قطاع غزة .. وسيناريوهات الخروج من الأزمة

بقلم: الكاتب والباحث/ ناهـض زقـوت (أبو خالد)

تزداد الهموم والمشاكل يوما تلو يوم على رؤوس أهالي قطاع غزة، فتراهم سكارى وما هم بسكارى، لكن الهموم أسكرتهم وأثقلت عليهم. تعيش غزة أزمات متلاحقة يدفع ثمنها الشعب الصابر الصامد، الذي قدم التضحيات، وما زال لديه الاستعداد أن يضحي على مذبح الحرية والاستقلال، فلا يستحق منا إلا كل تقدير.
أتابع بكل ألم الوضع المأساوي الذي وصل إليه قطاع غزة على مستوى الصحة والكهرباء والمياه والخدمات العامة والشؤون الاجتماعية، واقرأ واستمع إلى تعليقات السياسيين والمحللين والخبراء، وكل من يدلو بدلوه في مشاكل قطاع غزة، فلم اسمع أو اقرأ غير توجيه الاتهامات والمزاودات، والردح الإعلامي، والفذلكات السياسية، وجميعها لن تخرج أهالي غزة من أزماتهم، بل تزيد الأمر تعقيدا، وكذلك البحث عن حلول مؤقتة لن تخرج عن ابر بنج لتسكين الألم.
مشكلات قطاع غزة قضية سياسية أولا وأخيرا، تحتاج إلى نقاش عقلاني بعيدا عن العواطف والشعارات والمزاودات وتصفية الحسابات، والخطابات الموتورة، والنظر إلى القضية من زاوية واحدة.
قد نستسهل الاتهام، ونقول السلطة في رام الله تتحمل المسؤولية، كأننا بذلك قد وصلنا إلى الحل السحري إلى مشكلات قطاع غزة، وبذلك نرتاح لأننا اكتشفنا المسؤول عن المشكلة، فنصب جام غضبنا عليه، ونفتح كل وسائل الردح أفرادا ومؤسسات لكي تصرخ عليه أنت المسؤول عن أزمات غزة. إذن مزيدا من الموت، وننام مرتاحين لأنه خلاص رام الله تتحمل المسؤولية.
ليس هكذا تدار الأزمة، وليس هكذا تحل المشكلة، مشاكل قطاع غزة مشاكل كبرى، وليست بالهينة كما يتصور البعض، بل هي كما قلنا مشاكل سياسية، ولا يمكن حلها إلا بالسياسة، كما علينا أن لا ننسى وضعنا في المحيط المحلي والإقليمي والدولي وحالة الاستقطاب القوية التي يشهدها العالم العربي، والمؤامرات التي تحاك تجاه قطاع غزة من الجانب الإسرائيلي وأطراف متعاونة، بفصل قطاع غزة عن الأراضي الفلسطينية. لذلك لم يعد أمام قطاع غزة إلا ثلاثة سيناريوهات لا رابع بينهم:
السيناريو الأول: تنفيذ حركة حماس لمطالب الرئيس محمود عباس بحل اللجنة الإدارية في غزة، وتمكين حكومة الوفاق من تسلم مهامها كاملة في قطاع غزة، وحينها تصبح هي المسؤولية مسؤولية مباشرة عن حياة السكان في قطاع غزة، وملزمة بحل كل المشكلات من رواتب وكهرباء وصحة وتعليم ومياه وفرص عمل للخريجين ورعاية اجتماعية، وإذا لم تنفذ عندها نحاسبها ونرفع الصوت عاليا في وجهها، أنت المسؤولة، أنت الحاكم في قطاع غزة؟.
السيناريو الثاني: أن تعترف حركة حماس بإسرائيل، وهذا مطلب الرباعية الدولية، والآن أصبح مطلب الدول العربية غير المعلن، وتباشر مفاوضات مباشرة مع إسرائيل لحل أزمات غزة، وبذلك تقطع شعرة معاوية مع الرئيس أبو مازن والسلطة في رام الله، وتذهب باتجاه فصل غزة وإعلانها دولة منفصلة عن باقي أجزاء الوطن الفلسطيني وتصبح مسؤولة مسؤولية كاملة عن حياة السكان ورفاهيتهم في قطاع غزة.
السيناريو الثالث: أن تعلن حركة حماس الحرب على إسرائيل، وتخلط الأوراق على كل المستويات المحلية والإقليمية والدولية، والدفع باتجاه حرق الأخضر واليابس.
هذا هو الواقع اليوم في قطاع غزة بعد أصبح ظهره إلى الحائط ولم يعد لديه من مخرج، أفقه السياسي مغلق .. أفقه الاقتصادي مغلق .. أفقه الاجتماعي مغلق .. وليس لديه أي مقوم اقتصادي يعتمد عليه، ولم يعد هناك ضوء في آخر النفق. الخيارات صعبة .. والسيناريوهات أصعب ولكن علينا أن نحكم العقل لا العواطف في قضايانا السياسية.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا