من المستفيد من “عملية” الاقصى؟

بقلم: باسم برهوم

لا احد يجادل في حقيقة أن الاحتلال الاسرائيلي هو مشكلة المشاكل، وهو جذر العنف والارهاب. فلماذا هذا الاحتلال وجنوده وشرطته.
ومخابراته في الاقصى ومحيطه؟ ولماذا هم في القدس وفي كل الارض الفلسطينية المحتلة من اساسه؟ فكما قال محمود درويش: “ايها العابرون بين الكلمات العابرة… احملوا اسماءكم وانصرفوا”.
الحقيقة سالفة الذكر التي لا خلاف عليها، يجب ان لا تعمينا او تعصم عقولنا عن التساؤل بخصوص هذه العملية التي جرت صباح الجمعة الباكر في باحات الاقصى، من حيث اسبابها وتوقيتها ومن يقف وراءها، ولماذا تم اختيار الاقصى، وليس اي مكان آخر في القدس، بالرغم من ان جنود الاحتلال وشرطته ومستوطنيه يعشعشون في ازقتها وطرقاتها.
كما لا يجب ان تعصم كلمة “مقاومة” عقولنا عن التفكير عما يمكن ان تقوده هذه العملية من وبال على الاقصى وعلينا، خصوصا اننا نعلم المخططات الاسرائيلية-الصهيونية التي تستهدفه تحت الادعاء الزائف بانه “جبل الهيكل”، فكلمة “مقاومة” يجب ان لا تمنعنا او تخيفنا من نقدها عندما تصب مثل هذه “المقاومة” في مصلحة العدو، او مصلحة اي طرف اقليمي غير الطرف الفلسطيني، صاحب القضية والارض، “المقاومة” الغامضة (..!!) التي تصب لمصلحة اجندات غير وطنية وتضر مباشرة بمصالح شعبنا الفلسطيني.
اولا: لنتسائل معا عن توقيت هذه العملية لماذا هي الان ..؟؟ سواء توقيتها في الاطار العام، وحتى اختيارها لصباح الجمعة الباكر لكي يتاح لسلطات الاحتلال مبرر اغلاق المسجد الاقصى، واغلاق القدس بوجه المصلين من ابناء شعبنا.
كما لا بد من ربط التساؤل حول التوقيت في اطاره العام، باعتقاد دولة الاحتلال ان لديها فرصة ثمينة سانحة، في ظل أزمات الامة العربية المتفاقمة، والانقسام البغيض، لاستكمال مخطط تهويد القدس، والمسجد الاقصى تحديدا، خصوصا ان هذا الاستكمال وتقسيم مسجد الاقصى زمانيا ومكانيا كان من وجهة النظر الاسرائيلية بحاجة لشرارة، وها هم قد حصلوا عليها بهذه العملية، التي يجب ان نضعها تحت الضوء والتحليل والتمحيص، خصوصا ان التاريخ الفلسطيني مليء بمثل هكذا عمليات لبست لباس مقاومة الاحتلال وهي في واقع الامر جاءت لخدمته.
وبشأن التوقيت ايضا فان العملية جاءت بالتزامن مع وجود المبعوث الامريكي، فان هذه العملية ستقدم له وللادارة الامريكية مبررا لمزيد من الضغط على الجانب الفلسطيني، ومبررا لرسم الخطط والحلول التي من شأنها ان تلبي الاهداف الاسرائيلية من دون اي وجل وتحاول فرضها على الشعب الفلسطيني وقيادته.
ثانيا: السؤال الاهم في هذا السياق، هو من المستفيد الحقيقي من وراء هذه العملية..؟؟ بالتأكيد ان شعبنا الفلسطيني وقضيته هو الخاسر الاكبر، ومن ثم الامتان العربية والاسلامية. نحن ندرك ونتذكر على سبيل المثال الطرق والاساليب التي استخدمتها الصهيونية ومنظماتها الارهابية لتبرير سياسة التطهير العرقي بحق شعبنا الفلسطيني عام 1948، مما ادى الى النكبة، وتهجير ما يقارب المليون فلسطيني من ارضهم وممتلكاتهم والغاء فلسطين وشعبها عن الخارطة. ونعلم لاحقا كيف بررت اسرائيل حروبها بهدف تحقيق التوسع والتمدد على حساب الفلسطينين والعرب. وفي هذا السياق لا تزال عملية الاغتيال التي نفذتها جماعة ابو نضال ضد السفير الاسرائيلي في لندن عشية اجتياح اسرائيل للبنان عام 1982 ماثلة للعيان، والتي اتخذت منها حكومة بيغن-شارون مبررا مباشرا للحرب.
لقد اصبح من الضروري، وقبل فوات الاوان، التمييز بين مقاومة الاحتلال المشروعة، المرتبطة بالاهداف والمصالح الوطنية الفلسطينية، وتلك “المقاومة المأجورة” التي تخدم اجندات اقليمية ليس لها هدف سوى استخدام القضية الفلسطينية ودماء شعبنا الفلسطيني كورقة مساومة في خدمة مصالحها واهدافها.
جاءت عملية الاقصى لتقرع جرس الانذار مجددا، وتدق على سطح وعينا الوطني ليكون اكثر قدرة على التمييز بين ما فيه مصلحته او مصلحة اعدائه او مصالح القوى الاقليمية.
والاهم في كل ذلك ان تقرع جرس الانذار للامتين العربية والاسلامية والانسانية جمعاء، ان الاقصى اليوم في خطر حقيقي ، والقدس هي الاخرى في خطر لم يسبق له مثيل.. فهل من مجيب.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا