فلسطين هدفنا والمنظمة تمثلنا

بقلم: بسام صالح

منذ اشهر المشهد الفلسطيني يبدو كحلبة السيرك، يظهر فيه المشاركون، بشرا وغير البشر، كل له دوره يمثله باتقان وبمهنية عالية، وكلنا ولو لمرة واحدة خاض تجربة الذهاب للسيرك، والهدف هو الترفيه عن النفس ولو لساعات محدودة ومدفوعة الثمن مسبقا. وعندما تغادر تلك الخيمة الواسعة انت وعائلتك او اصدقاءك، بين الابتسامات والاراء المختلفة حول ما شاهدته من العاب بهلوانية وقفزات الرياضيين ومشاهد المهرجين ومدربين الحيوانات المفترسة وقد تحولت الى قطط، بيتية بمجرد حركة من السوط الذي يحمله المدرب ليقودها ويجعلها تتحرك كما يريد وعلى انغام موسيقية عذبة تجذبك كما تجذب هذا الحيوان المفترس الذي تم تلقيحه بالمهدئأت ان لم نقل المخدرات. نختلف في النقاش ان كان من الجائز معاملة الحيونات بهذا الشكل؟ او هذا المهرج الذي اضحكنا كثيرا بالاعيبه، وننسى انه يبكي بعد اسدال الستار على ما أل اليه حاله. وننسى ايضا اننا ساهمنا بحضورنا ومشاركتنا وتفاعلنا مع ما يقدمه السيرك باستمراره مسرحا لكل ما شاهدناه سواء اختلفنا ام اتفقنا على ذلك. وننسى واقعنا وعالمنا الحقيقي الذي نعيشه.

واقعنا نحن الفلسطينين، الشعب الواحد المقسم بحكم الواقع، فلسطينيوا الداخل، فلسطينيوا الضفة الغربية، فلسطينيوا القدس، فلسطينيوا غزة، فلسطينيوا لبنان، فلسطينيو الاردن، فلسطينيوا سوريا، فلسطينيوا الشتات، كلنا جزء من هذا الشعب الفلسطيني كلنا ينتمي لهذه الارض العربية الفلسطينية، كلنا نعاني سواء من كان داخل الاحتلال ومن كان تحت الاحتلال والشتات هو نتيجة لهذا الاحتلال، وكل يغني على ليلاه، وكلنا باسلوبه يبحث عن طريق للخلاص من هذا الاحتلال، تختلف الوسائل والهدف واحد، ولكن الانقسام اضعفنا وانهك قوانا الذاتية وهي سر نجاحنا في البقاء. وهو “الانقسام” ما يريده الاحتلال الصهيوني المدعوم من الادارات الامريكية المختلفه وبتواطؤ من بعض الانظمة العربية.

توحد شعبنا بمختلف فصائله وتنظيماته ومناهجه الفكرية ضمن اطار شكل الكينونة السياسية لشعبنا واصبح ممثلنا الشرعي والوحيد هذا الكيان الفلسطيني هو منظمة التحرير الفلسطينية، قبلها شعبنا في الداخل والخارج ودافع وضحى بالغالي والنفيس من اجلها، وهتف لها احرار العالم في كل محنة تعرضت لها كانت شعارا يردده المتضامنون معنا في كافة المناسبات والمظاهرات : احنا كثار كثار كلنا م . ت .ف. و فلسطين حرة حرة فلسطين ستنتصر. كان العلم الفلسطيني بالوانه الاربعة يرفرف خفاقا في شوارع المدن الاوروبية والغربية والعربية رمزا لوحدتنا وانتمائنا ورمزا للنضال العالمي ضد الامبريالية والصهيونية.

منذ توقيع اتفاقية اوسلو اختلفنا ولم يكن خلافنا بالجديد، فنحن نؤمن بشعار وحدة خلاف وحدة، وهذا قمة الديموقراطية التي ميزتنا عن غيرنا. فهناك من ايد ودعم هذا الاتفاق ومن عارضه بداية ومن ثم قبل به وشارك في العديد من مخرجات هذا الاتفاق، وهناك من رفض واقسم باغلظ الايمان الى حين، وقبل وشارك بما املته اوسلو من انتخابات وفاز باغلبية المجلس التشريعي وشكل حكومة ، وحكومة وفاق وطني انقلب عليها كما ينقلب السحر على الساحر، وقتل من قتل من ابناء شعبنا في غزة وبطش وعذب وسجن، وحكم غزة بالحديد والنار، واباح الدم الفلسطيني، مقابل حوريات الجنة. ودخل بتحالفات مشبوهة مع المال السياسي والاخوانجي، ومازال رغم كل محاولات المصالحة والاتفاقيات الموقعة ينكث بكل ما يوقعه ويفسره كما يشاء، مقابل الحفاظ على سيطرته على جزء من الوطن الفلسطيني ليقول هذه امارة الاخوان وتحت تصرفهم، بعد ان جر قطاعنا الفلسطيني الى حروب دمرت الحجر والبشر، وكفرت كل من يقول لهم اتقوا الله بابناء غزة واتقوا الله في قضيتنا الوطنية، لا تحولوها الى قضية انسانية، غزة هي جزء من قضيتنا الفلسطينية وهي سياسية وحقوقية وتاريخية وحضارية وصراعنا مع الاحتلال هو صراع دائم وعلى كافة الجبهات، وما الوضع المأساوي في القطاع الا نتيجة لاعمالكم الانفصالية ولا تتهموا السطلة بفرض عقوبات على ابناء غزة فهي ما زالت تنفق اكثر من 50% من موازنتها دون منة من احد على قطاعنا الحبيب. بينما تتدفق عليكم اموال الدعم من العديد من الجهات وتبقى في خزائنكم. ان الادعاء بالمقاومة وتسييرها لصالح فصيل ولصالح التنظيم العالمي للاخوان المسلمين، لا يخدم المصلحة الوطنية العليا، ولا يحقق اهداف شعبنا في التحرير والعودة ولا يحافظ على قدسنا ومقدساتنا، بل يخدم المشروع الصهيوامريكي المسمى صفقة العصر.

ان التصريحات الغير مسؤولة والمستمرة من قبل قيادات حماس والداعية لتهدئة او هدنة مع اسرائيل وتجاوز الشرعية الوطنية الفلسطينية، مقابل ما هو اقل من اوسلو واقل من هدنة 2014 . ان دلت على شيء فانها تدل على تماديها وتساوقها مع صفقة العار الامريكية الصهيونية التي تهدف تجزئة الارض الفلسطينية وضرب وحدة شعبنا وممثله الشرعي الوحيد منظمة التحرير الفلسطينية .

ان المطلوب اليوم وبالتحديد من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية ان تحافظ على هذا الاطار الجامع والذي قدمت من اجله الشهداء والجرحى والاسرى، ان تعمل سويا لاصلاح ما اصاب المنظمة من خلل ودعم الشرعية الفلسطينية في موقفها الوطني الثابت المعارض لصفقة القرن، والرافض لقرارات الادارة الامريكية والاجتماع معها رغم كل الضغوط التي تقوم بها، هذه القيادة التي اوقفت اي محادثات مع حكومة الاحتلال التي لم تفي ولم تلتزم بتنفيذ الاتفاقيات الموقعة.

نعم نحن مع المصالحة ومع استعادة وحدة الارض والشعب، ولكن ليس على حساب ثوابتنا الوطنية، وليس على حساب دماء الشهداء وهم الاكرم منا، وليس على حساب الجرحى والمعاقين وليس على حساب الاسرى البواسل، الذين ضحوا باراوحهم من اجل هدف واحد هو فلسطين .

ان الاوان ان يسدل الستار ويعود المهرجون للبكاء على حالهم.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا