الدكتور أحمد موسى إبراهيم

بقلم: عيسى عبد الحفيظ

مواليد مدينة بيسان عام 1909، شهد الحرب العالمية الأولى وهو طفل، درس التمريض في مدينة الناصرة ثم انتقل للعمل في مستشفى رمبام في حيفا، أين اكتسب خبرة جيدة في الطب والوصفات العلاجية والتشخيص.

رحل أثر نكبة عام 1948 إلى مدينة إربد واستقر في المخيم أين افتتح عيادة خاصة في جزء من بيته وبدأ بعلاج فقراء المخيم برسوم بسيطة تتناسب مع الحالة الاجتماعية والمادية لسكان المخيم الذين باتوا يعرفونه جيداً كونه الطبيب الوحيد هناك، بالإضافة إلى رسومه المتواضعة التي تتناسب والحالة الاجتماعية للسكان، وأصبح بيته عنواناً معروفاً، يقال عند توصيف عنوان لأحدهم “قرب عيادة الدكتور أبو موسى”.

كان رحمه الله – ودوداً عطوفاً على الفقراء فزيادة على الرسوم المتواضعة جداً، كان في كثير من الأحيان لا يطلب أكثر من ثمن الدواء.

حس وطني عال وكبرياء فلسطيني وأثرة لا تجدها في كثير من الناس وخاصة أولئك الذين يؤدون خدمات اجتماعية، وخلق نظيف امتاز به حيث كان يردد دائماً أن رأس مال الشاب هو أخلاقه.

استطاع بجهده الدائم أن يشتري قطعة أرض صغيرة على حدود المخيم لا تبعد عن بيته في المخيم أكثر من مئة متر فقد كثر عدد أولاده بالإضافة إلى زحمة العيادة.

أنجب أكثر من عشرة أبناء وبنات أكبرهم ابنه موسى الذي التحق بحركة فتح بعد أحداث أيلول الأسود وذهب إلى دمشق وعمل في مكتب التعبئة والتنظيم مع الشهيد القائد خالد الحسن أبو السعيد، ثم عاد إلى إربد بعد حرب أكتوبر 1973، حيث صدر قرار ملكي أردني بالعفو العام.

عُرف عن الدكتور أبو موسى وطنيته حيث انضم إلى المقاتلين في الأربعينيات وكان عضواً في حركة الشهيد عز الدين القسام قبل استشهاده عام 1935، حيث شهدت الأراضي الفلسطينية إضراب 1936، الشهير والذي استمر ستة أشهر كاملة ولولا المؤتمرات الرسمية لتغير وجه تاريخ القضية الفلسطينية.

شكّل الدكتور أبو موسى ظاهرة فريدة في تاريخ اللجوء فهو أول طبيب يفتتح عيادة شبه مجانية في المخيم بالإضافة إلى الخدمات الطبية التابعة لوكالة غوث اللاجئين والتي كانت تعمل فقط في الأوقات الرسمية، ولذا كان أكثر المرضى يترددون على عيادته في المساء.

يقول ابنه الأكبر موسى أن والده كان بإمكانه أن يأتي بالوثائق اللازمة لإثبات أنه طبيب كما فعل غيره وخاصة في مدينة إربد وأصبحوا من الأثرياء حيث لم يكن في مدينة إربد حينها أكثر من طبيب أو اثنين ولكنه قنع بما كتب له وقرر أن يعيش بين الفقراء وأبناء شعبه ويقدم لهم خدماته شبه المجانية.

شخصية وطنية لم يتوان عن المساهمة في أي جهد وطني، عمل بنزاهة وبيد نظيفة وبأخلاق عالية.

انتقل إلى رحمته تعالى عام 1991م، مخلفاً وراءه الكثير من الأولاد والأحفاد والاهم من ذلك سمعة لا غبار عليها وذكريات يعتز بها كل من عرفه من قريب أو بعيد وأصبحت ذكراه من ذكريات مخيمات اللجوء.

رحم الله شهداءنا وأسكنهم فسيح جنانه، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version