المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

متمسكون بالأرض

الحارث الحصني

اعتاد المزارع عفيف أحمد بشارات برفقة زوجته وأبنائهما، من طمون جنوب طوباس، التواجد في أرضهم، من الصباح حتى المساء، في ذكرى يوم الأرض الخالد، كتعبير عن ارتباط العائلة بالأرض وعدم التفريط بها.

ويقول بشارات لـ”وفا”، “أتواجد وزوجتي وأبنائي يوميا في الأرض للفلاحة والاعتناء بها، لكن اليوم هو استثنائي، ولن يمر علينا كسائر الأيام بل سنزيد من العمل في الأرض لحمايتها”.

وتعود ذكرى “يوم الأرض” بعد أن استولت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الثلاثين من نيسان عام 1976على أراض لمواطنين من داخل أراضي الـ48، وانطلقت أول تظاهرة ضمن الانتفاضة الشعبية ضد قرار مصادرة الاحتلال لـ21 ألف دونما من أراضي قريتي عرابة وسخنين.

وأرض بشارات تقع في سهل عاطوف وهو أحد السهول الفرعية لسهل البقيعة الممتد بالجنوب الشرقي لمدينة طوباس.

ويقول مسؤول ملف الأغوار في محافظة طوباس معتز بشارات، إن مساحة سهل البقيعة تبلغ تقريبا 98 ألف دونم.

ويحيي الفلسطينيون سنويا ذكرى يوم الأرض بفعاليات متعددة، وتنفرد فعالية زراعة الأراضي المهددة عن باقيها.

وقبل أسبوع زرعت مئات أشجار الزيتون في قطعتي أرض من سهل عاطوف.

ويقول بشارات “زرعت 220 شتلة زيتون في أرضي المهددة بالاستيلاء من قبل الاحتلال، لأنني لن أفرط بذرة تراب منها”.

فيما تقول الزوجة “كنت أسقي ما زرعه أولادي وزوجي، لن أستطيع العمل مثلهم، لكن في الوقت ذاته لا يهدأ لي بال إن لم أذهب لأرض آبائي”.

وتحتل الأرض بشكل عام مكانة كبيرة لدى الفلسطينيين، ويسعى المواطنون إلى تثبيت وجودهم في أراضيهم المهددة، تحديدا في المناطق المصنفة “ج”.

ويقول بشارات “هذه الأرض تحمل رائحة الآباء والأجداد… أرضي عزيزة علي لا يمكن التخلي عنها”، و”لو ظل الاحتلال يقلع سنظل نحن أيضا نزرعها لآخر العمر”.

وأوضح أن الاحتلال يستولي على أكثر من 75% من سهل البقيعة.

في السابق وحتى سنوات قريبة، ظل رعاة أغنام من المنطقة يقيمون في أرض بشارات، بعد زراعتها بمحاصيل مروية، لكن تلاشى وجودهم فيها في السنوات الماضي القليلة، بالرغم من خصوبة الأرض.

ويتحدث بشارات (72 عاما) وهو جالس يمسك بيده ورقة تدل على قانونية ملكيته للأرض، “يعمل الاحتلال منذ سنوات على طرد رعاة الأغنام من أرضي ومساحتها 21 دونما، والطلب منهم التوجه لمكان آخر، حيث طردوا قبل سنوات يوسف أبو ريحان وهو أحد الرعاة الذين سكنوا في المنطقة، وانتقل وبقيت الأرض مكانها”.

وتعمل إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال، يوميا بشتى الطرق والأساليب للسيطرة على مساحات أخرى من الأراضي الفلسطينية لمصالح استيطانية مختلفة.

إلا أن الفلسطينيين يعملون أيضا جاهدين بكل الأساليب لتثبيت وجودهم في أراضيهم المهددة.

وتقول الزوجة التي وصل بها العمر (64 عاما)، “نريد التواجد يوميا في أرضنا؛ لنثبت للاحتلال بأننا هنا، وحتى أيضا لا يستولوا عليها”.

ويسهّل الاحتلال من خلال استيلائه على أراضي الفلسطينيين بشكل أو بآخر، التوسع الاستيطاني في مناطق الأغوار على حساب أراضي الفلسطينيين.

وبدأت في السنوات الأخيرة ظهور عدة تجمعات استيطانية بدأت بخيمة واحدة، كنتيجة حتمية لسيطرة الاحتلال على أراضي الفلسطينيين.

ويقول المزارع بشارات: “ذهبت يوم أول أمس لتفقد أشجار الزيتون فلاحظت تواجد “جرافة” احتلالية تعمل على إغلاق بعض الطرق الترابية التي يستخدمها المزارعون”.

ويضيف، “قال لي بعض المتواجدين في المنطقة احتمال أن يستولوا على صهريج الماء المتنقل الموضوع لري الزيتون”.

فيما ترى الزوجة أنه “لا يمكن الجلوس في البيت بعيدا عن الأرض، أتواجد مع أبنائي وزوجي في أرضنا، يكفي أن نظل فيها، هذا هو الصمود”.

ويمنع الاحتلال بأغلب مناطق الأغوار الشمالية، أو المناطق المصنفة “ج”، من وجود بنية تحتية تساعد الفلسطينيين على الاستمرار بتواجدهم في أراضيهم.

“نسير فوق الصخور وبين الجبال لنصل إليها، نريد شارعا ترابيا على الأقل، الاحتلال يمنعنا من إنشاء شوارع للأرض” يقول عفيف.

Exit mobile version