احتجاز الجثامين.. الجرح النازف

جويد التميمي وحمزة الحطاب

يعتصر الأسى قلب أم تيسير الشويكي والدة الشهيد ياسر نتيجة استمرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي احتجاز جثمان ولدها منذ 12 آذار/ مارس العام الحالي.

أعدم الاحتلال ياسر الشويكي، وهو أب لستة أطفال، أثناء عمله في توزيع استدعاءات محكمة بداية وصلح الخليل في حي الرأس بمدينة الخليل.

تقول والدة الشهيد (69 عاما) لـ”وفا” إنها تعيش أياما صعبة منذ استشهاد ابنها الذي طالته يد الاجرام الإسرائيلية اثناء عمله، حيث لفقوا له الأكاذيب والحجج لتبرير جريمتهم، حيث كان مفعما بالحياة ويحب عمله وعائلته وأطفاله، ولم يكتف بجريمته بل ويحتجز جثمانه ويحرمنا من مواراته الثرى كما يليق به.

“جرحنا ما زال ينزف ولن يهدأ لنا بال إلا بالإفراج عن جميع جثامين الشهداء لنواريهم الثرى ونتمكن من وداعهم، ونحن نطالب كافة الجهات الحقوقية والإنسانية وفي مقدمتها الصليب الأحمر الدولي بالعمل بشكل جدي من اجل الافراج عن جثامينهم لنكرمهم وندفنهم كما يليق بكرامتهم”، قالت زوجته المكلومة.

وبصوت يملؤه الأسى، عبر الصحفي فوزي الشويكي والد الشهيد ياسر، عن حزنه لعدم تمكنه حتى اللحظة من استرداد جثمان ولده المحتجز في ثلاجات الاحتلال منذ 6 أشهر، ودفنه كما يليق بالشهداء، وقال: إن “استمرار احتجاز جثامين الشهداء من قبل سلطات الاحتلال ومن بينهم ياسر قرار سياسي ظالم، نحن نترقب قرار الإفراج عن جثمانه وكافة الشهداء ليل نهار”.

وبمراره يتابع لــ”وفا”: “يعتصر قلبي الألم حين يقف أطفال ياسر على نافذة منزلهم بانتظار عودة والدهم وأسمعهم ينادون.. بابا”.

وبحسب الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء، فإن سلطات الاحتلال تحتجز جثمان 304 شهداء فيما يسمى “مقابر الأرقام” والثلاجات.

وفي ذلك يؤكد منسق الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء في الخليل أمين البايض لــ”وفا”، أن حكومة الاحتلال تتعامل مع ملف احتجاز جثامين الشهداء دون أي مسوغ قانوني، وتمارس من خلاله ابتزازا رخيصا بحق أهالي الشهداء.

ويضيف ان إسرائيل تحاول إخفاء الجرائم التي ترتكبها بحق الشهداء وتقوم بسرقة اعضائهم، مؤكدا أن أكبر بنك للأعضاء في العالم موجود لدى الاحتلال.

ونوه البايض، إلى أن الحملة الوطنية تواصل السير بكل السبل لفضح جرائم الاحتلال امام العالم، وتعمل على اتخاذ الاجراءات القانونية الممكنة لضمان حق أسر الشهداء في استرداد جثامين أبنائهم المحتجزة في “مقابر الأرقام” وثلاجات الاحتلال.

ونوه إلى ان عدد الشهداء المحتجزين في الثلاجات 51 شهيدا من بينهم 4 شهداء من محافظة الخليل، محتجزين منذ العام 2015 وهم: محمد الفقية، ومحمد الطرايرة، وياسر الشويكي، ووائل الجعبري.

أستاذ القانون الدولي، حنا عيسى طالب اسرائيل باحترام قواعد القانون الدولي بالتعامل مع جثامين الشهداء، والافراج عن 304 من الشهداء التي لا تزال سلطات الاحتلال الإسرائيلي تحتجزهم سواء في الثلاجات، أو في “مقابر الأرقام”.

وأضاف: “وفقا لمبادئ القانون الإنساني الدولي، فقد حددت المادة (17) من اتفاقية جنيف الأولى لسنة 1949 معايير التعامل مع “جثث الأعداء”، حيث نصت المادة على “أنه يجب على أطراف النزاع ضمان دفن أو حفظ الجثث بصورة فردية بقدر ما تسمح به الظروف، على أن يسبق ذلك فحص دقيق، وإذا كان ممكنا بواسطة فحص طبي للجثث بغية تأكيد الموت والتعرف على الهوية وتمكين إصدار تقرير”. كما يجب حسب هذه المادة “التأكد لاحقا من تكريم الموتى حسب تقاليدهم الدينية ما أمكن، وأن تحترم قبورهم، وأن تصنف حسب القوميات التي ينتمون إليها، وأن يتم حفظها بصورة ملائمة، وان يجري تعليمها بحيث يمكن العثور عليها دائما”.

وأشار عيسى الى أن هناك أيضا مواد شبيهة ونصوصا قانونية مماثلة مثل المادة 120 من اتفاقية جنيف الثالثة والمادة 130 من اتفاقية جنيف الرابعة وخاصة المادة 34 من البرتوكول الاول لسنة 1977 الملحق باتفاقيات جنيف الاربعة.

وأكد أن احتجاز جثامين الشهداء انتهاك للإعلان العالمي للأمم المتحدة، حول الاختفاء القسري الذي يعتبر جريمة ضد الانسانية، ويدان بوصفه انكارا لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة، وانتهاكا خطيرا وصارخا لحقوق الانسان والحريات الاساسية التي وردت في الاعلان العالمي لحقوق الانسان.

ويقول “رغم النصوص القانونية والمواد الملزمة الواضحة في القانون الانساني الدولي، إلا أن السياسات الاسرائيلية والممارسات على أرض الواقع تظهر ان اسرائيل تتنكر بشكل واضح لهذه المبادئ والالتزامات.

وأشار عيسى الى أن مقابر الأرقام غير لائقة ولا تحترم جسد وقدسية الإنسان، وان الجثامين تدفن على عمق سطحي لا يتجاوز نصف المتر، ما يجعلها عرضة لنهش الكلاب الضالة والضباع وقد تجرفها مياه الأمطار والسيول.

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا