قمة الرئيس والملك عند البحر الميت

اهم انجازات القمة العربية بجوار البحر الميت في المملكة الاردنية الهاشمية التأكيد على “تطبيق المبادرة العربية من ألفها الى يائها كما أقرتها القمة العربية عام 2002 وليس العكس”، كما قالها حرفيا الرئيس محمود عباس لفضائية مصرية، ورفض تغيير اتجاهات الصراع المركزي، ودمج القضية الفلسطينية في اطار اقليمي، والتنبه الى اشتغال دولة الاحتلال اسرائيل على اعتبار القضية الفلسطينية جزءا من الصراعات، وليست كما هي حقيقة الأمر أم قضايا الأمة ومركزها، أما السلام فإنه لن يتحقق دون الاقرار بحق الشعب الفلسطيني بقيام دولته المستقلة ذات السيادة بعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران من العام 1967.

ستبقى فلسطين الحرة المستقلة القضية المركزية والقومية الأولى لأمتنا العربية، التي كانت وستبقى العمق الاستراتيجي لفلسطين.

وستكون السياسة الرسمية العربية سندا وعاملا رئيسا في حشد التضامن الدولي معنا، وتعزيز مكانة فلسطين القانونية، ما دامت آليات العمل العربي المشترك تأخذ في الحسبان مكانة فلسطين في وعي وثقافة العربي فردا كان او حزبا او مؤسسة رسمية.

بعد بضعة ايام من القمة سيلتقي الملك عبد الله الثاني ملك المملكة الاردنية الهاشمية الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وسيتحدث اليه باسم العرب بصفته رئيسا للقمة العربية حتى موعد القمة القادمة، وقد يسمع منه ترامب ان السلام في المنطقة يتطلب تحركا اميركيا على أساس قرارات الشرعية الدولية، التي اكدت على حل الدولتين على حدود 1967.. وقد يكون مفيدا أن يُسمِع الملك عبد الله الثاني الرئيس ترامب بعض ما يجب ان يسمعه مما جاء في خطاب الرئيس محمود عباس في القمة كالتالي:

“لقد عملت اسرائيل على تقويض حل الدولتين بتسريع وتيرة الاستيطان ومصادرة الأراضي، إلى أن وصل الوضع على الأرض، عملياً لواقع دولة واحدة بنظامين (الأبارتهايد)، وان اسرائيل ماضية في مخططاتها للاستيلاء على القدس الشرقية، وتغيير هويتها وطابعها، وعدم احترام الوضع التاريخي القائم لمقدساتها الاسلامية والمسيحية”، ولا بأس ان يسمع سيد البيت الأبيض من ملك الأردن توأم فلسطين، ما سيسمعه من رئيس دولة فلسطين في لقائهما المرتقب، نظرا لمكانة المملكة في السياسة الاستراتيجية لدى واشنطن، ونظرا لتوليها رئاسة القمة العربية في عام تعمل فيه القيادة الفلسطينية على ان يكون عام التسريع باجراءات اجلاء جيش الاحتلال الاسرائيلي عن اراضي دولة فلسطين، فالرئيس والملك سينبهان الرئيس ترامب من مساع اسرائيلية لتحويل الصراع السياسي القائم، إلى صراع ديني، ما يعني مسعى اسرائيليا لزج الولايات المتحدة الأميركية مباشرة في أتون هذا الصراع الذي قد تتخذه جماعات ارهابية ذريعة لتبرير توسيع دائرة جرائمها ضد الانسانية.

سيسمع الرئيس ترامب من الرئيس ابو مازن موقفا فلسطينيا مؤيدا عربيا، بأن الشعب الفلسطيني يناضل لتحقيق الحرية والاستقلال بوسائل سياسية ودبلوماسية ومقاومة شعبية سلمية مشروعة، وأن دولة فلسطين اصبحت حقيقة على خارطة النظام الدولي، وأن مساهمة ادارته في تطبيق حل الدولتين على أساس حدود 1967، سيجعل السلام ممكنا، باعتبار ان قيام دولة فلسطينية مستقلة هو السبيل الوحيد والممر الاجباري لتحقيق السلام.

لم تتوقف اسرائيل عن مساعيها لقلب اولويات المبادرة العربية، التي يفهم من مضمونها ان سلاما عربيا رسميا سيبدأ معها مع اقرارها وقبولها وتنفيذها قرارات الشرعية الدولية بقيام دولة فلسطينية مستقلة، فنتنياهو لا يريد تطبيعا وسلاما عربيا رسميا ونقطة وحسب، بل يسعى الى عكس اتجاهات الصراع وتقديم نفسه كحليف لهم في جبهة العرب ضد ايران، وسلب العرب قضيتهم المركزية، بما يفقدهم لزوم عقد القمم لعربية، التي ما كانت الا لمعالجة القضية المركزية لشعوب الأمة العربية التي يمثلونها في هذه القمم.

لقد بعث الرئيس محمود عباس رسالة واضحة لكل من يعنيه السلام والعدالة في المنطقة وله مصلحة في جعلهما حقيقة راسخة، وقال بما لا يدع مجالا للتأويلات:” لا حلول مؤقتة للقضية الفلسطينية”، ورفض دمجها في إطار إقليمي، أو التلاعب بجوهر مبادرة السلام العربية، التي قال عنها بعد خمسة عشر عاما على اقرارها في قمة بيروت في العام 2002: “نريدها أن تطبق كما وردت ودون أي تعديل”.

الموقف الفلسطيني هذا سيقف مانعا، ويحول دون تمكين اسرائيل من ابتزاز دول عربية في موضوع مكافحة الارهاب، او مجابهة ما تسميه اسرائيل المد الايراني، حيث تساوم اسرائيل على دفع القضية الفلسطينية الى ما تحت خط الصفر، مقابل تقديم ما تدعي انها معلوماتها وخبراتها في الحرب على الارهاب، فالرئيس محمود عباس اعرب عن دعم فلسطين لأي جهد إقليمي ودولي يبذل لمكافحة الإرهاب، بكل أشكاله ومصادره كافة، بما فيه الاحتلال الاستيطاني ونظام الفصل العنصري الذي يعتبر افضل (مفرخة) وبيئة للارهاب.

القمة العربية في المملكة الهاشمية الاردنية، استثنائية بامتياز فهي قمة الرئيس محمود عباس والملك عبد الله الثاني على شاطئ البحر الميت.. فهما بعقلانيتهما وحكمتهما قادران مع اشقائهما العرب والمخلصين في العالم على اثبات امكانية الحياة بسلام والتغلب على امواج الحرب والموت.

بقلم: موفق مطر

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا