حديث القدس: الانقسام يبقى معضلتنا الرئيسية

كثيرة هي الإنجازات السياسية والدبلوماسية التي يحققها الجانب الفلسطيني في معركة كسب الرأي العام العالمي ودعم وتأييد الشرعية الدولية إلا أن التراكم المتواصل لهذه الإنجازات لم يرق بعد إلى تحرك عربي – دولي فاعل لإجبار إسرائيل على الامتثال لشرعية الدولية ورؤية المجتمع الدولي لإقامة دولة فلسطينية مستقلة على الأراضي المحتلة منذ عام ١٩٦٧، وهو ما يجب التوقف عنده لمعرفة الأسباب التي تحول دون ترجمة هذا التأييد الدول والتعاطف العالي مع الشعب الفلسطيني وقضيته الى خطوات تفضي لإنهاء الاحتلال.
صحيح ان القضية الفلسطينية تعاني منذ عقود من الانحياز الأميركي لإسرائيل وعدم استعداد أوروبا رغم مواقفها المتعاطفة مع الشعب الفلسطيني وقضيته لاتخاذ خطوات ضاغطة على إسرائيل رغم ما تملكه أوروبا من أوراق ضغط. ولكن من الصحيح أيضا ان لا نتجاهل عوامل قوة أو ضعف الساحة الفلسطينية في تحريك الشارع العربي – الإسلامي والعالمي باتجاه مواقف اكثر دعما للشعب الفلسطيني وقضيته، وفي سحب الأوراق والذرائع التي تتذرع بها إسرائيل أمام العالم أجمع في تشويه صورة النضال الفلسطيني وبالتالي تمييع الموقف الدولي بشأن الصراع.
ومما لا شك فيه ان اهم العوامل الذاتية الفلسطينية التي لعبت وما زالت دورا سلبيا بهذا الشأن منذ عقد هو الانقسام المأساوي الذي لا نرى نهاية له بل انه آخذ في التعمق مع كل تداعيات ذلك على قضية شعبنا.
وبالتأكيد شتان ما بين جبهة فلسطينية واحدة وموحدة تكرس كل جهودها لمواجهة التحديات الإسرائيلية الخطيرة، وصوت فلسطيني واحد قادر على مخاطبة المجتمع الدولي ونقل رسالة الضحية الفلسطينية المتمسكة بالسلام الشامل والعادل والدائم، وما بين الانقسام المأساوي الذي يضعف الساحة الفلسطينية ويضر بالشرعية ويشوه النضال الفلسطيني بمواقف متناقضة متضاربة بدل وجود صوت واحد واضح وقوي وهو ما استغلته إسرائيل جيدا لضرب الشرعية الفلسطينية من جهة ولتضليل العالم أجمع بأن الفلسطينيين يريدون القضاء على إسرائيل ويمارسون الإرهاب ولا يريدون السلام، الى الدرجة التي مكنت إسرائيل من التطاول على التضحيات الجسام التي قدمها الشعب الفلسطيني في سبيل حريته واستقلاله، من شهداء وجرحى وأسرى ومطالبة العالم بتبني مواقفها تلك.
ولذلك نقول إن هذا الانقسام المخزي في تاريخ الشعب الفلسطيني يشكل معضلة رئيسية أمام شعبنا في التقدم نحو تحقيق أهدافه الوطنية المشروعة ويوفر لإسرائيل الذرائع لتضليل العالم، ولهذا فان كل من يسعى الى تكريس هذا الانقسام إنما يرتكب جريمة كبرى بحق الشعب الفلسطيني وقضيته ويخدم استمرار الاحتلال ويوجه الضربات لأي انجاز سياسي او دبلوماسي يحققه شعبنا.
لقد حان الوقت كي يدرك كل فلسطيني هذه الحقيقة، وحان الوقت للانقساميين ان يدركوا انهم إنما يتجاهلون إرادة شعبنا ويمسون بنضاله العادل ويتحملون المسؤولية عن إطالة أمد عذاب ومعاناة شعبنا، عدا عن تطاولهم على حق شعبنا المشروع في قول كلمته في صناديق الاقتراع وحقه بنظام سياسي ديمقراطي تعددي يستمد شرعيته من إرادة الشعب وسيادته لا من إرادة من يريدون فرض انفسهم أوصياء على شعبنا الى ما شاء الله.
حان الوقت كي نلتفت الى تمتين وتقوية ساحتنا الداخلية وفرض الشرعية الوطنية بإنهاء هذا الانقسام البشع وتكريس كل الجهود لمواجهة التحديات الإسرائيلية من جهة وتدارك الآثار الخطيرة التي سببتها حملات التضليل الإسرائيلية التي وفر لها الانقساميون الذرائع، لدى الرأي العام العالمي.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا