د. ناصر القدوة لـ”القدس”:نقل السفارة سيؤدي لقطع العلاقات مع موظفيها واغلاق مكتب التمثيل في واشنطن

* نقل السفارة سيفقد الولايات المتحدة دوره الوسيط وسيؤدي إلى قطع العلاقات مع كادر السفارة وإغلاق مكتب التمثيل الفلسطيني في واشنطن

* مؤتمر باريس حقق نجاحا والقرار 2334 شكل اضافة نوعية لمنظومة القوانين الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية ولن يكون بوسع ترامب الغاؤه

* توزيع المهام داخل اللجنة المركزية سيتم قريبا والتأخير ناجم عن خلل متراكم في التعامل مع نصوص النظام الداخلي للحركة

* تجربة حماس فشلت وعليها أن تتنازل عن حكم غزة كمقدمة لاستعادة الوحدة وعلى فتح أن تقبل بشراكة كاملة مع جميع الفصائل

* أتوقع تصعيداً في الازمات المفتوحة في العالم العربي خلال حقبة ترامب ولمصر دور اساسي في تعديل السياسة الامريكية في المنطقة

رام الله – بذكاء السياسي، وكياسة الدبلوماسي، أجاب د. ناصر القدوة عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ، والمندوب السابق لفلسطين في الهيئة الدولية، على أسئلة اللّحظة الحرجة، والتي بلغت ذروتها بتسلم الرئيس الامريكي المنتخب دونالد ترامب مقاليد الحكم في الولايات المتحدة، على وقع احتجاجات في أكثر من منطقة في العالم، بسبب سياساته المرتقبة إزاء العديد من القضايا الداخلية والخارجية.

القدوة الذي أجاب بهدوء على الاسئلة القلقة لم يخف قلقه من خطوات غير متوقعة في سلوك القادم الجديد للبيت الابيض، خاصة في ضوء ما صدر عنه من عبارات خلال خطاب التنصيب الشعبوي والذي جاء خارجا عن مأوف الخطب الرئاسية في مثل هذه المناسبات. وفيما يلي النص الكامل للمقابلة:

دونالد ترامب….. رئيسا للولايات المتحدة !

س: في خطاب التنصيب رفع ترامب شعار ” أمريكا أولا”، ما هي دلالات ومعاني هذا الشعار ؟ هل يعني انكفاء أمريكا الى الداخل والتوقف عن تدخلها في القضايا العالمية؟

ج. هناك توجهات عامة لترامب تتضح أكثر فأكثر يوما اثر يوم بما في ذلك الموقف الشعبوي العام المعادي للمؤسسة القائمة والمعادي للنخبة بشكل عام وربما المعادي للتجارة الحرة والعولمة وواجبات الولايات المتحدة في الخارج.

ان معسكر ترامب عبارة عن تحالف بين مجموعتين أساسيتين، الحزب الجمهوري التقليدي” اليمين” و المجموعة الشعبوية و ربما هو اقرب اليها حيث شهدنا ذلك خلال فترة الانتخابات.

خطاب امس جاء ليؤكد كل ذلك حيث ابتدأه بهجوم شرس على المؤسسة القائمة في واشنطن و ذهب باتجاه “أمريكا أولا”، ولكنني أرى أن هذا فهم سطحي و شعبوي للمسائل و العلاقات الدولية و للنظام الدولي الناشئ بعد الحرب العالمية الثانية و محاولة لاستغلال مشاعر الكثير من الامريكيين المحقين في غضبهم نحو المؤسسة و التغييرات الاقتصادية، فلا أحد يمكنه أن ينكر ان الطبقة الوسطى في الولايات المتحدة قد تضررت من جراء العولمة و نقل الصناعات للخارج.

ان المعركة الأساسية هي الان بين الديمقراطيين و الليبراليين و معسكر ترامب، وهناك معارك أخرى داخل المعسكر نفسه بين الحزب الجمهوري التقليدي و المجموعات الشعبوية الأخرى.يصعب التنبؤ بالسياسات الثابتة لأن أحدى السمات التي نراها بوضوح هي العاطفية بدرجة عالية والتقلب في المواقف. علينا أن ننتظر لنرى أين ستذهب الأمور بالنسبة للقضايا الدولية عامة او بالنسبة لنا فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي و الوضع في منطقة الشرق الاوسط بشكل عام.

س: بعد خطاب التنصيب هل ترى أن ترامب المرشح مختلف عن ترامب الرئيس؟

ج. لا.. لا يبدو ان هناك اختلاف ، والخطاب جاء ليؤكد الاتجاه العام الذي اتبعه ترامب خلال حملته الانتخابية ومع ذلك نلاحظ بعض التناقضات، على سبيل المثال رحب ترامب واشاد بهيلاري و بيل كلينتون في حفل الغذاء و طلب من الحاضرين الوقوف احتراما لوجودهما بالرغم من انه في فترات سابقة هدد بمحاكمتها و تعيين مدع خاص للبحث و التحقيق معها.

س: في خطاب التنصيب شن ترامب هجوما على اسلافه من رؤساء أمريكا، هل هذا يعني انقلابا في السياسة الأمريكية داخليا وخارجيا؟

ج: دونالد ترامب هاجم كل المؤسسة الامريكية سواء السياسية أو الأمنية أو الإعلامية و كل ما هو قائم في الولايات المتحدة الأمريكية و أسلافه من الرؤساء واعتبرهم اعداء و هذه واحدة من المشاكل الكبرى التي ستواجهه الان، مثلا علاقته مع المؤسسة الأمنية لكن حتما ستتغير الامور لأنه بالرغم من عدم وضوح السياسات و المواقف و صعوبة التوقع لكن الاتجاه العام واضح. ان اعادة النظر من قبل الإدارة الامريكية في اتفاقية التجارة الحرة التي تعنى بالعلاقة التجارية بين الولايات المتحدة و الصين و استراليا و الدول الاسيوية الأخرى هذا سيترتب عليه أمور ضخمة من حيث العلاقات المالية و الاقتصادية و السياسية.

س: اشارات ترامب الايجابية تجاه روسيا، هل تؤسس في العهد الجديد الى تفاهمات مشتركة بين العدوين التقليديين في ظل تنامي الدور الروسي في الشرق الاوسط و العالم؟

ج: سؤال مهم لكن يصعب الإجابة عليه ، فان موقف ترامب المرحب بعلاقات ودية و طيبة مع روسيا موقف شخصي… فالولايات المتحدة أكثر تعقيدا من ذلك ذلك ان الاتجاه التقليدي في الحزب الجمهوري لن يكون مرحبا بهده العلاقات الودية مع روسيا حتى بعض كبار الموظفين في الإدارة الذين رشحهم ترامب لتولي مسؤوليات كبيرة، لديهم وجهة نظر مختلفة و متحفظة اكثر باتجاه روسيا، بالنهاية سيكون هناك حصيلة أحيانا سيتمكن ترامب من الدفع باتجاه موقفه لكن في أحيان أخرى ستتمكن المؤسسة الحاكمة من معادلة هذا الضغط و التوصل الى حل وسط .

تقديري الشخصي لن يكون هناك ما يمكن وصفه بتحالف او علاقة ممتارة مع روسيا سيكون هناك نوع من الحل الوسط و تحسين العلاقات الروسية الامريكية و نوع من أنواع التفاهم حول بعض الامور لكن في نفس الوقت ستستمر المسائل التي عليها خلاف أساسي بما في ذلك أوكرانيا و ربما جزئية من سوريا.

س. يكاد ترامب يكون اكثر رئيس امريكي واجه احتجاجات يوم تنصيبه، ما دلالات هذا الهجوم، وماذا لو نفذ ترامب وعوده وتهديداته هل سنشهد احتجاجات اكبر؟

ج. ترامب قادم من خارج المؤسسة السياسية، لم يعمل في السياسة قط وهو ليس رجلا عقائديا و مع ذلك تبنى مواقف بلا شك تسببت في ردود فعل سلبية كبيرة لكل التيار الليبرالي ” الديمقراطي” الذي يرى ان أوباما استطاع تحقيق الكثير من المكاسب سواء في مجال التأمين الصحي او المرأة أو حتى حقوق المثليين. أما المواقف التي تبناها ترامب فهي التي قادت لرد فعل سلبي من كل هؤلاء باعتبار ان هذا الرجل معاد لتلك السياسات ويجب التصدي له، كما أن الحزب الجمهوري التقليدي غير موافق على السياسات المعادية للتجارة الحرة و العولمة و مسألة التقارب مع موسكو.

قنبلة نقل السفارة!

س: هل من الممكن ان يقدم ترامب على نقل السفارة؟ وما المخاطر التي ينطوي عليها مثل هذا الاجراء ان حدث؟

ج: منطقيا يمكن الرد انه من غير الممكن نقل السفارة، لكن واقعيا يمكن ، و هذا امر سيكون في غاية الخطورة وسيكون له تبعات واسعة بعيدة المدى ، و ستعني الكثير من الامور، أولا بالنسبة للجهات غير الفلسطينية و غير الإسلامية و غير العربية، لن يكون هذا امر مريح بل سيكون امرا مزعجا للغاية لانه يعني التخلي عن مصالح دول عديدة موجود في القدس، و التخلي عن فكرة وجود نظام دولي ما للاماكن المقدسة و التخلي عن فكرة وجود ديانات سماوية ثلاثة مرتبطة في هذا المكان، حيث ستبدو هذه الخطوة إقرارا بسيادة إسرائيلية على القدس وهذا الامر سيكون في غاية السوء، ثم نأتي للقصة القانونية فمثل هذه الخطوة تشكل انتهاكا جسيما للقانون الدولي الإنساني و اتفاقية جنيف الرابعة بشكل خاص و انتهاكا لقرارات مجلس الامن ذات الصلة بما في ذلك القرار الأخير الذي تم اعتماده في ديسمبر الماضي ولذي نص بشكل واضح انه يجب الا يتم الاعتراف بأي تغيير في حدود ١٩٦٧ بما في ذلك القدس الا من خلال اتفاق بين الطرفين.

ان مثل هذا الامر سوف يشكل انتهاكا من قبل الولايات المتحدة لاتفاقيات دولية ، بما في ذلك اعلان المبادئ العامة 1993 ” اتفاقية أوسلو” حيث يمثل نقوصا عن التعهدات السابقة للولايات المتحدة بما في ذلك رسالة الضمانات التي قدمتها الحكومة الامريكية للجانب الفلسطيني قبل مدريد.

هناك أمور خطيرة تمس النظم الدولية و القانون الدولي اذا ما نقلت السفارة.

اما بالنسبة للفلسطينيين فهذا سيشكل اعتداء صارخا على الحقوق الوطنية و المدنية الفلسطينية والحقوق الدينية للمسلمين و المسيحيين في العالم.

اما على الجانب السياسي فان هذه الخطوة تعني التخلي عن فكرة التوصل الي حل سياسي عبر المفاوضات و التخلي عن اتفاقات أوسلو و تبعد إمكانية الحل السياسي و تُخرج الولايات المتحدة من دور الوسيط و الطرف المؤثر في العملية السياسية باتجاه حل سياسي فتصبح طرفا مباشر في الصراع.

انه من الضروري توضيح الامور قبيل تنفيذ الخطوة التي سيترتب عليها المواقف الفلسطينية التالية: نقل السفارة يعني الغاء الوجود الأمريكي مع الجانب الفلسطيني وعلى الجانب الفلسطيني ان يقطع علاقاته مع الكادر الرسمي للسفارة الامريكية الموجود بشكل غير قانوني في القدس و مرتبط بهذا التمثيل السياسي الفلسطيني في واشنطن، حيث يجب اغلاق مكتب التمثيل الموجود هناك، فيجب ان يتم هذا بالرغم من ضرورة استمرار الاستعداد الفلسطيني للحوار مع الولايات المتحدة بأشكال أخرى لكن هذه القنوات الرسمية يجب أن تتوقف.

يجب أن يكون واضحا للجهات الفلسطينية ان الولايات المتحدة الامريكية لم تعد وسيطا اذ ليس من الممكن التعاون معها لأنها أصبحت طرفا و بالتالي من الضروري البحث عن اليات مختلفة لأي عملية سياسية قادمة.

لا بد من عمل و تعاون جدي مع العرب و بشكل خاص الأردن و مصر باعتباهما معنيين بشكل مباشر بهذا الموضوع، فالوصاية على الاماكن المقدسة تشكل أهمية كبيرة لهم، فيجب ان يكون هناك نوع من التنسيق و التعاون الحقيقي و العمل المشترك مع الأطراف العربية لاتخاذ مواقف مشتركة بما في ذلك ردود الفعل تجاه الولايات المتحدة الامريكية، كما يجب ان يتم تعاون مع المجموعة الإسلامية و الكثير من الدول الصديقة في هذا العالم. كما يجب ان نتقدم بشكوى الى مجلس الامن ضد الولايات المتحدة الامريكية باعتبارها تنطوي على انتهاك للقانون الدولي.

يمكن تقديم مشروع قرار قصير ومختصر يطلب من الولايات المتحدة الامريكية سحب السفارة من القدس و هذا تم سابقا عندما طلب من بعض الدول “السلفادور و كوستاريكا” التي كان لها سفارات في القدس ان تسحبها و نفذت هذه الدول طلب مجلس الامن.

يمكن النظر ايضا في تحركات قانونية أخرى في محكمة العدل الدولية سواء على أساس النزاع اذا قبلت الولايات المتحدة واعتقد انها لن تقبل او على أساس الفتوى القانونية المطلوبة من الجمعية العامة. اضيف الى ذلك التحرك الشعبي، فتحرك الجماهير مسألة مركزية سواء على مستوى فلسطيني أو عربي أو الدول الإسلامية، و نتوقع غضبا شديد من قبل جميع الشعوب المعنية بهذا الأمر.

س. هل بامكان ترامب أن يوقف قرار مجلس الأمن 2334، وما الاهمية التي ينطوي عليها هذا القرار في ضوء تراكم قرارات سابقة ليست سوى ملف على الرف؟

ج. لا يستطيع ترامب إيقاف هذا القرار بالرغم من ان الكونغرس قدم مشروعي قرار يطالب بإلغاء القرار او سيكون هناك حجب للمساهمات المالية الامريكية من الامم المتحدة وهذه التهديدات ليست بجديدة، و اشير الى انه اذا قامت أي دولة بعدم دفع مستحقاتها للأمم المتحدة، وبلغت ديونها اكبر من حجم مساعداتها خلال عامين فستحرم من التصويت ، وانا هنا أؤكد ان الولايات المتحدة لن تصل الى هذا الحد لان هناك مصالح مباشرة لها، يمكن الاستمرار في الضغط او حجب الدعم عن بعض المشاريع والبرامج و لكن يستحيل ان يكون هناك وضع يؤثر على مجلس الامن او يؤدي الى الحصول على الاغلبية اللازمة بدون الفيتو لإلغاء القرار. انه من الضروري جدا التمسك بالفتوى القانونية لمحكمة العدل الدولية و المنظمة القانونية التي بناها الشعب الفلسطيني و الدبلوماسيين الفلسطينيين في الامم المتحدة.

ان القرار مهم و قد أضاف إضافة قانونية مهمة لهذه المنظومة التي يجب التعامل معها بشكل متكامل و تنبع أهمية القرار في التوقيت حيث ان إسرائيل عبر السنوات الماضية اتبعت استراتيجيات معينة لتحقيق تقدم جزئي تراكمي يقود الى الغاء حل الدولتين الا ان القرار جاء ليغير الموقف الدولي فيما يتعلق بالكتل الاستعمارية و هذا القرار عرقل الاستراتيجية الإسرائيلية و أعاد الامور مرة أخرى الى نصابها و هذا انجاز مهم واضافة لتأكيد الموقف القانوني تجاه المستعمرات باعتبارها غير قانونية وتشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي. ان القرار يحتوي على أمور مهمة منها التأكيد على خطوط 1967 وعدم القبول بأي تغييرات تقوم بها إسرائيل بما يتعلق بهذه الخطوط بما في ذلك القدس الا اذا كان هناك اتفاق بين الطرفين.

أما مسألة التمييز، فالقرار يطلب من الدول ان تميز بين إسرائيل و الأراضي المحتلة عام 1967 أي يشجع هذه الدول على اتخاذ إجراءات قائمة على هذا التمييز ضد أي محاولة لإسرائيل بالقيام بأعمال غير قانونية للأرض الفلسطينية المحتلة وهنا يأتي وسم منتجات المستعمرات و إيجاد منظومة عقوبات ضد المستعمرات و المستعمرين و أي هيئات عاملة في الأراضي الفلسطينية المحتلة بشكل غير قانوني.

مؤتمر باريس … نجح أم فشل؟

س. هل ترى ان مؤتمر باريس حقق النجاح المرجو، وما هي اهم النتائج التي خرج بها، وما الذي قصدته بقولك في محاضرة القيتها مؤخرا أن شبح ترامب خيم على نتائج المؤتمر؟

إن مؤتمر باريس للسلام نجح، و فرنسا نجحت في الصمود في وجه العداء الإسرائيلي المطلق للفكرة ومحاولة تعطيلها.

ان الفكرة في الأساس جاءت بسبب شعور الفرنسيين بوجود وضع خطير في المنطقة و ضرورة إعادة القضية الفلسطينية و الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الى مقدمة اجتماعات المجتمع الدولي و لا بد من تغيير المقاربة فيما يتعلق بالتسوية، فالأمر لا يترك للأطراف فقط بل هناك مسؤولية دولية وعلى المجتمع الدولي ان يمارس هذه المسؤوليات ويساعد الأطراف للتوصل الى تسوية.

سياسات ترامب المرتقبة تجاه المنطقة العربية

س: بينما تواصل الحرائق اشتعالها في المنطقة العربية منذ خمسة اعوام، كيف ترى مستقبل هذه المنطقة في ظل إدارة أمريكية جديدة بقيادة ترامب هل نتوقع حلا للازمات ام تصعيدا لها؟

ج: إن المنطقة العربية تعيش فترات صعبة للغاية و نشهد تفككا للعديد من الدول الكبرى و المهمة التي كان لها دور في القضية الفلسطينية و النضال الفلسطيني و هناك اشكال لا بد من معالجته. ترامب لم يترك مجال للشك ان مسألة مواجهة الإسلام الراديكالي يأتي على رأس يسلم الأولويات لديه باستخدامه عبارة ” سوف نقتلع هذا الإسلام الراديكالي” و بالتالي يجب أن نتوقع تصعيدا من جانبه و لهذا علينا بكل الوسائل أن ننبذ الطائفية و نعتمد الانتماء العربي كأساس لهذا الحل، حتى في علاقاتنا مع ايران، فأنا أقر أن هناك مشاكل مع السياسات الايرانية ونحتاج الى سياسات مختلفة سواء بالحوار او المواجهة و يجب ان نجرب الحوار ليس على قاعدة سني و شيعي انما على قاعدة إيراني عربي.

س: تشهد بعض الدول العربية ظروفا اقتصادية صعبة جدا، خاصة في مصر و الأردن هل من الممكن ان تؤدي هذه الأوضاع الى عدم استقرار ونشوء صراعات اكبر في المنطقة؟

ج: إن الوضع الاقتصادي احد العوامل المهمة جدا، و للأسف نشهد تراجعا كبيرا في الوطن العربي بالرغم من الثروات الطبيعية و البترول و كل المقدرات الأخرى، اذا ما تمت مقارنة الوضع العربي بدول اسيوية قبل 30 عاما نجد ان هناك فجوة كبيرة ، هناك مشكلة في الانتاجية في العالم العربي بسبب السياسات المتبعة من قبل الدول و الحكومات ولكن هناك سبب اخر وهو الثقافة الموجودة في هذه المجتمعات وهنا لا بد من معالجة مسألة هامة وهي قيمة العمل و الإنتاج و إعطاء العمل حقه ليكون في سياق سياسات اقتصادية سلمية تشجع القطاعات الانتاجية.

س: لاحظنا ان ترامب شن هجوما ضد دول الخليج، ودعا لاعتماد سياسة الدفع مقابل الحماية … هل ستشهد العلاقات الامريكية الخليجية تغييرا في عهد ترامب؟

ج: الدول الخليجية بالتأكيد لديها مخاوف و قلق في هذا المجال، لكن علينا الانتظار لنرى كيف ستسير الامور في هذا المجال، أنا أرى ان هناك علاقات مصرية أمريكية طيبة و مميزة، فهناك توافق على بعض الامور السياسية العامة، و قد تستطيع مصر ان تلعب دورا أساسيا في التوصل لسياسات أمريكية مطلوبة بخصوص ملف دول الخليج، أو القضية الفلسطينية أو غيرها من القضايا.

الملفات الداخلية المفتوحة

س: بعد أسابيع على انتخاب اللجنة المركزية لحركة فتح ما زالت هناك الكثير من الملفات و القضايا العالقة، سواء ما تعلق منها بتوزيع المهام داخل اللجنة، او ما يتعلق بالعلاقة مع حركة حماس، او انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني.

ج. بداية إن توزيع المهمات لم تتم حتى الان، هناك بعض الصعوبات وخلل متراكم نتج عن تراكمات في النظام الداخلي و عدم وضوح بعض الأمور بما فيها المسؤوليات المختلفة لأعضاء اللجنة المركزية في مواقع مختلفة، و مع ذلك اعتقد انه سيتم قريبا توزيع هذه المهام او معظمها.

أما بالنسبة للعلاقة مع حركة حماس، فقد شهدنا بعض الخطوات الأخيرة مثل اجتماع في بيروت لتحضير المجلس الوطني و اجتماع اخر في موسكو بين الفصائل لإنجاز خطوات معينة باتجاه المصالحات الداخلية لإعادة الوحدة.

وجهة نظري الشخصية انه من الضروري استعادة الوحدة خصوصا بين فتح وحماس وهناك 3 متطلبات للأمر المركزي، أولا ان تقبل حماس بشكل واضح وصريح بالتخلي عن حكمها لقطاع غزة و عودة القطاع لحكم المنظومة الفلسطينية الموحدة، و قد يكون هذا صعب على حماس بمعزل عن الأمور الأخرى، لكنها تعي الان انه من الاستحالة الاستمرار في الوضع القائم في قطاع غزة فالتجربة لم تنجح و لا يوجد افق لنجاحها.

في المقابل لا بد لفتح ان تقبل بشراكة جديدة وكاملة مع حماس و الفصائل الأخرى في النظام السياسي الفلسطيني المعاد تشكيله.

وأخيرا لا بد ان يتم كل ذلك بناء على قاعدة برامج سياسية واضحة.

أما بالنسبة لانعقاد المجلس الوطني البعض يتكلم عن مجلس وطني جديد، لكن كيف من الممكن ذلك دون الحديث عن الوضع في قضايا قطاع غزة، و دون وجود تفاهم حول مجمل الوضع الفلسطيني.

أرى انه من الضروري تشكيل مجلس وطني قديم بمشاركة حماس من خلال المجلس التشريعي وربما بأشكال أخرى لإيجاد تغييرات جديدة و الانطلاق بعد ذلك لاستعادة الوحدة بشكل واضح وعلى أسس متفق عليها تقود الى مجلس وطني جديد كجزء من الاتفاق الوطني العام الذي يؤسس لوحدة وطنية شاملة.

“القدس”دوت كوم

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا