الصندوق القومي وإرهاب ليبرمان

بقلم: عمر حلمي الغول

قبل اكثر من أسبوع صرح إفيغدور ليبرمان، وزير الحرب مطالبا باعتبار الصندوق القومي، التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية منظمة “إرهابية”؟! لو سأل المرء وزير الموت على اي اساس أدليت بهذا التصريح؟ هل دققت فيما تم التوقيع عليه في اتفاقية اوسلو؟ وهل تعلم ماهية وموقع الصندوق القومي في بناء منظمة التحرير الفلسطينية، التي اعترفت بها حكومتك الأسبق عام 1993 في واشنطن؟ وما هي معايير الإرهاب؟ وبماذا تسمي الصندوق القومي للوكالة اليهودية؟ وماذا تصف الحركة الصهيونية ودولتك المارقة؟ وماذا تسمي او تصف نفسك، انت القادم بالأمس القريب من بقايا الاتحاد السوفييتي المفكك مطلع التسعينيات من القرن الماضي إلى أرض فلسطين محتلا وغاصبا؟
مشهود لرئيس حزب “إسرائيل بيتنا” بتصريحات عنصرية ومعادية للقيادة الفلسطينية عموما وشخص الرئيس ابو مازن خصوصا، ولمؤسسات منظمة التحرير بهدف تعميق الكراهية والتحريض على الشعب الفلسطيني عبر الضرب على وتر “الإرهاب”، وذلك لتبديد خيار السلام وحل الدولتين على حدود يونية 1967. وتناسى ليبرمان القادم من لاتفيا المافيوي قبل عقدين من الزمن، انه محتل ومستعمر، ويقيم في مستعمرة مقامة على الأراضي المحتلة عام 1967. وان وجوده من اساسه إرهاب اسود.
وإذا كان وزير الحرب لا يعرف ماهية الإرهاب، يمكن تعريفه له ولأقرانه من المستعمرين الإسرائيليين. الإرهاب، هو قيام شخص او مجموعة او دولة بعمل عدواني (تفجير او قصف او اختطاف او سيطرة) على آخرين من الناس في اي مكان من العالم، او هو شن حرب على شعب او أتباع ديانة او طائفة او اصحاب معتقد معين لإغراض عنصرية، أو هو إكراه العباد على الرحيل من اوطانهم، واغتصاب أموالهم واملاكهم واراضيهم وبيوتهم، وهذا اعلى اشكال الإرهاب العالمي. ولو سألنا ليبرمان عن مكانة دولة إسرائيل ضمن ما تقدم من تحديد لماهية الإرهاب، فماذا سيقول؟ بالتاكيد سيقلب الحقائق رأسا على عقب. ويتنكر للشواهد، ويفتي بتزوير التاريخ. لكن العالم ومنذ اللحظة الأولى لبدء الهجمة الصهيونية قبل أكثر من قرن، عندما بدأ إقامة اول مستعمرة في الجليل الأعلى في فلسطين التاريخية 1882، وهو يعلم علم اليقين، ان الوجود الاستعماري الإسرائيلي الصهيوني، هو استعمار إحلالي وإجلائي من طراز آخر ومختلف عن اشكال الاستعمار القديمة الأخرى، التي شهدتها البشرية، وحتى مختلف عن احتلال البيض لجنوب افريقيا وزامبيا وناميبيا والجزائر، اي ان الوجود الاستعماري الصهيوني لفلسطين، هو أعلى وابشع اشكال الإستعمار على الإطلاق. ومع ذلك تعاملت القيادة الفلسطينية منذ ما بعد حرب حزيران 1967، وهزيمة العرب فيها بروح عالية من المسؤولية تجاه اليهود، الذين تم تضليلهم، وإرغامهم على الهجرة لفلسطين، بهدف احتلالها، وطرد شعبها، كما حصل عام النكبة 1948 والنكسة 1967، ونادت في البداية بإقامة دولة ديمقراطية علمانية واحدة تضم كل سكان فلسطين، وفي العام 1974، عندما رأت صعوبة ذلك، دعت لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية، إيمانا منها بالسلام الممكن والمقبول على حدود الرابع من حزيران عام 1967. الشعب الفلسطيني الضحية للكولونيالية الصهيونية والرأسمالية الغربية، تعامل بواقعية مع اليهود الصهاينة. ورفضت قيادته خيار النفي لهم، رغم ما اوقعوه من جرائم وانتهاكات حرب خطيرة أدت لقتل عشرات ومئات الألاف من الفلسطينيين وتهجيرهم من ديارهم ووطنهم الأم.
وبالعودة للصندوق القومي الفلسطيني، فهو أحد اعمدة منظمة التحرير، أو هو وزارة ماليتها. معني بهموم ومصالح الشعب، ومسؤول عن الضحايا والشهداء، كما هو مسؤول عن دفع رواتب القادة والمناضلين والعاملين في منظمة التحرير. وعندما اعترفت حكومة رابين بمنظمة التحرير، كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، لم يكن غائبا عن بالها ما يقوم به الصندوق القومي. والشعب الفلسطيني من خلال فصائله الوطنية قدم القوافل المتتالية من الشهداء والجرحى وأسرى الحرية دفاعا عن حقوقه الوطنية، ولنيل الحرية والاستقلال وإقامة دولته المستقلة وذات السيادة. وهؤلاء جميعا مسؤولية منظمة التحرير، قائدة نضالهم الوطني. ولا يجوز تحت اي اعتبار التخلي عنهم او إسقاط مسؤولية المنظمة تجاه عائلاتهم. هؤلاء ليسوا إرهابيين، هؤلاء مناضلون، وبالتالي على قيادة المنظمة الإصرار على ان يسحب ليبرمان تصريحه الإرهابي العنصري. وفي نفس الوقت، الدفاع عن حق الشهداء والجرحى والأسرى وعائلاتهم بالرعاية، وعدم تقديم اية تنازلات تطرح من هنا او هناك تحت صيغ ملتبسة ومسيئة للنضال الوطني.
oalghoul@gmail.com

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version