الدستوري انتهت، وان الرئيس يملك صلاحية الغاء حصانة اعضاء المجلس التشريعي، وان حالة الطوارئ (التي تعمل السلطة وفقا لها منذ 2007) تمنح الرئيس صلاحيات غير محدودة. وحسب احد اعضاء هذه التنظيمات، فان هذا يشير الى شق الطريق نحو تشكيل جهاز قضائي ينفذ اوامر السلطة. وحسب تقديره فانه حسب المكتوب في مسودة دستور “دولة فلسطين”، الذي نشر قبل عدة اشهر من اقامة المحكمة الدستورية – فان الهدف هو منح هذه المحكمة صلاحيات تحديد هوية الرئيس في حال وفاة الرئيس المعين. وفي الوضع الحالي هذا يعني فقط، منع رئيس المجلس التشريعي (حاليا عزيز دويك من حماس) من تسلم منصب الرئيس بشكل فعلي، كما يحدد قانون أساس السلطة. لكن هذا القرار سيسمح، ايضا، برفع حصانة اعضاء المجلس الآخرين، الذين ينشغلون في انتقاد الحكومة على الرغم من شل عمل المجلس. وحتى اذا لم يتم رفع حصانتهم، فان القرار نفسه يمكنه ان يمنع الانتقاد.

هذا الأسبوع تجرأ صحفي فلسطيني على الكتابة على الفيسبوك: “تراجع الحلم الفلسطيني وبدأ الكابوس. تراجع حلم الدولة الفلسطينية المستقلة، لأن القوة السياسية حولت المشروع القومي الى مشروع شخصي وحزبي”. حقيقة كتابة هذه المدونة تعني اظهار الجرأة في فترة يُبلغ فيها فلسطينيون عن قيام اجهزة الامن الفلسطينية باعتقال كتاب المدونات الناقدة.

نتنياهو هو المركز الجديد

تكتب رفيت هيخت، في “هآرتس” انه اذا كان دونالد ترامب جديا في بعض تصريحاته بشأن اسرائيل، وهذا شرط يهتز على اعمدة متهاوية مثل كل افتراض آخر يرتبط بالرجل، فإننا نقف حقا أمام فجر يوم جديد.

اذا كان ترامب يفكر ويقصد ما قاله احد مستشاريه في مقابلة مع إذاعة الجيش الاسرائيلي، امس، بان “المستوطنات ليست عقبة أمام السلام” وانه “لن يفرض حلا على اسرائيل”، فان الرئيس الامريكي المنتخب يبدو ليس كحليف لبنيامين نتنياهو وافيغدور ليبرمان وانما لجناح حركة “تكوماه” في البيت اليهودي، المستعد لإسقاط الحكومة بسبب 40 منزلا في عمونة و 9 منازل في عوفرا، أو لشخص مثل ايلي يشاي الذي استقبل انتخابه بفرح احتفالي إذ قال انه تم انتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة لأن الرب تعالى يريد منح بلاد اسرائيل الكاملة لشعب اسرائيل، كما كتب في التوراة “لنسلك أعطي هذه الأرض”، و “لأن جميع الأرض التي أنت ترى لك أعطيها ولنسلك إلى الأبد” (سفر التكوين- الاصحاحين 15 و13).

هذا سيكون واقعا جديدا ومنعشا، بعد سنوات من التلقائية الدائمة والسخيفة جدا، التي تلعب فيها الادارة، الديمقراطية والجمهورية على حد سواء، دور الاب الموبخ، بينما تلعب حكومات اسرائيل اليمينية دور الولد الشقي الذي يهرب منه ويختبئ في كل انواع الاماكن مع حفنة من الحلوى في الجيب – بضع بؤر استيطانية يمتنعون عن تفكيكها، وكل انواع بيانات التخطيط والبناء في الاحياء المختلفة وراء الخط الاخضر.

ماذا سنفعل حقا من دون بيانات الشجب الامريكية؟ بدون هذا “التوبيخ” الحازم ولكن المؤدب، والذي يأتي بعد كل بيان عن بناء 120 وحدة سكن في “غبعات همطوس” او 30 شقة في “رمات شلومو”؟ ماذا نفعل بدون لعبة “التظاهر” لحل الدولتين – “الولايات المتحدة ترى في الدولتين الحل الوحيد للصراع″ – وفي المقابل: “رئيس وزراء اسرائيل يعلن بانه ملتزم بحل الدولتين”؟

لا بد أننا سنتدبر أمرنا، سنكتب المقالات الحادة ضد ترامب ونصيغ التذمر حول نهاية العالم المقتربة. ولكن ماذا بالنسبة لنتنياهو؟ فهو في أزمة نفسية حقيقية: هل سيقوم الولد، الذي انصرف أبويه المستاءين من الغرفة، باستغلال الفرصة ليحرق النادي أم سيواصل التصرف بحذر وكأنهما لا يزالان يتواجدان هناك؟

بانتظار نتنياهو انتفاضة من جانب جمهوره الانتخابي اليميني المتصلب، الذين يعتبر الـ50 الف مشارك في مهرجان ذكرى رابين، مجرد حلوى جوز الهند الوردي بالنسبة له. فبينيت، الذي يعتبر نفسه مرشحا منذ زمن بعيد لرئاسة الوزراء، لم ينتظر كثيرا واطلق بيانا متحمسا في أعقاب انتخاب ترامب: “فرصة هائلة للاعلان فورا عن التراجع عن فكرة اقامة فلسطين”. وهو بذلك، يفخخ نتنياهو، ويدفعه الى الزاوية أكثر من رغبته بتهنئة ترامب: هل يعتبر نتنياهو حقا يميني حتى النهاية، الى حد الاستعداد لجعل دولة كاملة تضع روحها على كفها من أجل تلة تم الوعد بها في وعد الاهي؟ مع تفويض مطلق للبناء كالمجنون في المستوطنات، يعتبر هذا السؤال حقيقي. يمكن لنتنياهو أن يهاجم ايلانة ديان بانفلات ونعتها بأسماء متعددة – هذا سهل ومجاني. اما الاختبار الحقيقي فهو في عمونة، في “نتيف هأبوت” وفي سلسلة من البؤر الاستيطانية التي تندفع نحو التسوية.

من الجانب الاخر، في ظل غياب قيادة لحزب العمل وجمهور انتخابي لمبادئ يسارية اساسية – حتى المجتمعين في ساحة رابين جاؤوا للاحتجاج على الغاء سلطة البث، على ثقافة دافيد بيتان وربما على المس بالمحكمة، وليس على استمرار الاحتلال – يئير لبيد يواصل جمع المؤيدين من الجمهور الغفير – حاليا الذي لا يزال يتحفظ من اليمينية المتطرفة ويثبت نفسه كمعارضة من اليسار، ظاهرا.

وهكذا يرجع حلف الاخوين اللذين فخخا نتنياهو معا ، ولكن كخصمين على طرفي المتراس في المعركة على الخلافة. وبالتالي فان نتنياهو هو المركز الجديد الذي سيتذبذب بينهما، وكل هذا على افتراض ان شيئا ما من تصريحات ترامب ومستشاريه يرتبط كيفما اتفق بالواقع المستقبلي.

نظرية الكذب

يكتب يوعاز هندل في “يديعوت احرونوت” انه في اليوم التالي للكليشيهات، يعتبر انتخاب ترامب فرصة لإسرائيل كي تقرر ما الذي تريده. أنا أشك بأن الولايات المتحدة “ستتحول الى قوة عظمى مجددا”، كما جاء في شعار ترامب في الانتخابات، ولكنه كرئيس يمكنه تحويل اسرائيل الى دولة تقرر انفسها.

فيما يلي قصة حملة انتخابية: قبل اسبوعين فحصوا في مقر ترامب الانتخابي امكانية ضم ممثلين اسرائيليين للحملة. وكان الجمهور المستهدف من الانجيليين. اسرائيل في نظرهم هي رمز. وهي رافعة سياسية ممتازة الى أن يأتي المسيح ونصبح جميعا نصارى. لكن المشكلة الاساسية التي واجهتهم هي عدم العثور في اسرائيل على أسماء كبيرة ومعروفة بما فيه الكفاية بالنسبة لأنصار المسيح المتشددين. الحاجة هي أم الاختراع، وهكذا ظهر يوسي دغان، رئيس مجلس السامرة، وحغيت موشيه، نائبة رئيس بلدية القدس. كلاهما قائدان رفيعا المستوى. وكلاهما يتسلمان منصبا يمكنه التأثير على المصوتين الانجيليين.

في السامرة كانت مملكة اسرائيل، وفي القدس مملكة يهودا. ومن مثل ترامب يمكنه توحيد المملكتين من جديد واعادة ايام الملك داود. لقد تم الغاء الفكرة في اللحظة الاخيرة بسبب مسائل الأمن، لكن التجربة تؤكد طبيعة مفهوم رجال ترامب بالنسبة ليهودا والسامرة. كل ما تبقى هو الاستيضاح الى أي حد ترتبط حملة تأييد الاستيطان بالواقع. أين الكذب وأين النوايا الحقيقية.

بشكل عام يمكن الاعلان عن موت الحقيقة في هذا الاسبوع، وكذلك الأكذوبة المؤسسة. لا يوجد للمؤمنين المتمسكين بقول الحقيقة، ما يبحثون عنه في السياسة، وليس فقط في الولايات المتحدة. الليبرالية هي كذب ممأسس، والترامبية هي كذب يأتي من الشارع، ما هو الاسوأ؟ امريكا قررت.

لحظة الحقيقة

لقد تعرفت على امريكا في المرة الاولى، من خلال سائحة جميلة التقيت معها في غواتيمالا خلال رحلة بعد الخدمة في الجيش. وقد تجولنا معا لبضعة اسابيع في أحد الجبال، وعندما انفصلنا دعتني لزيارتها في لوس انجلوس. وقد احتاج الامر بضعة ايام كي افهم أنها لم تقصد الدعوة، بل كان ذلك مجرد سلوك مهذب. واحتاج الامر بضع سنوات كي افهم أن هذه مسألة ثقافية.

بعد ذلك بوقت طويل، في العام 2011، رافقت نتنياهو في لقاء مع اوباما في الامم المتحدة. وتواجدت هيلاري كلينتون في غرفة اللقاء، وعندما صافحت ايادي المشاركين في الحاشية الاسرائيلية قالت للجميع بابتسامة عريضة “أمر رائع رؤيتكم مجددا”. انها لم ترّ معظمنا أبدا، لكن هذه هي العادة. كالابتسامات التي ترسمها البائعات في مجمعات التسوق في امريكا. والتعامل المهذب من قبل نادلة متعبة. الكذب هو جزء من الثقافة السياسية.

وراء أقبح حملة انتخابية شهدتها امريكا، يدور جدل ايديولوجي عميق بين مؤيدي العولمة، الليبراليين الذين يريدون اصلاح العالم، والوطنيين المحليين الذين يريدون أولا اصلاح أنفسهم. عندما تتحدث الولايات المتحدة الليبرالية عن حقوق الانسان والاهتمام بالأقليات في العالم، فانها تكذب. وحين تمتنع عن تعريف الارهاب الاسلامي، فانها تكذب. وحين تستنكر البناء في حي جيلو في القدس، فهذا كذب سياسي يتعلق بنا. الاستنكار هو من اجل الحلفاء في السعودية وليس من اجل الضمير النزيه والاخلاقي.

اكبر الأكاذيب في واشنطن هي المتاحف الكبيرة للكارثة اليهودية وتاريخ العبودية. لا يوجد شيء من نوع “هذا الامر لن يتكرر أبدا”. المصالح كانت قائمة دائما وستبقى. الضعيف لا يمكنه الاعتماد على القلوب الطيبة للقوى العظمى. لذلك فان الجدار الحديدي الصهيوني لا ينتمي الى حزب وانتخابات. الولايات المتحدة لم تمنع الكارثة ضد يهود اوروبا في الوقت المناسب، ولن تمنع ابادة الشعب في سوريا والسودان أو أي مكان آخر في الشرق الاوسط. أكثر من نصف مليون مسلم قتلوا حتى الآن على أيدي المسلمين. وهذا لم يكن حتى موضوعا للنقاش في الانتخابات.

لقد كذب ترامب بشأن ماضيه ومستقبله. انه ممثل، مهرج، ديماغوجي وسياسي ممتاز. خبز وترفيه. ومقابل الاكاذيب المتعفنة التي جاءت بها هيلاري، جاء هو مع اكاذيب كاريزماتية وفضائح تحرش جنسي تجعل الاسرائيلي المتوسط يفاخر بالسياسيين الاسرائيليين. العشب لدى الجار ليس أكثر اخضرارا.

لحظة الحقيقة في العيون الاسرائيلية هي لحظة دخوله الى البيت الابيض. اسرائيل تحتاج الى خطة عمل في الفجوة الاكبر بين الدولتين حتى الآن: خطوط 1967. أحد أكبر انجازات شارون في هذا الموضوع هي موافقة الرئيس بوش على البناء داخل الكتل الاستيطانية وفي شرقي القدس. لقد تحدث بوش عن دولتين للشعبين، لكنه وافق على البناء. وعندما تم انتخاب اوباما ألغى هذه التفاهمات. وجمد البناء. كانت هذه هي الخطوة الاولى على طريق الفوضى في علاقاته الخارجية مع الشرق الاوسط.

من يعتقد أن ترامب سينضم الى عضوية البيت اليهودي غدا صباحا، لا يفهم ماذا حدث لمرشح الرئاسة حين تم الاعلان عن فوزه. لقد تم كتابة خطابه بحرص: فباستثناء كونه يناقض تماما حملته الانتخابية – رسمية ومتصالح – شمل، ايضا، تعهدا لدول العالم. وهذا المصطلح يشمل الدول العربية المصدرة للنفط (ومصلحة الجمهوريين بهذا النفط) وكذلك ايران. الصراع الاسرائيلي الفلسطيني هو مصلحة اخرى ضمن اللعبة.

الامكانية الافضل لإسرائيل الآن هي المسارعة الى طرح مبادرة: تستطيع اسرائيل اعادة تفاهمات الرئيس بوش حول الكتل الاستيطانية وشرقي القدس وأن تضيف غور الاردن، بل وتحسن مكانة هضبة الجولان. ويمكن وضع ضم الكتل الاستيطانية وغور الاردن كهدف بعيد المدى. الفلسطينيون سيعارضون، واوروبا ستعارض، ولكن الأمر يحتاج في الأساس الى بذل جهود لم يكن مثلها في فترة نتنياهو – طرح خطية سياسية اسرائيلية. ما الذي يعنيه ذلك؟ التعامل مع الفلسطينيين بشكل علني وليس عن طريق الادارة المدنية، فقط، ورسم الخرائط بدل انتظار قرار من المحكمة العليا ضد عمونة اخرى. ترامب ليس بديلا للقرارات الاسرائيلية.

حظه

هذا الأسبوع نشر تحقيق ايلانة ديان حول نتنياهو. وقد أجرت معي مقابلة للتقرير. في اسرائيل يوجد صحافيون لا يمكنهم قول كلمة واحدة جيدة عن نتنياهو. وفي المقابل هناك من لا يستطيعون قول كلمة واحدة سيئة عنه. لقد تعلمت بأن الانسان ولد ليفكر، لا أن يكون كالخراف في القطيع. لدى نتنياهو افضليات كبيرة، ولديه ايضا نواقص بارزة. الرد على التقرير يعبر عن أحد نواقصه – الهوس من وسائل الاعلام والعيش في حملة متواصلة.

الفجوة بين قدرته على تحليل الواقع، قياس الاخطار الدقيقة والذكاء، وبين اهتمامه المهووس بالأمور الهامشية، يلخص القصة كلها. أنا اذكر كل ذلك، لأن لديه صفة اخرى لا ينتبهون اليها: الحظ. الربيع العربي حمل نتنياهو الى افضل فترة امنية بالنسبة لاسرائيل. ويمكن لترامب ان يحمله الى افضل فترة في العلاقات بين الدولتين. المشكلة هي أن الحظ مضمون تماما كالقمار في الكازينو.

دروس امريكا

يكتب يغئال سيرينا، في “ييدعوت احرونوت”: “لقد ذهبنا للنوم مع براك وميشيل، واستيقظنا مع ترامب وملينا. ألم يعاني الشعب اليهودي بما فيه الكفاية؟

بعد مئة سنة من قيام العريف ادولف هتلر، بمراكمة الكراهية ازاء المؤسسة، الحكام والبرجوازية، في الأنفاق المليئة بالجرذان خلال الحرب العالمية الأولى، وقرر العودة حيا الى البيت وتنظيف العالم بالدم والنار؛ بعد 90 عاما من قيام مسرحي حقير اسمه اكهارد، بنقل عدوى كراهية اليهود للجندي المحرر، وقال لرفاقه الفنانين: “هذا الرجل هو مستقبل المانيا، وذات يوم سينظر العالم كله اليه، نحن نحتاج الى جندي اعتاد ضجيج الرشاشات، جندي يخيفنا حتى الموت”؛ وبعد حوالي 80 سنة، من قيام هتلر بتحقيق الكابوس المرعب وغير الممكن، ووصوله الى السلطة واحراق العالم، تمضي الانسانية وتنسى ذلك الفصل المظلم في تاريخها.

لقد عشنا طوال جيلين او ثلاثة مع دروس تلك الفظائع، وقرار عدم السماح للطغاة، للكراهية وللدمار الذي يحملونه معهم كالمهر، برفع رؤوسهم، ها هم ناشرو الكراهية يعودون للصراخ علانية، في كل زاوية في العالم، باستثناء عدة اماكن مستقرة في اوروبا وفي الشرق الاقصى. شخصيات قبيحة مثل ترامب، اردوغان، بوتين وكيم.

هذا الأسبوع كتب الباحث في معهد هرتمان، تومار برسيكو، انه “اذا فاز ترامب فان هذه ليست نهاية العالم. هذه نهاية العالم كما رأيناه.. انا اتحدث عن قيم كالاستقامة، والنسوية، والتحفظ والمسؤولية والتسامح، والتي ستمنى كلها بضربة قاسية. عالمنا الحضاري بني على شبكة معينة من المعاني، وهو يتغير هذه الليلة”. سيكون الأمر مثيرا، كما يشتم الصينيون.

فيروس مفترس

وعودة الى هنا، قبل عدة أيام من ترامب، مررنا نحن، ايضا، بتجربة صادمة. كشف الأكفاريوم. هل فكرنا انه بعد 50 سنة من بداية “الاحتلال المفسد”، سيصل الفساد في صورة بلاط بيزنطي مع ملك محرض وملكة صاخبة؟ محاطان بالمقربين من امثال عائلة ميمران الفرنسية، والسياسيين المتملقين من نوع بيتان وريغف وكيش، مع حاشية وقطط بيت سمينة كمستشارين؟ ما قلناه هو انه فقط عندما تسيطر على حياة شعب آخر فان هذا الأمر سيفسد روحك.

هل فهمنا ان السيطرة على كل تفصيل في حياة الآخر يعدنا لفقدان السيطرة على حياتنا؟ يقربنا من الاستسلام بدون شرط لحاكم اخترناه بشكل ديموقراطي، وها هو يخرب الأسس التي نشأ منها؟

هل استوعبنا طوال 49 سنة من الاحتلال انه عندما يمكنك كمحتل مصادرة ارض الآخر، واصدار اوامر سلطوية بشأن أي صحيفة تصدر وماذا يكتب فيها واي كتاب يقرأ الخاضع للاحتلال، وما هي المجلات التي يسمح له بها، وما هي الممنوعة، وما اذا يسمح له بركوب الدراجة النارية ام الهوائية فقط، واي كهرباء يستخدم، واي بئر تابعة له، وحين تسيطر انت على كل هذا، يتسلل الأمر كالفيروس المفترس الى روحك ويصيبك بشكل يائس؟

هل سمحنا لانفسنا بإجراء حساب مع النفس مفاده انك حين تقيم جهاز قضاء عسكري منفرد يخضع لقوانين اخرى تختلف عن حياتك، وتلقي بها كشبكة مكتظة على حياة الأخر، وتخلق وضعا تصل فيه نسبة الذين يخرجون ابرياء من المحاكمات الى الصفر، وانك حين تعتقل الاولاد والفتية والفتيات وتفرض العقوبات عل ذويهم، وحين تكتشف انه يمكنك في الواقع عمل كل شيء للآخر – فان هذا يعديك؟

صراع داخلي

انا أتساءل هل استوعبنا فعلا، حتى رجال اليسار من بيننا، حين كررنا مقولة “الاحتلال يفسد”، انك حين تنزع انسانية الآخر من اجل السيطرة عليه، وحين تكتشف طرق الخداع للسيطرة، والالاعيب التي لا تخضع لقانون، وطرق الاكاذيب، وحين تكتشف النجاح الساحق للدعاية، كم من السهل الانتقال بعد ذلك من ابو مازن الى ايلانة ديان؟ من منفذي العمليات الى “يكسرون الصمت”؟ من حملة السكاكين الى الوزراء المنحرفين والصحفيين الناقدين؟ لأن كل شيء بات جاهزا في منظومة الكراهية والتحريض: شياطين وجبناء، كوابيس واكاذيب.

هل استوعبنا فعلا، انه كلما ازدادت سيطرتك على شعب غريب، كلما فقدت سيطرتك على حياتك وحياة قبيلتك؟ وكلما قمت بتفكيك الآخر هكذا ستتفكك بنفسك، وكلما حاربت علمه، ستفقد الثقة بعلمك، بولاء رجالك، وستطمح الى سن قوانين لم تكن هناك حاجة اليها سابقا. قوانين العلم والولاء وما اشبه. لكثرة ما سيطرت على مصير الآخر، ضغطت وشددت الحصار، هكذا افلتت السيطرة من اياديك.

لأنه لا يمكن السيطرة على الآخر لفترة طويلة. لأنه حتى لو اجتزنا 49 سنة منذ بداية السيطرة، فاننا نعيش في خوف دائم من فقدانها، ومن انتفاضة المضطهد. وكلما ضغطت وقمعت واحتللت وصادرت، هكذا ستشعر بالملاحقة اكثر ليس فقط من قبل الآخر، وانما من قبل روحك انت. وانك كلما شعرت بملاحقتك اكثر، ستزيد من الضغط من اجل اقامة مراسم تؤكد سيطرتك. قوانين الولاء وقوانين العلم والحرص على الامور الصغيرة. وانك كلما اكثرت من المراسم الفارغة، وحاصرت نفسك بالمتملقين الذين تحتقرهم، هكذا سيقترب حزام السيطرة الفولاذي من بيتك لخنقك انت. هذا هو الوباء الذي غرد به ايهود براك هذا الأسبوع بحرف ج. جنون العظمة. كلما لاحقت الآخر اكثر، من العربي وحتى المراسل الصحفي، هكذا ستبدأ بملاحقة من يحيطون بك كما اظهرت ايلانة ديان في الاكفاريوم الذي رسمته.

وكلما ازداد اشتباهك بالمقربين، وحتى اولئك الذين اخترتهم، فانك ستجعلهم يلتصقون بك حتى يصبحون مدجنين تماما. وكلما تشدد من الحراسة، وتعبئ الصفوف، وتزرع الشقاق بين هذا وذاك كي لا يتحالفان ضدك، هكذا سيزداد التشكك ويشتد حتى يصل الى روحك. وعندها لن تثق حتى بروحك، ولن تنام جيدا في الليل، وستشعر في احلامك الممزقة بأن اجزاء منك تتمرد على هذا كله. وهذا لن يبقى صراعا اقليميا او قبليا او طائفيا، او داخل القبيلة وداخل العائلة، وانما سيصبح صراعا داخل روحك.

ملاحظة

قبل عدة ايام من فصل الاكفاريوم، قالت ايلانة ديان، التي توصف الان باليسارية والعدوة والخائنة، “ان نتنياهو هو ليس مجرد anybody، وانما هو somebody. قدراته الشخصية، الذكاء، قوة الاستيعاب، ذاكرة العمق التاريخي والشعور بالمسؤولية التاريخية، والازدواجية في داخله. لديه وجهات نظر متحررة وانسانية احضرها من امريكا”. الآن تتشابك كل الأطراف.

هل العالم وترامب مستعدان لبعضهما؟

يكتب يوسي بيلين في “يسرائيل هيوم” ان هناك أثار لانتخاب ترامب المفاجئ لرئاسة الولايات المتحدة. وتم الشعور بها فور ظهور بوادر انتصاره، على المستوى الدولي، في اسواق العالم، كما انعكس في تخوف دول حلف الناتو من عدم رغبته باستمرار صورة الشراكة الحالية في التنظيم. الرئيس القادم لن يتمتع بثلاثة أشهر مريحة. سيكون عليه التعبير عن رأيه في عدة قضايا، قبل خطاب اداء القسم في 20 كانون الثاني، لكي يوضح بأنه تحدث خلال المعركة الانتخابية عن مفاهيمه العامة وليس عن سياسة عينية. سيكون عليه القول بأنه حين سيجلس على كرسيه في الغرفة البيضاوية، سيدرس كل قضية في حد ذاتها، كي يتخذ قرارات لا تشكل خطرا على اقتصاد العالم وسلامته.

من الواضح طبعا ان الرئيس المنتهية ولايته، اوباما، خائب الأمل من النتيجة. وبقدر يفوق ألمه لعدم انتخاب كلينتون، يشعر بالقلق لأنه سيتم، بهذا الشكل او ذاك، الغاء بعض الانجازات الهامة التي حققتها ادارته خلال السنوات الثماني الأخيرة (البرنامج الصحي، الاتفاق النووي مع ايران).

في المقابل، يجري الحديث منذ زمن، عن “شباك اوباما” الذي سيتواصل خلال الشهرين المقبلين. لو تم انتخاب كلينتون، لكان عليه استشارتها قبل اتخاذ قرارات بالغة الأهمية. اما الان، حين لم تعد هناك حاجة لأخذ اولوياتها في الاعتبار، ولا يتخوف من التسبب لها بضرر سياسي، فقد بات يمكنه العمل كما يشاء.

مثال على ذلك، المشروع الفرنسي لعقد مؤتمر دولي على مستويات عالية في الموضوع الاسرائيلي – الفلسطيني، بدون مشاركة الأطراف المعنية. هذا المشروع الذي يهدف الى اتخاذ قرار بشأن مبادئ الاتفاق، من خلال توجيه الانتقاد الى المستوطنات وتحويله الى قرار في مجلس الامن الدولي – اصبح فجأة اكثر عمليا. هذه هي اللحظة التي تخوف منها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، هذه هي اللحظة التي لا يوجد فيها ما يجعل اوباما يتخوف من الامتناع عن استخدام الفيتو – وهو يميل الى عمل كهذا في الظروف الناشئة. لا شك ان ترامب سيشجب الخطوة، لكن هذا لن يردع اوباما. ومن اجل منع خطوة كهذه، على حكومة اسرائيل طرح مبادرة لا تنطوي فقط على ابداء الاستعداد للاجتماع بالقيادة الفلسطينية، ويصعب الافتراض بأنها مستعدة لذلك.

يجب على اسرائيل الاستعداد جيدا لإدارة ترامب. انه يميل كما يظهر لصالح اسرائيل كدولة، بل حتى لصالح سياسة حكومة اليمين. ورغم ذلك، فان الامور التي قالها خلال السنة الأخيرة، تشير الى جهل عميق، ومن هنا، تأتي القدرة للتأثير عليه بسهولة. لديه ثقة كبيرة بالنفس، وستزداد هذه الثقة بشكل اكبر بعد فوزه.

اذا قرر انه هو وحده الذي يمكنه حل الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني، يمكنه المفاجأة بخطوات لا تتفق مع المصلحة الاسرائيلية، على الأقل ليس كما تراه حكومة نتنياهو. التفكير بأنه تم الان انتخاب شخص يتماثل مع مواقف الحكومة الاسرائيلية سيكون ساذجا للغاية.

سيضطر الرئيس الخامس والأربعين للانحراف بنفسه عن سلوكه، وانشاء “جامعة ترامب” لعدة اسابيع، والتي سيصبح طالبا مجتهدا فيها. فهكذا فقط سيستعد لمواجهة المشاكل التي لم يسمع عن قسم منها الا مؤخرا، ولم يكرس الوقت لغالبيتها لكي يفهم الخيارات المطروحة لحلها. الأمر الأكثر صوابا من ناحيته هو الاستعانة بأحد قدماء الحزب الجمهوري، الذي يعرف المشاكل ويريد لترامب النجاح. شخص مثل جيمس بيكر، مثلا، (وزير الخارجية في فترة رونالد ريغن ورئيس طاقم البيت الأبيض) يمكنه ان يناسب هذه المهمة. فهو يستطيع اقناع الرئيس المنتخب، الذي يفتقد الى الخبرة، بأن بعض افكاره ليست عملية، بل يمكن ان تسبب الضرر. كما يمكنه الإشارة الى الأفكار التي تحتاج الى تحسين. ترامب يصل الى البيت البيض في جادة بنسلفانيا 1600، بدون طاقم وبدون مرشحين لشغل المناصب الهامة في الادارة الامريكية، ومن ثم في العالم. وهو يحتاج في المرحلة الاولى الى 200 شخص في مناصب رئيسية، وفي هذه المسألة، ايضا، يحتاج لمساعدة من جمهوري رفيع، يمكنه التوصية امامه بالشخصيات المناسبة، وتحذيره من الثقة البالغة بأحاسيسه في فحص الناس والحكم عليهم، كما فعل في برامجه التلفزيونية.

طاقم ترامب في الدائرتين القريبتين منه، سيكون هو الذي سيحدد فرص نجاحه بمواجهة التحديات الداخلية والخارجية التي ستواجه القوة العظمى الوحيدة في العالم. اذا كان يمكن مقارنته بريغن (رغم انه راكم التجربة كحاكم لولاية كاليفورنيا) فلا شك ان ريغن نجح بفضل الطاقم المهني والجيد الذي وقف الى جانبه وارشده، وانتقده وصوبه. لقد كان ريغن بنفسه ينفذ سياسات صاغها رجاله، وفعل ذلك بمهارة كبيرة. السؤال هو، هل ستسهم ثقة ترامب المبالغة في النفس في جعله متعجرفا الى حد رفض كل رأي يختلف عن رأيه.

في الحياة الحقيقية

العالم، حيث اجريت استطلاعات للرأي، فضل انتخاب كلينتون للرئاسة، بسبب تجربتها، رأيها الموزون، البراغماتية التي تمتعت بها، وحذرها من الشعارات الفارغة. لقد نبع هذا التفضيل بسبب التخوف من ان ترامب، في اعقاب تصريحات قالها عن دول العالم، وبسبب المعرفة بأن كلينتون لن تفاجئ وستتصرف، بهذا الشكل او ذاك، مثل ادارة اوباما، رغم الفوارق بينهما.

يوم الاربعاء استيقظ العالم مع ترامب كزعيم للعالم الحر. لقد تم انتخابه بشكل ديموقراطي، والجمهور الامريكي قال كلمته وحدد. ليس المقصود انتخابات امريكية داخلية فقط، وانما انتخاب سيؤثر على العالم كله، ولذلك فان الطموح الى نجاحه، وعدم فشله، مثل لسانه، وعدم اقدامه على خطوات متسرعة جدا، وعدم انجراره الى معارك ومهاترات زائدة، يمثل طموح الكثيرين من الأخيار – بما في ذلك من تمنوا بأن يتحول ترامب الى حدث تاريخي عابر وليس الى الرئيس الـ45 للولايات المتحدة.

سيكون على ترامب استغلال الوقت القصير الذي تم منحه له من اجل الاثبات لنفسه، ولمواطني الولايات المتحدة والعالم، بأن هذا الشخص غير المؤهل في معركة الانتخابات المهووسة للرئاسة، فعل ما فعله، لأن تلك كانت الطريقة الوحيدة لتحقيق انتصاره هذا الأسبوع. سيكون عليه الاثبات بأنه في الحياة الحقيقية سيتصرف بشكل مختلف تماما.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا