صلاة بين المسيل…

الحارث الحصني

لم يكن منظر سفح أحد الجبال المطلة على سهل البقيعة، جنوب طوباس اليوم الجمعة، كما اعتاد عليه المواطنون، ففي الأوضاع الطبيعية، يكون بنيُ اللون تنتشر فيه بعض الشجيرات في مواضع مختلفة، لكن اليوم، بفعل العشرات من قنابل الغاز المسيل للدموع، أطلقها الاحتلال، صارت تغطيه سحابات متفرقة بيضاء اللون المنبثقة من تلك القنابل.

وسهل عاطوف هو أحد امتدادات سهل البقيعة جنوب طوباس، وشق فيه الاحتلال منذ بداية الانتفاضة خندقا وأقام فيه بوابتين للتضييق على المدنيين الفلسطينيين.

بعد انقضاء صلاة الجمعة التي أداها مواطنون فلسطينيون في سهل عاطوف، بدأت مواجهات بينهم وبين جنود الاحتلال المتمركزين بالقرب منهم.

وتفاعل المواطنون مع دعوات القوى الوطنية والإسلامية لإنجاح فعاليات جمعة الغضب أسوة بباقي محافظات الضفة والقطاع، إعلانا واضحا برفض قرار ترمب بشأن القدس.

وقد أدى المواطنون في سهل عاطوف الصلاة وهم يتنفسون الغاز الذي أطلقه الاحتلال بكثافة في المنطقة.

مواطنون شاركوا في الصلاة والتجمع من نصرة للقدس، قالوا في أحاديث منفصلة، إنهم جاءوا للاحتجاج ونصرة للقدس، وتأكيدا على رفض القرار الأميركي بحق القدس عاصمة دولة فلسطين الأبدية.

وفي وقت كان فيه المواطنون يقيمون صلاتهم، أطلق الاحتلال العشرات من قنابل المسيل للدموع، على بعض الشبان الذين اعتلوا قمة أحد الجبال، ما أدى إلى إصابة بعض المصلين بالاختناق.

وبعد الصلاة التي أداها العشرات من أهالي محافظة طوباس، اندلعت مواجهات مع قوات الاحتلال، أدت لإصابة بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، وما يقارب 21 إصابة بالغاز.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فبالقرب من مكان تجمع المواطنين، اقتحم جنود الاحتلال مركزا طبيا لقرية عاطوف، بحثا عن مصابين لاعتقالهم.

وشوهد في الوقت ذاته، جنود الاحتلال يقتادون عددا من المواطنين أُصيبوا بالاختناق.

واستطاعت كاميرا تلفزيون فلسطين أن توثق قيام جنود الاحتلال بسحب أحد المصابين وقد بدأت عليه علامات الألم وضيق التنفس.

وخلال أكثر من أربع ساعات أمطر جنود الاحتلال الشبان المحتجين في المنطقة، بوابل من قنابل الغاز المسيل للدموع، تركت بين صفوفهم إصابات نُقل منها إلى المستشفى وأخرى تعامل الهلال معها ميداني.

كما اعتقل جنود الاحتلال المتمركزون بالقرب من أحد الخنادق التي أسسها بداية الانتفاضة الحالية، عددا من المواطنين بينهم صحفيان، قبل أن يفرجوا عنهم لاحقا.

وعقب أمين سر حركة فتح في طوباس، محمود صوافطة، على هذه التطورات بالقول: هذه واحدة من الفعاليات الغاضبة الرافضة لقرار ترمب الأخير بأن القدس عاصمة لدولة إسرائيل.

من جانبه، قال المواطن مالك بشارات لــ”وفا” بعد الإفراج عنه عقب توقيفه من قبل الاحتلال هذا اليوم: ” خلال زجي في المركبة العسكرية، ضربني الجنود على مؤخرة رأسي(..)، وقد مسحوا كل الصور عن الكاميرا الخاصة بي وحذفوا كل ما يحتويه هاتفي الخاص”.

أما منسق فصائل العمل الوطني في المحافظة باسل منصور، فقال: “الأرض الفلسطينية كلها مقدسة، ورسالتنا متجددة بأن قرار ترمب لن يمر”.

وليست طوباس وحدها خرج أبناؤها رفضا لقرار ترمب، ونصرة للقدس، بل أن مدن الضفة كلها شهدت مواجهات خلفت العشرات من الإصابات، والمشهد يبد أنه يتجه إلى مزيد من السخونة حتى يحقق شعبنا أهدافه الوطنية، ويسقطون وعد ترمب.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا