ماذا بعد حتى لو سقطت «صفقة القرن»

بقلم: ابراهيم دعيبس

صفقة القرن او صفعة القرن، كما وصفها الرئيس أبو مازن، هي نقطة ارتكاز كل الاحاديث والتحليلات والمقالات السياسية، ولكل واحد تفسيراته ومبرراته في ما يقول.
باختصار شديد فإن الصفقة مرفوضة كلياً على المستوى الفلسطيني ومن كل القوى وفي مختلف المواقع من غزة جنوباً الى جنين شمالاً، وهي موضع تحفظ اردني شديد رغم الضغوطات الكثيرة، وبهذا يتلاقى الموقفان الاردني والفلسطيني الى حد كبير، وذلك لاسباب عدة، نحن نرفض لأن الصفقة حسب المعلومات المتوفرة غير الرسمية عنها، تستجيب لكل المطامع الاسرائيلية سواء فيما يتعلق بالقدس او بالمستوطنات والاغوار واللاجئين والدولة الموعودة، والاردن راعي المقدسات بالقدس يرفض قطعياً أي مساس بها او التنازل عنها، كما ان للصفقة المفترضة تداعيات اردنية داخلية كبيرة سكانية بصورة خاصة.
السعودية بصورة خاصة يهمها ما يسمونه مواجهة الخطر الايراني وتجد في اسرائيل حليفاً في هذا المجال كما ترى في اميركا السند الرئيسي، ولهذا ترتبط صفقة القرن بالموضوع الايراني الى درجة ان بعض السعوديين يقولون علناً وصراحة ان القضية الفلسطينية ليست في اولوية الاهتمامات بهذه المرحلة.
ومصر الحريصة على العلاقات القوية مع أميركا والمشغولة بالدرجة الأولى والكبيرة، بقضاياها الداخلية خاصة الاقتصادية، فهي تقف موقفاً وسطاً بين السعودية وفلسطين خاصة وان السعودية تخطط لموقع اقتصادي استراتيجي عند ملتقى الحدود المصرية السعودية الاردنية باسم «نيوم» وعلى مساحة نحو ٢٧ الف كيلومتر مربع وقد تم دعم المشروع بقيمة ٢٥ مليار دولار من السعودية وغايته تحقيق منطقة صناعية تكنولوجية دولية تكون من أقوى المناطق دولياً.. وفي هذا المشروع مصلحة مصرية من الدرجة الأولى.
وباستثناء الأردن والسعودية ومصر فإن الدول العربية الأخرى مشغولة بالقضايا الداخلية ولم تعد تقدم للقضية الفلسطينية سوى البيانات والخطابات وبعض المؤتمرات.
«صفقة القرن» اذن تواجه صعوبات ورفضاً فلسطينياً واضحاً، ولم يعد المهم ان تنجح او تفشل وانما ما هي التطورات الحقيقية الميدانية، اسرائيل تواصل تهويد القدس وبناء المستوطنات وقد ازدادت الحملة في الاغوار بصورة خاصة تحديداً وقد خصصوا مليارات الشواكل في هذا الاطار، لأن صفقة القرن تعطي لاسرائيل السيطرة على المدينة المقدسة والاغوار بدواع أمنية. ومن يعيش بالقدس في هذه الايام يرى كم هي مساعي التهويد العملي والنظري خاصة مع اقتراب ما يسمونه عيد الانوار او «الحانوقاه» اليهودي، ويرى كم هي قوية حركة الاستيطان والسيطرة على التعليم بالمدينة.
ان صفقة القرن وان فشلت رسميا فان اسرائيل تنفذها عملياًً… ونحن رفضنا الصفقة مبدئيا، فاننا نواجه تداعياتها ميدانياً، وبهذا فنحن نواجه حالة ليست سهلة وموقفاً ليس حاسماً، وتظل نقاط ضعفنا كما هي: الانقسام اولاً والتنسيق الامني ثانياً رغم قرار المجلس المركزي يوقفه ، والترابط الاقتصادي مع الاحتلال ثالثاً.
لا يكفي ان نقول لا لـ «صفقة القرن» حتى تفشل رغم أهمية وضرورة الرفض، ولا بد من مواجهة الواقع والمعطيات وما نحن فيه من واقع وكيفية الخروج من الأبواب المغلقة التي نقف امامها، ان البيانات لا تكفي لمواجهة غطرسة القوة الاسرائيلية، خاصة ونحن نواجه ضغوطا مالية كبيرة من أميركا واسرائيل، ان على القيادات كلها ان تجتمع لاعادة تقييم الأوضاع وتحقيق الوحدة الوطنية بالدرجة الأولى…!!

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا