الذاكرة الوفية – “فاطمة إبراهيم”

بقلم: عيسى عبد الحفيظ

أخيراً ترجلت هذه الفارسة عن صهوتها، فاطمة أحمد إبراهيم السودانية الفلسطينية الأممية التي ما انفكت تدافع عن حقوق الناس وحقوق المرأة في وسط سوداني محافظ.
تلقت تعليمها الأبتدائي في مدراس الارساليات ثم أكملته في أم درمان لتعمل بعدها في سلك التعليم بالمدارس الأهلية بعد أن رفضت مصلحة المعارف تعيينها لأسباب سياسية نشطة في مجال حقوق المرأة فترأست الاتحاد النسائي السوداني في أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات، وأنشأت مجلة صوت المرأة وترأست تحريرها.
برز دورها السياسي في ثورة أكتوبر عام 1964م، التي أطاحت بالحكم العسكري الفردي المطلق. وكانت أول سودانية تدخل البرلمان بعد ثورة اكتوبر. تم اختيارها رئيسة للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي عام 1991م، وكانت أول مرة يجري بها انتخاب امرأة عربية مسلمة من العالم الثالث، ثم حازت على جائزة الأمم المتحدة لحقوق الانسان عام 1993م، اقترنت بالشهيد الشفيع الأمين العام للحزب الشيوعي السوداني الذي علقه جعفر النميري على حبل المشنقة في الخرطوم على إثر محاولة الانقلاب في بداية السبعينيات.
حازت على جائزة ابن رشد عام 2006م، وذهبت إلى لندن بعد خلاف مستحكم مع النظام وفارقت الحياة هناك.
في الخرطوم وعلى هامش المؤتمر العام لاتحاد المهندسين الفلسطينيين المنعقد هناك عام 1985م، دعينا من طرف المهندسة ماجدة إلى بيتها في الخرطوم حيث وجدنا باستقبالنا سيدة وقورة على درجة عالية من الثقافة السياسية ولم نكن نعلم أننا بحضرة فاطمة. كان البيت من البساطة التي تقارب الفقر فالحوش لم يكن مبلطاً وينتهي بصنبور ماء للاستعمالات المتعددة.
دخل الخلاف السياسي ليرغم فاطمة على الانتقال إلى لندن وبقيت أتلقف أخبارها باستمرار حتى كان ما كان.
على الساعة الواحدة والنصف، طلب الشهيد ياسر عرفات أن نأتي بفاطمة إبراهيم حين كانت ضيفة شرف على دورة المجلس الوطني الثامنة عشر المنعقدة بالجزائر عام 1987م، تحت عنوان دورة الوحدة الوطنية.
وفعلاً تم ذلك وبقي يحادثها حتى الفجر. أبدت استغرابها بل واستهجانها حين علمت أن المواطن الفلسطيني بحاجة إلى تأشيرة لدخول السودان وطرحت الموضوع بحدة في البرلمان السوداني.
يطول الكلام عن الفقيدة المرأة الغائبة التي ما انفكت تدافع بشراسة عن حقوق المظلومين والفقراء وأصحاب القضايا العادلة.
كانت تحمل فلسطين في سويداء القلب وعملت بصمت وعلى كل المستويات من اجل فلسطين.
أتمنى أن نستذكرها وأمثالها من المثقفين العرب الذين وقفوا مع القضية الفلسطينية في أحلك الأوقات.
فاطمة إبراهيم تستحق أكثر من مقال ومن الواجب أن يشحذ الجميع اقلامهم لانصافها واعطائها حقها في المفكرة العربية المعاصرة، والتنويه بكل من قدمته لوطنها وللقضية العربية وفي مقدمتها قضية فلسطين.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا