ضربة فرنسية للاستيطان

بقلم: يونس السيد

صفعة جديدة تلقاها الاستيطان الصهيوني، عندما أقرت الحكومة الفرنسية، على نحو غير مسبوق في أوروبا، توجيهات تصب في إطار مقاطعة منتجات المستوطنات، تقضي بوضع ملصقات تحدد مصدر البضائع المصنعة فيها، باعتبارها غير قانونية بموجب القانون الدولي.
القرار الفرنسي ب«تمييز» منتجات المستوطنات وجد ترجمته العملية مع دخوله حيز التنفيذ الفعلي، وهو ما يعني إخراج منتجات المستوطنات من النظام الجمركي التفاضلي المتفق عليه بين الاتحاد الأوروبي والكيان منذ 1995. لكنه بالمعنى السياسي يأتي تنفيذاً لقرار الاتحاد الأوروبي المتخذ بهذا الشأن في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، والذي أثار حينذاك ردود فعل عاصفة من جانب سلطات الكيان، التي وصفت القرار بأنه «معادٍ للسامية» ويشجع حركة مقاطعة الكيان، واتهمت الاتحاد الأوروبي ب «ازدواجية المعايير»، واستدعت ممثل الاتحاد الأوروبي لديها، وقررت تعليق بعض أشكال التعاون معه.
والواقع أن الخطوة التي بادرت إليها فرنسا تأتي تعبيراً عن إحباط باريس، في الآونة الأخيرة، من التعنت الصهيوني، وإصرار الكيان على تحدي المجتمع الدولي بمواصلة الاستيطان، ورفضه للمبادرة الفرنسية للتسوية وحضور المؤتمر الدولي الذي تقترحه باريس في هذا الصدد.
أهمية الخطوة الفرنسية أنها جاءت بعد أقل من ثلاثة أسابيع على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334 الذي يعتبر الاستيطان برمته في الضفة الغربية والقدس المحتلتين غير شرعي ويقوض «حل الدولتين»، سواء كان بعلم حكومة الكيان أو بدون علمها، وهو القرار الذي أقام الدنيا ولم يقعدها، حتى الآن، حيث هبَّ مجلس النواب الأمريكي إلى الدفاع عن الكيان بإدانة الأمم المتحدة، فيما ذهبت سلطات الكيان إلى معاقبة المنظمة الدولية، والدول التي صوتت لصالح القرار، بإلغاء زيارات كانت مقررة، ومساعدات لبعضها، وتخفيض «مساعداتها» لبعض هيئات المنظمة الدولية، باعتبارها «معادية لإسرائيل»، ومن بينها اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، وإدارة الأمم المتحدة للحقوق الفلسطينية.
الخطوة الفرنسية، لا شك في أنها مبادرة شجاعة، لا سيما أن فرنسا هي أول دولة عضو في الاتحاد الأوروبي تنفذ هذا الإجراء، لكنها تظل ناقصة ما لم تتبعها خطوات أخرى، سياسية واقتصادية، لوقف تغول الاستيطان الصهيوني، وإمعان الكيان في تحدي الرأي العام العالمي، وكل المواثيق والأعراف والقوانين الدولية. وهي خطوة تحتاج إلى أن تحذو كل دول الاتحاد الأوروبي حذو فرنسا، بل المجتمع الدولي برمته لاتخاذ خطوات مماثلة، وتطوير هذه الخطوات إلى مقاطعة شاملة للكيان، بهدف عزله و»تدفيعه» ثمن احتلاله للأراضي الفلسطينية، وبالتالي إنهاء هذا الاحتلال، وإعادة الأرض والحقوق الفلسطينية إلى أصحابها الشرعيين.

عن الخليج الإماراتية

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا