هآرتس: خطة إقليمية لتعيين دحلان رئيساً لحكومة غزة ولاحقاً لكل السلطة

كتب المحلل الإسرائيلي المتخصص في الشئون الفلسطينية تسفي برئيل، في “هآرتس”:

أنه في الوقت الذي تحصي فيه إسرائيل عدد ساعات الكهرباء البخيلة التي تخصص يومياً لمليوني مواطن في القطاع، يجري، كما يبدو، طبخ اتفاق متشعب، يتعرج بين الإمارات المتحدة، مصر، غزة والقدس. ويهدف هذا الاتفاق إلى تعيين محمد دحلان رئيساً لحكومة موحدة في غزة ورفع غالبية الحصار عن القطاع، من جانب مصر ومن جانب إسرائيل، وإنشاء محطة جديدة للكهرباء في رفح المصرية بتمويل إماراتي، ومن ثم بناء ميناء.

إذا نجحت هذه “التجربة” السياسية، سيتم دفع محمود عباس إلى زاوية مظلمة، وسيعمل دحلان على احتلال مكانه، سواء بواسطة الانتخابات، أو سواء من خلال الاعتراف بقيادته. لقد بدأت مصر بإرسال السولار إلى غزة بأسعار السوق، ولكن من دون الضرائب التي تفرضها عليها السلطة الفلسطينية، وخصصت الإمارات مبلغ 150 مليون دولار لإنشاء محطة للطاقة، ويفترض بمصر أن تبدأ قريباً بفتح معبر رفح بشكل تدريجي أمام البضائع والناس.

لا يزال من المبكر لأوانه التكهن بما إذا كانت هذه الخطة ستتحقق بكاملها، أو إذا كانت حماس ستوافق على تعيين دحلان رئيساً لحكومة غزة، وهي خطوة قد تنتهي بالفصل الكامل بين غزة والضفة، خاصة بسبب الصراع طويل السنوات بين أبو مازن ودحلان. وفي المقابل فإن تطبيق هذه الخطة يمكن أن يحقق حلماً مصرياً – إسرائيلياً.

بالنسبة لمصر يكمن في هذه الخطة ضمان صد التعاون بين حماس وتنظيمات الإرهاب الناشطة في سيناء، ويمنحها سلماً للتنازل عن الحصار الذي تفرضه على غزة، وإمكانية فتح “سوق غزة” أمام البضائع المصرية. وبالنسبة لحكومة نتنياهو، تكمن الميزة الهامة في تعيين دحلان، المقرب من وزير الأمن افيغدور ليبرمان، رئيساً لـ”دولة غزة”. إذا تحقق هذا التعيين، سيضمن استمرار الشرخ بين غزة والضفة بشكل سيصعب جداً إجراء مفاوضات حول مستقبل المناطق، لكنه خلافاً للوضع القائم حالياً، سيكون لإسرائيل شريكاً شرعياً في غزة. رفع الحصار الذي لن تعد له أهمية كبيرة بعد قيام مصر بفتح معبر رفح، سيزود إسرائيل بمكاسب سياسية أخرى من شأنها أن ترفع عنها، ولو بشكل جزئي، الضغط الدولي، خاصة الأمريكي، لدفع المفاوضات.

ولذلك، يمكن من خلال الحذر المطلوب، التحديد بأنه إذا تحققت هذه الخطة فإنها ستضمن الربح الجيد لكل الأطراف، باستثناء أبو مازن وطموح الفلسطينيين لإقامة دولة. صحيح أن الخطة ستبقي لحماس السيطرة على الشؤون الأمنية ولن يتم تفكيك أسلحة التنظيم، لكنه سيكون لإسرائيل الشريك الذي يدعم المصالحة معها، وسيتم تحييد قطر وتركيا عن الضلوع في القطاع، وفي المقابل ستشكل مصر والإمارات، صديقة إسرائيل الجديدة، حزاماً أمنياً لكل خرق للاتفاق.

من يؤيد فكرة “الاقتصاد أولاً” كمسار التفافي على الحل السياسي، أمثال نتنياهو وليبرمان ويسرائيل كاتس، يجب أن يحتضن هذه الخطة. لكنه لم يسمع حتى الآن ولو تغريدة من جهة إسرائيل. فالحكومة التي تعلمت من أزمة الكهرباء أنه لا يمكنها التهرب من مسؤوليتها عن القطاع، لا تزال أسيرة النظرية الفاشلة التي تعتبر كل ما هو جيد لحماس سيء لإسرائيل، وكل من يساعد سكان غزة يدعم حماس. أنها تفضل الاستعداد للمواجهة العنيفة التالية في الصيف، على أن تضطر إلى المبادرة أو الظهور كمن تسمح لحماس بالسيطرة، رغم أن إسرائيل اعترفت منذ زمن بأن سيطرة حماس في غزة مفيدة لها.

حسب الخطة، فان إسرائيل لا تطالَب حتى بالاعتراف بالسلطة الجديدة التي ستقام في غزة، ولذلك لن تضطر إلى التظاهر كمن تقلق على مكانة أبو مازن. بعد عشر سنوات تماماً، خُمس سنوات الاحتلال، التي يفرض فيها الحصار على غزة، ربما تلوح الآن فرصة لتغيير المفهوم وتجربة إستراتيجية جيدة، يكون فيها سكان القطاع هم الأساس وليس مكانة قيادة حماس أو هيبة إسرائيل.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا