لماذا يلاحقون الناس في غزة..؟

بقلم: كرم عطاالله

بعكس كل الوعودات التي قيلت والتي لم يفصل بينها وبين حملة الاعتقالات والاستدعاءات لكوادر حركة فتح سوى ساعات ما يشعرك للحظة أنك أمام تفسيرين هو أن حركة حماس تقول شيء وتسلك على الأرض شيء آخر مخالف تماماً أو أن هناك حالة تضاد بين ما يقوله السياسيون في المؤتمرات الصحافية والاجتماعات وبين الأمن لكن النتيجة التي أمامنا هي مزيد من التأزم في العلاقات ومزيد من الانتكاسات وكأننا لم نشبع بعد.

ما الذي يحدث؟ والى أين تسير الأمور؟ الأوضاع بدت مبهمة ولكنها أكثر عصبية وأكثر انتقامية وأنه من المثير للعجب أيضاً أن تصدر حماس وثيقة سياسية جديدة تحمل كل هذا القدر من المرونة تجاه العالم والمحيط الاقليمي وبعد يوم واحد تزداد تصلباً في الداخل وعلى أبناء شعبها كيف يفهم ذلك؟ وفي أي سياق يمكن وضعه ونحن نرى تقارباً برنامجياً وملاحقة على الأرض؟

ما جرى أول أمس هو أن حركة فتح كانت تدعو لمسيرات دعم الأسرى للتوجه الى الخيمة في ساحة السرايا وفي ذلك المساء كانت الأخبار تتوارد عن اعتقالات واستدعاءات وملاحقات وصلت الى أعداد كبيرة دون سابق انذار ودون مساس بحركة حماس حتى وحكمها التي قامت بمنع الباصات من الذهاب للسرايا وأجهضت هذا النشاط البعيد عن المناكفة والانقسام والذي أخذنا في الأيام الأخيرة نحو الوجهة الوطنية والقضايا الوطنية.

بالأمس كانت الخيمة فارغة تشبه حالتنا التي أجهضت كل ما هو وطني لدينا بسبب هذه المناكفات وهذه الكراهية الطاغية على المشهد لدينا دون اعتبار لمشروعنا وذهب بنا العمى حد التشويش على القضايا الوطنية فما ذنب الأسرى الذين ينتظرون صوتاً من الخارج بصراعات السلطة والثروة والرواتب والأموال والصلاحيات والوزارات علينا أن نخجل من أنفسنا وعلى حركة حماس أن تراجع وتفصل ما بين خلافاتها وبين القضايا الوطنية محل الاجماع وهذا مطلوب من السلطة في رام الله أيضاً عندما يتعلق الأمر بمسيرة عدم التعرض لها.

في غزة حماس تذهب بعيداً في التضييق منذ فترة سواء بالاستدعاء أو بالخطف وهو ما يجعلنا نتساءل حول ما جدوى حكمها واستمراره بعد كل هذه السنوات الطويلة ، ألم تتعب من ملاحقة الخصوم وخاصة أن جميع الحالات التي يتم ملاحقتها والتضييق عليها لا تشكل خطراً على الأمن في غزة وبالذات حركة فتح وكوادرها فلماذا تتم ملاحقتهم ومنع أنشطتهم والأمر يصبح مدعاة للغضب حين يتعلق الأمر بمساندة الأسرى.

الذي يتهدد الأمن في غزة هم من اغتالوا مازن فقهاء وقتلوه بيننا والذي يتهدد الأمن في غزة هم المجرمين والمدمنين واللصوص الذين باتوا يقتلون من أجل المال هؤلاء الذين يجب أن يركز الأمن ملاحقته ضدهم وليسوا من يعملون تحت الشمس دعماً لأسرانا.

حكم حركة حماس لغزة كان مكلفاً لنا على امتداد السنوات الماضية كلنا تشاركنا في دفع الثمن كل العائلات بلا تمييز وهذا ما يستدعي من الحركة مكافأة الغزيين بالمقابل وذلك من خلال خلق أجواء مريحة للمواطنين و دعمهم وتعزيز صمودهم واتاحة المجال لحرياتهم لا أن يسير المواطن وهو يتلفت خلفه خوفاً من مجموعة عابرة تقوم بخطفه أو تلاحقه دوريات الأمن والاستدعاءات ان لم يكن ينتمي للحزب الحاكم.

الصراع بين حركتي فتح وحماس يشتد في الأونة الأخيرة، تهديدات وتهديدات مضادة ومسيرات وحرق صور للرئيس وكأن معركة كسر عظم حقيقية تدور بين الجانبين كل هذا مدعاة للخجل من واقع وصلنا اليه، كنا نعتقد أن الأسرى تمكنوا ببراعة من قلب الطاولة في وجه الجميع وفرض البرنامج الوطني واعادة الاعتبار لقضاياه ولكن يبدو أن صراع السلطة أعظم كثيراً من تلك القضايا وأكبر كثيراً من الوطن الذي يبدو أنه ينسحق ليس تحت جنازير الجرافات اللاسرائيلية بل تحت أقدام الانقسام بلا خجل وليسامحنا الأسرى على ما نفعله بهم وعلى انحرافنا الوطني وعلى تركنا لهم في وسط المعركة متصارعين على الغنائم.

من حق حركة فتح أن تمارس دورها الوطني في غزة وأي مساس بذلك هو مساس بارادة جزء كبير من شعبنا واعتداء عليه كما أن ذلك من حق حركة حماس في الضفة الغربية فلم نحكم أنفسنا من أجل أن نفتح سجون ونستعرض عضلات الأمن ضد شعبنا فهذا أمر معيب وأخلاقياً ووطنياً لأن سؤال جدوى الاستقلال اذا كان هذا هو المستوى الذي سيديرنا هو سؤال منطقي جداً فليس من أجل هذا ناضل شعبنا وليس من أجل هذا دفع عشرات آلاف الشهداء وليس من أجل هذا اعتقل الأسرى في السجون الذين يتم منع التضامن معهم… أي أداء هذا..؟؟

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا