حمل كتاب “القبيلة الثالثة عشر” ويهود اليوم

بن فخة سفيان

“القبيلة الثالثة عشر” هو نفسه عنوان لكتاب أدعوا من يهتم بقراءة تاريخ الحركة الصهيونية لقراءته يتحدث صاحبه “آرثر كويستلر”، المجري الأصل والذي ينحدر من أصل يهودي، ومن نفس هذه القبيلة التي أطلق عليها لقب “الثالثة عشرة” فأخرجها بهذا اللقب من “الأسباط الإثني عشر” الذين يشكلون مجموع القبائل اليهودية السامية المعترف بها تاريخياً “بني إسرائيل”. بين طيات هذا الكتاب ستكتشف أن دولة إسرائيل الحالية ليست أول دولة “يهودية” عرفها التاريخ ،بل عرف التاريخ دولة مماثلة لا تمت لبني إسرائيل بأي صلة اسمها “دولة الخزر” التي ظهرت في العصور الوسطى وقد بلغت أوج مجدها بين القرنين السابع والعاشر ميلادي،حيث امتدت حدودها من البحر الاسود الى بحر قزوين ومن القوقاز الى الفولجا.

كما لعبت هذه الدولة دورا هاما في السياسة الدولية بحكم أنها عاصرت قوتين دوليتين يومها “الإمبراطورية البيزنطية المسيحية” ودولة الخلافة الإسلامية الصاعدة ،لكن ماهي حكاية اعتناقها لليهودية؟؟

يستشهد كويستلر في كتابه بعدد وفير من المراجع الإسلامية وغير الإسلامية. ومما يلفت النظر بين هذه المراجع، إحدى الرسائل التي وجهها “حسداي بن شبروط” إلى “يوسف” ملك الخزر،حيث يعتبر “حسداي هذا واحدا من المؤسسين الأوائل لفكرة أرض واحدة تجمع اليهود و يعتبرأحد أهم شخصيات الحكم في عهد الخليفة الأموي عبد الرحمن الثالث الذي استطاع سنة 929م توحيد الإمارات الإسلامية من الأندلس فأصبحت عاصمته قرطبة فخر إسبانيا العربية. لقد كان حسداي طبيب الخليفة، ووزير ماليته، والقائم على حل المشاكل الدبلوماسية الخارجية للمملكة. تثبت هذه الرسالة أن مملكة الخزر اليهودية لا تنحدر من أصل عربي أو سامي. وهذا ما ورد بكل الوضوح في رد يوسف ملك الخزر على حسداي وهو يروي له سيرة نسبه وسحبه. و تهودوا عندما وجدوا أنفسهم بين الإمبراطورية الرومانية الشرقية في بيزنطة وبين الدولة الإسلامية, كما عزز خيار التهويد عندهم موقعهم التجاري وأعمالهم الربوية التي تنسجم مع الايدولوجيا اليهودية دون سواها. شغلت دولة الخزر الجديدة موقعا رئيسيا استراتيجيا على المعبر الحيوي بين البحر الاسود وبحز قزوين, وتحولت هذه الدولة إلى حارس يحمي بيزنطه من غارات الفايكنج الشرقيين “الروس” كما ساهمت في عرقلة التقدم الإسلامي نحو اوروبا الشرقية واتخذت من ايل عاصمة لها وتقع عند مصب نهر الفولغا.

ويرى الكتاب أن الخزر فقدوا إمبراطوريتهم بعد أن هزمهم أمراء كييف اللذين كانوا قد دخلوا المسيحية لتوهم وكان ذلك عام 965 لكن هذه الإمبراطورية ظلت قائمة حتى منتصف القرن الثالث عشر عندما أجهز عليها جنكيز خان المغولي. وقد برزت بعد ذلك تساؤلات مهمة حول مصير الخزر المتهودين بعد انهيار دولتهم.. وقد تطرقت مصادر عديدة لحالات توطن واسعة لهم في القرم واوكرانيا والمجر وبولندا وليتوانيا ثم روسيا مما دعا مؤرخين كثيرين إلى الاستنتاج بان غالبية من يعرفون باليهود الشرقيين اليهود “الاشكيناز” بل ويهود العالم هم من الخزر, أي من أصل تركي لا من أصل سامي. ومما يعزز ذلك الملامح المشتركة للفولكلور والعادات والفنون التي تربط بين يهود اليوم والقبائل الخزرية التركية..

ويختم كويستلر, كتابه, بالتأكيد على أن نسبة غالبية يهود العالم إلى الخزر الأتراك الذين تشتتوا بعد هزيمتهم في مختلف أنحاء أوروبا وبأن هؤلاء اليهود يفتقرون الى تراث حضاري خاص, اللهم إلا عادات وأنماط سلوكية لاحقة ورثوها من تجربة الجيتو ومنحوها وضعا قوميا زائفا لوطن زائف وارض موعودة زائفة حفظوها من الكتب اليهودية بعد تهودهم على ضفاف قزوين.وعلى الرغم من أن هذا الكتاب الذي صدر في 1976 كان غنيا من حيث مصادر معلوماته والتي اعتمد فيها على مصادر عربية وروسية وبيزنطية إلا أنه لم يكن الأول الذي تحدث عن أن يهود اليوم لا ينتمون في غالبيتهم إلى “بني إسرائيل”. بل سبقه في ذلك المفكر المصري “جمال حمدان” الذي كان له السبق في فضح أكذوبة أن اليهود الحاليين هم أحفاد بني إسرائيل الذين خرجوا من فلسطين خلال حقب ما قبل الميلاد، واثبت في كتابه “اليهود أنثروبولوجيا” الصادر في عام 1967، بالأدلة العملية أن اليهود المعاصرين الذين يدعون أنهم ينتمون إلى فلسطين ليسوا هم أحفاد اليهود الذين خرجوا من فلسطين قبل الميلاد. وللأسف من مبكيات التاريخ اليوم أننا نجد مفكرين عرب يؤسسون لفكرة الدولة اليهودية ولا يجدون حرجا في الاعتراف بأن يهود اليوم هم “أبناء عم” للعرب وهذا ما لم يكن حقيقيا بالمرة .

للاطلاع او تحميل الكتاب اضغط هنا

 

 

 

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version