نيويورك تايمز «الفاشلة»

بقلم ــ عـــلاء ثابت رئيس تحرير جريدة “الاهرام” المصرية

بداية ومن باب الأمانة الصحفية لابد من الإشارة إلي أن وصف صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية بالفاشلة ليس من وحي خيالي، وليس انتقاما منها علي ما أشاعته وتشيعه ضد مصر، وليس استعارة لوصف سكه كاتب مصري، بل إنه وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لها قبل نحو شهر، بقوله إنها جريدة فاشلة وأنها تفبرك التقارير والأخبار التي تنشرها. كما نشر تدوينة في منتصف نوفمبر الماضي قال فيها إنه من الصعب أن نصدق حجم فشل نيويورك تايمز عندما يتعلق الأمر بحديثها عن السياسة الخارجية.

أما أنا فأري أنها أيضا صحيفة فاسدة. صحيفة أفسدها الهوي السياسي فوقعت في براثن الدعايات الرخيصة المدفوعة الأجر. أراها صحيفة تبيع تاريخها الصحفي مقابل التمكين لموقف سياسي وأيديولوجي تغذيه دول أخرى تدعم الإرهاب وتدافع عنه. وحين يتحكم الهوي السياسي في العمل الصحفي فمن الطبيعي أن تسقط الصحيفة (أي صحيفة) وتخرج من دائرة العمل الصحفي مهما يكن تاريخها. موقف صحيفة نيويورك تايمز من مصر واضح تماما منذ ثورة 30 يونيو 2013. فهي اعتبرت وما زالت تعتبر تلك الثورة انقلابا، منتصرة بذلك لجماعة إرهابية اختطفت مصر لمدة عام كامل، وما زالت تصر علي إرهاب المصريين واستباحة دمائهم. ولم تدخر الصحيفة جهدا في البحث عن كل ما تتصور أنه قد يطعن في شرعية النظام القائم في مصر بأمر ثورة 30 يونيو، كما تغاضت وما زالت تتغاضي عن كل التطورات الإيجابية التي تشهدها والنجاحات التي يحققها الرئيس عبد الفتاح السيسي داخليا وخارجيا، وكأن مهمة مراسلها في القاهرة هي البحث فقط عن كل ما قد يدعم وجهة نظر الجماعة الإرهابية ورعاتها ومموليها.

فشل صحيفة نيويورك تايمز بالمعني المهني في تعاملها مع الشأن المصري واضح ولا يحتاج لأي جهد لاكتشافه، فهي بنفسها تقدم لنا بين الحين والآخر ما يؤكد ذلك الحكم. ذلك أن التقرير الأخير لها، والذي زعمت فيه أن ضابطا بالمخابرات العامة يعطي توجيهات لبعض الإعلاميين بشأن الموقف المصري من الأزمة التي فجرها قرار الرئيس الأمريكي بنقل سفارة الولايات المتحدة في إسرائيل إلي القدس، علي الرغم من أن الموقف المصري بشأن القدس واضح وثابت ويتسق مع الرؤية المصرية بشأن الصراع العربي الإسرائيلي بالشكل الذي لا يمكن تصور أن يكون محلا للنقد أو التشكيك، بل إنه موقف دفع الـ«نيويورك تايمز» نفسها لتصف مصر بأنها حليف مزعج للولايات المتحدة في ضوء ما اتخذته من إجراءات لمعارضة القرار الأمريكي. وهذا التقرير ليس الأول الذي تفبركه الـ نيويورك تايمز بشأن مصر. فقد سبق للصحيفة أن ادعت أن وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي في السعودية، ويعمل مستشارا أمنيا لولي العهد السعودي، بينما تم القبض علي الرجل أخيرا وإيداعه السجن، كما ادعت أن مواجهة مصر للإرهاب في شمال سيناء فاشلة وأصرت ومازالت تصر علي أن تسمي الإرهابيين بتمردي سيناء، في الوقت الذي تقف فيه مصر محاربة الإرهاب ومصرة علي اجتثاثه من جذوره منفردة رغم كل التمويل والدعم الذي يحصل عليه الإرهابيون من دول تدعي زورا أنها ضد الإرهاب. كما استطاعت مصر بمفردها أن تحقق نجاحات متتالية في تلك المعركة الشرسة، التي تلتئم دول وقوي عظمي في تحالفات دولية من أجل مواجهتها في مناطق أخري، وما زالت لم تحقق النجاح المطلوب حتي الآن.

والحقيقة أن هذه الفبركة للتقارير هي المسئول عن تحديد هوية جمهور الـ «نيويورك تايمز» حاليا والمرحبين بما تنشره. إذ يمكنك بسهولة عبر محرك البحث علي الإنترنت أن تلاحظ أن الجهات والقنوات والصحف والمواقع بل والصفحات الشخصية علي مواقع التواصل الاجتماعي التي صدقت ونقلت ما نشرته الجريدة هي نفسها الجهات والقنوات والمواقع التابعة أو المؤيدة للجماعة الإرهابية. المشكلة أن صحيفة نيويورك تايمز وهي تفعل كل ذلك باسم الصحافة تدعي أنها ما زالت مدرسة صحفية تدقق أكثر من مرة فيما تنشر حتي لو اقتضي الأمر عدم النشر في حال عدم التثبت من الخبر، وتدعي أنها تدافع عن حرية الصحافة وتسمح لنفسها أن تهاجم الإعلام المصري بادعاء أنه لا ينطق إلا ما يملي عليه أمنيا! بينما هي تخلط السياسة بالصحافة لمصلحة دول تدفع الغالي والنفيس من مقدرات شعوبها لزعزعة استقرار مصر علي أمل النيل منها ومن شعبها.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا