إنتصار اليونيسكو للخليل

بقلم: عمر حلمي الغول

قراران جديدان لمنظمة التربية والعلوم والثقافة التابعة للامم المتحدة (اليونيسكو) في اسبوع لصالح لفلسطين ومدنها التاريخية وخاصة القدس العاصمة وخليل الرحمن، التي سعت دولة التطهير العرقي الإسرائيلية “إسباغ” الرواية الصهيونية عليها. وكانت منظمة اليونيسكو صادقت على قرار ثالث مع مطلع العام لصالح القدس الفلسطينية العربية وحائط براقها، وجميع القرارات رفضت الإسقاطات الإسرائيلية الكاذبة والمشوهة للتاريخ وحقائقه. لاسيما وان كل فلسطين التاريخية من البحر إلى النهر وبمساحة 27009 كيلومتر مربع ، هي ارض الشعب العربي الفلسطيني، وكل معلم عليها او في باطنها عميق الصلة به وبتراثه التاريخي، ولا يوجد أي صلة لليهود الصهاينة به من قريب او بعيد. وهذا التأكيد لا يتنافى والتمسك بخيار السلام وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967.

وحتى تكون القراءة واضحة المعالم أمام اي مراقب محلي او إسرائيلي او عربي او دولي، فإن الذهاب الفلسطيني للمنابر الأممية المختلفة السياسية والثقافية والسياحية لإعادة تأكيد المؤكد في الرواية الفلسطينية العربية، إنما الهدف منه دحض وفضح الأكاذيب الصهيونية، التي تسعى جاهدة لإيجاد موطىء قدم مهما كان متواضعا وجزئيا لتعويم روايتها العارية من اية حقيقة، وايضا للدفاع عن خيار السلام الممكن والمقبول. وليس مطالبا المرء هنا بالعودة إلى تاريخ فلسطين اليابوسي والموآبي والناطوفي والكنعاني العربي القديم لسرد الرواية الفلسطينية، ولا مضطرا لإستحضار علماء الآثار والتاريخ الإسرائيليين امثال فنكلشتاين وشلومو ساند، وغيرهم ممن أكدوا بما لا يدع مجالا للشك، انه لا يوجد ما يسمى ب”الشعب اليهودي”، ولا يوجد أية آثار لهم في فلسطين، لا تحت المسجد الأقصى ولا في أي بقعة من فلسطين التاريخية، التي قامت إسرائيل الإستعمارية على 78% من اراضيها أثر نكبة الشعب الفلسطيني في مايو /آيار 1948، ومن قرأ العهد القديم يكتشف إفلاس الرواية اليهودية من اصلها. وبالتالي ديبلوماسية الحرب الناعمة، التي تخوضها القيادة في المنابر والمؤسسات الدولية للدفاع عن الرواية الفلسطينية، إنما تريد منها تكريس الحقوق الوطنية الفلسطينية، التي تحاول القيادات الإستعمارية الإسرائيلية بدعم من الولايات المتحدة طمسها وتبديدها.

وبعد إنتصار منظمة اليونيسكو يوم الجمعة الماضي الموافق السابع من تموز/ يوليو الحالي لمدينة خليل الرحمن والحرم الإبراهيمي الشريف، وتأكيد هويتهما الفلسطينية العربية الإسلامية، جن جنون القيادات الإسرائيلية، فاطلق رئيس وزراءها واقرانه في الإئتلاف الحاكم سيل من الشتائم والسباب والألفاظ البذيئة ضد المنظمة الأممية، وإتخذت قرارا بتحويل مليون دولار من موازنة إسرائيل المقررة لليونيسكو، وحولتها للإستيطان الإستعماري في اراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967 كردة فعل سريعة على القرار الأممي الجديد. ولكن ما يلفت النظر ليس ردة فعل نتنياهو وبينت وغيرهم من المستعمرين الصهاينة، انما من السيدة نيكي هيلي، سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، التي تجاوزت كل حدود اللياقة والديبلوماسية في الهجوم على منظمة التربية والعلوم والثقافة “اليونيسكو”، عندما إعتبرت إنتصارها لمدينة الخليل والحرم الإبراهيمي الشريف، بإنه “إهانة للتاريخ”، وأضافت المرأة المستكلبة على كسب ود الإيباك والقوى المؤيدة لإسرائيل في الإدارة الأميركية لدعمها في تولي حقيبة الخارجية في اول أزمة بين الرئيس ترامب ووزير خارجيته، تيلرسون، أن “تصويت اليونيسكو بشأن مدينة الخليل أمر مأساوي على عدة مستويات، فهو يمثل إهانة للتايخ، ويقوض الثقة اللازمة لعملية السلام … كما انه يضعف مصداقية وكالة الأمم المتحدة”!؟ وهو ما يكشف عن قلب سافر للحقائق والتاريخ، ولعل موقفها الوقح يعتبر إعتداءا صارخا وإهانة للتاريخ، وفيه تطاول على الحقائق، ويضرب ركائز خيار السلام وحل الدولتين، الأمر الذي يفرض على الرئيس ترامب ان كان معنيا فعلا بعقد الصفقة التاريخية على المسار الفلسطيني الإسرائيلي، أن يضع حدا لمشعوذته الهندية، ويدعوها للتوقف فورا عن الإساءة لحقوق الفلسطينيين وللامم المتحدة ومنابرها، ودعم عملية السلام بهدوء دون تطير، والكف عن إعلان مواقف تسيء لرغبة أميركا في بناء صرح السلام.

إنتصار اليونيسكو لمدينة الخليل والحرم الإبراهيمي الشريف، هو إنتصار جزئي هام للحقوق الوطنية الفلسطينية، ودعم لخيار التسوية السياسية وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وهزيمة مدوية للرواية الإستعمارية الإسرائيلية.

وفي السياق على المرء، ان يسجل إفتخاره وإعتزازه الكبير بالديبلوماسية الكوبية البطلة، التي ردت في منظمة اليونيسكو على السفير الإسرائيلي، الذي تطاول على رئيس الجلسة وحقائق التاريخ، وأنتصرت بشجاعتها وحكمتها لفلسطين وشعبها. شكرا كبيرة لها ولكوبا ولكل من صوت لفلسطين وحقوقها الوطنية.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا