أضواء على الصحافة الاسرائيلية 18 كانون الأول 2016

سفير واشنطن الجديد لدى اسرائيل: ناشط يميني داعم للاستيطان والضم ومعادي للدولة الفلسطينية

تناولت الصحف الاسرائيلية، اليوم، قرار الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، تعيين محاميه الشخصي ومستشاره خلال الحملة الانتخابية ديفيد فريدمان، سفيرا للولايات المتحدة في اسرائيل. وتكتب “هآرتس” ان فريدمان يتماثل مع اليمين العميق في الولايات المتحدة واسرائيل، ويعارض اقامة دولة فلسطينية وهو من الداعمين المتحمسين للاستيطان وضم غالبية الضفة الغربية الى اسرائيل. وقد رحب نتنياهو ومسؤولين آخرين في اليمين الاسرائيلي بهذا التعيين.

وقال ترامب في بيان نشره فجر الجمعة ان “فريدمان هو صديقي منذ زمن ومستشار موثوق. علاقاته الجيدة مع اسرائيل ستشكل قاعدة لمهمته الدبلوماسية وكنز ضخم للولايات المتحدة في سعينا الى تعزيز العلاقات مع حليفاتنا والسعي الى السلام في الشرق الأوسط”. وأعلن فريدمان انه ينتظر بتشوق تعزيز علاقات اسرائيل- الولايات المتحدة من “السفارة الامريكية في عاصمة اسرائيل الأبدية – القدس”.

يشار الى ان فريدمان، اليهودي، يرافق ترامب منذ 15 سنة، كمحام له. وهو خبير في العقارات وفي الافلاس ومثل ترامب في قضايا تمحورت حول الكازينوهات التي يملكها. وخلال الحملة الانتخابية اعلن ترامب ان فريدمان والمستشار القانوني لشركات ترامب، جيسون غرينبلات، سيعملان مستشارين له للشؤون الاسرائيلية.

ويرتبط فريدمان بعلاقات صداقة قريبة مع عدد من السياسيين في اليمين الاسرائيلي، على رأسهم النائب السابق يعقوب كاتس. ويشارك فريدمان في نشاط مالي كبير في اسرائيل يرتبط جزء منه بالمستوطنات في الضفة الغربية. كما انه يشغل رئاسة جمعية الاصدقاء الامريكية لمستوطنة بيت ايل، والتي حولت ملايين الدولارات الى المستوطنة في السنوات الأخيرة.

وكان فريدمان قد صرح لصحيفة “هآرتس” في وقت سابق من هذه السنة، انه اذا فاز ترامب في الانتخابات فسيدعم ضم اجزاء من الضفة الى اسرائيل، وليس من المتوقع ان يتبنى مواقف سابقيه جورج بوش وبراك اوباما في اعتبار قيام الدولة الفلسطينية مصلحة قومية امريكية.

وحسب ما قاله فريدمان في ذلك اللقاء، فان ترامب ليس قلقا ازاء امكانية وجود دولة ثنائية القومية. “لا احد يعرف بتاتا عدد الفلسطينيين الذين يقيمون هناك” قال في حينه.

الى ذلك قال مقربون من رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، في نهاية الاسبوع، بأنه راض جدا عن تعيين فريدمان. وقالوا ان “رئيس الحكومة يعرف بأن الرئيس ترامب يثق به جدا، ويتوقع العمل مع فريدمان بشكل وثيق وقريب”. كما رحب الوزير نفتالي بينت، ورئيس حزب “يوجد مستقبل” يئير لبيد بهذا التعيين.

اما رئيس المعسكر الصهيوني، النائب يتسحاق هرتسوغ، فقد بدا متحفظا من التعيين، وقال: “يجب على اسرائيل عدم التدخل في التعيينات في الحكومة الامريكية، لكنني اتوقع من السفير الموعود الاعتراف بأن غالبية الجمهور في اسرائيل ليس مستعدا لضم ثلاثة ملايين فلسطيني، وانما يريد الانفصال عنهم ويؤمن بالحاجة الى تطبيق رؤية الدولتين”. وقالت النائب تسيبي ليفني ان “اسرائيل ستعمل مع كل ادارة ومع كل سفير من اجل دفع مصالحها الأساسية – والانفصال عن الفلسطينيين في دولتين قوميتين هي مصلحة اسرائيلية اولا”. ووصفت رئيسة “ميرتس” زهافا غلؤون، تعيين فريدمان بأنه كارثة، وقالت ان “نتنياهو ما كان يتمنى لنفسه سفيرا افضل”.

كما تنشر “يسرائيل هيوم” سلسلة من التعقيبات المؤيدة لتعيين فريدمان. وتكتب ان قرار ترامب قوبل بالترحاب من قبل قادة لوبي ارض اسرائيل في الكنيست، النائب يوآب كاش والنائب بتسلئيل سموطريتش. وقالا ان “هذا التعيين يدل على التغيير والفرصة لدفع سياسة قومية، البناء في كل بلادنا والانفصال عن خطة الدولتين الخطيرة. سلوك جهات في اليسار ازاء الرئيس الأمريكي المنتخب ورأيه يدل على عدم المسؤولية. من غير المعقول انه بسبب تمسك اليسار بخطة الدولتين، التي لم تعد واقعية منذ زمن، ان يتسبب نواب في الكنيست بضرر استراتيجي مع الولايات المتحدة اكبر حليفة لنا”.

كما رحبت نائب وزير الخارجية، تسيبي حوطوفيلي بالتعيين وقالت ان “تعيين فريدمان هو بشرى سارة لإسرائيل. مواقفه تعكس الرغبة بتعزيز مكانة عاصمة اسرائيل، القدس في هذا الوقت، والفهم بأن المستوطنات لم تشكل ابدا المشكلة الحقيقية في المنطقة”.

وقال رئيس حزب يوجد مستقبل، يئير لبيد: “اتوقع العمل مع السفير الأمريكي الجديد، صديق اسرائيل المقرب ديفيد فريدمان، في المكان المناسب لمكتبه – عاصمتنا القدس”.

وقال رئيس المجلس الاقليمي شومرون، يوسي دغان، ان “قرار ترامب اختيار فريدمان لمثل هذا المنصب المصيري والحاسم لدولة اسرائيل في هذا الوقت يثبت ان ترامب ينوي الالتزام لدولة اسرائيل بصورة صادقة وحقيقية، تماما كما التزم خلال الحملة الانتخابية. هذا تصريح نوايا كبير ومشجع”.

الفلسطينيون قلقون

وتكتب “هآرتس” ان المسؤولين في السلطة الفلسطينية اعربوا عن قلقهم ازاء تعيين فريدمان. واعتمد هذا القلق على المحادثات التي اجراها وفد فلسطيني مع الطاقم الانتقالي لترامب في الأسبوع الماضي، والتي خلفت في رام الله شعورا بأن فريدمان ونسيب ترامب، جارد كوشنير، سيقودان السياسة الخارجية امام اسرائيل والفلسطينيين. وقال مسؤول فلسطيني اطلع على فحوى المحادثات، لصحيفة “هآرتس” انه “لا شك بأن الوضع ليس سهلا. في هذه الاثناء لا نرى ان الموضوع الاسرائيلي-الفلسطيني سيطرح في مقدمة اولويات ترامب، ولكن اذا تم ذلك فان كوشنير وفريدمان سيحاولان دفع مواقفهما التي نرى بأنها لا تقود الى أي اتفاق، بل على العكس”.

وقال امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، ان قرار ترامب بشأن تعيين سفيره في اسرائيل هو “مسألة تخصه”، لكن الرئيس المنتخب “لا يستطيع تحديد عواصم الدول الاخرى، خاصة حين يجري الحديث عن القدس الشرقية المحتلة”. وقال عريقات ان الفلسطينيين يرون في القدس عاصمتهم ولذلك يجب حسم هذا الموضوع في المفاوضات. وحسب اقوال عريقات، اذا قام ترامب بنقل السفارة الأمريكية الى القدس، فانه سيدمر العملية السلمية كلها. وحذر عريقات من الابعاد الخطيرة التي ستسفر عن قيام اسرائيل بضم مستوطنات اقيمت في الاراضي المحتلة. وقال انه يريد النظر في عيون ترامب وفريدمان والقول لهما: “اذا نقلتما السفارة وقمتما بضم المستوطنات، فانكما سترسلان المنطقة الى مزيد من الفوضى والتطرف”.

في الموضوع نفسه هاجمت صحيفة “نيويورك تايمز” في افتتاحيتها، امس، تعيين فريدمان واعتبرته خطوة خطيرة. وحددت الصحيفة بأن ترامب في قراره هذا، اظهر جهلا خطيرا او بدلا من ذلك، لا مبالاة ازاء الالغام الكثيرة المنتشرة في الشرق الاوسط”. ودعت الصحيفة مجلس الشيوخ الى رفض المصادقة على التعيين، وانقاذ ترامب من نفسه.

بريطانيا تشدد اجراءات منح الهبات المالية للسلطة الفلسطينية

تكتب “هآرتس” ان الحكومة البريطانية اعلنت، يوم الجمعة، عن تشديد سياسة مساعدة السلطة الفلسطينية، بهدف منع تحويل اموال للمخربين الذين نفذوا عمليات ضد اسرائيليين او لأبناء عائلاتهم. وفي اطار السياسة الجديدة، فان المساعدات التي تحول لدفع اجور مستخدمي السلطة ستحول فقط بعد اجراء فحص شخصي لمتلقي الراتب.

وجاء في بيان الحكومة البريطانية ان مساعدة السلطة الفلسطينية، التي ستبلغ هذه السنة 25 مليون ليرة استرليني ستتواصل، لكنها ستركز فقط على المشاريع التي تدفع بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية المستقبلية، وتزيد من الاستقرار في الضفة وتدفع حل الدولتين.

وحسب البيان، سيتم تحويل اموال المساعدات حسب المبادئ التالية: اولا، المساعدة البريطانية للفلسطينيين ستركز على القطاعات الصحية والتعليم. وستكرس اموال المساعدات البريطانية لدفع رواتب 30 الف طبيب وممرضة ومعلم ومستخدمين آخرين في الجهازين التعليمي والصحي الفلسطينيين. كل الاموال لدفع رواتب مستخدمي الدولة في هذين المجالين ستحول فقط على اساس قائمة سيتم صياغتها بعد اجراء فحص مفصل لكل عامل يدفع راتبه من اموال المساعدات البريطانية. وستستخدم المساعدات البريطانية في تعليم 25 الف شاب فلسطيني، وفي تقديم التطعيمات لـ3700 طفل فلسطيني ولتمويل حوالي 185 الف فحص طبي للسكان الفلسطينيين سنويا.

ثانيا، اموال الدعم البريطاني لن تستخدم لدفع رواتب موظفي السلطة في غزة، الذين يحصلون على رواتب من السلطة منذ الانقلاب في غزة في 2007، دون ان يصلوا الى اعمالهم.

ثالثا، بريطانيا ستطالب السلطة الفلسطينية بإجراء اصلاحات في ادارة الميزانية واظهار النجاعة كي يتواصل تحويل اموال المساعدات وكي يتم تحويلها بكاملها سنويا. ويجب ان يصادق وزير الخارجية ووزيرة التطوير الدولي في بريطانيا شخصيا على المساعدة السنوية للفلسطينيين بعد فحص تنفيذ الاصلاحات من قبل السلطة الفلسطينية.

وكانت الحكومة البريطانية قد قررت قبل شهرين تعليق تحويل 25 ميلون سترليني الى السلطة على خلفية التخوف من تحويلها لدفع مخصصات للمخربين او لعائلاتهم. وحسب جريدة “ذا صان” البريطانية، فان وزيرة التطوير الجديدة، بريتي فتال، اعلنت عن تعليق تحويل الاموال حتى انتهاء التحقيق في الموضوع. وفي اعقاب التحقيق تم صياغة السياسة الجديدة.

نتنياهو يدعو المستوطنين في عمونة الى الامتناع عن ممارسة العنف ضد قوات الأمن

تكتب “هآرتس” انه مع اقتراب موعد إخلاء بؤرة عمونة، نشر رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، يوم الجمعة، شريطا مصورا يتوجه من خلاله الى المستوطنين في عمونة، ويطلب منهم عدم ممارسة العنف ضد قوات الشرطة والجيش التي ستصل لإخلائهم. وقال نتنياهو في الشريط: “ادعو الجميع الى التصرف بمسؤولية وعدم المس بأي شكل من الاشكال بأي جندي وبقوات الامن. هؤلاء ابناؤنا.. لا يوجد أي مكان للعنف”. وسارع مستوطنو عمونة الى نشر رد جاء فيه: “نحن لا نبحث عن التعاطف.. بيدك منع الخراب وانقاذ عمونة.. سنقود نضالا شعبيا، ديموقراطيا، وغير عنيف”.

وطلب نتنياهو من المستوطنين منع اولادهم وبناتهم من الوصول الى عمونة للمشاركة في الاحتجاج على إخلاء المستوطنة ومحاولات منعه. وفي محاولة لمصالحة المستوطنين في البؤرة غير القانونية، اكد نتنياهو في توجهه ان حكومته ملتزمة للاستيطان في الضفة الغربية اكثر من أي حكومة اخرى منذ قيام الدولة. واشار الى انه ووزراء الحكومة كرسوا ايام طويلة في محاولة للعثور على حل يمنع الاخلاء، لكن المستوطنين لم يوافقوا على مقترحات الحكومة.

وكرر نتنياهو نيته تسريع هدم بيوت غير مرخصة في الوسط العربي في اسرائيل مقابل إخلاء عمونة، وقال: “امر واحد يجب ان يكون واضحا: دولة اسرائيل هي دولة قانون. قرارات المحكمة تلزمنا جميعا، انها تلزم الحكومة، أيضا. لكن القانون يجب ان يكون متساويا. القانون نفسه الذي يحتم إخلاء عمونة، يحتم إخلاء كل بناء غير قانوني في اماكن اخرى في بلادنا”.

حماس تتهم الموساد باغتيال مهندس الطائرات غير المأهولة في تونس

تكتب “هآرتس” ان كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكري لحركة حماس، اعلنت مساء امس الاول، ان مهندس الطيران التونسي، محمد الزواري الذي قتل يوم الخميس، كان ناشطا في التنظيم، واحد قادة مشروع الطائرات غير المأهولة. وجاء في البيان ان اغتيال الزواري يشكل مسا بالكتائب ودمه لن يذهب هدرا.

كما جاء بأن “الزواري، الذي كان طيارا، انضم الى قوات المقاومة الفلسطينية قبل عشر سنوات، وان “اليد الصهيونية الجبانة” اغتالته في مدينة صفاقس في تونس”. وحسب حماس، فان الاغتيال يشكل ضوء احمر للدول العربية الاسلامية بأن ” العدو الصهيوني يلعب في ملعب دول المنطقة وينفذ عمليات قذرة. آن الأوان لاجتثاث هذه اليد”.

وحسب التقارير امس، فقد اصيب الزواري ابن التاسعة والاربعين من مسافة قصيرة، بست عيارات نارية، ثلاثة منها اصابت رأسه. كما تم الادعاء بأن منفذ الاغتيال كان مدربا ومؤهلا، وهرب من المكان. وعثرت قوات الامن على مسدسين وكاتمين للصوت داخل سيارة مستأجرة، ترتبط بعملية الاغتيال.

مع ذلك فان السلطات التونسية لا تسارع الى اتهام اسرائيل او أي دولة اخرى، والموقف الرسمي هو انه يجري التحقيق في الموضوع. واكدت وزارة الداخلية انه تم اعتقال اربعة مشبوهين بالتورط في الاغتيال ويجري البحث عن مشبوهين اخرين.

وقال صحفي تونسي مقرب من وزارة الداخلية في حديث لصحيفة “هآرتس” ان “التقارير حول وقوف اسرائيل وراء الحادث مبكرة وقائمة على اساس تكهنات وليس حقائق”. وحسب اقواله فان “المشبوهين الذين تم اعتقالهم هم تونسيون، وهكذا، ايضا اولئك الذين لم يتم اعتقالهم بعد”. وقال ان “حقيقة العثور على المسدسات لا ترتبط بإسرائيل بالضرورة، فلقد تعلمنا من تجارب سابقة بأن اسرائيل لا تترك آثار وبشكل عام يقوم من ينفذ عمل كهذا من قبلها بمغادرة البلاد فورا، او ان لديه غطاء كامل.” كما قال الصحفي ان الزواري لم يعش في مكان سري ولم يتصرف كشخص خاضع للتهديد، ولذلك هناك الكثير من الامكانيات بأن يكون الأمر قد نجم عن تصفية حسابات بين تنظيمات اسلامية محلية.

هكذا تم التخطيط لاغتيال الزواري

وتنشر صحيفة “يديعوت احرونوت” تقريرا حول ظروف اغتيال المهندس محمد الزواري في تونس يوم الخميس، وتقول انه خرج من بيته في صفاقس ودخل الى سيارته وهي من نوع “كايا فيكانتو”. وكما يبدو فانه لم يلاحظ الشاحنة التي سدت الطريق، لكن الأمر الوحيد الواضح، هو انه لم يتحرك بسيارته ولو لمتر واحد. فقد وصلت سيارة من احد الأزقة وتوقفت بجانب سيارته، وخرج منها رجلان مزودان بمسدسين مزودين بكاتمين للصوت واطلقا عليه 22 عيارا لم تترك له أي فرصة للنجاة. وقد اصابت ثماني رصاصات رأسه وعنقه، وقتل على الفور.

ومضت حوالي ساعة حتى تم اكتشاف جثة الزواري الذي كان رأسه ملقى على المقود ومن حوله بقع الدم. وعثرت الشرطة داخل السيارة على المسدسين وكاتمي الصوت. وكما كان متقوقعا، لم يحملا أية بصمات. وبقيت الشاحنة المستأجرة في حلبة الاغتيال، في شارع الشاطر في حي بني حميدة. وفيما بعد عثرت الشرطة على ثلاث سيارات مهجورة، تبين انها أيضا كانت مستأجرة. وكما يبدو فان احداهن كانت السيارة التي استخدمت لتنفيذ العملية.

وتقدر الشرطة التونسية بأن الاعداد لاغتيال مهندس الطيران، 49 عاما، استغرقت ثلاثة اشهر. وحسب المحققين فان رجلا ذو ملامح شرقية، في منتصف الاربعينيات من العمر، ومن مواليد المغرب، ويحمل جواز سفر بلجيكي هو الذي تعقب الزواري ووثق دخوله وخروجه الكثير من تونس. واستعان المتعقب برجلي اعمال محليين، استأجرا له منزلا على بعد عدة عشرات الامتار من بيت المستهدف.

وقد وصل المشبوه الرئيسي الى تونس في ايلول الماضي، وعرض نفسه كرجل اعمال معني بالاستثمار في انشاء مصنع، ويبحث عن شركاء محليين. واعلن رؤساء طاقم التحقيق الخاص، امس، ان صورة المشبوه ستنشر قريبا، لكنه يسود التقدير بأن من نفذا العملية غادرا تونس.

يوم الأحد الماضي عاد الزواري من زيارة الى سورية ولبنان وتركيا. وحسب جهات التحقيق، فقد حصلت “صحفية” تونسية تقيم في هنغاريا على رقم هاتفه من جامعة صفاقس، التي كان يكمل فيها اعداد رسالة الدكتوراه في موضوع الطائرات غير المأهولة. وابلغته “الصحفية” انها تنوي اعداد تقرير حول الموضوع، وطلبت منه الالتقاء به. وابتلع الزواري الطعم. والتقت الصحفية به ووصلت مع شخص عرضته على انه “باحث”. واتفقا على الالتقاء ثانية يوم الخميس، وهو اليوم الذي تم فيه الاغتيال. لكن “الصحفية” غادرت في اليوم نفسه تونس عائدة الى هنغاريا ولم تحضر للقاء. وكان منفذو العملية يعرفون ان الضحية سيكون في بيته، وتفحص تونس حاليا ما اذا كانت “الصحفية” هي مصدر المعلومات.

وكتبت الصحف التونسية، امس، ان الجهات الأمنية اقنعت “الصحفية” بالعودة الى تونس، وتم اعتقالها في المطار. كما تم اعتقال “شركاء” المتعقب الذين ادعوا انهم لا يعرفون شيئا عن مخططاته واعماله. كما اعتقل اربعة مواطنين قاموا باستئجار السيارات وشراء المسدسين وكاتمي الصوت. وحسب ادعاءاتهم فان المتعقب والرجلين المشبوهين بتنفيذ الاغتيال توجهوا اليهم قبل عدة أشهر باقتراح لإنشاء شركة للاستشارة الاعلامية، وطلبا منهم شراء المسدسين لغرض الاحتماء الذاتي.

وقد ولد الزواري لعائلة تونسية متدينة، وبعد انهاء دراسته وخدمته العسكرية اجتاز دورة للطيران المدني، وعمل في شركة الطيران “تونس اير”، لكن نشاطه في حزب النهضة الاسلامي قاد الى احتكاك مع نظام الرئيس السابق بن علي، فتم فصله من عمله، وهرب الى السودان، ومنها الى سورية، حيث انضم الى الذراع العسكري لحركة حماس، وعمل على تطوير طائرات غير مأهولة وطائرات صغيرة، واكثر من السفر الى لبنان، وتقاسم معرفته مع حزب الله ايضا.

في 2012 عاد الى تونس، بعد استبدال النظام، وانشأ شركة للاستيراد والتصدير وعمل على خط تونس، سورية، لبنان، السودان والامارات. وحسب التقارير فقد تسلل الى قطاع غزة عبر الانفاق في رفح لتدريب رجال حماس في موضوع الطائرات غير المأهولة. وفي المقابل عمل محاضرا في كلية الهندسة في جامعة صفاقس، وانشأ نادي للطيران. وبدأ بالتحضير لرسالة الدكتوراه.

الجيش يسلم الفلسطينيين سبع جثث

تكتب “هآرتس” ان الجيش الاسرائيلي سلم، مساء الجمعة، جثث سبعة مخربين فلسطينيين لعائلاتهم لكي يتم دفنها. وقال الجيش انه تم اعادة الجثث بناء على توجيهات القيادة السياسية.

وجاءت هذه الخطوة في اعقاب التماس قدمته خمس عائلات الى المحكمة العليا مطالبة بإعادة جثث ابنائها التي يحتجزها الجيش. وفي الأسبوع الماضي ابلغت الحكومة المحكمة بأن المجلس الوزاري المصغر قرر اعادة سبع جثث من اصل عشر جثث لمخربين نفذوا عمليات خلال الاشهر الاخيرة.

وابلغت الدولة المحكمة بأنها ستعيد الجثث فقط اذا التزمت العائلات بالشروط التي يحددها الجيش بشأن اجراءات الدفن. وحسب البيان لن يتم اعادة ثلاث جثث لانها تنتمي الى حماس.

المفتي صبري يحذر من نقل سفارة واشنطن الى القدس

تكتب “يسرائيل هيوم” ان المفتي السابق للقدس، عكرمة صبري، حذر من ابعاد نقل السفارة الأمريكية الى القدس واعتبره بمثابة “اعلان حرب جديدة على المسلمين”. واضاف صبري خلال موعظة القاها في المسجد الاقصى، امس الاول، الجمعة، ان “نقل السفارة الأمريكية الى القدس يعني اعتراف الولايات المتحدة بالقدس كعاصمة لليهود من خلال دوس حقوق المسلمين والاماكن الإسلامية المقدسة في المدينة”.

وفي رام الله قال مصدر رفيع ان “نقل السفارة يمكن ان يعيد اشعال موجة العنف وعدم الاستقرار في المنطقة. نأمل ونؤمن بأن الرئيس المنتخب ترامب وادارته سيتصرفون بمسؤولية ولن يقوموا بنقل السفارة”.

فرنسا تؤجل مؤتمر السلام “لأن الظروف ليست ملائمة للمفاوضات”

تكتب “يسرائيل هيوم” ان السفير الفرنسي لدى الامم المتحدة، فرانسوا دليترا، قال امس الاول، ان الظروف الحالية ليست ملائمة لإجراء مفاوضات مباشرة بين اسرائيل والفلسطينيين. وحسب الجدول الجديد الذي عرضه السفير، سيتم عقد مؤتمر السلام الدولي الذي بادرت اليه فرنسا، في شهر كانون الثاني المقبل، وليس خلال هذا الشهر، كما تم التخطيط مسبقا. وقال: “بعد سنة من تقريب كل الجهود، ستعقد فرنسا في شهر كانون الثاني مؤتمرا دوليا بمشاركة كل الدول ذات الصلة بالبحث عن السلام”. واضاف دليترا خلال اجتماع لمجلس الامن الدولي ان “كل واحد يعرف بأنه يمكن للإسرائيليين والفلسطينيين فقط التوصل الى اتفاق مباشر، لكن علينا الاعتراف بأن الظروف الملائمة لاستئناف المفاوضات غير متوفرة حاليا”.

ولم يذكر السفير ما هو التاريخ المحدد لعقد المؤتمر الدولي، وما اذا كانت فرنسا معنية بحضور رئيس الحكومة نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية ابو مازن. وحسب اقواله: “اذا لم نقم بعمل حاسم، فان اتجاه حل الدولتين سيواصل الاختفاء كالسراب في الصحراء”.

يشار الى ان اسرائيل تعارض المؤتمر منذ الاعلان عنه، بينما يؤيده الفلسطينيون. وتتمسك اسرائيل بالحوار المباشر بين الطرفين.

مقالات

احتلال حلب يقسم عرب اسرائيل

يكتب جاكي خوري في “هآرتس” ان سيطرة الجيش السوري على حلب والتقارير حول اعمال القتل الجماعي لسكان المدينة والصور التي وصلت من هناك، أثارت نقاشا قويا في اوساط الجماهير العربية في اسرائيل، التي تقف على جانبي المتراس بين مؤيد ومعارض للنظام السوري. وتصاعدت هذه العاصفة في اعقاب البيان الذي نشر على الصفحة الرسمية للجبهة الديموقراطية على الفيسبوك، حيث رحب “بتوحيد حلب”. وكتب الامين العام للحزب الشيوعي الاسرائيلي عادل عامر، ان هذه الخطوة تشكل “نقطة تحول نحو افشال الهجوم الامبريالي والرجعي على شعوب المنطقة، وتسد الباب امام مخطط تقسيم سورية وتعكس فشل استراتيجية الولايات المتحدة، تركيا، السعودية وقطر، وعدم قدرتها على مواصلة حماية التنظيمات الارهابية التي دمرت سورية وارعبت المدنيين”.

وقد أثار هذا البيان المختلف عليه اصداء في المجتمع العربي، وبكل قوة داخل القائمة المشتركة التي تعتبر الحرب في سورية احدى نقاط الخلاف الأساسية بين مركباتها. وليس صدفة ان المشتركة لا تحدد موقفا رسميا من هذه المسألة، ويقلل نوابها من الحديث عن هذا الموضوع، وبشكل خاص نواب الجبهة.

ويعتبر الحزب الشيوعي الاسرائيلي المركب الأساسي للجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة، التي تشكل جزء من القائمة المشتركة. ولا يتعامل نشطاء الحزب، من امثال عامر، مع الهبة في سورية كثورة حقيقية من اجل الحرية والديموقراطية، وانما مؤامرة تقودها دول عربية مثل السعودية وقطر، بدعم من الولايات المتحدة. ومن هنا، وبسبب حقيقة تعاملهم مع تفكيك سورية كمصلحة اسرائيلية، تأتي معارضتهم للقوات التي تحارب الأسد.

لكن الكثيرين من نشطاء الحزب يجدون صعوبة في تقبل هذا الموقف. واعترف نشطاء في الجبهة والحزب الشيوعي، خلال حديث مع “هآرتس” ان السلوك ازاء ما يحدث في حلب يثير نقاشا قويا داخل الحزب. وقالت ناشطة في الحزب في اعقاب نشر البيان: “هناك نقاش داخلي صعب حول صيغة البيان وطريقة نشره. لا شك ان الخلاف حول سورية في الحزب وصل الى الخارج ويجب علينا مناقشته”. مع ذلك وصفت الانتقادات التي تم توجيهها الى الحزب من قبل بعض الاحزاب بأنه “نفاق”.

ويقول النشطاء ان هناك نقاش جوهري داخل الحزب بين التيار الراديكالي ومسؤولين كبار مثل ايمن عودة ودوف حنين، والذين لم يعرفوا بتاتا عن نص البيان قبل نشره على الفيسبوك.

وفي حديث مع “هآرتس”، قال عامر انه يقف وراء البيان ويرفض أي محاولة لعرض موقه وكأنه يدعم ارتكاب جرائم حرب. ويقول: “لم نبرر ابدا جرائم الحرب، ولم نقل ابدا بأننا ندعم المس بالمدنيين. نحن ضد كل عمل كهذا من دون أي علاقة بمن يقف من خلفه”. وقال ان “انتقاد الحزب الشيوعي ينطوي على معيار من النفاق. اين كان الانتقاد عندما سيطرت التنظيمات الارهابية على حلب ومدن اخرى في سورية وذبحت الناس؟ من اعتدى على الناس هي التنظيمات الارهابية وللأسف الشديد في الحرب ضد الارهاب يدفع المواطنون الثمن وهذا مؤلم جدا”. وردا على اتهامه بدعم الأسد، قال: “لم نقل اننا ندعم هذا النظام او ذاك. نحن ندعم وحدة سورية والشعب السوري هو الذي سيقرر مستقبله”.

عندما سئل ايمن عودة عن موقفه في الموضوع، قال ان “بداية المأساة السورية تكمن في نظام الطغاة الذي سيطر عليها طوال عشرات السنوات، نظام ولدت معارضته النضال الشعبي من اجل الديموقراطية. هذا النضال الذي يجب ان يدعمه كل شخص يتمتع بالضمير والاخلاق”. وقال عودة: “للأسف تم اختطاف هذا النضال من قبل مجموعات من المتوحشين مثل داعش، ولذلك ليس من الانسانية الوقوف الى جانب هذه القوى الظلامية”.

ويشرح عوده بأن هناك نقاش صعب وثاقب في المجتمع العربي، لكن المواقف المتناقضة تنبع من تحليل آخر للواقع هناك، رغم ان الهدف والطموح واحد – رؤية المواطنين السوريين يعيشون في دولة مستقلة وديموقراطية تحافظ على امن وكرامة مواطنيها”.

وقال النائب دوف حنين، العضو في الحزب الشيوعي ان “المس المتعمد بالمدنيين هو جريمة حرب، أيضا من جانب التنظيمات الجهادية ومن جانب النظام السوري الذي يحاربها. الموقف الاخلاقي هو الموقف اليساري الوحيد. هذا هو موقفي الراسخ منذ اندلاع الحرب السورية. لقد عارضت الجهاديين وانصارهم من دول الخليج وتركيا ومن خارج المنطقة – لم يكن ولا يوجد تماثل مع النظام السوري. هناك خلاف مع عدد من شركائي السياسيين. هذا نقاش مبدئي وعميق ادرته وسأواصل ادارته طبعا”.

يشار الى ان النقاش داخل الجبهة هو رمز للنقاش الشامل في المجتمع العربي حول الاحداث في سورية، والذي يحتد بين الحين والآخر حسب التطورات الميدانية، لكن السيطرة على حلب جرت هذه المرة النقاش الى تبادل ضربات كلامية وسامة.

المحلل مرزوق حلبي، الذي نشر في السابق مقالات في جريدة الجبهة والحزب الشيوعي “الاتحاد”، خرج في الأسابيع الأخيرة ضد الحزب بسبب موقفه في الموضوع. ويرفض حلبي قول رجال الحزب بأنهم يعارضون المس بالمدنيين، وقال: “هذه مقولة تعيسة يرددونها الان امام الفظائع التي تحدث في حلب وامام الانتقاد الموجه اليهم من قبل الجمهور. منذ بداية الهبة الشعبية تبنوا موقفا خاطئا في اساسه وهو دعم الطاغية”.

وقال ان “التاريخ في سورية لم يبدأ في 2011. الشعب السوري خضع لسلطة قمع طوال عشرات السنين، ولذلك يريد الشعب الخروج ضد القمع والطغيان. كون التنظيمات الاسلامية المتزمتة والدموية سيطرت على الهبة لا يعني ان انضم الى الطاغية. تدمير مدينة حلب لا يعني توحيد المدينة ولا تحريرها. هذا موقف مخجل اؤمن بأن الجمهور العربي سيفهمه وسيحاسبهم في اعقابه”.

الخلافات حول الحرب السورية تحظى بدعم واسع ايضا في الصراع السياسي الداخلي في القائمة المشتركة، خاصة بين الجبهة والتجمع. هكذا مثلا، حقيقة ان مؤسس التجمع عزمي بشارة يتواجد في قطر ويعارض الاسد، شحذت الخلاف مع الجبهة والحزب الشيوعي. في التجمع نشروا امس بيانا يحذر من “التدهور الخطير للنقاش حول سورية” ودعوا الى وقف سفك الدماء من قبل الجانبين. وجاء في البيان: “يجب علينا الحفاظ على وحدتنا الوطنية. اذا كانت اسرائيل هي الرابح الأساسي في سورية، يجب علينا الحفاظ على الوحدة الوطنية من اجل منع مضاعفة المكاسب الاسرائيلية”.

من جهته قال رئيس القائمة العربية للتغيير، النائب احمد الطيبي ان “هذا الموضوع يمزق المجتمع، والاحزاب وحتى العائلات. ما يفترض ان يثير اهتمام الجميع الان، بما في ذلك المجتمع العربي، هي الكارثة الانسانية والقتل الجماعي. لا يهمني من هو المذنب. هناك كارثة اجرامية تحدث في سورية والعالم اما يصمت او يؤجج النار. علينا جميعا الشعور بالألم والعار الانساني”.

اسم آخر يضاف الى القائمة

يكتب عاموس هرئيل، في “هآرتس” ان محمد الزواري، مهندس الطيران الذي تم إطلاق النار عليه وقتله في تونس، يوم الخميس الماضي، ينضم الى قائمة طويلة من قتلى عمليات الاغتيال التي تستهدف نشطاء الارهاب في الشرق الاوسط، والتي نسبت الى اسرائيل. امس (السبت) وبعد تأخير معين، اعترفت الذراع العسكرية لحركة حماس بأن الزواري كان عضوا في الذراع ومن قادة برنامج تطوير الطائرات غير المأهولة في الحركة.

لقد سبق عملية الاغتيال في تونس، خلال العقد الأخير فقط، اغتيال عماد مغنية، رئيس جهاز العمليات في حزب الله، الذي قتل في دمشق، واغتيال حسن اللقيس، رئيس الجهاز التقني في حزب الله، الذي قتل في بيروت، ومحمود المبحوح، من كبار منظومة تهريب الاسلحة لحماس، والذي قتل في دبي. وقبل سنة قتل سمير القنطار، المخرب الدرزي الذي انتقل الى صفوف حزب الله بعد اطلاق سراحه ضمن صفقة تبادل للأسرى مع اسرائيل. وقد قتل في هجوم جوي على سورية. في كل هذه الحالات نسبت التنظيمات المسؤولية لإسرائيل – وفي كل الحالات حافظت اسرائيل على غموض معين، حين امتنعت عن التطرق بشكل واضح الى مسألة المسؤول عن الاغتيالات، لكنها اوضحت انها تحتفظ لنفسها بحق محاربة الارهاب، ايضا، بعيدا عن حدودها.

السياسة الاسرائيلية المعلنة، باستثناء حالات متطرفة (كعمليات الاغتيال المنهجي للمخربين المسؤولين عن مذبحة الرياضيين في اولمبياد ميونخ)، تدعي ان اصابة المخربين تهدف الى احباط نوايا لتنفيذ عمليات مستقبلية وليس تصفية حسابات على اعمال وقعت في الماضي. حسب بيان حماس، فان الزواري، الذي كان مواطنا تونسيا، كان ناشطا في الذراع العسكرية للتنظيم خلال العقد الأخير.

يفترض انه كان هنا تزامن شراكة ايديولوجية (كان عضوا في الخلية المحلية للإخوان المسلمين، الحركة الأم لحماس) مع خبرة مهنية معينة في تفعيل الطائرات غير المأهولة. يبدو انه كانت للزواري علاقات مع حزب الله، ايضا. هناك تقارير عن عمله في السابق في دمشق، حيث كانت تقوم مكاتب حماس حتى العام 2012، وانه تواجد في السنوات الاخيرة في لبنان. كما تقول وسائل اعلام عربية انه دخل الى قطاع غزة عدة مرات عبر الانفاق من سيناء، من اجل تدريب رجال الذراع العسكري لحركة حماس.

الذراعان العسكريان لحركة حماس والجهاد الإسلامي في غزة، يعملان منذ سنوات على تطوير طائرات غير مأهولة. قبل اكثر من عقد زمني قتل ستة نشطاء من الجهاد في غزة، جراء انفجار وقع عندما حاولوا فتح طرد يحوي طائرة صغيرة طلبوها من الخارج. في السنوات الاخيرة تقوم حماس بتفعيل طائرات غير مأهولة لمراقبة نشاط الجيش الاسرائيلي حول القطاع. في تموز 2014، خلال حملة الجرف الصامد، تم اسقاط طائرة غير مأهولة تسللت من غزة، بالقرب من اشدود بواسطة صاروخ باتريوت اطلقه سلاح الجو الاسرائيلي. وبعد سنة، في حزيران 2015، تسللت طائرة غير مأهولة من غزة الى سماء اسرائيل، لكنها سقطت في منطقة مفتوحة قبل ان يتمكن سلاح الجو من اسقاطها.

يمكن الافتراض بأن حماس معنية، ايضا، بتفعيل “طائرات غير مأهولة انتحارية”، تفجر المواد الناسفة التي تحملها، فوق اهداف معادية. حزب الله الذي يتقاسم مع حماس قسما من تقنياته العسكرية، ويقوم منذ سنوات بتفعيل طائرات غير مأهولة من انتاج ايراني، من تشكيل “ابابيل”، والتي تم اسقاط طائرتين منها في الاجواء الاسرائيلية خلال حرب لبنان الثانية.

حماس تبحث طوال الوقت عن طرق للتغلب على فجوة القدرات التي تصب في صالح الجيش الاسرائيلي، في المواجهات المستقبلية في القطاع. في هذا الاطار، تقوم باعداد تشكيلة من الوسائل الهجومية، التي يفترض بها نقل جزء من القتال الى الأراضي الاسرائيلية، اثناء نشاط الجيش في غزة. الى جانب الأنفاق، هناك نية لاستخدام الغواصين من الكوماندوس البحري، كما فعلت حماس في شاطئ زيكيم في بداية الجرف الصامد، بواسطة طائرات غير مأهولة هجومية ومظليين استعانوا بطائرات شراعية.

رغم البيان الرسمي لحركة حماس حول كون الزواري من رجالها، واشتباه التنظيم بوقوف اسرائيل وراء الاغتيال، لن يقود الحادث بالضرورة الى مواجهة على الحدود بين اسرائيل والقطاع. حتى في حالات سابقة، كما في قضية مبحوح، امتنعت حماس عن الرد المباشر على الحدود.

قرار العودة لمهاجمة الأراضي الاسرائيلية يرتبط بمعايير اوسع، كتعيين رئيس جديد للذراع السياسي للحركة بدلا من خالد مشعل، الذي اعلن استقالته، التوتر بين الذراعين السياسي والعسكري في حماس، وظروف الحياة الصعبة في القطاع. حاليا يبدو ان المعيار الأساسي الكابح لنشاط حماس يتعلق بالثمن البالغ الذي دفعه القطاع خلال المواجهة الاخيرة في صيف 2014، والى جانبه الشعور بأن مصر التي وثقت التنسيق الامني مع اسرائيل، ليست معنية بمنح التنظيم أي دعم.

في هذه الظروف، يجب على اسرائيل، طبعا، الاستعداد لإمكانية التعرض لعمل انتقامي مفاجئ، لكنه من المشكوك فيه بأن التنظيم سيقرر فتح معركة جديدة فقط بسبب موت مواطن تونسي بعيدا عن القطاع، مهما كانت اهميته بالنسبة لمشروع الطائرات غير المأهولة في حماس.

حلب: بين طهران، موسكو والقدس

يكتب البروفيسور ايال زيسر، في “يسرائيل هيوم” ان انتصار بشار الأسد في معركة حلب هو اولا انتصار بوتين ورجال الحرس الثوري الإيراني، الذين يحاربون من قبل طهران في سورية، وانتصار حسن نصرالله زعيم حزب الله. لقد تحالف الثلاثة معا في ذات التحالف غير المقدس الذي ضمن لموسكو العودة كمنتصرة الى الشرق الأوسط، بينما ضمنت ايران مكانتها كقوة عظمى اقليمية مؤثرة. ين موسكو وطهران تقوم خلافات جوهرية في الرأس حول المستقبل البعيد- من سيسيطر على سورية ومن سيملي على بشار خطواته. لكن في الوقت الحالي، وبالتأكيد في السنوات القريبة، سيتواصل تعاون المصالح بينهم، بل سيزداد.

يملك الأسد كل الأسباب التي تجعله مشبعا بالرضا بسبب نجاحه في اجتياز ست سنوات من الحرب الاهلية الدامية المتفشية في بلاده. انتصاره في حلب يمنحه الدعم الكبير ويجرد المتمردين من الأمل بتحقيق الانتصار في الحرب على سورية. في غياب الامل، وبدون مساعدة كبيرة من الخارج، تتبخر فرصة المتمردين في قلب النتائج في ساحة الحرب. خاصة وان التمرد لا يزال بعيدا عن الانتهاء، ولا يزال يحظى بالتأييد الواسع في اوساط واسعة من المجتمع السوري.

سكان حلب بالطبع، هم الذين دفعوا ثمن انتصار بشار الذي خرب المدينة بمساعدة حلفائه كي تصبح عبرة لمن يعتبر ورمزا لسكان المدن الأخرى في البلاد، وعلى رأسها العاصمة دمشق، لئلا يفكروا بالخروج ضده. ولكن، يجب الاعتراف بأن المأساة في حلب، التي ينشغل فيها العالم هي مجرد نقطة في البحر، واستمرار مباشر ومطلوب لمجريات الحرب التي قتل فيها حتى الآن قرابة نصف مليون سوري، وفقد عشرة ملايين – نصف السكان – بيوتهم، وتحول ثلث السكان، 8 ملايين نسمة، الى لاجئين خارج وطنهم.

مصير حلب هو دليل واضح على ان المجتمع الدولي ليس قائما، وكما يبدو لم يكن قائما ابدا، وبالتأكيد ليس بالنسبة للجمهور المدني الذي يقع بين المطرقة والسدان ويتحول الى هدف بالنسبة للنظام الدكتاتوري وحلفائه. حلب تتعرض للسحق، سكانها يقتلون بمئات الآلاف ويطردون من بيوتهم، لكن العالم يصمت، باستثناء عدة تصريحات شجب او اسف ضعيف من قبل قادة في اوروبا او الولايات المتحدة.

العبر من معركة حلب واضحة بالنسبة لإسرائيل: اولا، من يعلق الآمال ومستقبله على المساعدة من قبل المجتمع الدولي قد يصاب بالخيبة. العالم مع الأقوياء ومع المنتصرين، ومن المفضل لإسرائيل الحرص على تعزيز قوتها كضمان حتمي، وان لم يكن حصريا، لضمان وجودها وازدهارها في المنطقة.

ثانيا، الحرب في سورية لن تتواصل الى الأبد وانتهائها بانتصار محتمل للنظام السوري وحلفائه، قد يحدث خلال فترة اقصر مما توقعته اسرائيل. الاسد عاد الى حلب، ويمكن ان يعود الى هضبة الجولان التي فقدها لصالح المتمردين قبل عامين. كما ان شباك الفرص الذي فتح امام اسرائيل قبل عدة سنوات، لكي تعمل بشكل حر في سورية ضد شحنات الاسلحة لحزب الله، قد يتم اغلاقه.

ثالثاـ في الوقت الحالي يخضع بشار الأسد لتأثير موسكو وايران وحزب الله. ظاهرا، تعتبر موسكو هي التي تتمتع بالمكانة العليا. ولكن خلافا للروس الذين يحافظون على وجود جوي وبحري، ويعتبرون ما يحدث في سورية جزء من اللعبة الدولية، توجد لإيران وحزب الله اقدام راسخة على الأرض تنعكس في عشرات الاف المحاربين النظاميين او المتطوعين في الميليشيات الشيعية التي جندتها ايران للحرب في سورية.

رابعا، الانتصار في المعركة على سورية سيحرر قوات وطاقة ايران وحزب الله لكي تواصل التقدم نحو الهدف القادم. انهما لا يبحثان عن مواجهة مع اسرائيل وترتدعان عن دفع ثمنها، لكن الجرأة والتحدي ستتزايدان في اليوم التالي بلا شك.

واخيرا، الارهاب والتزمت الإسلامي لن يختفيان بل سيتزايدان ويضخمان قوتهما، فيما تتحول الاحداث في سورية الى آلية لتجنيد الدعم ومحركا لعمليات اخرى. اسرائيل بعيدة عن حلب مئات الكيلومترات، لكنه يمكن لها ان تدفع هي ايضا ثمن المأساة التي حدثت فيها. هذه كلها يجب ان تؤخذ في حسابات اسرائيل وبدء الاستعداد لها.

بصمات الاصبع

يكتب اليكس فيشمان، في “يديعوت احرونوت” ان من اغتال محمد الزواري في تونس رغب بترك بصماته. وبالفعل بعد ساعات قليلة من الاغتيال، كان يمكن للسلطات التونسية التبليغ عن ضبط سيارة الهرب التي تم استخدامها لتنفيذ الاغتيال، واجهزة هاتف خليوي. من قام باغتيال الرجل رغب بأن يعرف الجميع بأن الزواري انهى حياته في المدينة التي ولد فيها، مع ثماني عيارات في جسده. اضف الى ذلك: لقد رغب مخططو الاغتيال، كما يبدو، بأن تكشف حماس نفسها عن نشاط الزواري في خدمتها، وتتهم الموساد باغتياله. نشر هذه التفاصيل هو عنصر رادع في الحرب اليومية ضد الارهاب، التي تدور ليس فقط على امتداد الحدود وانما ايضا على مسافة الاف الكيلومترات من هنا.

هناك عمليات اغتيال هادئة، ايضا. ويكفي أن نذكر محاولة اغتيال خالد مشعل في الأردن، أو اغتيال محمود المبحوح في دبي، حيث كان من المفترض أن يموتا “موتا طبيعيا” من دون أي علامات عنف. لقد حظيت هذه الحالات بالنشر لأن العمليات فشلت في الحفاظ على السرية. لكن اغتيال الزواري، يذكرنا بشكل اكبر بتصفية العلماء الايرانيين الذين قتلوا بالرصاص على يد مسلحين في الشوارع. تلك العمليات ايضا، وصلت بسرعة كبيرة الى العناوين، وفي حينه، أيضا، تم توجيه أصابع الاتهام إلى الموساد.

حسب الصحف التونسية، جرت عدة محاولات لتحذير الرجل وردعه عن مواصلة العمل مع تنظيمات ارهابية، والاغتيال، كما يبدو، كان الوسيلة الأخيرة لصده. اذا كان صحيحا ان اسرائيل تقف وراء الاغتيال، يمكن التكهن بأن من صادق على العملية – أي القيادة السياسية الرفيعة – قدر بأن الاغتيال سيوقف تزود تنظيمات الارهاب بقدرات تعتبرها اسرائيل بمثابة “خط احمر”. حسب منشورات اجنبية تعمل اسرائيل في سورية على تدمير شحنات الأسلحة المعدة لحزب الله، وهكذا، حسب المنشورات نفسها، عملت اسرائيل في السودان من اجل وقف مسار تهريب السلاح الى حماس. اذا كان الزواري فعلا هدفا لإسرائيل، يمكن الافتراض ان محفزات الضرر الكامن في العملية يبرر الخطر الكامن بالتورط في تونس. فدولة اسرائيل كان سيسرها تنمية العلاقات معها.

وسائل الاعلام التونسية ادعت ان المهندس الموهوب عمل ليس فقط في مجال الطائرات غير المأهولة، وانما، بدأ ايضا، بتطوير منظومة اسلحة روبوتات مائية. يمكن لامتلاك حماس لهذه القدرات ان يشكل خطرا على سفن سلاح البحرية وحقول الغاز، الأمر الذي يهدد اسرائيل بخطر كبير.

في القيادة الجنوبية يقولون ان عنصر الردع الاسرائيلي امام حماس مقيد في الوقت. هناك سباق تسلح بين بناء العائق ضد الانفاق التي تقيمه اسرائيل على امتداد حدود القطاع، وبين استعدادات حماس المكثفة للحرب. لقد استكملت حماس حتى الان بناء حوالي 100 كلم من الانفاق الدفاعية. وفي المقابل سعت حماس الى اعادة بناء كل الانفاق الهجومية الممتدة نحو الحدود الاسرائيلية، التي تم تدميرها خلال الجرف الصامد. وحققت حماس بذلك نسبة متفاوتة من النجاح. كما قامت حماس بزيادة قوتها البحرية، وتحاول استعادة القدرات الصاروخية باحجام ومسافات امتلكتها في السابق، وزادت من قوة وحداتها الخاصة – النخبة- التي باتت تضم حوالي 400 شخص. وفي المقابل، تستثمر الحركة الكثير من التفكير والوسائل في “السلاح المفاجئ” الذي يمكن ان يقوض معنويات واصرار اسرائيل على الحرب. احدى هذه المنظومات تدخل في مجال الروبوت، في البحر والجو. اغتيال المهندس التونسي قد يشوش او على الأقل يؤخر تزود حماس بهذا السلاح.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version