عقد المجلس الوطني ضرورة فلسطينية

بقلم: علي بدوان

لم يَعَد مُمكناً الانتظار أكثر من ذلك، لترتيب عقدِ دورةٍ جديدةٍ للمجلسِ الوطنيِ الفلسطينيِ، وهو الهيئة التشريعية للشعب الفلسطيني في الداخل والشتات (البرلمان الموحّد). فقد كان الرأي السائد يقول بضرورة انتظار طي ملف الانقسام بين الضفة وغزة، والتوجه بعد ذلك لعقد دورة جديدة للمجلس الوطني، وانتخاب هيئاتٍ قياديةٍ جديدةٍ للمنظمةِ، بما في ذلك اللجنةِ التنفيذيةِ، أو انتظار أعمال اللجنة المعنية بتفعيل أوضاع المنظمة، وهي اللجنة التي تمخضت عن حوارات القاهرة الماراتونية التي أجريت منذ عام 2005 بين مختلف القوى الفلسطينية، لكنها راوحت مكانها عملياً بفعل الاشتراطات والنيات المُسبقة لبعض الأطرافِ التي لا تريد إطاراً إئتلافياً جامعاً بمقدار ما تريد فرض برنامجها.
عقد المجلس الوطني ضرورة فلسطينية، مع تفاقم الانقسام وتحوّله رويداً رويداً إلى انفصال بما يهدد وحدانية التمثيل الفلسطيني، شرط أن يكون عقده خطوة إلى الأمام، وليس أن تنحصر الأهداف من وراء عقده بإعادة فك وتركيب الهيئات والهياكل التنظيمية داخل مؤسسات المنظمة على مقاسٍ مُحدد.
إن مسألة التأجيل والمطمطة في عقدِ دورةٍ جديدةٍ للمجلس الوطني الفلسطيني، باتت أمراً غير مقبول على الإطلاق. فتجديد المنظمة وتجديد شرعيتها، أمست مسألة مُلحّة جداً، حيث تواصل إسرائيل منذ مدةٍ ليست بالقصيرة بالطعن في صدقية التمثيل الفلسطيني، ودور المنظمة كإطارٍ كياني وتوحيدي للشعب الفلسطيني في الداخلِ والشتات.
وليس سراً القول إن معركة خفية تدور منذ فترة ليست بالقصيرة، من أجل إعادة قولبة الوضع الفلسطيني، وترتيبه وفق أجنداتٍ لا علاقة لها بالمصلحة الوطنية الفلسطينية الحقيقية، وتمس الشرعية الوطنية الفلسطينية، وتدعو عملياً لإحداثِ انقلابٍ داخلي في المنظمة، بمساعدةِ أطراف إقليمية.
إن هجمات الطعن بالمنظمة وشرعيتها تتلاقى مع أهداف الإحتلال ومواقفه، حيث عاد كثير من مصادر القرار السياسي والأمني في إسرائيل يتحدث عن فقدان الشريك الفلسطيني كما حدث أثناء قيادة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. بالتالي تظهر الحاجة للدفاع عن وحدة الإطار والمكوّن التمثيلي والكياني للشعب الفلسطيني، ونعني به منظمة التحرير الموحدة، التي قامت على دماء الشهداء وتضحيات الشعب الفلسطيني طوال عقود النضال في الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة. وهو ما يفترض إعادة تجديد الحياة فيها وتجديد مؤسساتها، بخاصة اللجنة التنفيذية التي شاخت منذ وقتٍ ليس بالقصير.
لقد نصّت وثائق الإجماع الوطني التي نتجت من حوارات القاهرة بين الفلسطينيين وصولاً الى «إعلان القاهرة» عام 2011 وقبل ذلك «وثيقة الأسرى» عام 2005، إلى «اتفاق المصالحة» وملحقاته، على مشاركة مختلف الفصائل في المنظمة، وعلى عقد مجلس وطني توحيدي، يتم اختيار أعضائه بالانتخاب حيثما أمكن وبالتوافق الوطني حيثما يتعذر إجراء الانتخابات، والاتفاق على تشكيل إطار قيادي موقت، الذي عقد بدوره اجتماعين بمشاركة مختلف الفصائل، وكُلّف بمهمات عدة من ضمنها التحضير لعقد المجلس الوطني.
من جانب آخر، وإذا كان الاتفاق على المجلس الوطني التوحيدي متعذراً الآن، مع أنه المفضل والمطلوب، فالبديل لا يجب أن يكون القفز في المجهول وفتح أبواب الصراع على مصاريعها، وإنما الاتفاق على مجلس وطني قديم يتم تجديده تشارك فيه حركة «حماس» من خلال أعضائها في المجلس التشريعي للضفة الغربية والقطاع، وأعضاء آخرين يمثلونها، وكذلك حركة «الجهاد الإسلامي» تحت بند المستقلين، مجلس وطني يُقرّ برنامجاً سياسياً قادراً على مواجهة الأخطار القائمة، على أن يتم سلفاً الاتفاق على توفير متطلبات عقد مجلس وطني توحيدي لاحق خلال مدة أقصاها عام، يتم تشكيله بالانتخابات المباشرة حيث أمكن.

عن الحياة اللندنية

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا