ردا على ملاحظات البكائين

بقلم: عمر حلمي الغول

ما أشبه اليوم بالبارحة حين نستحضر إنعقاد دورة عمان ال17 للمجلس الوطني 1984، التي جاء إنعقادها آنذاك ردا على القرار السوري والليبي ومن والاهم من فصائل وقوى سياسية الهادف آنذاك لإختطاف التمثيل الفلسطيني، فلجأت القيادة الشرعية إلى الساحة الأردنية لعقد دورة المجلس فيها بعيدا عن سيف المرتبصين بالقرار الفلسطيني المستقل، ورغم التهويل والخطب النارية المعارضة والمحرضة على عقد الدورة من حيث المبدأ في العاصمة الأردنية، وأثر الجغرافيا على قرارات الدورة، إلآ أن دورة المجلس عقدت، ونجحت في تأمين النصاب، وفي حماية القرار الفلسطيني والمنظمة على حد سواء. وعلى إثر ذلك عاد لاحقا من إستنكف إلى صفوف المنظمة مقرا بالدورة ونتائجها.

ومع الفارق بين اللحظتين السياسيتين وشروط إنعقادهما، إلآ ان هناك قاسما مشتركا جامع بينهما يتمثل في الآتي: حماية المنظمة ودورها، والعمل على إصلاحها وتطويرها، ثانيا تجديد هيئاتها القيادية المختلفة، ثالثا إشتقاق برنامج سياسي جديد يستجيب لمتطلبات النضال الوطني التحرري راهنا ومستقبلا، رابعا تعزيز وحدة الأداة والقيادة والشعب لمواجهة التحديات الصهيو أميركية، وحماية القضية من التبديد والتصفية الجاري العمل على تنفيذها منذ إعتراف ترامب القدس عاصمة لإسرائيل، خامسا المراجعة السياسية الشاملة لتجربة النضال الوطني منذ إتفاقيات أوسلو 1993 وحتى الآن.

واليوم نلاحظ هجمة منهجية لا تقل ضراوة عما واجهته القيادة عام 1984 من قبل القوى المتضررة من عقد الدورة الجديدة للمجلس الوطني، التي باتت إستحقاقا منذ زمن بعيد، وحاجة وطنية تمليها المصلحة الوطنية العليا. ويتذرع اصحاب ووكلاء الهجمة بذرائع واهية لعل أبرزها مكان إنعقاد الدورة في مدينة رام الله، ولسان حالهم القديم الجديد يقول أن “إنعقادها في رام الله، ينعي إنعقادها تحت سيف الإحتلال الإسرائيلي، وبالتالي ستكون نتائجها دون مستوى الطموح الوطني”، وهي نفس الذريعة، التي إستخدمت أثناء انعقاد الدورة في عمان العاصمة الأردنية. وهنا نذكر المعنيين بالرفض، ان دورة المجلس الوطني عام 1996 عقدت على أرض الوطن في مدينة غزة، وكانت (ومازالت حتى الآن) تحت الإحتلال الإسرائيلي ولم تخضع القيادة للأجندة الإسرائيلية ولا لغيرها، وإعتمدت برنامجا سياسيا يتناسب وطبيعة المرحلة السياسية. كما عقدت دورات المجلس المركزي المتعاقبة منذ ذلك التاريخ جميعها على أرض الوطن، وإتخذت قرارات وطنية متناقضة مع سياسات دولة الإستعمار الإسرائيلية، ولم تتأثر القيادة بإملاءات أي دولة أو قوة سياسية. أضف إلى ان السؤال الذي يطرح نفسه على البكائين “حرصا” على مكانة ودور المنظمة، ما هي الساحة العربية المناسبة، والتي لا يوجد فيها إشكاليات وإرباكات، ولا أقول أكثر من ذلك، تسمح بجمع مكونات البيت الفلسطيني؟ ولماذا نعقد الدورة في إحدى الدول العربية، ولا نعقدها على أرض الوطن؟ وردا على بعض المعترضين، الذين يعتقدون أن “المنظمة تخضع للسلطة، وإنعقادها في رام الله يعني إستمرار ذات السياسة”. الرد الواضح على ذلك، تفضلوا شاركوا في الدورة وإطرحوا مواقفكم، وحرروا المنظمة من تلك السياسة. وأليس عقد المجلس الوطني أعلى هيئة تشريعية للشعب، هي صاحبة القول الفصل في التقرير بإستعادة مكانة ودور المنظمة، وإعادة ترتيب هيكلة المسؤوليات داخل مؤسسات الشعب الفلسطيني؟

وأما عن مشاركة حركتي حماس والجهاد الإسلامي، فإن الباب مفتوح أمامها للمشاركة، ولم يغلق نهائيا إن توفرت الرغبة لدى الحركتان. ولهما ممثلون في الضفة الفلسطينية، ومن يريد المشاركة منهم من الساحات الأخرى يمكن تأمين صيغة الفيديو كونفرنس لضمان ذلك. ولكن السؤال هل لدى الحركتان الرغبة في المشاركة من حيث المبدأ أم أن طرح الأمر من باب التنغيص وتعطيل إنعقاد الدورة؟ وهل على القيادة أن تنتظر مشيئة الحركتين أم حماية المنظمة ومكانتها ودورها، وبالتالي العمل على عقد الدورة في موعدها المقرر؟ وألم ترفض قوى سياسية هامة في الساحة تاريخيا كالجبهة الشعبية بمقاطعة العديد من الدورات، ومع ذلك عقدت دورات المجلس، رغم ذلك؟

كل الذرائع المطروحة، ومع الإحترام لأصحابها فإنها لا تستقيم مع ضرورة عقد الدورة في موعدها المحدد. لإنها حاجة ملحة للشعب العربي الفلسطيني. والقيادة معنية وترحب بمشاركة الجميع دون إستثناء. فليتوقف البكائون عن بكائهم على المنظمة، لإن من يريد حماية المظمة عليه العمل على عقد الدورة الجديدة في موعدها ومكانها.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا