لا صديق لأميركا إلا إسرائيل

بقلم: رشيد حسن

فوجئ كثيرون أو بالأحرى صدموا, بتخلي اميركا عن اصدقائها الاكراد وتسليمهم لتركيا, عدوهم اللدود. هؤلاء لم يقرؤوا تاريخ الإمبراطورية الأمريكية اولا, ولا يعرفون أن اميركا وكافة دول العالم, وعلى رأسها روسيا, ليست جمعيات خيرية, بل هي دول لها مصالح تشكل بوصلة علاقاتها بالآخرين, فهي تصادق من يحافظ على هذه المصالح, وتعادي من يهددها.
اميركا يا سادة تخلت عن شاه إيران صديقها الذي كانت تعده للوقوف في وجه الاتحاد السوفيتي حينها, وتخلت عن «كارلوس» رئيس الفليبين بعد أن ثار الشعب ضد فساده, وتخلت عن الجنرال «سوهارتو» صنيعتها في اندونيسيا, وتنكرت لحاكم بنما واعتقلته, وتخلت عن «حسني مبارك» وغيرهم كثيرون بعد أن ايقنت ان وجودهم أصبح يعرض مصالحها للخطر. بينما نجد أن الدولة الوحيدة التي تصادقها اميركا وحليفتها التي لا تنازع , وتعتبرها جزءا من ولاياتها الخمسين, لا بل الولاية رقم «51», وجزءا من امنها القومي هي دولة العدو الصهيوني, ولعل أكبر دليل على ذلك تهديد واشنطن الاتحاد السوفيتي بحرب كونية-نووية اذا تعرضت إسرائيل على يد حلفائه العرب وخاصة مصر «عبد الناصر» إلى هزيمة ماحقة تهدد وجودها القائم على اغتصاب فلسطين العربية.
وعود على بدء, وفي هذا المقام نجزم ان القرصان «ترامب» هو أكثر الرؤساء الاميركيبن تعبيرا عن الإمبريالية الأمريكية المتوحشة بلغة واضحة لا تقبل اللبس ولا تحتمل التأويل.
ألم يطلب من حلفائه الأوروبيين, دول حلف الناتو أن يدفعوا كلفة بقاء القوات الأميركية في قواعد عسكرية في بلادهم, وان اميركا لم تعد تحتمل ان تبقى تدفع القسط الأكبر من نفقات هذا الحلف!!
ومن هنا..
ترامب يعلن صراحة ان كل شيء بثمن..فلا شيء مجانا..
انه منطق الصفقات..والسماسرة ..
انه منطق البزنس وتاجر العقارات..منطق القراصنة!
وبالتالي لا تعجبوا اعزائي ..اذا ما أعلن ترامب في الغد, عن تخليه عن اعز ما يدعي انهم أصدقاؤه لأنهم لم يدفعوا المليارات.
وفي هذا الصدد نذكر بان اميركا تحكمها استراتجية قائمة على ركيزتين أساسيتين اقرتا منذ عهد ترومان في أواخر أربعينيات القرن الماضي و هما:
الحفاظ على إسرائيل, والسيطرة على النفط, انتاجا, وتدفقا, واسعارا.
وتحت عنوان هذه الاستراتيجية إدارت اميركا كافة الحروب في المنطقة واخرها نشر الفوضى الهدامة بفعل فيروس داعش الذي زرعته لخلق شرق أوسط جديد, يتيح لها زيادة تحكمها بالمنطقة, بنفطها وغازها وثرواتها الهائلة وتنصيب إسرائيل شرطيا عليها.
باختصار, أميركا ليست جمعية خيرية, تهب الغذاء والدواء ورزم الدولارات, أميركا امبراطورية كبرى لها منطقها, وأدواتها, وآلياتها للسيطرة على العالم, وتسخير الآخرين لخدمتها, وخدمة مشروعها.
إنها تذكرنا بالامبراطورية الرومانية..امبراطورية السادة والعبيد.
عن الدستور الأردنية

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version