الكويت وسيط أم منحاز لقطر

بقلم: فادى عيد

كي نقراء لغز موقف الكويت بأزمة قطر دعونا نضع أمام أعيننا الاسئلة الصحيحة والنقاط الهامة وهي كالتالي:
أولا: لماذا تدخلت الكويت كوسيط فى أزمة قطر 2017 بعد ساعات قليلة جدا من أعلان الدول الاربعة مقاطعة قطر فى حالة شديدة من التسرع، على عكس ما جرى فى أزمة2014 بعد أن تريثت الكويت لمدة 10 ايام تقريبا ثم بعدها اعلنت الدخول كوسيط؟

ثانيا: لماذا أتى رد فعل أمير الكويت بالصمت الرهيب بعد زيارته للسعودية ثم الامارات وأظهرو له وثائق دامغة قاطعة تؤكد تأمر قطر على الكويت؟

ثالثا: كيف أزداد حماس الكويت لانهاء الازمة مع قطر، بعد أن صرحت مصادر مسئولة بالكويت من أن بلادها سوف تنضم للدول المقاطعة فى حالة عدم أستجابة قطر للمطالب خلال جولة الوساطة الاولى لامير الكويت؟ مع العلم أن الكويت لم ولن تكن مكلفة من السعودية أو غيرها بلعب دور الوسيط.

رابعا: ما الهدف الاساسي من زيارة امير الكويت للولايات المتحدة؟

والان سنشرح لكم الامر بشكل مباشر ومن زاوية تعكس لنا ما يدور بداخل البيت الكويتي، أولا هناك جناح داخل الاسرة الحاكمة أراد أحراج الشيخ صباح امير الكويت وولي العهد والدفع بهم سريعا فى لعب دور الوسيط فى أزمة يعلم هولاء أنها لن تمر بسلام، وللاسف نجحو نجاحا شديدا بأن يجعلو من الكويت مفعول به، ولم ينتبه أمير الكويت لذلك الا متأخرا بعد فوات الاوان، الامر الثاني منذ عامين ونصف قلت نصا أن جماعة الاخوان بالكويت متغلغلة لها اذرع ثقيلة حتى داخل القصر الملكي الكويتي، وتضع أمام أعينها ولي العهد الكويتي هدفا لها.
وتلك النقطتين توضحا لنا لماذا جاء موقف الكويت بالازمتين سلبي، ولماذا لم يحرك أمير الكويت ساكنا تجاه قطر بعد أن كشفت لها الرياض وأبو ظبي تأمر قطر على بلاده بالادلة الدامغة.

وبالمؤتمر الصحفي بين الرئيس الامريكي وأمير الكويت أراد الاخير أن يظهر لدونالد ترامب جدية قطر فى الحوار والجلوس على طاولة النقاش مع الدول المقاطعة، فلو كان هذا صحيحا لماذا أذا لم يتوجه امير قطر لأي من دول المقطاعة بدلا من توجه أمير الكويت للولايات المتحدة، فالامر هنا كان اشبة بنقل امير الكويت رسالة من تميم أو بالادق نظام الحمدين للرئيس الامريكي، وهو أمر يتجلى عندما صرح امير الكويت بأهم جملة خلال المؤتمر الصحفي مع الرئيس الامريكي عندما قال نصا “أننا نجحنا فى أيقاف اي عمل عسكري ضد قطر”، ثم محاولة أمير الكويت الواضحة سواء أثناء المؤتمر الصحفي أو من قبلها، فى حصر أزمة قطر فى البيت الخليجي فقط وأبعاد مصر وأي طرف أخر بقدر المستطاع من دائرة الازمة، وهو أمر تسعى له قطر بقوة للرغبة في تضييق مساحة الازمة للتمكن من التعامل معها بشكل افضل، خاصة بعد أن تحركت مصر مؤخرا لقطع أذرع قطر بدول الساحل والصحراء، خاصة وأن قطر ستذوق طعم مرارة المقاطعة حقا بعد أنتهاء العطلات الصيفية، وأرقام الاقتصاد القطري تؤكد ما نقوله والقادم سيكون أسواء.

وعندما نعلم ان الجانب الكويتي وقع صفقة تسليح مع الولايات المتحدة بلغت 5مليارات (على غرار صفقات الخليج مع الولايات المتحدة)، بجانب سرعة نفي وكالة أنباء الكويت لما أعلنته أغلب وسائل أعلام دول المقاطعة، نافية ذكر أمير الكويت لموافقة قطر على المطالب 13، قبل أن تنفي الجزيرة وتتملص من كل تصريحات أمير الكويت أول أمس فى أسلوب مهين للشيخ صباح الاحمد، حينها ستتضح لنا الرؤية تماما، وسنعرف لماذا يقف الكويت فى تلك الخانة.

أخير وليس أخرا لا يفوتنا سرعة ودقة صدور بيان دول المقاطعة بعد المؤتمر الصحفي بين الرئيس الامريكي وامير الكويت، والذى جاء للتأكيد على ثبات وتماسك موقف دول المقاطعة برغم كل الضغوط، وأن المتضررين من دعم قطر للارهاب ليست دول المقطاعة فقط، وهو امر الذى سبب حالة أرتباك لنظام الحمدين فى التعامل مع الازمة فما كان منه الا تحريف قصة اتصال تميم بولي العهد السعودي والترحيب بالحوار قبل ان تنفي قناة الجزيرة نفسها حدوث ذلك، كي تصفعها الرياض ببيان جديد أشد قسوة، وهنا يؤكد لنا المشهد بأن لقطر ليس حاكم واحد، وأن تميم ليس حاكما من الاساس.

وأكثر ما يجعلنى متفائلا فى النسخة الثانية من الازمة مع قطر هو أن الرياض فاعلة فى الازمة على عكس 2014، فمنطقة الخليج بطموح قيادات شبابها الجديد لن تتحمل أن تضع كلا من ولي عهد ابو ظبي ونظيره السعودي مع تميم بن حمد في معادلة واحدة، فتميم منذ بداية الازمة السورية قالها صريحة للرياض لن أجلس فى المقاعد الخلفية تاركا المقعد الامامي لكم، وهو الامر الذى كان سبب فى أنهيار تحالف الجماعات الارهابية بسوريا، وبتأكيد تلك الجملة لن يقبل بها الشاب الطامح محمد بن سلمان الذى عزم فى بداية أزمة قطر ان يكون ملكا على النفط والغاز معا وليس النفط فقط.

حقيقة الامر عندما أستعيد فى عقلي حرب الخليج الاولى ثم الثانية ثم الازمة القطرية الحالية بعد حروب بسوريا والعراق واليمن وليبيا، والسير نحو انفصال كردستان، وغيرها من الاحداث الملتهبة بمنطقة الشرق الاوسط، فى عصر جاء عنوان أغلب حروبه أن لم يكن جميعها بعنوان “حروب الطاقة”، اتذكر مقولة ثعلب السياسة الامريكية هنري كيسينجر عام 1973عندما قال: “على الولايات المتحدة تصحيح العدالة الالهية التى وضعت النفط بعيدا عن مناطق الصناعة والتكنولوجيا”.

فادى عيد
الباحث و المحلل السياسي بشؤون الشرق الاوسط
fady.world86@gmail.com

 

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا