القديم الجديد في تصفية البغدادي …

بقلم: حسني المشهور

كان المقال التالي عشية تصفية أسامة بن لادن (مايو ٢٠١١) ولماذا … ويبدوا ان الاختلاف فقط في الاسم والمكان الجديد لما بعد البغدادي في مشروع من صنع الاثنين

اغتيـال اسامة بـن لادن … صفقـة للصمـت ولإنقـاذ الكتالوج الأمريكي

في اتصـال لقنـاة الجزيـرة مع أحـد شهود العيـان … هـذا الاسـم الذي أصبـح المصدر الأساس لهذه القنـاة تهرباً من المساءلة اللاحقة عن الدور الذي تقوم به في نشر الفتن والتحريض على القتل بترويج الكذب وتزوير المشاهد والمواقف والصوّر … وكانـت خلاصة أقوال هذا الشاهـد العيـان كما يلي :
( إن وجـود اسامة بن لادن في المنطقة والمكان الذي هوجم فيه لم يكن سـراً على اهل المنطقة … وأن هـذا الوجود كان حديث الناس في المنطقة منذ مـدة … وانهم كانوا يـرون حركة الزوّار والضيوف للمكان … وأن الترتيبات كانت تجري لعقـد لقـاء تشاوري بين قيادات القاعـدة للمراجعة وتقييم الأوضـاع … وأن ما يدّعيـه الأمريكان من قـدرات استخبارية ليس إلا مبالغات إعلامية… إلى هنا انتهى كـلام شـاهـد العيـان ).

ولتوضيح الأساس لما أريـد التعبير عنـه وفقاً لاستنتاجاتي من كلام هذا الشاهد أقـول :

لم تتضح حتى الآن ابعـاد ومسارات حركة الشباب التونسي بما فيه الكفاية نتيجة التقلبـات في مطالبها وفي الأسماء المؤثرة فيها ، والتقلبات في النتائج التي صاحبتها … والتي ما زالـت تتقلـب حـتى الآن … ولكـن كان قـد أصبح واضحاً أن شيئاً جديداً قـد وُلـِد … ووُلِدَ قوياً ومؤثراً نتيجة ما فعله أبناء مصر المحروسة ، والطوفان الذي أحدثوه في ميدان التحرير وكل ميادين المدن والبلدات المصرية واختزلوه في شعارهم المأثور الذي هتفت به حناجرهم : ثـورة … ثـورة حتى النصـر … ثورة في كل شـوارع مصـر … هـذا الطوفـان المصري الأصيل أصالة نهر النيل لـم يـُغرق أركـان النظام والقائمين على صناعة الفساد والإفساد فيه ، وتغييب الهوية الحقيقية لمصر والمصريين فقط … بل أغرق الكثير الكثير من العاملين على التغيير والإصلاح في مصر وفقاً للكتالوج الأمريكي … وإن كان هذا الكتالوج لم يغرق بعد ، ولن يغرق حتى تتكشف الحقيقة الكاملة لسيارة الفان البيضاء ذات اللوحات الديبلوماسية التي داست من أجساد المصريين في الميدان اضعاف ما داسته سيارات الأمن المركزي … وحقيقة من كانوا فيها ، وماذا كانوا يفعلون هناك … ولماذا هذا التجاهل لتناولها في معظم وسائل الإعلام المؤثرة في مصر وخارجها .

هـذا الطوفان المصري الأصيل نقل السياسة والسياسيين … ونقل أدوات ووسائل الإصلاح والتغيير من حالة سادت عصوراً ودهوراً إلى حالة جديدة بالكامل … نقلها من حالة التغيير بالأفراد الأبطال … والتغيير بالتبادل حرباً أو سلماً … انقلاباً أم ثورة بين النـُخَب مسبقة التدجين مع النـُخَب ذات الصبغة المستقلة … نقلها إلى حالة التغيير بجماعة الناس عمومها وخصوصها … مترابطة فقط بالأهداف المشتركة النابعة من حاجات الجماعة نفسها وليس من حاجة الذين رسموا الخـطط لتغييرنا وتغيير أوطاننا وقيمنا وثقافتنا وفقاً لحاجاتهم ، وأعدّوا الكتالوج الخاص بكل حالة ووطن وأوكلوا مهام التنفيذ حصراً لبعضنا ممن سبق تدجينهم. وهذه الحالة الجديدة التي انتجها طوفان الجماعة المصرية الأصيلة فرضت نفسها ، ونشرت البواكير لثمارها فشاهدنا تعثر الكتالوج الأمريكي في اليمن وتعثره في سوريا وتعثره في ليبيا ، وكانت اسباب التعثر كامنة في الصراع بين الأصدقاء للصديق الأمريكي وحلفه في الناتو من أصدقائه الحاكمين ، إلى صدقائه الطامحين للحلول محل الحاكم تحت شعار التغيير ، تعثّر لأن الصديق الحاكم ألقى بتنظيم القاعدة في وجه الصديق الطامح للحكم كوكيل جديد لتنفيذ التغيير وإزالة الفساد ، وهـذا الوكيل أُسْقِط في يديه بعد إشهـار دعم تنظيم القاعدة واتباعها له ، والمشاركة العلنية لبعض عناصرها مع حركة المعارضة مشهرة أسلحتها وإماراتها (خطاب الظواهري وبيان القاعدة في المغرب الإسلامي لدعم المعارضة الليبية وإعلان قيام إمارة درنة وإمارة البيضا غرب ليبيا وما فعلته ونشرته من ممارسات) .. هذا الإدخال والدخول للقاعدة سبّب تعثّراً لخطط في أماكن كانت إمكانيات التعثر فيها شبه معدومة … ولأن أصحاب الكتالوج لا تنقصهم القدرة على استخلاص النتائج … ولأنهم لم ولن يتخلوا عن كتالوجهم … ولكي ينقذوا ما تبقى من أدوات تنفيذه وضخ المزيد من الأدوات العاملة عليه كان لا بدّ مـن معالجة حجة الحاكم الصديق في وجه المعارض الصديق … معالجة القاعدة … هذه القاعدة التي أكّدت مأسي العراق وغيرها أنّ جزءاً كبيراً من كوادرها خصوصاً الوسيطة تـم اختراقها ، وأن هذا الجزء ما زال بإمكانه القيام بأدوار يـُعتد بها في عملية التغيير المطلوبة … ولحمايتها من الانكشاف كان لا بد من التخلص من مخازن اسرارها ومن العارفين باسمائها وتشعبات علاقاتها ، ولتعميم الصمت عنها كانت بداية المعالجة للقاعدة وكان الاغتيال للرجل الذي كان الكثير من الباكستانيين مسؤولين وغير مسؤولين يعرفون مكانه وتحركاته وفقاً لشاهد العيان الذي استنطقته قناة الجزيرة .

خلاصة القول … إن مقتل أسامة بن لادن كان عملية اغتيال لشيء تآكل ولم يعد مفيداً بعد القيّم والوسائل الجديدة للتغيير بجماعة الناس التي نشرها الطوفان … بكل الجماعة ، وليس بالأفراد الأبطال ، ولا بالنـُخب … وجاء الاغتيال لأسامة بن لادن ( الذي أصبح بين يدي ربه يتولاه بعدله عما فعل بيديه وأصغريه ) كصفقة بين أطراف للصمت عن الكثير من الأسرار التي مازالـت مفيدة لحرف اتجاهات هذا الطوفان باتجاه لا يبتعد في تغيير أوطاننا وقيمنا وحقوقنا .كثيراً عن كتالوج الأمريكان والناتو إن لم يتطابق معه .

إن أبناء مصر المحروسة الذين يرفضون أن تغتسل مصر بغير مياه النيل لإزالة ما علق عليها من لطخات سوداء ، هم القادرون على حماية مسارات طوفانهم لتبقى باتجاه حاجات مصر وهويتها وحاجات وهويـة شقيقاتها … وهـم القادرون على إبقاء طوفانهم محيطاً بكل الحالمين بتغيير أوطاننا وقيمنا وحقوقنا وفق ذلك الكتالوج الملعون !!!

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا