حديث القدس: أمام مفترق طرق

مع قرار اللجنة المركزية لحركة «فتح»، الذي اتخذته في اجتماعهما أمس برئاسة الرئيس محمود عباس، بالتوصية بتشكيل حكومة جديدة من فصائل منظمة التحرير والمستقلين وتجميد العمل بقانون الضمان الاجتماعي تكون الساحة الفلسطينية قد دخلت مرحلة جديدة من التجاذبات السياسية وسط مهام جسام ماثلة أمام الكل الوطني وفي مقدمتها مهام التصدي للتحديات التي يشكلها الاحتلال بممارساته ومواقفه والتصدي للخط المعادي الذي تنتهجه الادارة الاميركية إزاء قضية شعبنا وحقوقه.
ومما لا شك فيه أن الطريق المسدود الذي وصلت اليه جهود المصالحة ومحاولة التحالف الاميركي – الاسرائيلي تصفية القضية وضرب الشرعية الفلسطينية وخاصة شرعية منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، وشرعية القيادة الفلسطينية، كل ذلك كان وراء التوصية بتشكيل الحكومة الجديدة، على الرغم من تأكيد اللجنة المركزية على التزامها الكامل «بتنفيذ بنود اتفاق القاهرة الموقع في تشرين الثاني عام ٢٠١٧ كمدخل لتحقيق وحدة شعبنا وارضنا».
ومن الجهة الاخرى فانه مما لا شك فيه ان الجدل الذي اثاره قانون الضمان وما استنزفه من جهود، والخلاف الذي لا زال قائما بشأنه شكل السبب الرئيسي للتوصية بتجميده مع استمرار الحوار بشأنه.
ومن الواضح ايضا أن تأكيد اللجنة المركزية على التزامها وتمسكها باجراء الانتخابات التشريعية «ليكون صندوق الاقتراع معبرا عن إرادة الشعب والناخب الفلسطيني واختيار من يمثله» يشكل استجابة لعلاج الخلل الواضح في النظام السياسي الفلسطيني منذ بدء الانقسام حتى اليوم حيث حرم الشعب الفلسطيني من حقه الطبيعي في قول كلمته في صناديق الاقتراع في الوقت الذي انتظر شعبنا طويلا استعادة الوحدة دون طائل حتى الان.
وفي الوقت الذي لا نقلل فيه من الاعتبارات الوطنية الكامنة وراء هذه التوصيات خاصة ما يتعلق بترسيخ شرعية منظمة التحرير الفلسطينية، وهو احد الانجازات التاريخية لشعبنا ونضاله على الساحة الدولية والذي يحاول التحالف الاميركي الاسرائيلي ضرب هذا الانجاز والقضاء على الشرعية الوطنية التي رسخت الرقم الفلسطيني في معادلة الصراع، الاّ ان ما يجب أن يقال هنا أن الستار يجب الاّ يُسدل على محاولات انجاز المصالحة الوطنية والحفاظ على وحدة الارض الفلسطينية، مهما كانت المعوّقات والعقبات، ولعل الانتخابات التشريعية التي اكدت حركتا «فتح» و«حماس» استعدادهما لها يشكل مدخلا لانهاء الانقسام، تماما كما يشكل اتفاق القاهرة ايضا مدخلا كهذا.
ومما لا شك فيه ان التحديات الجسام التي يواجهها شعبنا وقواه الوطنية بما فيها حركتا «فتح» و «حماس» والقضية برمتها تحتّم اللجوء الى منطق الحكمة والعقل وتغليب المصالح الوطنية العليا لشعبنا على أية مصالح فئوية، فالكل مستهدف وفي مقدمة ذلك حقوق شعبنا الوطنية المشروعة.
وفي المحصلة، وإذا كان الكل يؤمن ان شعبنا الصامد المرابط الذي قدم كل هذه التضحيات على طريق الحرية والاستقلال هو صاحب السيادة وهو صاحب الحق في انتخاب ممثليه فمن الاجدر بالكل الوطني تمكين شعبنا من ممارسة هذا الحق كمدخل لانهاء صفحة الانقسام السوداء من تاريخ شعبنا وقضيته.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا