الهم الفلسطيني واغتصاب الذات

بقلم: بسام صالح

احساس لا يمكن وصفه، عندما تعود الى بيتك وتجد ان لصوصا تسللوا الى داخله وعبثوا بكل ما فيه والقوا به ارضا، الاحساس الذي ينتابك هو انتهاك حرمتك وحرمة منزلك من قبل مجهولين، هذا الاحساس الذي لن يفارق مخيلتك ابدا، وتجتاحك الرغبة بحرق كل ما دنسته يد الاغراب، يرافقه نوع من الاحباط ناتج عن عدم الامان، فبيتك وعائلتك اصبحوا عرضة للاغراب، الذي تسللوا الى كل ما هو خاص، هذا المجهول الذي يؤرق الانسان في المكان الذي من المفروض ان يكون عش الامان لك ولعائلتك سيرافقك في كل تصرفاتك عند الدخول او الخروج من بيتك عليك ان تاخذ المزيد من الحذر والاحتياط خشية من ان تكرار هذا الاغتصاب المعنوي. ان كان هذا الشعور وهذا الاحساس يعود لسرقة بيت، فكيف لو قسنا ذلك على وطن مغتصب ومحتل من اعتى واحقر جيوش العالم.
لا ادري لماذا، تراودني فكرة اغتصاب الذات في وضعنا الفلسطيني، وكأن ما فعله و يفعله الاحتلال لم ولن يكن كافيا للبعض، فاصبحنا نُخَون ونقتل ونعتقل بعضنا، وننقسم ربما تجاوبا من البعض مع رغبة الاحتلال، وربما لاننا نسينا اننا تحت الاحتلال وربما لنرجسية الذات وعبادة للمال والسلطة. واصبح البعض جهارة وبدون خجل ينفذ سياسة الاحتلال بقبوله بالفتات الذي يخلفه الانقسام، ويعتقد انه اصبح اميرا او خليفة للمؤمنين. بعد ان اجرم بالقتل والتعذيب والسحل في الشوارع لابناء الوطن، اليوم يتوغل بجريمته بسحل الوطن وسحل الشعب الى عهود الجاهلية. يعاونه بذلك محتل اخر وان كان يرتدي ثوبا مزيفا من الكرم باموال امراء مأمورين بالدفع وتحت غطاء التكافل والتسلل لحياة البعض الفلسطيني بالمال السياسي المشبوه بحجة اغاثة غزة من تدهور الوضع الانساني متناسيا ان غزة واهلها وقبل كل شيء هم جزء اصيل من الوطن والشعب الفلسطيني، وان غزة مختطفة من فئة لا تفهم معنى الوطنية جعلت من غزة قضية انسانية فقط بحاجة للاغاثة ، بينما كل ما يطلبه اهل غزة هو العودة لحضن الوطن الام وانهاء هذا الانقسام المزري.
انه الهم الذي يحمله كل فلسطيني مؤمن بحقه في وطنه وارضه وبوحدته لمواجهة الاحتلال واعوانه من تجار واغنياء الانقسام، فكلما شعرنا ان هناك خطوة الى الامام خرجت خفافيش الليل لتعيدنا الى الوراء خطوات. وكلما قلنا ان العدو يتربص بالكل الفلسطيني قضية وشعبا ولا يفرق بين هذا التنظيم او ذاك، تخرج علينا مجموعات الفتاوي لتؤكد اننا لم نكن على صواب وانهم اقرب للاحتلال ومشاريعه . والا فكيف نفسر استمرار الانقسام ورفض المصالحة والانتخابات و رفض عقد جلسة للمجلس الوطني في هذه المرحلة الدقيقة والخطيرة التي تمر بها القضية الفلسطينية ؟ ولماذا تلك التفاهمات الرعناء مع عدو الامس المفصول من حركته القائد الفتحاوي كما يسمونه !! والسماح له بمعسكرات تدريب لقوة امنية على غرار فرق الموت السابقة، التي اذاقتهم الكثير ولم نكن معها بالامس، ولن نكون معها اليوم، لانها ستكون اداة للقمع وللقتل والفتك بابناء فتح اولا ولكل من يطالب ويعمل لانهاء الانقسام من داخل امارة السوء ثانيا، وثالثا هو ترسخيا لاستمرار الانقسام تمهيدا لفصل القطاع الحبيب عن الوطن الام، بدلا من الاستجابة لمطلب الرئيس ابو مازن الذي اصبح مطلب الشعب الفلسطيني بغالبيته العظمي بحل اللجنة الادارية التي شكلتها حماس في غزة والالتزام بعودة حكومة الوفاق لتمارس صلاحياتها كاملة في القطاع والذهاب الى صناديق الاقتراع باقرب فرصة ممكنة. ان عدم القبول بذلك يعني ان البعض لم يعد يكفيه اغتصاب الارض والجسد الذي يمارسه الاحتلال فاصبح يستمتع ويتلذذ باغتصاب ذاته، ويريد بائسا فرض ذلك على كامل الشعب الفلسطيني .

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا