وصول وفد بريطاني متضامن للقدس سيرا على الأقدام في ذكرى مئوية وعد بلفور

وصل فلسطين وفد من المتضامنين البريطانيين الذين ساروا على الأقدام أكثر من 135يومًا من بريطانيا إلى القدس المحتلة، تنديداً بوعد بلفور في ذكراه المئوية ورسالة إلى حكومة بلادهم، وإلى المجتمع الدولي، ورفضا للاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية.
وكشف الياس دعيس مدير قسم السياحة والمعرفة في مؤسسة «أمانة الأراضي المقدسة» في بيت لحم التي نظمت الرحلة، أن الوفد المكون من 60 متضامنًا سار من لندن عبر فرنسا ثم سويسرا مروراً بإيطاليا واليونان وتركيا ثم في الطائرة إلى عمان وأكملوا المشي باتجاه معبر الكرامة في مدينة أريحا وصولا إلى فلسطين.
وقال في تصريح لـ «القدس العربي» إن الوفد أراد إرسال رسالة إلى حكومته في بريطانيا بضرورة أخذ موقف تجاه القضية الفلسطينية، وتقديم اعتذار للشعب الفلسطيني على ما طاله بسبب وعد بلفور قبل مئة عام. ولفت انتياه المجتمع الدولي خاصة بعد مرور خمسين عاماً على الاحتلال العسكري وسبعين عامًا على النكبة وعشر سنوات على حصار غزة.
ولم تنته رحلة الوفد بمجرد الوصول إلى فلسطين، بل سيتنقل بين المناطق الفلسطينية المختلفة للفت الانتباه لتفاصيل الحياة في فلسطين عامة وتحت الاحتلال خاصة، احتجاجا على سرقة إسرائيل للمياه، وكذلك الإضرار بالبيئة والحد من حرية الحركة داخل وما بين المدن الفلسطينية.
وسيزور الوفد بلدة تقوع شرق بيت لحم ثم إلى الرشايدة للفت الانتباه لصعوبة حياة البدو الفلسطينيين في المناطق النائية، وكذلك سيخترق المخيمات الفلسطينية من عايدة شمال بيت لحم إلى العزة ثم الدهيشة باتجاه مخيم العروب في الخليل لتسليط الضوء على واقع اللاجئين الفلسطينيين.
وجنوبًا كذلك سيصل الوفد إلى قرية سوسيا وخربة أم الخير والتواني، وهي التجمعات الفلسطينية التي تلاحقها سلطات الاحتلال بالهدم والتهجير القسري، وصولاً إلى النقب والقرى غير المعترف بها في الداخل الفلسطيني، وبعدها الوقوف على حدود غزة بسبب عدم امكانية الدخول إلى القطاع.
وبمناسبة الذكرى السنوية المئوية لوعد بلفور، التي تصادف في الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل تنوي السلطة الفلسطينية تنظيم تظاهرات احتجاجية في الضفة الغربية وقطاع غزة ولندن. وستتوجه السلطة الفلسطينية رسميا الى الحكومة البريطانية ومطالبتها بالاعتذار عن الوعد والعمل على دفع الاعتراف بالدولة الفلسطينية داخل حدود 67، وسيسلم ممثلو السلطة للقنصل البريطاني في القدس 100 ألف رسالة كتبها أطفال يطالبون فيها رئيسة الحكومة تيريزا ماي، بالاعتراف بمعاناة الشعب الفلسطيني جراء وعد بلفور.
وقال نبيل شعث، مستشار الرئيس الفلسطيني والمسؤول عن العلاقات الخارجية في حركة فتح، إنه لا يمكن لبريطانيا التنصل من مسؤوليتها عن الوعد وآثاره. وأضاف: «أوروبا لم ترغب بمواجهة مسألة وجود اليهود، وكان هناك من قرر إرسالهم الى المحرقة، وهناك من قرر تحميلهم على متن السفن وإرسالهم الى فلسطين على حساب شعب آخر. إذا كان البريطانيون يريدون حقا تحقيق العدالة ويتحدثون عن حل الدولتين، يجب على الحكومة البريطانية بذل أقل المطلوب والاعتراف بالدولة الفلسطينية داخل حدود 67 «.
ومارست السلطة الفلسطينية أخيرا الضغط على بريطانيا لإلغاء الاحتفالات بالذكرى السنوية المئوية لوعد بلفور، وفوجئت بقرار السفارة البريطانية في تل ابيب بتنظيم حفل استقبال بهذه المناسبة في مقر إقامة السفير بمشاركة وزراء وأعضاء كنيست. وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، مصطفى البرغوثي، إن هذا الحفل يعتبر «استهتارا بمشاعر ملايين الفلسطينيين».
وأدانت حركة التحرير الوطني الفلسطيني «فتح» تصريحات رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي التي أعلنت فيها فخر بريطانيا بقيام دولة الكيان الاسرائيلي المحتل وتصميمها على الاحتفال بمئوية وعد بلفور المشؤوم. واعتبرت ان تصريحات تيريزا ماي تعبر عن انحياز حقيقي لدولة الاحتلال العنصرية وتكمن خطورته في تشريعه للاحتلال الذي يستهدف الأرض والإنسان الفلسطيني، وتنصل بريطانيا من مسؤوليتها وما يترب لشعبنا عليها من حقوق.
وأدانت وزارة الخارجية الفلسطينية تصريحاتها، واعتبرت أنها تأكيد بريطاني جديد على عدم الاعتراف بوجود الشعب الفلسطيني، حتى بعد مرور 100 عام على وعد بلفور، وكأن هذا الوعد لا يزال قائماً بنفس النهج والتفكير والعقلية، وكأننا أيضا نقف أمام بريطانيا اليوم كامتداد للعقلية البريطانية الاستعمارية العنصرية.
وأكدت الوزارة أنها «بذلت قصارى جهودها وحاولت كثيراً من أجل عدم الوصول الى مثل هذا الوضع التصعيدي، وكانت هناك محاولات حثيثة من طرفنا، وتواصلنا مع الجانب البريطاني باستمرار وعقد وزير الخارجية رياض المالكي لقاءات مع نظيره البريطاني في مقر وزارة الخارجية البريطانية، وقدم مقترحات عملية لتحاشي مثل هذا التصعيد قبل السابع من نوفمبر/تشرين الأول المقبل، عندما يصل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الى لندن تلبية لدعوة رسمية من قبل رئيسة الوزراء البريطانية للمشاركة في تلك الاحتفالات الاستفزازية، الا أن بريطانيا رفضت وبتعنت واضح مناقشة هذا الموضوع».

ورأت أنه من الواضح أن بريطانيا قررت التصعيد من خلال إصرارها على تنظيم تلك الاحتفالات الاستفزازية والتصريحات غير المسؤولة، «ما يجبرنا كجانب فلسطيني أن نفكر في طبيعة الإجراءات الواجب اتخاذها لحماية حقنا والدفاع عنه». وحملت الحكومة البريطانية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن أي تصعيد سيتم بناء على خطوات قادمة، لأنها هي التي اختارت التصعيد وتجاهلت الحق الفلسطيني، وقررت عدم احترام مشاعر الشعب الفلسطيني، ولم تأخذ بالمناشدات والنداءات للتراجع عن تلك الاحتفالات الاستفزازية.

واعتبرت وزارة الإعلام الفلسطينية تصميم ماي على الاحتفال بمئوية وعد بلفور، وتفاخرها أمام البرلمان بدور بلادها في إقامة وتكريس دولة الاحتلال «إسرائيل» تكرارًا للجريمة السياسية الأكبر في التاريخ الإنساني، ومواصلة للخروج على كل التقاليد الدبلوماسية. وأكدت أن رفض ماي الاعتذار عن الوعد الأسود، وإصرارها عليه لا يعكس توجهات سياسية متطرفة فقط، بل يُدلل على أزمة أخلاقية كبرى تصدر من عين بريطانية مصممة على التعامي، وتدافع بشراسة عن نكران الحق الفلسطيني.

وذكّرت الوزارة ماي وكل الداعمين للوعد الأسود في الحكومة البريطانية بأن المضي في الدفاع عن الخطيئة السياسية، لا يمكن أن يساهم بأي صيغة في إحلال السلام العادل والشامل، ليس في فلسطين فحسب، وإنما في العالم كله. ورأت أن الدفاع عن وعد بلفور معناه عمليًا الانحياز المطلق لفكرة الاحتلال، ودعم التمييز العنصري والاعتزاز بالإرث الاستعماري البريطاني، والتمجيد بشكل أو بآخر بالحربين العالميتين: الأولى والثانية وما خلفتاه من نتائج دموية، وما سبقهما من انحياز أعمى واستقطاب.

 

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version