المساس بالقدس يعني نهاية عهد السلام

على ما يبدو ان الإدارة الأمريكية بزعامة ترامب تخلت تماما عن دورها التقليدي في عملية السلام بصفتها الراعي الرئيسي للعملية وأعلنت انحيازها التام لإسرائيل من خلال إصرار ترامب على الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها. وكان ترامب قد اجل نقل السفارة الأمريكية للقدس مع بداية وصوله الى البيت الأبيض استنادا للوعود التي قطعها على نفسه أثناء حملته الانتخابية إلا انه عاد وتراجع مؤقتا عن ذلك نتيجة الضغوط التي تعرضت لها الولايات المتحدة ونتيجة انعكاسات ذلك على عملية السلام.
موضوع الاعتراف عاد مجددا يطرق أبوابه في السياسة الأمريكية بعد أن فرغ ترامب ومساعديه من إعداد خطة لحل الصراع بما سماها “صفقة القرن” يكون في مقدمة عناوينها الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل في تحدي واضح لمشاعر الفلسطينيين ومشاعر الأمتين العربية والإسلامية وضرب القانون الدولي ولقرارات مجلس الأمن وقرارات الشرعية الدولية.
الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل يتناقض تماما مع روح عملية السلام ويعرض حل الدولتين للخطر اذ ان حل الدولتين ينطوي على تقسيم القدس بحيث تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، وكانت الولايات المتحدة قد سعت للامتناع عن الاعتراف بالمدينة المقدسة عاصمة لاسرائيل لتجنب اعتبار ذلك حكما مسبقا على نتائج محادثات محتملة بين الفلسطينيين والإسرائيليين والتي يسعى الفلسطينيون فيها الى جعل القدس الشرقية مقر حكومتهم النهائية.
الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل سيفجر عملية السلام ويعيد الصراع الى عناصره الأساسية وسيطرح مجددا موضوع الاعتراف المتبادل بين إسرائيل ومنظمة التحرير حيث ان هذا الاعتراف سيجعل من هذا الموضوع مثار جدل من جديد،هذا بالإضافة إلى ان هذا الاعتراف يشكل طعنة وانقلابا على قرارات الشرعية الدولية وقرار التقسيم عام 1947، حيث رفضت الامم المتحدة ضم القدس عام 1980 اجراءً مخالفا للقانون الدولي وكافة القرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
وعلى ما يبدو ان هناك جدلا يدور في الساحة السياسية الامريكية حول هذه الخطوة حيث تناقلت وسائل الاعلام ان جهات داخل البنتاغون ووزارة الخارجية قد وجهت تحذيرات للرئيس الامريكي ترامب من تداعيات الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل حيث سيكون لها انعكاسات سياسية خطرة وسيضع منطقة الشرق الأوسط في حالة من عدم الاستقرار الأمني والاتجاه نحو الفوضى. ان قرار ترامب هذا سيكون له تداعيات شعبية وسياسية ودبلوماسية لا يمكن التنبؤ بنتائجها.
الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل سينهي عملية السلام اذ ان الجانب الفلسطيني احد الاطراف الرئيسية في الصراع لن يعود للانخراط في هذه المعادلة الجديدة في ظل الخرق الواضح في الاسس التي قامت عليها عملية السلام بعدم اجراء اي تغيير على المسائل المختلف عليها الا ضمن اتفاقيات واضحة والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل هو تفرد امريكي في مسألة استراتيجية وتعدي سافر على حقوق الفلسطينيين وهذا سوف ينسف عملية السلام اذ ان الفلسطينيين لن يعودوا مجددا ولن تستطيع الولايات المتحدة فرض السلام دون موافقة الفلسطينيين.

خاص- مركز الإعلام

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا