المبادرة المقدمة من الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني (فدا) إلى اجتماع اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني الفلسطيني المنعقد في بيروت 10-11/01/2017م

تمهيد:
انطلاقاً من الإحساس بالمسؤولية الوطنية، وما آلت إليه حركتنا الوطنية وقضية شعبنا من تراجع كبير، وفي ظل تشظي النظام السياسي وانكشافه الواضح، نتيجة الصراع المحتدم على سلطة تحت الاحتلال، والذي مكن دولة الاحتلال من رفع وتيرة الاستيطان وتهويد القدس، ومواصلة حصارها وحروبها على قطاع غزة، وارتكابها جرائم حرب ترتقي إلى جرائم ضد الإنسانية، فقد بات ملحاً على الجميع التفكير جدياً والعمل من أجل طرح حلول تحافظ على الثوابت الوطنية وتتسم بالمرونة والواقعية السياسية، ويمكن أن تقدم إلى شعبنا والمجتمع الدولي، برنامج وطني قابل للتحقيق وبما يفتح المجال للتقدم نحو إنجاز حقوق شعبنا الوطنية، بما في ذلك إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وحق لاجئيه في العودة وفق القرار الأممي 194، خاصة في ظل انعدام الأفق السياسي الجاد لحل القضية الفلسطينية، وانشغال الدول العربية بحروبها وهمومها الداخلية، والانشغال الدولي بقضايا الهجرة واللاجئين والإرهاب واحتدام الصراع على تفتيت وتقسيم دول المنطقة، ووجود خطر حقيقي يهدد قضيتنا ووجودنا بالتبديد والضياع، خاصة بعد التحول الدراماتيكي المفاجئ في نتائج الانتخابات الأمريكية بانتخاب ترامب وصعود تيار المحافظين الجدد في الإدارة الأمريكية الجديدة، وتأثيرات ذلك على صعيد السياسة الخارجية الأمريكية ٍوبشكل خاص انعكاسه على القضية الفلسطينية، وهو ما يعني اتخاذ سياسة أكثر تشدداً تجاه الحقوق الفلسطينية والمعترف بها دولياً، بما في ذلك مبدأ حل الدولتين وشرعنة الاستيطان والمستوطنات، وعرقلة أي جهود دولية مقابل الضغط للعودة إلى المفاوضات الثنائية التي ثبت عمقها، إضافة إلى احتمالات نجاح اليمين المتشدد في العديد من الدول الأوروبية في الانتخابات القادمة على إثر العمليات الإرهابية وتنامي العداء للأجانب والمهاجرين، وما يعنيه ذلك على صعيد مواقف الاتحاد الأوروبي خاصة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد.
لذا، وفي محاولة جادة لبذل كل جهد ممكن، رغم كل الصعوبات والتعقيدات، نتقدم بمشروع إنقاذ وطني (مبادرة) قد تكون مخرجاً لحالة الاستعصاء القائمة اليوم، وإسهاماً في الحراك لصياغة إستراتيجية فلسطينية موحدة وجامعة، وإعادة القضية الوطنية إلى مسارها الصحيح، تتضمن بحث آليات عمل لبرنامج سياسي واقعيٍ، أساسه وفي مقدمته إنهاء الانقسام وعودة الوحدة الوطنية للنظام السياسي الفلسطيني، وبما يفتح الأفق للعمل الكفاحي الجماعي والهادف إلى تحقيق أهداف شعبنا، آخذين بعين الاعتبار، كل المبادرات القيمة والمخلصة، في محاولة منا جميعاً للخروج من حالة التيه والدوران في حلقة مفرغة.
على الصعيد الفلسطيني:
أولاً: منظمة التحرير الفلسطينية:
1- التسريع بالدعوة لانعقاد لجنة تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية ” الإطار القيادي المؤقت “، وذلك في القاهرة كونها راعية اتفاق المصالحة عام 2011م، وبما يعزز الشراكة الديمقراطية والإسهام في تفعيل دور المنظمة عبر البحث المعمق في كيفية دخول حركتي حماس والجهاد الإسلامي (كمكونين رئيسيين في النسيج الوطني والاجتماعي الفلسطيني) في إطار الهيئات القيادية لمنظمة التحرير من خلال عقد مجلس وطني توحيدي إلى حين إجراء الانتخابات، يعمل على تفعيل وإصلاح وتطوير مؤسسات المنظمة كجبهة وطنية متحدة وهيكليتها على أسس متطلبات الواقع والمستقبل، والإعلان عن إنهاء الانقسام وتشكيل حكومة وحدة وطنية كحكومة خدمات بكامل الصلاحيات.
2- التأكيد على دور منظمة التحرير الفلسطينية كمرجعية سياسية وتنظيمية يقع عليها مسؤولية توجيه ومراقبة عمل السلطة الوطنية ومحاسبة الحكومة (دون انتقاص من دور المجلس التشريعي) باعتبار أن منظمة التحرير هي من أنشأت السلطة الوطنية ومن خلالها الحكومة الفلسطينية، وهو ما يصحح ويعيد التوازن في العلاقة بين المنظمة والسلطة ويوقف استحواذ الحكومة على صلاحيات المنظمة، بما في ذلك العلاقة مع جاليات وتجمعات شعبنا في الشتات ودور السفارات الفلسطينية بالخارج.
3- من موقع الإقرار بوحدة شعبنا الفلسطيني في كل أماكن تواجده، وحق شعبنا في ممارسة كافة أشكال النضال بما في ذلك حقه في ممارسة الكفاح المسلح، كحق يكفله القانون الدولي لنا كشعب تحت الاحتلال، إلا أنه يجب الاتفاق على الأشكال المناسبة لممارسة مقاومتنا في المكان والزمان المناسبين، وبقرار جمعي قيادي دون أخذه منفرداً من قبل أي تنظيم أو فصيل، وعلى هذا فقرار الحرب أو السلام (المفاوضات) يجب أن يبقى قراراً وطنياً في إطار الهيئات القيادية المعترف بها، لآن ذلك ومصير ومستقبل شعب بأكمله هو من يدفع ثمن أي قرار غير صائب.
4- الحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية كجبهة وطنية تضم كل مكونات شعبنا السياسية والاجتماعية، كباقي جبهات التحرر الوطنية العربية والعالمية التي حققت الانتصار، وضرورة العمل على تفعيل دور المجلس الوطني الفلسطيني وتجديد تركيبته بما يتلاءم مع بروز قوى سياسية لم تكن ممثلة فيه أو هيئاته القيادية (مجلس مركزي وهيئة تنفيذية ولجانه المختلفة)، من أجل تعزيز العمل الجماعي الوحدوي، وإلى حين إجراء انتخاباته حيثما أمكن ذلك، وعلى ضوء انتخابات المجلس التشريعي الأخيرة، فإن تركيبة المجلس الوطني التوحيدي يمكن أن تتشكل من:
‌أ. العدد المتساوي لكتلتي فتح وحماس في المجلس الوطني.
‌ب. أعضاء المجلس التشريعي القائم حالياً.
‌ج. كوته للفصائل (م.ت.ف) الوطنية.
‌د. كوته للجهاد الإسلامي.
‌ه. مخيمات اللجوء والشتات.
‌و. زيادة تمثيل الشباب والمرأة.
‌ز. الاتحادات والمنظمات الشعبية.
‌ح. الأكاديميين والشخصيات المستقلة. مع مراعاة الاتفاق على نسب الحجوم بشكل جماعي.
5- البحث المعمق من قبل منظمة التحرير لاستبدال انتخابات المجلس التشريعي بانتخابات برلمان دولة فلسطين، مع ضرورة العمل على بحث الإعلان رسمياً عن دولة فلسطين تحت الاحتلال، وإعادة بناء السلطة الوطنية باتجاه تجسيد دولة فلسطين على الأرض وتشكيل برلمان الدولة من أعضاء المجلس المركزي لمنظمة التحرير والمجلس التشريعي استناداً إلى الاعتراف الدولي بدولة فلسطين عام 2012م.

السلطة والحكومة الفلسطينية:
– تشكيل حكومة وحدة وطنية فور اتفاق هيئة تفعيل المنظمة ” الإطار القيادي المؤقت ” كمهمة مركزية على جدول أعماله، تضم في تشكيلتها الصف الأول من القيادات الفلسطينية والشخصيات الوطنية المستقلة على أن تكون حكومة خدمات وليس لها علاقة بالشأن السياسي الذي هو مكفول فقط لمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني.
– ويكون مهمة الحكومة الفلسطينية العمل خلال عدة أشهر متفق عليها:
1. إعادة توحيد النظام السياسي الفلسطيني/ وزارات مدنية – قضاء – أمن … الخ، وحل مشكلة موظفي حكومة حماس السابقة (كقضية استعصائية أمام إنهاء الانقسام) عبر الاعتراف بهم كموظفين رسميين يتلقون رواتبهم فوراً ويترك للجنة الإدارية المقرة المعالجة النهائية حسب الاتفاقيات الموقعة دون إجحاف بحقوقهم كجزء من أبناء شعبنا خدموا كأمر واقع سنوات عديدة (راتب مقابل عمل).
2. العمل على فك الحصار عن قطاع غزة وتسريع إعادة الإعمار.
3. العمل على تعزيز صمود شعبنا، وتعديل بنود الموازنة باتجاه بناء اقتصاد يعزز وجود أبناء شعبنا على أرضه وتحسين الخدمات المقدمة له في مجالات الصحة والتعليم والخدمات الأساسية من مياه وكهرباء وتقليص نسب البطالة ودعم مزارعي وأهالي المناطق المحاذية للمستوطنات والجدار مع تقليص الموازنات المخصصة للأمن التي تستحوذ على نسبة عالية من الموازنة.
4. إيلاء الاهتمام المطلوب والدعم المادي لتعزيز صمود شعبنا في القدس ومنع استكمال تهويدها.
5. التحضير الجدي خلال تلك الفترة لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية (برلمان دولة) مع الاستفادة من تجربة تعطيل وتأجيل الانتخابات المحلية.
6. توطيد العلاقة مع كافة الدول العربية وخاصة دول الجوار وخاصة بما يتعلق بالتبادل التجاري وفتح أسواق العمل العربية أمام أبناء شعبنا.

مبادرة سياسية تقدم للمجتمع الدولي/ الأمم المتحدة

في محاولة للخروج من حالة الجمود السياسي القائمة اليوم، خاصة في ظل وجود حكومة إسرائيلية هي الأكثر تطرفاً في تاريخ دولة الاحتلال، ومواصلة سياسة التهويد للقدس وزيادة وتيرة مصادرة الأراضي الفلسطينية وتكثيف الاستيطان بشكل لم يسبق له مثيل، ومواصلة شن الحروب التدميرية على قطاع غزة المحاصر منذ سنوات طويلة.
وفي ظل عدم وجود فرصة حقيقية لنجاح ما سمي بالمبادرة الفرنسية الهادفة لعقد مؤتمر دولي، رغم أن سقفها أقل بكثير من الحد الأدنى للحقوق الفلسطينية، فإن المصلحة العليا للشعب الفلسطيني تتطلب من القيادة الفلسطينية (سلطة ومعارضة) الاتفاق على تقديم الرؤى والمبادرات التي تتسم بالمرونة والواقعية السياسية وبعيداً عن السياسات العدمية والمكلفة، تكون قادرة على حشد أوسع قطاعات الشعب حولها وتحظى بقبول عربي ودولي على اعتبار أن الحل السياسي على أساس الشرعية الدولية، هو من أقوى الأسلحة بيد شعبنا الفلسطيني، خاصة وأن مخاطر جدية وحقيقية تلوح في الأفق لتصفية القضية الوطنية وتبديد كل منجزات شعبنا على مدار تاريخه الكفاحي.
وعليه وفي ضوء ما أسفرت عنه نتائج الانتخابات الأمريكية، ودعم واشنطن اللامحدود لحكومة الاحتلال الإسرائيلي، يجب علينا كفلسطينيين أن نكون جاهزين لكل الاحتمالات.
أولاً: عبر تحصين الجبهة الداخلية وإنهاء الانقسام والتشظي الفلسطيني.
ثانياً: عدم تبديد الوقت الذي هو ليس في صالح القضية الفلسطينية خاصة في ظل ما يجري بالإقليم من حروب ومخططات تهدف إلى تدمير الكيانات الوطنية وإعادة رسم خريطة جديدة للمنطقة، وانشغال العالم في قضايا، باتت قضيتنا الوطنية في آخر اهتماماته، وهو ما يعطي حكومة التطرف في تل أبيب، مزيداً من العمل على زيادة وتكريس استيطانها وترسيم كانتونات فلسطينية في الضفة المحتلة وتصفية الوجود الفلسطيني فيما تبقى من القدس، والعمل الجدي على سلخ غزة عن المشروع الوطني، خاصة في ظل التهدئة المجانية القائمة تحت عنوان إسرائيلي (هدوء مقابل غذاء) في ظل الحصار الخانق المتواصل منذ أحد عشر عاماً وغياب مقومات الحياة عن أهلها والتخوف المشروع من حرب جديدة على غزة تكون أكثر دموية وتدميرية تمهيداً لترجمة عملية فصل غزة عن المشروع الوطني ومنع قيام دولة فلسطينية مستقلة.

من هنا ضرورة التسريع بتجميع ما نمتلكه كفلسطينيين من عناصر قوة والتي أبرزها:
‌ب- صمود شعبنا على أرضه وتمسكه بحقوقه الثابتة الغير قابلة للتصرف (حق تقرير المصير وقيام دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران/يونيه عام 67 وعاصمتها القدس وحق عودة لاجئيه وفق القرار الأممي 194) – اتفاق القاهرة عام 2011 الذي تم الإجماع عليه.
‌ج- ورقة الاعتراف العربي والدولي بمنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية.
‌د- العضوية المراقبة لدولة فلسطين وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بقبول دولة فلسطين كعضو مراقب عام 2012.
‌ه- ورقة المقاومة الفلسطينية في غزة والصمود الأسطوري لأهلها.
وفي ظل العملية السياسية المتوقفة (المفاوضات) منذ فترة طويلة، وغياب أي أفق لعملية تفاوضية جدية تحت رعاية دولية ذات شأن، باستثناء ما يجري تسريبه بين الحين والآخر عن هدنة طويلة الأمد في غزة مقابل فك الحصار والاعمار والميناء، وهو ما يعني فصل قطاع غزة عن الكيانية الفلسطينية، لتكون رصاصة الرحمة على المشروع الوطني وحقوقه الوطنية، لذا بات مطلوباً الاتفاق على العناوين الرئيسية لصياغة إستراتيجية هجومية على الصعيد السياسي والدبلوماسي مع إطلاق الكفاح الشعبي الميداني، المقاومة الشعبية بمشاركة الجميع.
ومن هنا، يمكن العمل على دمج ورقة الاعتراف الدولي بمنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية وورقة المقاومة في غزة، بما يمكن البناء عليهما في تقديم عرض موحد يخاطب المجتمع الدولي وبدعم عربي على أساس الرزمة الواحدة:
1- الإعلان عن هدنة في قطاع غزة بإجماع وطني فلسطيني محددة بعام إلى عامين تتوقف خلالها كافة الأعمال العسكرية مقابل فك الحصار وفتح المعابر بما في ذلك إعادة العمل بالممر الآمن بين الضفة والقطاع، وإعادة إعمار غزة.
2- تجميد البناء الاستيطاني ووقف مصادرة الأراضي في الضفة الغربية والقدس.
3- وقف كل الاعتداءات على قطاع غزة بما في ذلك الاعتداءات المتكررة على الصيادين، ووقف الاقتحامات لمناطق الضفة المصنفة A .
4- إطلاق سراح الدفعة الرابعة والأخيرة من الأسرى ما قبل أوسلو وكافة المعتقلين الإداريين.
5- عقد مؤتمر دولي أساسه وضع سقف زمني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتجسيد فعلي على الأرض لقيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران/يونيه عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية على ضوء اعتراف الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2012 مع نهاية الهدنة المحددة.
6- حل كافة قضايا الحل النهائي المتفق عليها (اللاجئين، المستوطنات، الأسرى، ترسيم الحدود، المياه) ضمن السقف الزمني المحدد بنهاية الهدنة.
7- التأكيد على الالتزام بكافة قرارات الشرعية الدولية بما في ذلك مبادرة السلام العربية التي باتت إحدى وثائق المنظمة الدولية.

الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني (فدا)
بيروت 10/01/2017م

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا