حديث القدس: خدعة نتنياهو !!

خرج علينا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو امس خلال استقبال وزير الخارجية النرويجي بتصريحات غريبة عجيبة قال فيها إن مؤتمر السلام الدولي في باريس «خدعة فلسطينية برعاية فرنسية» وأن «مؤتمر باريس يندرج ضمن جهود تدمير السلام»، وهو ما يثير التساؤل ليس فقط حول نوايا ومواقف نتنياهو الذي يسعى جاهدا لإرضاء اليمين الإسرائيلي المتطرف والبقاء في الحكم في الوقت الذي تلاحقه شبهات الفساد والتحقيقات الداخلية في إسرائيل، بل ان هذه التصريحات تثير التساؤل التالي: هل فرنسا الدولة العظمى التي تتمتع بحق الفيتو في مجلس الأمن وأكثر من سبعين دولة ومنظمة دولية، بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية التي سيشارك وزير خارجيتها جون كيري في المؤتمر، هل وقعت فعلا في «فخ» الخدعة الفلسطينية على حد تعبيره؟
وهل يعقل ان يكون هذا الإجماع الدولي، بما في ذلك دول كالولايات المتحدة حليفة اسرائيل، على خطأ بينما نتنياهو وحده على صواب؟!
المفارقة السخيفة أيضا ان يطلق نتنياهو هذه التصريحات أمام وزير خارجية النرويج، التي قامت بدور هام في عملية السلام واتفاقيات أوسلو، والعضو في الاتحاد الأوروبي الذي يؤيد عقد مؤتمر باريس ويدين سياسات الاستيطان التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي.
إن ما يجب ان يقال هنا ان الخدعة الحقيقية التي يتحدث عنها نتنياهو إنما هي الخدعة التي يخدع بها نفسه أولا ثم الخدعة التي يحاول خداع الإسرائيليين بها وإيهامهم بأنه حريص على مصالح إسرائيل، والخدعة الأكبر محاولة نتنياهو تضليل الرأي العام العالمي بان الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي لدفع عملية السلام قدما إنما هي معادية لإسرائيل وتدمر عملية السلام.
ما يعرفه نتنياهو ويدركه جيدا ان مؤتمر باريس وجهود المجتمع الدولي بشأن السلام إنما تدمر أطماع التوسع والاستيطان والاحتلال التي يسعى نتنياهو وحلفاؤه في اليمين الإسرائيلي المتطرف في ائتلافه الحكومي الى تحقيقها ولهذا يرفض نتنياهو ومسؤولو حكومته اليمينية أي جهد حقيقي للتقدم نحو السلام.
ومن الأجدر بنتنياهو ان ينظر حوله ليدرك انه بات معزولا تماما في مواقفه المتطرفة هذه، فهو هاجم إدارة اوباما ووزير الخارجية كيري، كما هاجم الأمم المتحدة ومجلس الأمن والدول الـ ١٤ التي صوتت لصالح القرار ٢٣٣٤ الذي يدين الاستيطان ويؤكد وحدة الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس العربية، وهاجم المواطنين الفلسطينيين وأحزابهم في إسرائيل كما هاجم اليسار الإسرائيلي … والقائمة طويلة، ويبدو انه بات رهينة للمستوطنين وغلاة المتطرفين وممثليهم في ائتلافه الحاكم وفي مقدمتهم نفتالي بينيت رئيس حزب «البيت اليهودي» المتشدد.
وأخيرا نقول لنتنياهو وحكومته، إن فرنسا ترفض بالتأكيد هذا الكلام الفظ وكأنها لا تميز بين الحق والعدل والحرية وبين الاحتلال غير المشروع لتقع في خدعة هذا الطرف او ذاك بل ان تجربتها السياسية والدبلوماسية تفوق تجارب نتنياهو وحكومته مئات الأضعاف وتمتد الى مئات السنين وليس الى ٦٩ عاما منذ قيام إسرائيل.
كما ان الجانب الفلسطيني الذي يحاول نتنياهو تصويره بالمخادع يرفض هذه الوقاحة الإسرائيلية وهذه الغطرسة وكأن النضال الفلسطيني السياسي والدبلوماسي الذي يستند الى الشرعية الدولية والقانون الدولي ومبادىء الحق والعدل إنما هو خداع، وعلى نتنياهو ان يدرك ان الخداع الحقيقي هو موقفه وموقف حكومته اللا أخلاقي الذي يدافع عن احتلال غير شرعي واستيطان غير شرعي أدانه العالم أجمع. ولعل شبهات الفساد التي كشفتها وسائل الإعلام الإسرائيلية وجرى التحقيق فيها تدلل من هو المخادع الحقيقي.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا