تهديدات بالانتقام من المتواطئين داخل عين الحلوة وخارجه

إنّ المُطالبة بتسليم الإرهابيّين الذين يتحصّنون داخل مخيّم «عين الحلوة» ليست بجديدة وهي تعود لعقود طويلة، علمًا أنّ هذه القضيّة الشائكة كانت قد برزت إلى العلن بشكل فاضح بعد جريمة إغتيال القضاة اللبنانيّين الأربعة في 8 حزيران من العام 1999. واليوم، ومع تسليم الإرهابي خالد السيّد (مسعد) إلى القوى الأمنيّة اللبنانيّة، فُتحت ثغرات مُهمّة في هذا الملف، كون الشخص الذي جرى تسليمه ليس مُجرّد مَطلوب عادي بمُذكرات توقيف من قبل السُلطات اللبنانيّة، وليس مُجرّد مُتورّط بجريمة عادية فار من العدالة، بل هو المُخطّط والقائد العملاني لمجموعة إرهابيّة خطيرة، كان من شأن نجاح مُخطّطها الإجرامي أن يتسبّب بوقوع عشرات الإصابات بين قتيل وجريح وأن يُوجّه ضربة قاسية للإستقرار الأمني الحالي في لبنان. والثغرة الأهمّ التي فُتحت تتمثّل في أن عمليّة الإيقاع بالإرهابي السيد لم تتمّ على يد حركة «فتح» أو أحد التنظيمات المحسوبة على السُلطة الفلسطينية، إنّما بتواطئ من قبل كلّ من حركتي حماس و»عصبة الأنصار»، الأمر الذي شكّل تطوّرًا نوعيًا في التوجّه الإسلامي العام داخل المُخيّم، لجهة كسر القرار السابق القاضي بعدم تسليم أي مطلوب إسلامي إلى الأجهزة الرسميّة اللبنانيّة. والأسئلة التي فرضت نفسها بعد هذا التطوّر هي: ماذا بعد عمليّة تسليم خالد السيّد؟ وهل سيتوالى تسليم المطلوبين والإرهابيّين الكُثر داخل المخيم؟ وهل سيكتفي إرهابيّو «عين الحلوة» بالتفرّج والإختباء في إنتظار أن تصل سيوف العدالة إلى رقابهم؟
مصدر أمني مُتابع لملف المخيّمات الفلسطينيّة، أكّد أنّ تعامل الدولة اللبنانيّة مع المطلوبين والمشبوهين داخل المخيّمات الفلسطينيّة إرتبط دائمًا بتوازنات أمنيّة دقيقة داخل هذه المخيّمات، وباعتبارات سياسيّة مُتداخلة تشمل العلاقات الفلسطينيّة – الفلسطينيّة والعلاقات اللبنانيّة – الفلسطينيّة. وأشار إلى أنّ تكاثر عدد التنظيمات الفلسطينيّة المُسلّحة بشكل مُضطرد داخل المخيّمات، لا سيّما منها مخيّم «عين الحلوة»، بالتزامن مع إرتفاع نسبة الإكتظاظ السُكاني بشكل كبير، زاد من حساسيّة ومن دقّة هذا الملف. لكنّ المصدر الأمني نفسه شدّد على أنّ السُلطات الأمنيّة اللبنانيّة التي تعتمد سياسة مُترويّة إزاء ملفّات عشرات المطلوبين بمذكرات توقيف والفارين من وجه العدالة والذين يختبئون في المخيّمات الفلسطينيّة، وخُصوصًا في «عين الحلوة»، تتعامل مع بعض الأسماء المُصنّفة خطيرة جدًا بشكل مُختلف، حيث أنّها تُمارس ضغوطًا على القوى الفلسطينيّة المعنيّة كافة للمُساهمة في رفع الغطاء عن هؤلاء المطلوبين وحتى في تسليمهم بأقرب فرصة، نظرًا إلى الخطر الذي يُشكّلونه على الفلسطينيّين واللبنانيّين على السواء.
وتابع المصدر الأمني نفسه أنّ تسليم الإرهابي خالد السيّد صبّ في هذه الخانة تمامًا، كاشفًا أنّ لائحة السُلطات اللبنانيّة الرسميّة لا تزال مليئة بالعديد من أسماء المطلوبين، مؤكّدًا في الوقت عينه أنّ القيادات الأمنيّة اللبنانيّة المَعنيّة أبلغت القوى الفلسطينيّة النافذة داخل «عين الحلوة» بأنّ إيواء أيّ «إرهابي» أو أيّ «خلايا إرهابيّة» تُخطّط لضرب الإستقرار اللبناني هو «خط أحمر» لا يُمكن القبول به أو السكوت عنه بأيّ شكل من الأشكال، وأنّ كل الإجراءات المطلوب إتخاذها لمُعالجة هذا الموضوع ستتم بشكل حازم. وتوقّع المصدر إستمرار تعاون القوى الفلسطينيّة بشكل إيجابي في هذا الموضوع، حرصًا على العلاقات اللبنانيّة – الفلسطينيّة من جهة، وحرصًا على أمن المخيّمات بالدرجة الأولى، لكنّه أقرّ أنّ هذه الأمور تأخذ وقتًا طويلاً وتتطلّب نفسًا طويلاً لمُختلف المَعنيّين. إشارة إلى أنّ من بين المطلوبين الخطيرين والمُتوارين بلال بدر، وهيثم الشعبي، وأسامة الشهابي، وتوفيق طه، وجمال رميض، وماجد الماجد، وغيرهم. كما تُطالب السُلطات اللبنانية القوى الفلســطينيّة بتسليم كل من شـادي المولوي وفضل شاكر، إلخ.
من جهة أخرى، وفي المعلومات من داخل «عين الحلوة» أنّه فور شيُوع خبر تسليم الإرهابي خالد السيّد إلى الدولة اللبنانيّة، أعلن أكثر من فصيل مُسلّح داخل المخيّم حال الإستنفار القُصوى في صفوفه، وتكثّفت الإتصالات بين أكثر من جهة وجماعة فلسطينيّة، خاصة بين المحسوبين على القوى الإسلاميّة المُتشدّدة، للوُقوف على خلفيّات ما حصل، خاصة بعد الحديث عن تورّط لبعض مسؤولي كل من «حماس» و«عصبة الأنصار» في عمليّة التسليم. وبحسب المعلومات التي تمّ الحُصول عليها، فإنّ مُشادات كلاميّة عدّة حصلت بين مسؤولين محلّيين في كل من هاتين الحركتين ومسؤولين إسلاميّين آخرين، بشأن الهدف من عمليّة التسليم والجدوى منها ومدى تأثيرها على العلاقات بين القوى الإسلاميّة داخل المخيّم. وبحسب المعلومات، فإنّ النقاشات كانت حادة في بعض الأحيان، وهي ترافقت مع إتخاذ كل من حركتي «حماس» و«عصبة الأنصار» إجراءات أمنيّة مُعزّزة تحسّبًا لأي عمليّة إنتقاميّة، في مُقابل إعلان باقي الفصائل الإسلاميّة المُسلّحة حال الإستنفار المُسلّح في صُفوفها بالتزامن مع تواري قياديّيها عن الأنظار منعًا لأي عمليّة مُشابهة ومن باب إستعراض القوّة أيضًا. وعًلم أنّ بيانات عدّة تناقلتها مواقع التواصل الإجتماعي تتبادل التهم، وبعضها يُطالب بمُحاسبة المسؤولين عن عمليّة التسليم ويتوعّد بالإنتقام، وبعضها الآخر يردّ على ذلك برفض الدسائس والعبث بأمن المخيّم من قبل مُتهمين كانوا يُخطّطون لإزهاق دماء مُسلمين أبرياء في شهر رمضان الكريم.
مصادر فلسطينيّة مُوالية للسُلطة الفلسطينية أكّدت أنّ الأمن ممسوك داخل «عين الحلوة»، مُشيرة إلى أنّ أغلبيّة القوى الأساسيّة، ومنها ما هو مُصنّف في خانة القوى الإسلاميّة، تعي خُطورة اللعب بإستقرار سُكان المخيّم الأكثر إكتظاظًا. وقالت إنّ ما تسرّب من بيانات مشبوهة تتوعّد بالإنتقام من «المُتواطئين داخل المخيّم وخارجه» لا يعدو كونه مُحاولات رخيصة للإيقاع بين أبناء الصفّ الواحد، مؤكّدة في الوقت عينه الإبقاء على حال اليقظة لإفشال أي مُخطّط إرهابي، والتنسيق مع باقي القوى الفلسطينيّة حفاظًا على أمن «عين الحلوة»، والتنسيق مع الأجهزة اللبنانيّة للإستمرار بتسليم المطلوبين الخطيرين على المخيّم قبل سواه. وشدّدت هذه المصادر على أنّ بعض أصوات النشاذ عاجزة عن القيام بأي عمل كبير، في ظلّ الإجماع الفلسطيني على النأي بمخيم «عين الحلوة» عن الصراعات وبدفع المطلوبين إلى الخروج منه، طوعًا أم قسرًا.

الصدارة نيوز

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version