ماذا لو ارتد سهم التعداد الفلسطيني إلى الخلف؟

نابلس – جميل ضبابات

عندما رسم مسؤولون فلسطينيون عند الساعة العاشرة من صباح اليوم السبت، رمز السهم على بعض جدران في مراكز مدن الضفة الغربية، كانوا يسعون فعلا قدما نحو هدف محدد، وهو عد الفلسطينيين الذين يعيشون فوق أراضي عام 1967.

لكن ماذا لو ارتد السهم الى الخلف؟

في هذا الوقت بالتحديد كان قد مضى على تدشين عملية مشابهة (95) عاما بالضبط، عندما احصي كل من يعيش بين البحر والنهر في اول عملية احصاء نظامية ذات منهج واضح.

في (23) تشرين الأول من العام (1922) بدأ الانتداب الإنجليزي بعد الشعب الفلسطيني على كل أرض فلسطين التاريخية، وانتهى في ذلك الوقت عدهم الى رقم (757182) شخصا يعيشون فوق هذه الأرض، كما تشير وثائق رسمية تتعلق بأول إحصاء للفلسطينيين في العصر الحديث.

في نابلس وهي واحدة من كبرى مدن الضفة الغربية، وكانت مركزا لشمال الضفة الغربية ابان العد الانجليزي، وضعت إشارة انطلاق حزم المناطق لعد سكان المحافظة على سور حديث بني في محيط مقر المحافظة، التي اقيمت على ساحة كانت تضم المبنى الانجليزي الذي تهدم في السنوات الاولى من العقد الماضي تحت وطأة القصف الاسرائيلي الذي تواصل لأسابيع في المدينة.

لكن ما الذي حصل للفلسطينيين بعد نحو قرن من احصائهم الاول؟

تشير التقارير الرسمية التي اعقبت انتهاء عد سكان فلسطين في ذلك الوقت وقسمت على اساس الديانة الى ان المسلمين كانوا (590.880) فيما كان اليهود (83) ألف يهودي، فيما وصل عدد المسيحيين الى نحو (73) ألف مسيحي، وما تبقى كانوا من اتباع ديانات ومذاهب اخرى.

وهذه حقائق حول تعداد عام (1922) كما اوردها تقرير جي بي بارون وترجمها مراسل “وفا” الذي ضمن فيه خصائص الاحصاء:

حسب نتائج ذلك الاحصاء بلغ عدد المحمديين (590.890) وهم يشكلون نسبة (78.3%)، فيما بلغ عدد اليهود (83.694) بنسبة (11.6%)، فيما بلغ عدد المسيحيين (73.024) بنسبة (9.64%) من عدد السكان، فيما وصل عدد الدروز الى (7026) مواطنا بنسبة (0.92%).

وبلغ عدد السامريين في ذلك الوقت (163) سامريا بنسبة (0.02%)، ووصل عدد البهائيين الى (265) بنسبة (0.03%)، ووصل عدد المتاولة وهي من الفرق الشيعية الى (156) وهم يشكلون نسبة (0.02%)، وبلغ عدد الهندوس (1454) بنسبة (0.19%)، فيما وصل عدد السيخ الى (808) بنسبة (0.05%).

في نابلس يسير (28) مشرفا وراء السهم الاول، وستكون مهمتهم ملاحظة هذا السهم الذي انطلق من نقطة مركزية، حتى تقسيم كل المحافظة الى (645) منطقة جغرافية.

لكن ماذا حصل لو ارتد السهم الى الخلف؟

تشير نتائج التعداد البريطاني الاول الى ان عدد سكان المدينة وصل في ذلك العام الى (15947) مواطنا بينهم (344) مسيحيا ودرزيان و(147) سامريا و(16) يهوديا.

فيما وصل عدد سكان رام الله الى (3104) يشكل المسيحيون منهم (2972) مسيحيا، و(125) مسلما و(7) يهود.

في نابلس التي تتعدد فيها الديانات الإبراهيمية، تتعدد فيها اللغات السامية ايضا، وعلى الاقل تظهر الآن في المدينة لغتان واحدة رئيسة محكية وهي العربية، واخرى يستخدمها السامريون في صلواتهم ومناسباتهم الدينية والاجتماعية، لكن العبرية الحديثة ايضا حاضرة في بعض الاوقات في جبل جرزيم.

الا ان احصاء عام (1922) اظهر نحو (40) لغة كانت تستخدم في عموم فلسطين، ضمنها العربية والعبرية والانجليزية.

لكن لماذا لم تظهر العبرية القديمة في نتائج الاحصاء؟ سؤال بحاجة الى إجابة.

فقد قيد السجل ان هناك مثلا متحدثا واحدا باليابانية، وايضا متحدث يتيم باللغة البلغارية، ومتحدثان نرويجيان، ومتحدث واحد باللغة البرتغالية، وسبعة متحدثين بلغة الغجر.

كان عدد الذين يتحدثون العربية (657560) متحدثا، فيما الذين يتحدثون العبرية (80396).

ولم يكن اكثر من (877) متحدثا باللغة الروسية!.

نفذ الفلسطينيون أول تعداد فلسطيني بأيد فلسطينية عام (1997)، وعمل فيه أكثر من (6.000) موظف، لكن هناك الآن كما قال مسؤول في الاحصاء لمراسل “وفا” نحو (11) الف موظف سيعملون في مراحل التعداد المختلفة.

كان الـ(28) موظفا الذين لاحقوا رأس هذا السهم في نابلس.

ماذا لو ارتد هذا السهم الى الخلف؟

كنا، سنقرأ الارقام التي ستصدر بعد انتهاء هذا التعداد بشكل مختلف فوق خارطة ديموغرافية مختلفة لفلسطين!

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا