القدس عروس النضال: استخلاص العبر

بقلم: زياد عزت سعيد

استخدم الفلسطينيون منذ بدايات الاحتلال طرق ووسائل عديدة لمقاومته، سعيا إلى تحقيق الحرية والاستقلال واقامة الدولة الفلسطينية، فاعتمدوا الكفاح المسلح بوسائله المختلفة تارة، والمفاوضات والحوار تارة أخرى. وفي كلتا الحالتين لم يستطيعوا تحقيق تقدما ملحوظا على صعيد أهدافهم الأساسية في إنهاء الاحتلال بعد خمسين عاما ونيف. فهل حان الوقت للتوقف برهة للتفكير العميق وإعادة النظر في الوسائل النضالية بشقيها الكفاح المسلح، أو المفاوضات ، وطرح الأسئلة الصعبة وتقييم التجربة بجرأة وموضوعية.
يقال: إن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة
: ما بجيب الرطل إلا الرطلين
: الكف ما بلاطش المخرز
ويقال: إن المفاوضات في غير أوانها استسلام
افكار كثيرة يتداولها الناس دون التعمق في دراستها ومحاولة فهم نتائجها ، وهل تصب في مصلحة
القضية الفلسطينية. نحن الفلسطينيين وفي مسيرتنا النضالية لم ، ولن نستطيع إحداث توازن في القوة العسكرية. وبرأي الشخصي لا يجب أن نفكر في ذلك حتى. لأسباب أنسانية وأخلاقية، مع وجوب استحضار قوة التوازن من أحضان الجماهير. أما المفاوضات فذهبنا إليها مرارا وتكرارا ونحن في أضعف حالاتنا، وهي التي تحتاج إلى توازن القوى، حتى يستطيع المظلوم استخلاص حقه من الظالم. لم نرى عبر التاريخ ظالما قويا يتنازل لمظلوما ضعيفا، بل على العكس يطلب مزيدا من التنازل والخضوع.
إن الأمر المحير هنا وفي مسيرتنا النضالية الطويلة،أننا لم نلتفت إلى أفضل ما لدينا من مكامن القوة والعقلانية،والتي لو عملنا على توطينها في أنفسنا وثقافتنا، واسغلالها بشكل فاعل وحكيم، لوفرنا الكثير من الجهد، والثمن الغالي الذي دفعناه من دماء شبابنا، وشاباتنا، والحبل على الجرار. فماذا لدينا؟.. لدينا قوة الجماهير الجماعية، لدينا صبرها ونقاءها وحكمتها، ونضالها اللاعنفي والشعبي، والذي ما زال ماثلا أمامنا،والذي خطه المقدسيون جميعا، وهم بالتأكيد فخورون بذلك. لدينا تجربة تزخر بالعديد من القيم والسمات، ولا يختلف اثنان على أنها تجربة لوتبناها كل الفلسطينيين، بما فيهم الأحزاب والقيادات، لوفرنا على الفلسطينيين وغيرهم الكثير من العذابات، ولخططنا بالبنط العريض للعالم أجمع، أن زمن الحروب قد ولت وأصبحت بائدة. وأن زمن حل النزاعات وعودة الحق لأصحابه المظلومين ، يمكن أن يكون بطرق غير ظالمة، وغير عنيفة، هي طريق النضال اللاعنفي الذي خطه لنا المقدسيون، هذا النضال الذي انخرط فيه الشباب والكهول، المسلم والمسيحي، النساء والرجال.إنه النضال الأقرب إلى هوية الإنسان الأصيلة والخيرة، إنه الشجاعة الحقيقية. فهل آن الأوان لاستخلاص العبر.

 

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version