اضواء على الصحافة الاسرائيلية 30 – 31 كانون أول 2016

ابو مازن: “قرار مجلس الامن ضد المستوطنات وليس ضد اسرائيل”

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس لصحيفة “يديعوت احرونوت” ان “قرار مجلس الامن ليس ضد إسرائيل، بل ضد المستوطنات. فهي لا تدفع السلام بل تشكل عائقا للسلام. ويجب التمييز بين اسرائيل ومشروع المستوطنات، الذي يقف العالم ضده ونحن، ايضا، ضده. كما أننا ضد محاولة افيغدور ليبرمان حرف الانظار من المستوطنات إلى إسرائيل”.

جاء ذلك خلال أول مقابلة يمنحها عباس لصحفي اسرائيلي منذ قرار مجلس الامن في موضوع المستوطنات وخطاب كيري، وذلك في اطار لقاء جرى بين الرئيس ابو مازن ووفد من “مجلس اسرائيل الجميلة”، برئاسة أبراهام كاتس عوز وجاك ناريه. وقد نسق اللقاء مستشار ابو مازن، النائب السابق طلب الصانع.

وتطرق ابو مازن لخطاب وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، (يوم الاربعاء) وقال: “نحن نعي بأن الولايات المتحدة ستبقى صديقة اسرائيل وليست صديقة لنا. في قرارها المتعلق بكيفية التصويت في الامم المتحدة وفي خطاب كيري – جاءت الولايات المتحدة من مكانة الصديق الحقيقي، الذي يريد انقاذ اسرائيل. نحن بالتأكيد استقبلنا قرار الامم المتحدة وخطاب كيري بالإيجاب. اذا توقف الاستيطان، فنحن على استعداد لبدء الحديث من دون شروط مسبقة. بنيامين نتنياهو لا يمكنه مواصلة القول بانه هو وحده المحق. لا يمكن تجاهل موقف العالم. العالم كله يشتعل. هناك تطرف وهناك داعش في المنطقة. تعالوا ندفع السلام، كي يسود السلام في هذه المنطقة العاصفة”.

هل تم التنسيق بينكم وبين الولايات المتحدة قبل أن تقرر عدم استخدام الفيتو؟

“لم يكن تعاون مباشر بيننا. الامريكيون تسلموا مسودة القرار وعرضوا موقفهم بناء على سياستهم. نحن نتحدث مع الامريكيين منذ زمن بعيد عن اتخاذ قرار في موضوع وقف المستوطنات”.

صائب عريقات قال انه اذا لم يتوقف مشروع المستوطنات، ستقطعون الاتصالات. أهذا موقفك؟

“هذا بالتأكيد موقفنا، واصدرنا حول ذلك بيانا أمس الأول (الاربعاء). قرار الامم المتحدة 2334 يحدد ان المستوطنات ليست قانونية. كما أنها تجعل السلام متعذرا. افيغدور ليبرمان يدعو الى تجميد العلاقات الاقتصادية معنا ومواصلة التنسيق الامني. ماذا يظن، اننا نعمل لديه؟ نهجه مرفوض، ولو كنا مجانين مثله لقطعنا كل اتصال. ورغم ذلك، نحن سنواصل التنسيق الامني لان هذه مصلحة مشتركة للطرفين. ولكن، فليكن واضحا، نحن لا نعمل لا لدى نتنياهو ولا لدى ليبرمان ولا لدى أحد. نحن لسنا جيش الجنرال لحد، نحن شعب، فحافظوا على كرامتنا”.

في اسرائيل يطالبونكم ايضا الاعلان بان دولة اسرائيل هي دولة الشعب اليهودي، فلماذا لا توافقون؟

“في 1993 اعترفنا باسرائيل وأنتم اعترفتم بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا للشعب الفلسطيني. لماذا تريدون المزيد؟ ليس من مهمتنا واهتمامنا كيف تعرفون أنفسكم. ماذا تريدون منا؟”.

هل قرأتم تغريدات الرئيس المنتخب ترامب (على تويتر). هل تخشون من تسببه بضرر لكم؟

“سنعالج علاقاتنا معه بعد أن يؤدي اليمين القانونية في 20 كانون الثاني. في هذه الاثناء لم يتقرر لي لقاء معه. نحن ننتظر دخوله الى البيت الابيض وعندها سنبحث معه في المواضيع المطروحة على جدول الاعمال”.

وبينما كان يحمل سيجارة الكترونية قال ابو مازن: “نحن نعرف ان لدينا مشكلة مع حكومة نتنياهو ومع قسم من مكوناتها، لكننا نعرف ايضا بان قسما كبيرا من الشعب الاسرائيلي يؤيد السلام وحل الدولتين. حقيقة كونه رئيس الحكومة – لا يجب أن تؤدي الى الجمود. ستكون لذلك آثار كارثية. أنا أدعو محبي السلام في الطرفين الى رفع صوتهم. توجد الان فرصة ويحظر علينا نفويتها. اسحق رابين كان خصما للشعب الفلسطيني، لكنه حسم في صالح السلام. يحظر السماح للمتطرفين بالتحالف ضد فكرة السلام. أنا متفائل وسأبقى متفائلا. اذا توقفت عن الايمان، فسأذهب الى بيتي. لن ابقى في منصبي اذا توقفت عن الايمان بانه يمكن الوصول الى السلام”.

ما هو موقفك مما يعزى للنائب باسل غطاس، الذي نقل هواتف خلوية لسجناء أمنيين؟

“لا أعرف بالضبط ما الذي حدث. هذا بينه وبينكم”.

اكثر من 100 شخصية اسرائيلية تطالب بوقف قانون سرقة اراضي الفلسطينيين

وقع اكثر من 100 شخصية اسرائيلية، من السياسيين والعسكريين ورجال الفكر والأدب والفن، عريضة ضد قانون تنظيم المستوطنات الذي تسعى حكومة بنيامين نتنياهو لسنه في الكنيست، بهدف تشريع سرقة الاراضي الفلسطينية لصالح البؤر الاستيطانية. ويؤكد البيان الذي تم نشره كاعلان في “هآرتس” و”يديعوت احرونوت” وعلى الشبكة، تحت عنوان “قانون التنظيم” يأتي لتشريع السرقة ودفع الضم، ان هذا القانون يتعارض مع العدالة الطبيعية ومع القانون الدولي والأخلاق، مشيرا الى ان النائب بيني بيغن، من حزب الليكود الحاكم، هو الذي وصف هذا القانون بأنه “قانون السرقة”.

وجاء في البيان ان “القيادة القومية المتطرفة والمضطربة التي يشارك فيها المتزمتون المتدينون والمتزمتين القوميين ستفرض علينا قريبا الاختيار بين العيش تحت سلطة الغالبية العربية التي تتشكل بين البحر ونهر الأردن – وبين نظام يشبه الأبرتهايد في اعتماده على كراهية الأجانب وقمع الخصوم.

“اليمين المتزمت، والمتطرفين المعادين للصهيونية من اليسار المتطرف تحالفوا معا لإقناعنا بأن “الاحتلال غير قابل للتحول”. هؤلاء وهؤلاء يطمحون الى جعلنا نيأس من رؤية دولة اسرائيل الديموقراطية. لكنه يمكن تغيير الاحتلال، ونحن سنناضل بلا هوادة من اجل انهائه باتفاقيات سلام!

“نحن، الموقعون أدناه، نحذر من “قانون التنظيم” ومن كل خطوة هدفها الضم وتهديد الفرصة القائمة بحل يقوم على دولتين، والذي نعتبره الفرصة الوحيدة للسلام، والفرصة الوحيدة لمستقبل دولة اسرائيل الديموقراطية والمستنيرة”.

وحمل البيان تواقيع اكثر من شخصية، يبرز بينها: اعضاء الكنيست سابقا ابشالوم ابو فيلان، اوري افنيري، الشيخ زيدان عطشة والذي شغل ايضا منصب قنصل اسرائيل سابقا في نيويورك ، ياعيل ديان، البروفيسور نعمي حزان، د. عنات مؤور. ومن بين الأدباء ورجال الفكر والفن، الاديب ايلي عمير، الأديب دافيد غروسمان، الأديب عاموس عوز، الأديب والباحث في ادب الاطفال يهودا اطلس، الكاتب والمخرج المسرحي يهوشواع سوبول، الاديبة والكاتبة المسرحية سبيون ليبريخت، الكاتب فواز حسين والمؤرخ تيدي كاتس.

كما تضم القائمة العديد من الشخصيات الحائزة على جائزة اسرائيل، مثل: الياهو كاتس الحائز على جائزة اسرائيل في الاعلام، دافيد هرئيل، الحائز على جائزة اسرائيل في علوم الحاسوب، النحات داني كرفان، الحائز على جائزة اسرائيل، البروفيسور يهوشواع كولوداني، الحائز على جائزة اسرائيل في علوم الكون، النحات ميخا اولمان، الحائز على جائزة اسرائيل في فن التحت. روت ديان الحائزة على جائزة يغئال الون ووسام رئيس الدولة. ومن بين الضباط الكبار في الجيش: العميد احتياط دان هداني، العميد احتياط زئيف بلوخ، العميد احتياط د. يونتان شمشوني، العميد احتياط الطيار يورام اغمون، العميد احتياط الطيار يفتاح سباكتور، العقيد احتياط البروفيسور رافي فلدان، العقيد احتياط شاؤول غبعولي، والجنرال احتياط شلومو غزيت.

الحكومة البريطانية لكيري: الاستيطان ليس المسألة الواحدة في الصراع الاسرائيلي الفلسطيني

في خطوة لقيت الترحيب من قبل اسرائيل، نكاية بالادارة الأمريكية الحالية، هاجمت الحكومة البريطانية بشدة خطاب وزير الخارجية الامريكي، جون كيري، في موضوع السلام الاسرائيلي – الفلسطيني. وقال متحدث رسمي باسم الحكومة البريطانية، انه ليس من الصواب التركيز فقط على البناء في المستوطنات، لأن الصراع بين الاسرائيليين والفلسطينيين اكثر تعقيدا.

وكتبت “هآرتس” ان البيان البريطاني يعتبر استثنائيا في ضوء حقيقة مشاركة بريطانيا للفلسطينيين في صياغة مشروع القرار الذي صادق عليه مجلس الامن في موضوع المستوطنات، وكذلك في ضوء حقيقة ان الدول البارزة في اوروبا والعالم العربي رحبت بخطاب كيري.

وقال الناطق البريطاني: “نحن لا نؤمن بأن الطريق لإجراء مفاوضات حول اتفاق السلام تمر فقط في تحقيق تقدم في موضوع واحد، وفي هذه الحالة البناء في المستوطنات. من الواضح ان الصراع بين اسرائيل والفلسطينيين معقد بشكل اعمق من ذلك”.

كما هاجم المتحدث البريطاني الوزير كيري، بسبب مقاطع من خطابه، التي انتقد فيها حزب البيت اليهودي” وادعائه بأن جهات متطرفة تسيطر على الحكومة الاسرائيلية، وقال: “نحن لا نؤمن بأنه من المناسب مهاجمة تركيبة الحكومة التي انتخبت بشكل ديموقراطي في دولة حليفة. الحكومة البريطانية تؤمن بأن المفاوضات ستنجح فقط عندما ستجري بين الطرفين وتحظى بدعم المجتمع الدولي”.

واضاف الناطق البريطاني ان بريطانيا تعتقد بأن حل الدولتين هو الطريقة الوحيدة لتحقيق السلام في الشرق الاوسط. وقال ان بريطانيا تؤمن بأن البناء في مستوطنات المناطق الفلسطينية المحتلة هو غير قانوني، “ولذلك دعمنا قرار مجلس الامن 2334 في الأسبوع الماضي. لكننا نريد التوضيح بأن المستوطنات هي ليست المشكلة الوحيدة في هذا الصراع. مواطنو اسرائيل يستحقون العيش احرار من تهديد الارهاب الذي يضطرون لمواجهته منذ زمن طويل”.

ويأتي الهجوم البريطاني على كيري بعد عدة ايام من توبيخ اسرائيل للسفير البريطاني لدى اسرائيل واعلان نتنياهو عن الغاء لقائه برئيسة الحكومة البريطانية على هامش مؤتمر دافوس الاقتصادي بسبب دعم لندن لقرار مجلس الامن.

المستوطنون اقاموا مدارس رسمية على أراضي فلسطينية خاصة والادارة المدنية تخرق تعهداتها بهدمها

تكشف صحيفة “هآرتس” ان المدرسة الدينية الرسمية في مستوطنة “شعاري تكفا” في الضفة الغربية اقيمت بشكل غير قانوني على اراضي فلسطينية خاصة، وتحظى بدعم رسمي من وزارة التعليم الاسرائيلية، حسب ما اكدته الادارة المدنية. وقالت انه “سيتم اتخاذ اجراءات لتطبيق القانون”، فيما ادعت وزارة التعليم انه تم اقامة المدرسة في المكان بشكل مؤقت، وسيتم قريبا نقلها الى بناية ثابتة.

وحسب موقع وزارة التعليم فان المدرسة تضم 590 طالبا، واقيمت في سنة 2012. ويستدل من زيارة الى المكان انه باستثناء 18 مبنى تابعة للمدرسة، اقيمت على الاراضي الخاصة، قام المستوطنون بزرع مساحات اخرى من الأرض.

وهذه ليست المرة الاولى التي تقام فيها مدرسة رسمية على اراضي فلسطينية خاصة بشكل مخالف للقانون. ففي 2012، نشرت “هآرتس” بأن مدرسة “منحات حينوخ” في حي نفيه يعقوب في شمال القدس اقيمت ايضا على اراضي فلسطينية خاصة خارج منطقة نفوذ القدس. وفي حينه اعلنت الادارة المدنية بأنها سلمت امرا بوقف العمل للمسؤولين عن بناء المدرسة وتم اصدار امر هدم. لكن زيارة الى المكان توضح بأنه ليس فقط لم يتم هدم البناء، وانما اضيفت بنايتين جديدتين تابعتين للمدرسة. ومرة اخرى تدعي الادارة المدنية انه صدرت اوامر بهدم هذه المباني، لكنها تدعي انه لم يتم تنفيذ الهدم لأنه تم تقديم التماس الى المحكمة العليا من قبل الجهة المسؤولة عن تفعيل المدرسة، والمحكمة لم تبت في الأمر حتى الان.

وقال درور اتاكس، من جمعية “كرم نبوت” التي تتعقب سياسة الاستيطان في الضفة، انه “ليس من المفاجئ انه في الوقت الذي يعمل فيه وزير التعليم العنصري من اجل العثور على طرق خسيسة لتشريع بؤر مثل عمونة، والمبادرة الى قوانين تهدف الى كم اصوات جمعيات مثل “يكسرون الصمت”، تقوم وزارته بتمويل مدارس اقيمت على اراضي خاصة سرقتها المستوطنات من اصحابها”.

بينت وشكيد يتحديان كيري ويدعوان الى ضم الضفة

تكتب صحيفة “هآرتس” ان وزير التعليم الاسرائيلي، نفتالي بينت، وزميلته وزيرة القضاء اييلت شكيد، جددا بعد يوم واحد من خطاب وزير الخارجية الامريكي جون كيري، الدعوة الى ضم الضفة الغربية ومعارضة اقامة الدولة الفلسطينية. وقال بينت لقناة “بي. بي. سي” البريطانية: “نحن في القدس منذ 3000 سنة، وانتم في لندن منذ 2000 سنة، اذن نحن نجلس هنا قبل الف سنة من جلوس البريطانيين في لندن. لماذا يعتبر السكن في مدينتنا الابدية استفزازا؟”

وقال بينت ان المحاولة “التبشيرية” لإقامة دولة فلسطينية في الضفة فشلت، ويجب فرض السيادة الاسرائيلية على المناطق اليهودية في الضفة”. وحسب رأي بينت “توجد دولتان. هناك دولة فلسطينية في غزة، وتحولت الى دولة ارهاب. ما يريد كيري هو ان نفعل ذلك مرة اخرى في قلب دولتنا”.

وقالت الوزيرة شكيد لإذاعة الجيش الاسرائيلي انه “خلال ثماني سنوات مضت لم يتم البناء تقريبا في الكتل الاستيطانية بسبب عدم سماح الادارة الامريكية بالبناء في معاليه ادوميم واريئيل”. واضافت ان “رسالتنا (البيت اليهودي) تختلف عن رسالة رئيس الحكومة. نحن نقول للعالم بأننا نريد البناء ولسنا مستعدين لإقامة دولة فلسطينية”. وعندما سئلت عما اذا كانت محاولة تشريع بؤرة عمونة شكلت استفزازا للولايات المتحدة، قالت: “اذا كان هناك من يعتقد ان هذا القرار حدث بسبب الخطوات التي حدثت في الاسبوعين الاخيرين، فهو مخطئ”.

من جهته قال وزير الاسكان يوآب غلانط (حزب كلنا) لإذاعة الجيش، بأن تسلم ترامب للرئاسة الأمريكية، وعلى الرغم من تصريحاته، لن يساعد على ضم الضفة الغربية. وقال: “اعتقد ان الأمر لن يصل لا الى هذا ولا الى امور اخرى. اعتقد انه من المناسب ان نكون اكثر معتدلين في نظرتنا”.

ودعا رئيس المعارضة يتسحاق هرتسوغ الى اجراء استفتاء عام حول ضم الضفة، وقال: “آن الأوان كي يطرح الموضوع في الانتخابات وفي استفتاء عام لتحديد ما اذا كنا نريد حقا ضم ملايين الفلسطينيين الينا”.

بعد اسابيع من المماطلة والفحص:

الشرطة قد تبدأ التحقيق قريبا مع نتنياهو في شبهات جنائية

بعد عدة أشهر من فحص الشبهات حول تورط رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في قضية رشوة، يبدو ان معلومات جديدة وصلت الى الشرطة والمستشار القانوني للحكومة ابيحاي مندلبليت ، جعلت الأخير، يسمح للشرطة، بعد مماطلة، بفتح تحقيق جنائي. وحسب ما تنشره الصحف، يشتبه بتلقي رشوة من رجلي اعمال، احدهما اجنبي والثاني اسرائيلي، حسب ما نشره قسم الاخبار في القناة الثانية، مساء الخميس.

وكتبت “هآرتس” في هذا السياق ان الشرطة استجوبت خلال الفحص، عشرات الشهود وجمعت الكثير من المواد في البلاد والخارج. ويتوقع التحقيق مع نتنياهو خلال الأيام القريبة.

وحسب الصحيفة فانه، باستثناء الشبهة الرئيسية المتعلقة بالحصول على رشوة، من رجلي الأعمال، يجري التحقيق في قضية اخرى، كانت “هآرتس”، قد نشرت عنها في وقت سابق من الاسبوع المنصرم. وجاء التحقيق في القضية الثانية في اعقاب التحول الذي طرأ خلال فحص القضية الاولى خلال الاسابيع الاخيرة. وحسب القناة الثانية فان القضية تتعلق ايضا بأبناء عائلة نتنياهو.

وكان مندلبليت قد اعلن في شهر حزيران الأخير عن فتح فحص “في اعقاب المعلومات التي وصلت حول قضايا تتعلق بنتنياهو” حسب ما جاء في بيان وزارة القضاء. وجاء الفحص في موضوع نتنياهو، ايضا، في اعقاب معلومات كثيرة وصلت من مصدرين استخباريين الى الشرطة، لكنه تم تفنيد غالبية المعلومات، ومن بينها تزييف الانتخابات الداخلية في حزب الليكود.

ورغم وصول معلومات اخرى تتعلق بنتنياهو الى المستشار القانوني، ورغم ان قيادة الشرطة والنيابة اوصت بفتح تحقيق جنائي فورا، الا ان المستشار رفض السماح بذلك. وأخر مندلبليت فتح التحقيق العلني طوال اشهر طويلة. ورغم انه سمح للشرطة بفحص المعلومات المتعلقة بنتنياهو، الا انه تدخل في عمل المحققين واشرف على عملهم، خلافا لسلوك سابقيه في المنصب.

يشار الى ان الشرطة كانت قد اوصت، ايضا، بمحاكمة عقيلة رئيس الحكومة، سارة نتنياهو، بشبهة الحصول على غرض بالخداع في ثلاث حالات تتعلق بمنزل رئيس الحكومة الرسمي. وقد نفى نتنياهو خلال الاشهر الأخيرة، مرارا تورطه في اعمال جنائية وادعى انه “لن يتم التوصل الى شيء لأنه لا يوجد شيء”.

الجيش يطلق حملة لتجنيد الشبان البدو والمسيحيين

ذكرت صحيفة “هآرتس” ان الجيش الاسرائيلي بدأ في الشهر الأخيرة حملة لتجنيد الشبان البدو والمسيحيين في الخدمة العسكرية، شملت ارسال برقيات بهذا الصدد الى الشبان. وتحمل البطاقة توقيع رئيس قسم التخطيط وادارة القوى البشرية في الجيش، العميد عران شيني، والذي يدعو الشبان للتطوع في الخدمة العسكرية.

ويعد شيني الشبان البدو “بضمان تمكينهم من الخدمة في مختلف المسارات والمناصب، التي تقدم مساهمة للجيش ولهم بشكل شخصي”، على حد تعبيره. وكتب، أيضا: “ان تطوعك للخدمة العسكرية هو الطريق لكي تقدم وتسهم للدولة ولنفسك، ولكن، ايضا، لكي تحصل على المقابل. يسرني رؤيتك تتطوع لخدمة الدولة في جيش الدفاع الاسرائيلي والتبرع للدولة من خلال تطوير نفسك وقدراتك”.

وحسب معطيات الجيش فان التوجه الى الشبان البدو يحقق التغيير بعض الشيء، فقد تم في هذه السنة تجنيد حوالي 80 شابا بدويا بناء على طراز الخدمة الجديد، بينما تم في 2015 تجنيد 357 بدويا، من بينهم 100 شاب من النقب. وفي محاولة لزيادة عدد المتجندين البدو يقترح الجيش زيادة راتبهم.

لكن الشبان في المجتمع البدوي ينظرون بعين الشك الى هذا التوجه. فقد توقع الكثير من الشبان البدو الذين خدموا في الجيش بأن تمهد الخدمة الطريق امامهم للاندماج في المجتمع الاسرائيلي، لكن هذا الأمر لا يزال بعيدا عن الواقع حسب ما قال العديد منهم. ومن بين هؤلاء الرقيب اول خالد الجعار الذي قال: “اعتقدت انه في اللحظة التي سأعطي فيها من نفسي، فانني سأحصل على مقابل، سأحصل على حقوق اكثر، لكن الأمر ليس كذلك. فانت لا تحصل على ما يحق لك، ويتواصل التمييز ضدك، وترى قطاعك يعاني”.

كما قرر الجيش استئناف ارسال برقيات التجنيد الى الشبان المسيحيين، كما فعل في 2014، علما انه حتى ذلك الوقت كان على الشبان المسيحيين الذين يرغبون في الخدمة التوجه بأنفسهم الى سلطات الجيش. لكنه تم في السنة التالية وقف التوجه الى الشبان المسيحيين بسبب عدم التجاوب بشكل ملموس، حسب ما قاله مصدر عسكري.

ويعتقد الجيش ان الشبان المسيحيين يختلفون الى حد معين عن المتحدثين الاخرين باللغة العربية في اسرائيل، ولذلك فان قسما منهم معني بالانخراط في الجيش. وقال ضابط في الجيش انه يلاحظ في السنوات الاخيرة انخفاض عدد المتجندين المسيحيين، “لأنهم يعيشون في قرى مختلطة ولا نملك منصة للوصول اليهم” حسب اقواله.

وفي محاولة لتحسين التوجه، تعد وزارة الامن خطة تركز على تجنيد الشبان المسيحيين، يجري في اطارها التفكير بانشاء اكاديمية عسكرية تعد الشبان المسيحيين للخدمة. كما ينوي الجيش انشاء مركز معلومات، على شاكلة مكتب تجنيد صغير في حيفا والناصرة ومعالوت، للتواصل مع الشبان المسيحيين.

تراجع في نسبة المهاجرين اليهود

يستدل من معطيات نشرتها وزارة الاستيعاب، يوم الخميس، حدوث تراجع في عدد المهاجرين اليهود الى اسرائيل لأول مرة منذ عام 2012. وكتبت “هآرتس” في استعراض للتقرير أن 27 الف مهاجر وصلوا الى اسرائيل في 2016، وهو رقم بقل بنسبة حوالي 13% عن سنة 2015، التي وصل خلالها حوالي 31 الف مهاجر. وطرأ تراجع بارز في عدد المهاجرين اليهود من فرنسا، حيث وصل حوالي 5000 مهاجر في 2016، مقابل حوالي 8000 مهاجر في 2015.

ويستدل من المعطيات انه طرأ منذ عام 2008 ارتفاع تدريجي في عدد المهاجرين الى اسرائيل، حيث وصل في حينه حوالي 15 الف مهاجر، وفي 2013 وصل حوالي 19 الف مهاجر، ثم 27 الف في 2014، و31 الف في 2015، بينما طرأ التراجع هذه السنة فقط.

ويوضح الجدول التالي عدد المهاجرين منذ 2012 وحتى 2016:

 

 

 

 

 

 

وكان عام 2015 هي السنة الاولى التي يصل فيها عدد كبير من المهاجرين خلال العقد الحالي، كان اكثرهم من فرنسا، لكن فرنسا انخفضت هذا العام الى المرتبة الثالثة مع 5000 مهاجر، بعد روسيا (7000)، واوكرانيا (5.500). اما الولايات المتحدة فتحتل المرتبة الرابعة مع 2900 مهاجر.

وفي تصنيف المهاجرين حسب الاجيال، تشير المعطيات الى نسبة كبيرة من الشباب، حيث تراوح جيل حوالي 5.150 مهاجر بين 0-17 عاما، و9800 مهاجر بين 18-35 عاما، وحوالي 3000 مهاجر بين 36 -45 عاما، وحوالي 4600، بين 46-65 عاما، وحوالي 3000 مهاجر من جيل 66 عاما وما فوق. وتم استيعاب المهاجرين في المدن حسب النسب التالية: تل ابيب (11%)/ القدس (10%)، نتانيا (9%)، حيفا (8%)، اشدود (6%)، بات يام (5%)، رعنانا (4%)، ريشون لتسيون (3%)، بئر السبع (3%) واشكلون (3%).

وقال اريئيل كندل، المدير العام لجمعية “كليطاه”، المهتمة بالمهاجرين الفرنسيين الى اسرائيل، ان التشغيل هو العامل الرئيسي الذي يسبب انخفاض عدد المهاجرين، وعائق رئيسي يقف امام من يفكر بالهجرة. وحسب رأيه “يجب على صناع القرارات ازالة العراقيل البيروقراطية التي تمنع المهاجرين من العمل في مهنهم الأساسية والاعتراف بتراخيص المهنة التي يحملونها. من المهم جدا احضار المهاجرين ولكن من المهم ايضا الاهتمام برفاهيتهم بعد هجرتهم الى البلاد”.

مقالات وتقارير

يناقش عدد من الكتاب في صحيفة “هآرتس” دعوة الاديب أ. ب يهوشواع وقادة حزب البيت اليهودي، الى ضم المناطق (C) تحت ستار “تخفيف معاناة الفلسطينيين المقيمين هناك تحت الاحتلال الاسرائيلي. وفيما يلي اربعة ن المقالات، من بينها ما كتبه يهوشواع نفسه.

يجب تقليص درجة الورم الخبيث للاحتلال الاسرائيلي

يدافع الاديب أ. ب. يهوشواع عن دعوته لضم المناطق (C)، ويكتب في “هآرتس” ان الأمور التي قلتها مؤخرا خلال مؤتمر معهد القدس للدراسات السياسية، أثارت أصداء واسعة. خلال المؤتمر عرض متحدثون الامور التي تحدث في المناطق المشتركة للمجموعات السكانية المختلفة في القدس الكبرى، خاصة اليهود والفلسطينيين. تحدثت عن اهمية هذه المناطق المشتركة، ايضا، كنوع من مختبر الحياة الثنائية القومية في كل أرض اسرائيل، تمهيدا للإمكانية المحزنة والصعبة، وهي صعوبة تنفيذ حل التقسيم في نهاية الأمر، وانجرار الاسرائيليين والفلسطينيين تدريجيا، بإرادتهم او رغما عنهم، نحو الدولة الثنائية القومية او الاتحادية بهذا الشكل او ذاك.

منذ حرب الأيام الستة في 1967، مرت 50 سنة، تمسكت خلالها بتحمس وبإصرار بالإيمان بحل التقسيم لدولتين – اسرائيلية وفلسطينية، تعيشان جنبا الى جنب بسلام وباعتراف متبادل – وعملت من اجل هذا الحل. انا لا زلت اؤمن، بأن هذا هو الحل الصحيح والاخلاقي للصراع. وعلى الرغم من الرفض في المعسكرين الاسرائيلي والفلسطيني، طوال سنوات، للاعتراف بشرعية هذا الحل، فقد تحول تدريجيا الى الحل المقبول على كل المجتمع الدولي، بما في ذلك غالبية العالم العربي – الى ان صودق عليه رسميا في اتفاق اوسلو عام 1993.

حتى حكومة اليمين المتطرف الحالية في اسرائيل تبنت حل الدولتين بشكل رسمي؛ لكنه على ارض الواقع لم يظهر خلال العقد الأخير أي جهد اسرائيلي للتقدم نحو تحقيق هذا الحل السياسي. وظهر تدريجيا، ان السلطة الفلسطينية التي تبنت بشكل رسمي حل الدولتين، تتهرب من المفاوضات الجدية مع الحكومة الاسرائيلية من اجل التطبيق الواقعي لهذا الحل.

القدس ذاتها، التي يفترض ان تكون حسب هذا الحل، عاصمة للدولة الفلسطينية في الجانب الشرقي منها، تتحول على المستوى المادي الى مدينة واحدة بشكل متزايد، وامكانية تمرير خط حدودي فيها مستقبلا تبدو غير واقعية تقريبا. لقد فشلت الولايات المتحدة واوروبا، عمليا وليس لفظيا فقط، في فرض حل الدولتين على الجانبين، خاصة الجانب الاسرائيلي الذي يواصل مصادرة الاراضي الفلسطينية لإنشاء المستوطنات المتزايدة اتساعا. صحيح ان اتفاقيات السلام مع مصر والأردن صامدة، لكن هاتين الدولتين تواجهان مشاكل خطيرة تخصهما، واهتمامهما بالفلسطينيين ليس اكثر من ضريبة شفوية. العالم العربي ينهار ويتفكك في الحروب الاهلية الدامية، وفقد كل تأثير واهتمام بالصراع الاسرائيلي – الفلسطيني. ولذلك فان رؤية الدولتين تصبح اكثر اشكالية.

وما الذي يحدث في المناطق الفلسطينية؟ قطاع غزة منفصل الان بشكل كامل عن اسرائيل، ولا يوجد فيه أي تواجد اسرائيلي، لا مدني ولا عسكري. بالنسبة لإسرائيل تعتبر غزة نوع من الدولة المعادية الصغيرة، التي تندلع بينها وبين اسرائيل من حين الى آخر، حروب صغيرة. لكن قطاع غزة لا يخضع لحصار مطلق، لأنه لديه حدوده المستقلة مع مصر، ويتم نقل البضائع والمنتجات الغذائية من اسرائيل اليه ومنه اليها. الضفة الغربية مقسمة حسب اتفاق اوسلو الى مناطق A ، Bو C. المناطق A ، Bتشكل حوالي 40% من مساحة الضفة، والمناطق C حوالي 60%. مناطق A ، Bتخضع للسلطة الفلسطينية، وتقع فيها المدن والقرى الفلسطينية الكبرى.

في المناطق A تسيطر السلطة الفلسطينية مدنيا وعسكريا، وفي المناطق B تسيطر السلطة مدنيا فقط، بينما تسيطر اسرائيل عسكريا. من هنا فان غالبية الفلسطينيين في هذه المناطق يعيشون داخل نوع من الحكم الذاتي الجزئي والمحدود، ولديهم قوة شرطة شبه عسكرية، تتعاون الى مستوى معين مع قوات الامن الاسرائيلية في منع الارهاب.

في المنطقة C تقع كل المستوطنات الاسرائيلية التي يصل عدد سكانها وفق معطيات متحفظة الى 450 الف نسمة، نصفهم في المدن. اما عدد الفلسطينيين في المناطق C، فهو 100 الف فقط، وهم الذين تقع مواجهات بينهم وبين المستوطنين، خاصة المتطرفين، في موضوع مصادرة الاراضي والتنكيل على الطرق واقتلاع المزروعات والاستغلال المخجل كقوة عمل رخيصة. هؤلاء الفلسطينيون يخضعون لمراقبة دائمة من قبل الجيش والشرطة والشاباك الاسرائيلي.

في الوضع العالمي العام، الذي يميل نحو التطرق اليميني، وفي الوضع التعيس في العالم العربي، حالة الفوضى والتنكر للصراع الاسرائيلي – العربي المتواصل منذ اكثر من 140 سنة، وفي ضوء تطرق سلطة اليمين في إسرائيل وسلبية السلطة الفلسطينية – يبدو بشكل واضح، انه يجب بدء التفكير بحلول جزئية اخرى، ذات طيف اتحادي، تتجاوز عدم القدرة على ترسيم حدود دولية راسخة بين الشعبين في ارض اسرائيل.

في المرحلة الاولى، ومن اجل تخفيف وضع الاحتلال، الذي تسمم اذرعه الديموقراطية الاسرائيلية داخل الخط الأخضر، يجب منح الاقامة الاسرائيلية لـ100 الف فلسطيني يعيشون في المنطقة C، ويواجهون الاحتلال الاسرائيلي، سواء الجيش او المستوطنين. منح الاقامة لهؤلاء الفلسطينيين سيوفر لهم، اولا، كل الحقوق الأساسية التي يتمتع بها المستوطنون الذين يقيمون من حولهم وبينهم. هذا يعني: التأمين الوطني، التأمين الطبي، رسوم البطالة، الحد الأدنى من الأجور، حرية الحركة ومكانة قانونية اكثر قوة امام سلطات القضاء والقانون الاسرائيلي. هذه الاقامة تمنع سلبهم من اراضيهم (او تصعب ذلك) حسب قوانين “التنظيم” الكريهة على مختلف انواعها، او حسب الأوامر العسكرية من خلال التنكيل بهم كرعايا يفتقدون للحقوق.

خلافا لما يشتم من الرد على اقوالي، فان منح الاقامة لا يعني ضم المناطق C الى اسرائيل. مكانة هذه المنطقة ستبقى كما هي اليوم – منطقة متنازع عليها يتم حسم مصيرها في الاتفاق بين الفلسطينيين والاسرائيليين في المستقبل، كما هو الحال في القدس الشرقية. اذا اصبحت القدس الشرقية جزء من الدولة الفلسطينية في اطار حل الدولتين، فان الاقامة الاسرائيلية التي يملكها ربع ميلون فلسطيني يعيشون فيها اليوم، لن تكون عائقا امام الاتفاق.

لقد كررت القول بأنني سأواصل دعم حل الدولتين كما دعمته طوال الخمسين سنة الاخيرة. لكن لا يمكن عدم محاولة تحسين اوضاع الفلسطينيين الذين يعيشون في المناطق C، والذين يمرر ورم الاحتلال حياتهم كل يوم، ولو قليلا. واجبنا الانساني الفوري، هو تقليص المعاناة الانسانية – طالما لا يتناقض مع تحقيق اتفاق مستقبلي عادل – وهو يسبق مبادئ القانون المستقبلي العادلة. الفلسطيني ابن الخمسين عاما الذي ولد مع الاحتلال ويخوض معه المواجهة المباشرة بدون توقف، يحق له الحصول في هذه الأثناء على حقوق ملموسة وفورية، حتى وان كانت جزئية، من اجل تحسين اوضاعه.

لماذا يخطئ أ. ب. يهوشواع

يكتب شلومو أفينري في “هآرتس” ان هذه ليست المرة الاولى التي أجد فيها نفسي في خلاف مع صديقي العزيز أ.ب يهوشواع. فمواقفنا متقاربة في معظم المسائل السياسية والثقافية، لكن يأسه من حل الدولتين واقتراحه ضم مناطق C في الضفة الغربية، يبدو لي خاطئا، بل ويحمل في ثناياه أخطار كبيرة.

هناك مقياس من السخرية في كونك تضطر احيانا الى الدخول في نقاشات ثاقبة، ليس مع الخصوم الايديولوجيين، وانما مع اولئك القريبين منك في مواقفهم. احيانا يكون هذا النقاش حول فروق دقيقة، ولكن في هذه الحالة، يدور الحديث عن أمر مبدئي وجوهري يتعلق بمستقبل دولة اليهود وعلاقتها مع العالم العربي ومكانتها الدولية.

أنا اتفهم دوافع اقتراحات يهوشواع: إنه محق في ادعائه أنه في ظل الظروف الحالية، يصعب تصور تطبيق حل الدولتين في الوقت القريب. لكنه مخطئ في يأسه من الحل العادل الوحيد، الممكن للصراع بين الحركتين القوميتين، وهذا اليأس يدفعه الى تقديم اقتراحات – رغم نواياه الحسنة بدفع حل ولو مؤقت – تخطئ الهدف.

السبب الاول الذي يجعلني اعتقد أن يهوشواع مخطئ، هو افتراضه القائل بأنه اذا قامت اسرائيل بضم المناطق C ومنح السكان الفلسطينيين حقوق الاقامة (وهو يحذر من منحهم حقوق المواطنة والتصويت)، فان ذلك سيخفف من شعورهم بأنهم يعيشون تحت الاحتلال الاسرائيلي.

من الواضح أن العكس هو الصحيح. اذا كان الفلسطينيون في مناطق C يستطيعون التفكير بأن وضعهم الحالي، رغم أنه مستمر منذ عشرات السنين، هو وضع مؤقت، ومع مرور الزمن ستنتهي سيطرة اسرائيل على حياتهم، فان الضم- حتى وان اقترن باللفتات الانسانية التي يقترحها يهوشواع، مثل منحهم الاقامة- فان هذا سيعمق، فقط، شعورهم بأنهم سيعيشون دائما تحت السيادة الاسرائيلية. لا أعرف ان كان هذا الامر سيشجعهم على زيادة النشاط الارهابي ومقاومة اسرائيل، لكن الاعتقاد بأنهم سيرحبون بالضم لإسرائيل هو اعتقاد ساذج ومهووس. الفلسطينيون في مناطق C لا يريدون العيش تحت حكم الاحتلال العسكري الاسرائيلي، ولا كجزء من دولة اسرائيل، لا يمكن رشوتهم بضمان حقوق التأمين الوطني.

السبب الثاني الذي يجعلني اعتقد أن يهوشواع مخطئ هو أن اضافة سكان فلسطينيين إلى إسرائيل نفسها، سيضعف طابعها كدولة القومية اليهودية. من يريد دولة واحدة بين البحر والنهر يجب أن يؤيد ضم مناطق C، ولكن من لا يزال يؤمن بفرص المصالحة والتسوية التاريخية بين اسرائيل والفلسطينيين يجب أن يبتعد عن أي خطوة يكمن فيها الضم.

السبب الثالث الذي يدفعني للاعتقاد أن يهوشواع مخطئ هو أنه يتجاهل حجم المناطق C. فهذه المناطق لا تشمل فقط المستوطنات الاسرائيلية والمناطق المحيطة بها. من الاجدر النظر الى الخارطة: مناطق C تشمل 60 في المئة من اراضي الضفة الغربية، تشمل غور الاردن، المناطق الجبلية، ومعظم سفوح جبل الخليل. وضم مناطق C سيبقي في أيدي الفلسطينيين مساحة ضئيلة جدا من اجل الدولة الفلسطينية المستقبلية، وسيحول ما سيبقى تحت السلطة الفلسطينية الى مجموعة من الجيوب الشبيهة بالبانتوستانات. نفتالي بينت ومؤيدوه الذين يطالبون بضم مناطق C، يعرفون بالضبط ما الذي يريدونه: بعد ضم مناطق C لا توجد فرصة لقيام دولة فلسطينية قابلة للعيش. ومثل هذا الضم يشكل ممرا لضم باقي مناطق الضفة الغربية أو تحويلها الى غيتو فلسطيني سيبقى تحت السيادة الاسرائيلية. لا اعتقد ان هذا ما يريده يهوشواع.

السبب الرابع لاعتقادي بأن يهوشواع مخطئ، هو أن أي ضم سيؤدي الى تعميق الشرخ بين اسرائيل والمجتمع الدولي، بما في ذلك الدول الاوروبية الديمقراطية. لن تعترف أي دولة في العالم بهذا الضم. وأشك في أن ادارة ترامب ستعترف به ايضا، ولا شك لدي أنه مع كل الترتيبات الامنية التي تبلورت بين نتنياهو وبوتين، فان روسيا ايضا لن تعترف بهذا الضم. هل سيعترف الغرب بضم المناطق C الى اسرائيل وهو الذي لم يعترف بضم روسيا لشبه جزيرة القرم ولم يخش حدوث ازمة عميقة مع روسيا لهذا السبب؟ حقا.

لا يمكن لي ان أتخيل بأن يهوشواع يريد تعميق الازمة بيننا وبين الدول الاوروبية الديمقراطية. ولا أعرف كيف سيبرر أمام اصدقائنا في اوروبا عملية الضم التي تناقض بشكل فظ، ليس القانون الدولي، فقط، وانما ايضا القيم الاساسية للعالم الديمقراطي. مثل هذا الضم سيعمق الشعور بأن اسرائيل هي دولة امبريالية وكولونيالية، وسيعزز توجه نزع شرعية المشروع الصهيوني. قد لا يهم ذلك بينت وأوري اريئيل، لكن على يهوشواع أن يعرف نتائج الضم الذي قد يؤدي الى استبعاد اسرائيل من المجتمع الدولي. ما تمكنت اسرائيل من عمله في العام 1967 في شرقي القدس- ولم يحظ حتى الان باعتراف أي دولة في العالم- لا يمكنها أن تفعله في العام 2017.

السبب الخامس الذي يدفعني الى الاعتقاد بأن يهوشواع مخطئ، هو أن ضم مناطق C سيخلق ازمة كبيرة مع العالم العربي ويضعضع العلاقات الحساسة والهشة التي نقيمها في ظل ظروف صعبة مع مصر والاردن. يمكن الافتراض بأن هاتين الدولتين ستعيدان سفيريهما من اسرائيل. كما يتوقع ان تقدم تركيا على خطوة مشابهة. ويمكن للمظاهرات المناهضة لاسرائيل ان تندلع في الدول العربية والاسلامية.

السبب السادس الذي يدفعني الى الاعتقاد أن يهوشواع مخطئ، – وتجاهله له هو امر مثيرا للقلق الكبير- هو أن ضم المناطق C بشكل أحادي من قبل اسرائيل سيكون خرقا فظا لاتفاقات اوسلو، الامر الذي قد يؤدي الى انهيار البنية المعقدة للاتفاقات مع الفلسطينيين. لا أعرف كيف أن يهوشواع، الذي اعتبر- مثلي- أن اتفاقات اوسلو هي الخطوة الاولى للتفاهم التاريخي مع الحركة القومية الفلسطينية، مستعد لعمل كهذا. اسرائيل كدولة سيادية تلتزم بالاتفاقات الدولية التي وقعت عليها، والتي حظيت بترحيب من المجتمع الدولي ولا يمكنها التنصل منها. هذه الاتفاقات، كما قال مناحيم بيغن باللاتينية في حينه، يجب الالتزام بها. وأنا أستغرب كيف أن يهوشواع لا يدرك ذلك: هذا هو حجر الزاوية في السياسة الدولية.

أنا أتجاهل عمدا، حقيقة أن اقتراحات يهوشواع تخدم اقتراحات بينت ورفاقه: نحن لا نعيش حسب ما تنطق به افواههم، واحيانا يمكن قطع جانب من الطريق مع الخصوم السياسيين اذا كنت تعتقد انك تحقق اهدافك. لكن ضم المناطق C سيعمق الصراع والعداء ويثبت للفلسطينيين أن توجه اسرائيل هو ليس نحو الاتفاق والحل، بل التوسع. وهذا سيضيف لاسرائيل المزيد من السكان الفلسطينيين ويقوض المكانة الدولية لدولة اليهود. من يؤمن – مثل يهوشواع- بالصهيونية الليبرالية والانسانية ويؤيد حل الدولتين القوميتين، اللتين تعيشان بسلام الى جانب بعضهما البعض، ويدعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير والسيادة، لا يمكنه تأييد السياسة التي تضم، ليس الاراضي فقط، بل ايضا الناس خلافا لإرادتهم.

أ. ب. يهوشواع. انت تتخيل

يرد شاؤول اريئيلي، ايضا، على اقتراحات ا. ب. يهوشواع كاتبا في “هآرتس”: ان كان هناك دليل واضح على أن “روح العصر” التي تسود اسرائيل اليوم هي روح التبشيرية، الانغلاق والانقطاع، فان ذلك هو انتصار الخيال على الواقع. لا شك انه يمكن تحقيق حسم الوعي، ايضا من دون أي علاقة بصورة الوضع في ساحة المعركة وانه يمكن للحرب النفسية ان تحقق النتائج المرجوة، حتى ان كان الواقع المادي يعرض صورة مختلفة. ولكن خلافا لـ”روح العصر” – فان المعركة هي حدث مقيد بالوقت والمكان المحددين، بينما “روح العصر” تتواصل وتُفسر.

يصعب فهم التحول الذي قام به، مؤخرا، أ. ب. يهوشواع، الذي أسره الخيال فاختار رفع الراية البيضاء باسم حل الدولتين. في ضائقته توجه الى حلول منقطعة عن تاريخ الصراع والواقع الديموغرافي والمكاني في الضفة الغربية.

لو قام يهوشواع بالسفر، مثلا، من غوش عتصيون الى جنوب جبل الخليل، لكان سيكتشف ان سيارته هي احدى السيارات الاسرائيلية القليلة التي تسافر ضمن طابور سيارات فلسطينية ضخم، وانه محمي من قبل عشرات دوريات الجيش وحواجز الباطون على جانبي الطريق. كان سيكتشف انه توجد في هذه المنطقة بلدة يهودية واحدة يعيش فيها اكثر من 5000 شخص – انها كريات اربع – وهي مزروعة في محافظة الخليل التي يعيش فيها 750 الف فلسطيني. عندها ما كان سيتجرأ على القول بأن الهيمنة الديموغرافية والمكانية للفلسطينيين مهددة من قبل بلدات المجلس اليهودي جنوب جبل الخليل، الذي لا يتراوح عدد سكانه 8410 نسمة.

بدلا من ذلك، لو سافر الى شمال السامرة واجتاز الجدار الفاصل عند معبر ريحان، لكان سيكتشف ان الوجود الاسرائيلي يتلخص بمستوطنتين صغيرتين، مبو دوتان وحرمش، وفيهما يعيش 750 اسرائيليا، يتنفسون بواسطة حركة “أمناه”، ويحظون بدعم ميزانيات استثنائية، وتحميهم قوات كبيرة من الجيش. وفي المنطقة المحيطة بهم، بين نابلس وجنين، يعيش اليوم 400 الف فلسطيني.

من هنا، يمكن ليهوشواع المواصلة نحو غور الأردن، ومشاهدة مئات الاف الدونمات الزراعية ذات الملكية الفلسطينية على امتداد الطريق. غالبيتها مزروعة بكروم الزيتون. وسيكتشف انه في المجلس الاقليمي “عربوت هيردين”، الذي يمتد على حوالي 15% من منطقة الضفة، هناك 22 بلدة اسرائيلية (مستوطنات) صغيرة، يعيش فيها 5101 نسمة فقط. في بعض هذه المستوطنات هناك انخفاض مطلق في عدد الاسرائيليين، وبشكل خاص في “معاليه افرايم” التي غادرها واحد من بين كل اربعة مستوطنين خلال السنوات الخمس الأخيرة. وفي النهاية يمكن ليهوشواع ان يسافر جنوبا، نحو المجلس الاقليمي “مجيلوت”، والاكتشاف بأنه في نسبة 8% من الضفة يقيم 1431 اسرائيليا في ست مستوطنات فقط.

يحتاج يهوشواع لاستخراج الكثير من المعطيات الهامة من المواقع الرسمية لدولة اسرائيل. مثلا، الفلسطينيون يتمتعون بغالبية ديموغرافية حاسمة تبلغ نسبتها 82% من الضفة الغربية. في 60 مستوطنة من بين 126 مستوطنة، يعيش اقل من الف شخص في كل منها، ويبلغ مجموع الاسرائيليين فيها 28 الف اسرائيلي فقط. في 51 مستوطنة اخرى، يتراوح عدد سكان كل واحدة منها بين 1000 و5000 نسمة، يعيش 114 الف اسرائيلي فقط. الـ15 مستوطنة الأخرى، هي تلك التي تشكل “كتل الاستيطان” الاسرائيلية. هذه الكتل، سوية مع القدس الشرقية، تمتد على نسبة 4% فقط ويعيش فيها حوالي 80% من الاسرائيليين الذين يعيشون وراء الخط الأخضر. تلك هي المناطق المرشحة للضم الى اسرائيل في اطار تبادل الاراضي، ولا احد يطالب بإخلاء “450 الف مستوطن”.

وهناك حقائق اخرى من المهم معرفتها: حوالي 60% من قوة العمل الاسرائيلية في الضفة، يعملون داخل الخط الأخضر. و25% يعملون في الجهاز التعليمي، وهذا ضعفي المتوسط في اسرائيل. ويتضح انه كلما كانت المستوطنة أصغر واكثر معزولة، كلما ازدادت فيها نسبة العاملين في خدمات المجلس وجهاز التعليم، ويمكن للنسبة ان تصل الى 80%. في نهاية تقرير المقياس الاجتماعي – الاقتصادي، الذي نشرته دائرة الاحصاء المركزية، مؤخرا، تجري الاشارة الى التدهور الاجتماعي – الاقتصادي لسبعة مجالس يهودية في يهودا والسامرة. كما انه من المهم الاشارة الى ان اكبر مدينتين متدينتين، بيتار عيليت وموديعين عيليت، حيث يعيش حوالي ثلث الاسرائيليين في يهودا والسامرة، مصنفتين في العقد الاول. هذا يعني ان الاستيطان فيها يحظى بالدعم. المشروع الاستيطاني يحظى بالتنفس بفعل الميزانيات الاستثنائية. لقد وجد معهد “ماكرو” ان ميزانية 2017 -2018، التي صودق عليها مؤخرا، ستمنح لكل اسرائيلي يعيش في يهودا والسامرة حوال اربعة اضعاف المعدل القطري، وما يزيد بعشرات النسب عن سكان الجليل او الجنوب.

ورغم ذلك، حدث خلال العقدين الأخيرين انخفاض حاد في نسبة الزيادة السنوية في عدد المستوطنين من 10.4% الى 4% فقط. كما تغيرت عوامل الزيادة في عدد السكان بشكل كبير. ذلك ان مصدر ثلث الزيادة، فقط، اليوم، هي الهجرة من داخل الخط الأخضر الى يهودا والسامرة، بينما مصدر الثلثين الآخرين من الزيادة الطبيعية (ونصفها يحدث في مدينتي بيتار عيليت وموديعين عيليت، التي سيتم ضمها الى اسرائيل في كل سيناريو). الاسرائيليون لا يسافرون على ثلثي شوارع الضفة. وفي الضفة لا توجد زراعة ولا صناعة اسرائيلية ملموسة، وغالبية عمالها تقريبا هم فلسطينيون.

لو كان يهوشواع قد انتبه الى هذه الحقائق، لكان سيفهم انه بالذات من خلال محاولة التغلب على فشل مشروع الاستيطان جاءت خطة ضم المناطق C، كما اعترف بينت نفسه بقوله: “الضم الكامل ليهودا والسامرة مع المليونين عربي فيها… غير قابل للتحقق ويهدد مستقبل دولة اسرائيل لأسباب امنية، ديموغرافية واخلاقية”. خلال رحلته كان يهوشواع سيكتشف كم هي واهية “خطة التهدئة” التي يطرحها بينت من النواحي الأمنية، السياسية، القانونية وخاصة المادية. من السهل الملاحظة بأنه خلافا لما يعرضه الشريط الدعائي للبيت اليهودي، فان مناطق A وB ليست كتل متواصلة تمتد على مساحة 40% من الضفة، انما تضم ما لا يقل عن 169 كتلة وبلدة فلسطينية، مفصولة عن بعضها بواسطة عدد كبير من الأروقة الاسرائيلية ومناطق اطلاق النار التي يستخدمها الجيش، والتي تسمى بالمناطق C.

كان يهوشواع سيفهم، ان بينت يقترح عمليا اطالة الحدود من 313 كلم الى 1800 كلم. واذا واصل تصديق بينت، سيكون بالإمكان تفكيك الجدار الامني الذي اقامته اسرائيل بتكلفة 15 مليار شيكل. لكن عليه ان يستوعب حقيقة ان ضم المناطق C، يعني انه سيطلب من اسرائيل بناء جدار جديد بتكلفة 27 مليار شيكل، وتخصيص اربع مليارات اخرى سنويا لصيانته.

من خلال الاطلاع على الخرائط، كان يهوشواع سيكتشف ان 50% من المناطق C هي اراضي فلسطينية خاصة، غالبيتها زراعية، ومسجلة على اسماء سكان 276 بلدة فلسطينية. ومن هذا كان سيفهم، انه سيطلب من اسرائيل فتح مئات الأبواب الزراعية، حسب نموذج الجدار الفاصل اليوم، وذلك بتكلفة الكثير من المليارات. هذا هو المكان للإشارة الى ان بينت التزم في مخططاته بـ”استثمار مئات ملايين الدولارات لخلق تواصل كامل للمواصلات الفلسطينية، بشكل يسمح للسكان العرب بالوصول الى كل نقطة في الضفة الغربية من دون حواجز او جنود”.

وأخيرا، يجب ان لا ننسى، ان خطوة الضم هذه ستنهي وجود السلطة الفلسطينية وستحتم على اسرائيل اعادة تشكيل الادارة المدنية، التي يكلف تفعيلها سنويا حوالي 11 مليار شيكل”.

بالنسبة لنتنياهو، بينت وبقية المؤيدين للضم، ثبت لنا في السابق بأن الحقائق والواقع المادي ليست معايير لتحديد السياسة. يهوشواع محق فعلا في مسألة عدم امكانية التوصل الى اتفاق مع الفلسطينيين في عهد حكومة نتنياهو، لكنه لا يمكن الادعاء بأن الواقع المادي هو سبب ذلك.

في 1982 كتب يهوشفاط هركابي: “خطر الخطأ القومي كان محفورا في حقيقة وجودنا كأرض رؤية، لأن الرؤية تريد تغيير الواقع. لكن حجم الرؤية، وانتظار تحققها، هي واقع يكمن في انه على الرغم من سعي الرؤية للتعالي على الواقع الا ان اقدامها مغروسة فيه. هذا هو الفارق بين الرؤية والخيال المحلق على جناحي الوهم”.

رؤية الدولة الديموقراطية اليهودية، التي تقف في اساس حل الدولتين، تعتبر اكثر واقعية، اليوم ايضا، من رؤية الدولة القومية – التبشيرية الواحدة التي يريدها نتنياهو وبينت. حل الدولتين فقط ينطوي على رؤية اخلاقية. تجاهل الواقع القائم وقيوده، من خلال الامل بأن يبلور الشعار والرؤية واقعا اخر، هي وصفة مجربة للتدهور الخطر نحو الكارثة.

تعالوا نتحدث عن الضم

يكتب رئيس تحرير “هآرتس” الوف بن، ان وزيرة القضاء اييلت شكيد، قالت في أعقاب قرار مجلس الأمن، انه يجب التحدث عن الضم، فتعالوا نتحدث عن الضم اذن. لنحاول تشخيص اللحظة التي تخلت فيها اسرائيل، عمليا، عن حل الدولتين، ووضعت اسس الدولة الواحدة من البحر وحتى الأردن. اللحظة التي تقرر فيها ضم غالبية مناطق الضفة الى اسرائيل، وترك الفلسطينيين داخل جيوب محاطة بالمستوطنين والجنود الاسرائيليين.

انا أتذكر هذه اللحظة جيدا. لقد كان ذلك في 25 تموز 2000، في نهاية مؤتمر كامب ديفيد، الذي رفض خلاله الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات اقتراح الاتفاق الذي عرضه رئيس الحكومة، ايهود براك. في حينه لخص براك القمة الفاشلة قائلا: “لا يوجد لنا شريك حاليا”. خلال عودته من المؤتمر سألته، وماذا مع المرحلة الثالثة؟ “لقد ماتت موتا طبيعيا”، قال براك وعاد الى حاشيته في مقدمة الطائرة.

“المرحلة الثالثة” كان يفترض ان تشكل المرحلة الأخيرة من اتفاق اوسلو، التي تنص على الانسحاب الاسرائيلي من المناطق التي تبقت في ايديها، باستثناء المستوطنات و”مواقع عسكرية محددة”. لقد تخيل الفلسطينيون انسحابا بعيد المدى يصل الى 90% من الضفة الغربية، فيما تبقى المستوطنات التي كانت اصغر بكثير مما هي اليوم، ومعسكرات الجيش في ايدي اسرائيل حتى الاتفاق الدائم. لكن اسرائيل رأت الامور بمنظار مغاير تماما. رئيسا الحكومة بنيامين نتنياهو وبراك، ركزا سياستهما على تذويب وتأجيل المرحلة الثالثة. نتنياهو عارض (ويعارض) أي إخلاء للمناطق، وبراك رغب بالحفاظ على “الكنوز الاقليمية” في ايدي اسرائيل حتى الحل الدائم، على افتراض ان إسرائيل ستحصل مقابلها على تنازلات فلسطينية.

لقد عمل كل واحد منهما بطريقة مختلفة، بناء على طابعه وقيوده السياسة: نتنياهو في الرفض والاحتكاك مع الادارة الامريكية، وبراك بمقترحات “سخية” لم تكن مقبولة على الفلسطينيين، لكنها حظيت بدعم امريكي. والنتيجة كانت متشابهة. لقد ازيلت المرحلة الثالثة عن الجدول، وتم تأجيل كل تغيير اقليمي في الضفة الغربية الى “الاتفاق الدائم”، أي الى أيام المسيح.

عندما اخلى اريئيل شارون المستوطنات من غزة في 2005، اقترح المستشار القانوني لوزارة الخارجية، الين بايكر، ان تعلن اسرائيل عن الانفصال كتنفيذ جزئي للمرحلة الثالثة، وهكذا يبدو الانسحاب وكأنه يتم وفق اوسلو، وليس من جانب واحد. وقد رفض شارون الفكرة، لكن منطق بايكر كان ساريا. يمكن لإسرائيل اليوم ان تخلي اي منطقة في الضفة الغربية بناء على الاتفاقيات القائمة، دون البحث عن شريك او اجراء مفاوضات.

القضاء على المرحلة الثالثة ابقى المنطقة (C)، حوالي 60% من الضفة، والقدس الشرقية، تحت السيطرة الاسرائيلية الكاملة، امنيا ومدنيا، ومع السيطرة جاءت الشهية. لقد تضخمت المستوطنات، وتضخمت معها الجهود لطرد الفلسطينيين من المنطقة (C). الاحتلال ليس مجانا. غالبية قوات الجيش (55%) منتشرة اليوم في المنطقة (C). والآن يطالب نفتالي بينت بضم هذه المنطقة رسميا الى اسرائيل وتدعيم الوضع السائد عمليا.

نتانياهو يشعر بالرضا عن هذه النتيجة. اسرائيل تسيطر على المناطق حتى من دون ضمها رسميا، بثمن محتمل من الشجب الدولي، كقرار مجلس الامن الذي يعتبر المستوطنات غير قانونية. انه يأمل بأن يهدأ هذا الشجب في عهد دونالد ترامب. لكن براك، الذي يقود حاليا الدعوة الى استبدال نتنياهو، يحذر الان من ان السيطرة على المناطق ستحول اسرائيل الى دولة ثنائية القومية، ستغوص في حرب اهلية بين الغالبية العربية المسلوبة الحقوق والأقلية اليهودية التي ستصر على مكانتها العليا. “الكنوز الاقليمية” التي رغب بالحفاظ عليها عندما كان في السلطة، تحولت الى عبء ثقيل، الى حبل المشنقة الذي لفته اسرائيل على نفسها. ربما تكون المرحلة الثالثة قد ماتت موتا طبيعيا، كما قال براك اثناء عودته من كامب ديفيد، ولكنها في موتها دفنت معها “الدولة اليهودية الديموقراطية” ايضا.

ثماني سنوات عجاف

يكتب نداف شرغاي، في “يسرائيل هيوم” ان ربيع 2009 رسم بخطوط واضحة “الشتاء” البارد المتوقع للعلاقة بين ادارة الرئيس براك اوباما وحكومة بنيامين نتنياهو. اللقاء الاول بين الرئيس الامريكي ورئيس الحكومة الاسرائيلي في أيار 2009، والذي وصفه المقربون من نتنياهو، لاحقا، بأنه “صعب جدا”، كشف على الفور، تقريبا، الخلافات التي ميزت، لاحقا، العلاقة بين الاثنين في موضوعين أساسيين: الموضوع النووي الايراني والبناء في القدس والمستوطنات.

لقد اشتعل الضوء الاحمر الاول في الطرف الاسرائيلي عندما أبلغ اوباما نتنياهو بأن الولايات المتحدة تنوي الاعلان عن خطة سلام اقليمية جديدة. وحاول نتنياهو معرفة التفاصيل، لكن اوباما امتنع عن الخوض فيها، الا أن الجواب ظهر سريعا بعد شهرين فقط.

جون بودستا، رئيس طاقم الانتقال الذي أعد لدخول ادارة اوباما، ومارا رادمان التي اصبحت فيما بعد نائبة لجورج ميتشل، المبعوث الخاص لاوباما في الشرق الاوسط، اقترحا على الرئيس الامريكي العمل في اطار اتفاق لانتزاع السيطرة الاسرائيلية على البلدة القديمة، واقامة حكم دولي خاص في الحوض المقدس في القدس.

وتبلورت خطة بودستا ورادمان في اطار “معهد التقدم الامريكي”، وهو احدى المؤسسات المؤثرة والمقربة جدا من اوباما، والذي صاغ سياسة الرئيس الامريكي خلال ايامه الاولى في البيت الابيض.

الضربة الثانية جاءت من جهة هيلاري كلينتون، التي أوضحت خلال محادثة مع شخصية اسرائيلية رفيعة، وبلغة غير دبلوماسية بتاتا: “لن تبنوا حتى حجرا واحدا في المستوطنات والقدس الشرقية”.

“عاصفة بايدن”، كما يسمونها الآن في القدس، كانت استمرارا طبيعيا لهذه النغمة النشاز. في 2010، زار جو بايدن، نائب الرئيس اوباما، البلاد، تماما في الايام التي صادقت فيها لجان التخطيط في القدس على بناء 1500 وحدة سكنية في رمات شلومو. ويقول وزراء في حكومة نتنياهو الثانية “إن بايدن خرج عن طوره، بكل ما يعنيه ذلك”.

مايكل أورن، سفير اسرائيل في الولايات المتحدة آنذاك، ونائب الوزير في مكتب رئيس الحكومة، حاليا، يصف في كتابه “الحليف”، كيف قامت وزيرة الخارجية كلينتون “بتوبيخ” نتنياهو على مدى 45 دقيقة، وكيف تم اجباره على المثول أمام جيم ستاينبرغ، نائب هيلاري، والاستماع الى قائمة من المطالب التي كانت غير مقبولة على نتنياهو أو على أي رئيس حكومة اسرائيلي.

بعد بايدن أعلنت اسرائيل عن تعليق البناء في رمات شلومو، بل تجميده عمليا، الى أن يتم توضيح الامر مع الولايات المتحدة. و”منذ ذلك الوقت”، كما يقول وزير رفيع، “انهارت الأمور”. فلقد وجدت اسرائيل نفسها لا تستطيع حتى البناء في القدس، رغم أن الولايات المتحدة سمحت بذلك على مدى اربعة عقود.

أحياء بحجم مدن

ملخص تاريخي وبعض المعلومات الضرورية: بعد حرب الايام الستة ضاعفت اسرائيل مساحة منطقة القدس بثلاثة اضعاف، وفرضت القانون والقضاء والادارة الاسرائيلية على 70 ألف دونم، اخرى، كانت اجزاء قليلة منها تابعة للقدس الاردنية.

وباستثناء البلدة القديمة والمدينة التاريخية تم ضم 28 قرية عربية للقدس. وحددت اسرائيل لنفسها هدف اعادة توحيد شطري القدس وتوسيعها وترسيخ اغلبية يهودية مستقرة فيها.

في سبعينيات وثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي أقيمت في القدس الشرقية معظم الاحياء اليهودية التي وصل بعضها حاليا الى حجم مدينة صغيرة في اسرائيل. في كل واحد من هذه الاحياء الـ 12 يعيش الآن في الحد المتوسط 19 ألف شخص. وللمقارنة فقط: في كل واحدة من المستوطنات الـ 150 في يهودا والسامرة يعيش الآن حوالي 2700 شخص.

بعض الاحياء الجديدة في القدس نمت واصبحت بحجم مدن صغيرة: في راموت الون يعيش اكثر من 50 ألف نسمة، وفي غيلو اكثر من 30 ألف، وفي بسغات زئيف اكثر من 40 ألف نسمة. وتشبه اسعار الشقق في هذه الاحياء، اسعار الشقق في غربي المدينة لا بل تتجاوزها احيانا. عشرات آلاف الاولاد الذين يعيشون في غيلو وقصر المندوب السامي، أو في بسغات زئيف، مع عائلاتهم، لا يعرفون أبدا القدس الصغيرة كما كانت عليه قبل حرب الايام الستة. وهم لم يعتبروا أنفسهم أبدا مستوطنين، ولا يعرفون بأنهم هكذا.

يجدر الانتباه للأرقام فهي تروي قصة: 74% من السكان اليهود الذين عاشوا في كل مناطق القدس ولدوا في واقع المدينة الموحدة. والتاريخ الذي تسعى ادارة اوباما الى اعادته اليهم بعد خمسين سنة من التوحيد غير معروف لهم أبدا، تماما كما لا يعرفه 84% من سكان المدينة العرب، الذين ولدوا ايضا داخل واقع المدينة الموحدة غير المقسمة.

حسب معطيات معهد القدس لدراسة السياسات، يعيش في القدس الشرقية، شمال وجنوب وشرق مناطق النفوذ القديمة أكثر من 200 ألف يهودي، أي حوالي 40% من اجمالي سكان القدس الشرقية. و39% من اجمالي اليهود في القدس. والحديث هنا لا يدور عن بؤرة اخرى أو مستوطنة.

لقد عملت اسرائيل حسب هدف موجه، شقت الطرق واقامت البنى التحتية، وبنت دار الحكومة في الشيخ جراح، وأعلنت عن حدائق قومية، وغير ذلك. وعلى طريق ذلك تم القيام بأمور كبيرة، وارتكاب أخطاء كثيرة ايضا، أحدها تجاه السكان العرب. والفوارق الضخمة في مستوى الخدمات والبنى التحتية بين اليهود والعرب تؤكد ذلك حتى اليوم.

الولايات المتحدة لم تعترف أبدا بالقدس، ولا حتى بالقدس الغربية كعاصمة لدولة اسرائيل. لقد حرصت على اصدار بيانات تنديد مدروسة، ضد البناء الاسرائيلي للاحياء الجديدة في شرقي المدينة. ولكن في المقابل وعلى مدى سنوات، حرصت على ادارة هذا الجدل على نار هادئة.

وقد اتاح هذا السلوك لإسرائيل مواصلة البناء بدون قيود تقريبا. والانعطاف الحقيقي حدث في اتفاقيات اوسلو، ولم ينجم عن الضغط الامريكي. يوسي بيلين ورجاله كانوا هم الذين بادروا الى العملية التي رفضها رابين في البداية ثم تبناها فيما بعد. وقد تحطمت هذه الاتفاقات كما هو معروف بسبب العمليات الارهابية والدماء، وسقوط أكثر من ألف قتيل اسرائيلي وآلاف الجرحى

لكن المحامي ايلان بيكر، المستشار القانوني السابق لوزارة الخارجية، يذكر أنه في اتفاقات اوسلو – التي لم يقم أي طرف بإلغائها حتى الان رغم كل ما حدث- وافقت اسرائيل عمليا، على التفاوض على القدس وشملها كواحدة من قضايا مفاوضات الحل الدائم.

بعد ذلك، في صيف 2000، عقد مؤتمر كامب ديفيد الثاني، ووافق ايهود براك على تقسيم القدس. هذه الموافقة غير المسبوقة، التي شكلت نقيضا تاماً لكل ا أقسم ووعد به براك قبل ذلك ببضعة اشهر، لم تتحقق لأن عرفات رفضها.

يجب ان نذكر بأن بيل كلينتون وافق على بقاء الاحياء اليهودية الكبيرة في القدس تحت سيادة اسرائيل. وفي المقابل تنتقل الاحياء العربية في المدينة الى الدولة الفلسطينية.

ايلان بيكر، الذي يعمل الآن مديرا لمعهد الدبلوماسية في المركز المقدسي لشؤون الجمهور والدولة (للتوضيح: الكاتب ينتمي الى هذا المعهد، ايضا)، يؤكد أن حكومة شارون التي قامت بالبناء في القدس “تبنت في بداية سنوات الالفين خريطة الطريق التي عرضها الرئيس جورج بوش الابن. وهناك، ايضا، اخذت اسرائيل على نفسها، مبدئيا، مناقشة موضوع القدس في الاتفاق الدائم، بل وتجميد البناء في المستوطنات”، كما يقول بيكر.

“هار حوما” (جبل أبو غنيم)؟ هار يونا (جبل يونان)!

مئير فوروش، نائب وزير الاسكان في حكومة نتنياهو الاولى، يتذكر أنه بين اوسلو و”خريطة الطرق” وقعت اول واكبر مواجهة بين اسرائيل والولايات المتحدة فيما يتعلق بالبناء في القدس.

“بعد ضغط شديد صادق نتنياهو على البناء في “هار حوما”، لكنه كان يجب عليه نشر مناقصات. وقد انتظرنا كلنا التوقيت المناسب، وعندما فهمنا بأن التوقيت المناسب سيتأخر، قررنا الخداع”، قال فوروش.

“حسب القانون يجب نشر مناقصات للبناء. والمشكلة هي أن كل العالم يرى المناقصات: “سلام الآن” ووسائل الاعلام والولايات المتحدة. فما العمل؟ حجزنا اعلانات في “هآرتس” و”ومعاريف” وبدل كتابة “هار حوما”، أخطأنا بشكل متعمد، وكتبنا “هار يونا”، القائم أصلا في منطقة الناصرة.

“كل التفاصيل الاخرى في الاعلان كانت صحيحة: القسيمة، الحوض والاحداثيات. وفي الليل ارسلنا الاعلان للنشر. في تلك الأيام كانت نشرة الاخبار “مباط” تبث في التاسعة مساء، وبعد انتهاء النشرة قمنا بإصلاح الخطأ وغيرنا الاسم الى “هار حوما”. وبالتالي لم تستطع كل طواقم المتابعة التي حاولت افشال البناء، سواء من الداخل او الخارج، ملاحظة هذا التغيير. وفي اليوم التالي تم النشر، وصعدت الجرافات الى الأرض، ونجح الأمر. “في وقت لاحق، يقول فوروش “صافحني بيبي وكان سعيدا جدا”.

ويكشف فوروش عن حدث عاصف آخر امام الولايات المتحدة في موضوع البناء في بسغات زئيف في القدس. “كان ذلك في نهاية ولاية تيدي كوليك كرئيس للبلدية، وكان جيمس بيكر وزيرا للخارجية الامريكية. وكان رئيس الحكومة في حينه اسحق شمير. وأنا كنت في حينه نائبا لتيدي وأذكر ذلك كما لو أنه حدث الآن.

“لقد اجتمعنا لديه في الغرفة واتخذنا قرارا بالبناء بدون ترخيص. يوجد بروتوكول يوثق ذلك اللقاء. لو قمنا بنشر اعلان عن الترخيص، لكانت الولايات المتحدة قد اكتشفت ذلك، وهو ما أردنا منعه. خلال الجلسة التي صادقنا فيها على مخطط البناء غير الاعتيادي، جلس القائم بأعمال تيدي، ابراهام كحيله، الذي كان مسؤولا عن ملف التخطيط، ومهندس البلدية ونائبه، وحتى مراقب البلدية”.

فوروش الذي يشغل اليوم منصب نائب وزير التعليم في حكومة نتنياهو الرابعة، يقترح على رئيس الحكومة الحصول على حبل طويل للبناء في القدس وغلافها، من ادارة ترامب، حتى لو كان ذلك على حساب نقل السفارة الامريكية الى العاصمة. وحسب اقواله فإن نقل السفارة “هو خطوة رمزية مقابل عمل حيوي للعاصمة، وآمل أن يختار نتنياهو الاتجاه العملي”.

وزير شؤون القدس، زئيف الكين، قال إنه الآن فقط، بعد قرار مجلس الامن، يمكن اختبار صمود نتنياهو في مواجهة عداء اوباما، والمعارضة الامريكية للبناء حتى في القدس.

“بعد تصريحاته هو كلينتون بأنه لن يتم بناء حجر واحد، بنى نتنياهو وحكومته في القدس حوالي ألفي وحدة سكنية في كل سنة، البعض منها وراء الخط الاخضر. صحيح أن ذلك غير كاف، ولكن مع أخذ الظروف غير الممكنة في الحسبان أمام اوباما وادارته، يعتبر هذا انجازا كبيرا”، حسب الكين.

ويضيف الكين أن الحاجة الحقيقية للقدس تصل الى 4 آلاف وحدة سكنية كل سنة، بل اكثر. ويأمل أن يصبح بالإمكان خلال ولاية ترامب بناء المزيد. بشكل محدد يوصي الكين بالبدء فورا بتطبيق الخرائط التي تمت المصادقة عليها في رمات شلومو في شمالي القدس، وفي جفعات همطوس في جنوب المدينة.

كما يشير وزير شؤون القدس الى أن هناك حاجة الآن لسد الفجوات في التخطيط الذي تباطأ جدا بفعل ضغط الولايات المتحدة. ويقول الكين إن الحديث لا يدور فقط عن العلاقات مع الولايات المتحدة.

“القدس تضعف بشكل جدي. فعلى مدار سنوات كثيرة، اصبحت الهجرة اليها سلبية والكثير من اليهود يغادرونها، خصوصا بسبب عدم وجود شقق فيها. ونتيجة لذلك فان الاغلبية اليهودية في المدينة تتضاءل مع مرور الوقت، رغم أن التكاثر الطبيعي لليهود في القدس يفوق التكاثر العربي، لأول مرة. ولكن عندما لا تتوفر الشقق فان هذا لا يعني أي شيء”.

طقوس التنسيق

متى بالضبط “انقلبت” الولايات المتحدة علينا، وتوقفت عن الاكتفاء بالشجب الشكلي؟ متى اصبح الضغط الامريكي مكثفا، الى حد مصادرة صلاحية اقرار البناء في القدس وراء الخط الاخضر، من جهات التخطيط في المدينة، وتحديد ضرورة الحصول على تصريح مسبق من ديوان رئيس الحكومة؟

وزير الاسكان السابق، في حكومة شارون، ايفي ايتام، يتذكر توجيها خطيا من المستشار القانوني للحكومة، الياكيم روبنشطاين، حدد لأول مرة نظاما مختلفا للبناء في القدس. “اتذكر التفاصيل، لكن شارون طلب مني تبليغ السفير الامريكي لدى اسرائيل، في حينه، دان كريتشر، في كل مرة نوينا فيها نشر مناقصة للبناء في القدس. لقد سموا ذلك: “الاحياء التي تحتاج الى تنسيق”.

“كان الأمر نوعا من الطقوس. كنت احضر الى السفير كريتشر واحكي له بأننا ننوي نشر مناقصة لبناء هذا العدد او ذاك من وحدات الاسكان في القدس. وكان كريتشر يعرب عن رفضه، وانا كنت احكي له ما هي القدس بالنسبة لنا واصر على موقفي. بعد ذلك كنا ننشر المناقصة ويمر الأمر بسلام. لقد تم تسمية الاجراء بـ”التنسيق”، وكما هو معروف، لم يتم في حينه وقف البناء” يؤكد ايتام.

مئير شطريت، الذي شغل منصب وزير الاسكان الأول في حكومة اولمرت، يتذكر هو ايضا ان كل بناء وراء الخط الأخضر في القدس، كان يتم تنسيقه مع ديوان رئيس الحكومة. “في فترتنا لم تكن هناك ضغوط. كانت اوقات مريحة، بعد خطة الانفصال. لقد حقق شارون، الذي دخل في حالة غيبوبة آنذاك، ومكمل دربه اولمرت، “رسالة الكتل” التي كتبها بوش.

“تلك الرسالة التي كانت نوعا من “المقابل” لخطة الانفصال، سمحت لإسرائيل بالبناء بشكل حر في الكتل الاستيطانية وفي التجمعات الكبيرة في القدس. (اوباما ووزيرة خارجيته كلينتون تنكرا لهذه الرسالة لاحقا، وتراجعا عنها).

ولكن في اواخر فترة اولمرت تغيرت الصورة. فقد استبدل شطريت في وزارة الاسكان الوزير زئيف بويم. وشغل المنصب من تموز 2007 وحتى آذار 2009. بويم الذي نشأ في حركة “بيتار” وكتب بالتعاون مع معلمه “يسرائيل زاينغروب، كتاب “ان نكون شعبا حرا”، لم يحب الاملاء الأمريكي، وبشكل اقل توجيهات ديوان رئيس الحكومة اولمرت في هذا الموضوع.

كوزير للاسكان اجرى بويم العديد من المحادثات مع اولمرت. وفي مرحلة معينة قرر تجاهل توجيهات ديوان رئيس الحكومة، وتوقف عن تحويل مناقصات البناء في القدس الى مكتبه للمصادقة عليها، وبدأ بنشر مناقصات مستقلة. ووقعت مواجهة بينهما عندما نشر بويم ودائرة اراضي اسرائيل مناقصة لبناء 440 وحدة اسكان في حي تلبيوت في القدس، فسارع اولمرت الى تنشيط النظام وارسل رسالة بهذا الشأن الى بويم وبراك.

خلال فترتي وزيري الاسكان التاليين، اريئيل اتياس، من شاس، واوري اريئيل، من البيت اليهودي، كانت مسألة البناء في القدس محبطة. ففي واشنطن تولى اوباما الحكم، وكل مخططات البناء، بل حتى دفع التخطيط، وصلت الى رجال نتنياهو.

في بداية ولايته، اخذ نتنياهو على عاتقه، رسميا، تجميد البناء لفترة محدودة في المستوطنات. ولم يتم ذكر القدس، لكنه عمليا، تم صياغة سياسة خاصة بها، يسميها اتياس “سياسة الانتظار”. وتوقف كل شيء (تقريبا).

اوري اريئيل الذي استبدل اتياس في الوزارة، اضطر لابتلاع “الحبة المريرة”، ولكن عندما تدحرجت الى يده فرصة المصادقة على مناقصة متكررة للبناء في جيلو (خلافا لمناقصة جديدة)، كان يقفز على الفرصة، وفعل ذلك من دون تنسيق مع نتنياهو.

المقربون من اريئيل يقولون انه ونتنياهو توصلا في اكثر من مرة الى ايجاد “مخرج”، على شاكلة توبيخ للوزير او وصفه على مسمع الامريكيين بأنه “متمرد وغير مطيع لا يخضع للسيطرة”. ويشير رجال اريئيل الى ان “كل قيود البناء في القدس لم تمنع في نهاية الأمر الضربة على رأسنا في مجلس الأمن، اذا كان يجب القول باستقامة انه لو لم تكن هناك قيود، لكانت هذه الضربة ستأتي في وقت مبكر وبشكل اشد”.

اريئيل نفسه يقلل من الحديث في هذا الموضوع: “الاختبار هو ان تصر على موقفك، صد الضغوط وعدم السماح بالتجميد الاول، لأنه سيأتي بعده المزيد من التجميد وسيتعمق. وهذا صحيح في الضفة وبشكل مضاعف في القدس”.

في وزارة الاسكان يتذكرون انه في تلك الأيام، ايام اتياس واريئيل في الوزارة “كان الموعد المريح للمصادقة على نشر المناقصات، ولبالغ الأسف، بعد وقوع العمليات القاسية. لقد ساعدت تلك العمليات القيادة السياسية على تحرير الحبل قليلا فقليلا لتنفيذ بعض هذه المخططات، على اساس انها “رد صهيوني ملائم”. بعد كل عملية كان يتم ارسال مخططات للقيادة السياسية وهي كانت تقرر ماذا وكم من المخططات تصادق عليها”.

قرار لا رجعة عنه

بقيت لاوباما ثلاثة اسابيع، كما يقولون في مكتب رئيس الحكومة ايلوم. “وطالما لم تنته هذه الفترة، فان الامر لا ينتهي”. رئيس الحكومة يطلب من وزرائه ضبط أنفسهم والامتناع عن التصريحات المستفزة، وعدم التحدث عن الخطط المستقبلية.

يوم 20 كانون الثاني، موعد دخول ترامب الى البيت الابيض، يفترض أن يكون يوم التغيير، حسب نتنياهو. هل سيتغير الواقع بالفعل بعد دخول ترامب الى البيت الابيض؟ وما هو المغزى العملي لقرار مجلس الامن حول البناء في القدس؟.

المحامي ايلان بيكر، صاحب التجربة الدبلوماسية الغنية، يوضح ان هذا القرار غير ملزم. وهو يقترح “عدم الانفعال منه بشكل زائد”. ومع ذلك يشير بيكر الى أن القرار لا رجعة عنه: “لا يمكن الغاء قرار لمجلس الامن. فقرار استنكار الصهيونية لم يلغ ايضا. بل تمت الاشارة في قرار آخر الى أنه لم يعد ذا صلة”.

الخطورة في هذا القرار، حسب بيكر، هي “استعداد الولايات المتحدة للسماح باتخاذ قرار يقول إن الحديث يدور عن مناطق محتلة من قبل اسرائيل”. اضف الى ذلك انه “من ضمن المناطق المحتلة تم ذكر شرقي القدس. هذا يعني وجود مقولة امريكية هنا بأن المناطق وشرقي القدس تتبع للفلسطينيين.

“هذا القرار يبعث عمليا برسالة للفلسطينيين مفادها أنهم ليسوا بحاجة لاجراء مفاوضات مع اسرائيل أو التسوية معهم، لأنهم سيحصلون، بدون مفاوضات، على ما يريدون من المجتمع الدولي”.

ويوصي بيكر اسرائيل بالتمسك برأيها ورفض مقولة ان القدس هي منطقة محتلة. و”التوضيح بأننا لم نقبل ذلك في السابق ولن نقبله في المستقبل. والتأكيد على أن القدس هي عاصمة دولة اسرائيل”.

اعضاء كنيست من الليكود يأملون أن تتمكن اسرائيل، مع دخول ترامب الى البيت الابيض، ليس فقط من استئناف البناء في القدس بشكل حر، بل ايضا الكف عن اجراء الابلاغ الغريب للأمريكيين في كل مرة يتم فيها نشر المناقصات للبناء في القدس.

اسرائيل، كما يقولون في الليكود، مكبلة الآن بتنفيذ أوامر الهدم للمباني غير القانونية في القدس. وقد أدى ضغط الولايات المتحدة الى تجميد البناء في مناطق قريبة من الخط الاخضر، المكتظة بالسكان العرب، كالبناء في منطقة شمعون الصدّيق.

وهناك فهم ليكودي آخر: نواب الليكود يقولون ان على بلدية القدس ان تغير هي ايضا، من سياستها، التي تركز حاليا على تكثيف البناء المدني.

ويقولون، أيضا: “في اكثر من مرة تحفظت البلدية من البناء في الاحياء الجديدة في القدس وراء الخط الاخضر، خوفا من سيطرة الحريديين هناك والاخلال بالتوازن الديمغرافي اليهودي الداخلي.

ويؤكدون في الليكود ان “الحريديين هم جزء من النسيج الاستيطان اليهودي في القدس. وعندما نقوم بفحص الميزان الديمغرافي بين العرب واليهود في القدس، من الخطأ التمييز بينهم وبين الجمهور العلماني”. ويأملون في الليكود أن تنجح الحكومة في العمل مع الادارة الامريكية الجديدة، وبشكل خاص عن طريق السفير فريدمان، الذي يعتبر مؤيدا لإسرائيل ولمشروع الاستيطان والبناء في القدس. أحد الاهداف الفورية سيكون تحرير مخططات البناء العالقة وتحريك عجلات التخطيط في القدس وبناء الحي الذي يحظى بإجماع قومي في منطقة “E1″ (الخان الأحمر) بين القدس ومعاليه ادوميم.

إن هدف الخطة، كما يقولون في الليكود، هو ربط المدينتين ومنع تواصل البناء الفلسطيني من الشمال الى الجنوب، والذي من شأنه الفصل بين العاصمة ومعاليه ادوميم. رئيس الحكومة نتنياهو، يقولون في الليكود، أيد هذا البناء في السابق، لكنه ورث تعهدات اولمرت في هذا الامر. والآن، أمام ترامب، حان وقت التحرر من ذلك.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا