الحمد الله في تأبين كابوتشي: كان أيقونة العمل النضالي ونموذج المدافع الصلب عن القدس

قال رئيس الوزراء رامي الحمد الله: “إن المطران الراحل هيلاريون كابوتشي، كان وما زال أيقونة العمل النضالي بين رجال الدين، وشكّل مثالا على رجل الدين المناضل الملتزم بقضايا أمته وعروبته وإنسانيته أيضا”

وأضاف في حفل تأبين المطران كابوتشي، اليوم الثلاثاء برام الله: “تحتشد فينا مشاعر الحزن والاعتزاز معا، ونحن نشارك في تأبين المناضل العربي الكبير، والأسير المحرر من سجون الاحتلال”.

وقال رئيس الوزراء: “أقدم أحر التعازي وأصدق مشاعر المواساة، نيابة عن فخامة السيد الرئيس محمود عباس، وبالأصالة عن نفسي ونيابة عن الحكومة، لأهل وذوي المناضل كابوتشي خاصة في مسقط رأسه حلب، ولكافة أصدقائه من مناصري القضية الفلسطينية ومن أحرار العالم أجمع، وأن أعبر عن كامل التقدير والإكبار له، فقد كان أسيرا حرا، ومبعدا مناضلا، فمثّل طيلة حياته، نموذج المدافع الصلب عن القدس ومقدساتها، وعن حق أبناء شعبنا في الحرية والاستقلال وتقرير المصير”.

وتابع الحمد الله: “نجتمع اليوم في وداع المناضل كابوتشي، والاحتفاء بتاريخه النضالي الغني، حيث كان المطران طيلة فترة إقامته في القدس، شاهدا من شواهد التآخي والمحبة بين أبناء أمتنا العربية وأبناء شعبنا الفلسطيني الذين يعيشون في كنف القدس بهذا التنوع الديني والاجتماعي والثقافي، ويمثلون بذلك الوحدة المتينة لنسيج المجتمع الفلسطيني، وجو التسامح المسيحي-الإسلامي الذي يعد مثالا يحتذى به في العالم أجمع، ويجسدون أيضا نموذجا مشرفا في الوحدة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وممارساته العنصرية. ففي وطننا، عندما يمنع الاحتلال الأذان في مساجدنا، ترفعه الكنائس، تجسيدا لأبهى صور التآخي والتحدي”.

وأردف رئيس الوزراء: “لقد سكنت فلسطين، قلب ووجدان كابوتشي، فقد تعرض للاعتقال والأسر فيما كان مطرانا للقدس، وأحد أهم سدنة كنائسها، وأبعده الاحتلال عنها إلى روما التي بقيت حاضنة وفيّة لنضاله، ورغم ذلك استمر في الدفاع عن قضيتنا العادلة، وشارك في قوافل الإغاثة وكسر الحصار التي توجهت إلى غزة، وتعرض لإطلاق النار والإبعاد مرة أخرى. فمن فلسطين إلى روما مبعدا، ومن روما إلى فلسطين محبا ومتضامنا ومدافعا. بقيت القدس أقرب من أي مكان إلى كابوتشي، وبقي متمسكا بالدفاع عن عروبتها وقدسيتها، فظلت القدس والقضية الفلسطينية لديه أهم من أي جنسية أو هوية، فكان الانتماء لفلسطين هويته، وكانت عروبة القدس له جنسية”.

وأوضح الحمد الله: “إن مسيرة المناضل كابوتشي لهي دليل آخر على أن أبناء الأمة العربية لم يتركوا شعبنا يتصدى وحده للاحتلال، بل انخرطوا، على مختلف انتماءاتهم الدينية والجغرافية، في النضال الفلسطيني العادل، وعلى مختلف المستويات. وفي هذا المقام، فإنني أدعو كافة الأشقاء العرب إلى مزيد من الالتفاف حول القضية الفلسطينية واتخاذ موقف موحد وعاجل لحماية القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية فيها، وضمان إنفاذ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية. وسنواصل التنسيق المباشر مع الأشقاء العرب، ومع القوى المؤثرة في العالم، لمنع توجه الإدارة الأمريكية لنقل سفارتها إلى القدس، ففي ذلك خرق صارخ للقانون الدولي وللالتزامات الدولية واعتداء صارخ على حقوقنا في القدس، بل وتدمير لحل الدولتين ولمرجعيات العملية السياسية”.

وأضاف رئيس الوزراء: “ماضون بقيادة فخامة الرئيس الأخ محمود عباس، في الدفاع عن المقدسات المسيحية والإسلامية، وإيلاء القدس أقصى درجات المسؤولية والاهتمام، ونحن مستمرون في دعم مؤسسات القدس، وفي دعم صمود المقدسيين في وجه كافة ممارسات إسرائيل العنصرية وسياساتها في هدم المنازل، ومصادرة المزيد من الأراضي، ومحاولاتها طمس هوية وتاريخ القدس وفصلها عن محيطها، واقتلاع أبناء شعبنا منها”.

واختتم الحمد الله كلمته قائلا: “أستذكر وإياكم، كلمات صاحب النيافة المطران كابوتشي التي كان يصدح بها متحديا ظلم الاحتلال وجبروته، فقد كان يقول: “أنا عربي من القدس أعاني كما المسيح في سبيل السلام والعدل”. وقوله: “أنا عن قدسي بعيد جسما، إنما أنا دائما هناك في قدسي، وسأعود إلى القدس، وسأعود إلى القدس، وسأعود إلى القدس”. نتمنى لو أنه عاش حتى نشهد سويا لحظة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. لروحه الرحمة، عاش مناضلاً ورحل مناضلاً، وستبقى ذِكراه تحيا في قلوبنا وفي القدس ولن تَموتْ”.

وكان قد تخلل حفل تأبين المناضل الراحل كابوتشي، القاء العديد من الكلمات باسم منظمة التحرير وممثلي الفعاليات الوطنية والدينية.

وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس اللجنة العليا لشؤون الكنائس حنا عميرة: “إن حياة المطران كابوتشي كانت حافلة بالعطاء والتضحية، فقد كان قائدا ناضل من أجل فلسطين وكان سيادة الرئيس محمود عباس يلتقي به بشكل دائم وقد حرصنا في اللجنة العليا للكنائس على التواصل معه ووضعه بصورة عملنا”.

وأضاف “إن المطران كان منفتحا ومفعما بحب كل أبناء فلسطين ولم يكن سوريا بل عربيا أحب فلسطين وكان منفتحا على جميع الشعوب، وكان يئن حزنا على ما حل بوطنه سوريا من تدمير وخراب، ودعا لوقف الحرب الأهلية كما حذر من خطر التطرف والعنصرية، وكان آخر رسالة كتبها أعطى فيها بركته لافتتاح السفارة الفلسطينية في الفاتيكان.

وقال: لنا فيما خلفه المطران الراحل حياة زاخرة ما يجعله دائم الوجود في ذاكرتنا ومحفزا لاستنهاض الهمم واستكمال المسيرة.

إلى ذلك، افتتح الأب عبد الله يوليو راعي كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك برام الله، كلمته بشكر رئيس دولة فلسطين محمود عباس واللجنة العليا لشؤون الكنائس وكل القائمين على إحياء حفل تأبين المطران كبوتشي.

وأضاف ” أقف حائرا وعاجزا عن الكلام في مثل هذا اليوم وفي مثل هذه المناسبة، فالمطران كابوتشي لم يكن مهتما بتحرير جسده بقدر كان يعنيه تحرير أرض فلسطين”.

إلى ذلك قال المفتي العام لقدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين، إن المطران كبوتشي كان في حياته رجل دين متميز يطلب ممن يريد أن يساعده ليمر على الكنيسة في يوم الأحد، وهذه رسالة كبيرة فكان يتحلى بكل المعاني الكريمة التي تتحلى بها الكنيسة، وقد أعطى مثالا حيا لرجل الدين الصالح.

وأضاف الشيخ حسين أن المطران كابوتشي يحتذي خطوات المسيح في كنيسته ورسالته ومحبته للقدس التي هي مدينة السلام وأي سلام في العالم لن يتحقق إلا بتحقق السلام في مدينة القدس، وكابوتشي هواه كان فلسطينيا وهو فلسطينيا بامتياز وناضل على مدار سنواته من أجل فلسطين وبقي صامدا على مواقفه الوطنية فاستحق بوصفه بأنه راهب الثورة بامتياز.

إلى ذلك قال عضو اللجنة المركزية لفتح محمود العالول في كلمة الحركة، “إن المطران كبوتشي كان شخصا متميزا في كل مناحي حياته فهو كان يرعي الرعية من كل الطوائف وهو موجود في قلب كل مقدسي عاصره في القدس، وقد واصل نضاله لخدمة شعبه بنقل السلاح لأبناء شعبه، فهو يدرك أن مهمته كمطران في القدس هو المساهمة في رفع الألم والمعاناة وقد بذل جهدا كبيرا لرفع المعاناة عن أبناء شعبه.

وشدد العالول على أن المطران كابوتشي كان يحب السلام ويسعى من أجل السلام وصناعة السلام، ولكنه كان يدرك أنه لا يمكن أن يصنع السلام دون امتلاك التأثير والضغط على الاحتلال، فالثوريون لا يموتون أبدا، ومبادئ كابوتشي لم تتغير بالسجن أو الإبعاد واستمر في نضاله حتى بعد إبعاده وقد حاول العودة أكثر من مرة في سفينة الحرية واسطول العودة.

وقال العالول إن كابوتشي انحاز للحرية وكان يرى أن السعي للحرية هي الصلاة الأفضل عند الله، وقد علمنا أن الانتماء للفكرة هو اكثر ثباتا ورسوخا من الانتماء للجغرافيا، فهو اختار أن ينتمي لوطن المناضلين من أجل الحرية.

إلى ذلك، قال قيس عبد الكريم في كلمة القوى والفصائل لمنظمة التحرير، إن كبوتشي انتمى لفلسطين طوعا وأدرك ماذا يعني الشعور بالانتماء لفلسطين، فهو ابن حلب الشهباء اختار أن يكون فلسطينيا بكل ما تعنيه هذه الكلمة.

وأضاف عبد الكريم كابوتشي أدرك أن الرسالة هي ليست مجردة دعوة إلى كلمة سواء بل هي أيضا كفاح لنصرة المظلومين والذود عن المحرومين والمعذبين في الأرض، فالأيمان الحقيقي لكابوتشي كان له نمط حياة يقتدى به.

وعرض فلمٌ من انتاج تلفزيون فلسطين عن حياة المطران المناضل كابوتشي، كما قدم الفنان محمد الديري لوحة فنية للمطران الراحل، ولوحة للرئيس الشهيد ياسر عرفات، ولرئيس دولة فلسطين محمود عباس.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا