مزيونة تشم رائحة ابنها من خلال رفاقه

بدت الحاجة مزيونة أبو سرور، التي تجاوزت الثمانين من العمر، متحمسة، وهي في طريقها إلى قلقيلية، للسلام على الأسير المحرر إياد هزاع شريم، الذي تنسم هواء الحرية النسبية بعد 18 عاما قضاها خلف القضبان.

الحاجة مزيونة هي والدة الأسير ناصر أبو سرور، الذي أمضى في سجون الاحتلال، مع رفيقه محمود أبو سرور 28 عاما خلف القضبان، منذ اعتقالهما عام 1993م، لمشاركتهما في تصفية رجل مخابرات في شقة في القدس الغربية، والحكم عليهما بالسجن المؤبد مدى الحياة، في حين اغتالت قوات الاحتلال زميلهما حمزة أبو سرور، المخطط للعملية التي اعتبرت نوعية واختراقا لجهاز الشاباك الإسرائيلي.

عمر أمضته الحاجة مزيونة، وهي تخرج صباحا من منزلها في مخيم عايدة قرب مدينة بيت جالا، لتركب في حافلات للصليب الأحمر، لزيارة ابنها، الفخورة به، ومنعت فترات طويلة من زيارة ابنها لأسباب مختلفة، منها حجج أمنية.

ولكن السنوات تكر، دون بارقة أمل في الإفراج عن ابنها، وتحولت مزيونة إلى رمز لأهالي الأسرى، وتوصف بالأسطورة بينهم، وتقول دائما بأنها تكافح كي تؤجل موتها، حتى تحتضن ابنها ناصر، الذي يحثها على التشبث بالحياة قائلا لها: لا تموتي، حتى لا أموت وراءك.

هذه المرة انطلقت الحاجة مزيونة من منزلها في المخيم، برفقة الناشط منذر عميرة ابن مخيم عايدة، والأسير المحرر علاء عبد الكريم من مخيم الدهيشة، رفيق ناصر في سجنه الطويل، إلى قلقيلية.

ثمة ما يجمع شريم، مع ناصر أبو سرور، فهما اعتقلا في سن مبكرة، فشريم اعتقل وعمره 26 عاما، وعمره الآن 44 عاما، ودرس الثانوية العامة والبكالوريوس في الأسر وناصر الذي اعتقل في العشرينيات من عمره، ثابر على الدراسة، وأكمل دراسته الجامعية في السجن.

ومثلما تنتظر مزيونة، ناصر، فان شريم ينتظر الإفراج عن شقيقه هزاع، بعد ثمانية أشهر، حيث سيكمل 20 عاما في السجون.

يقول منذر عميرة: “تلمست مزيونة بعض مما تبقى من رائحة ابنها ناصر في خبايا ذاكرة إياد وعناقه الأخير له”.

يقول إياد إنه لم يستطع النوم في ليلته الأخيرة في السجن، إنها 18 عاما مضت، وسيعانق الحرية، ويرى قلقيلية، ويترك رفاقه في السجن، وبينهم ناصر أبو سرور، وهو ألم كبير، رغم الفرحة بالحرية.

يضيف عميرة: “تعلن الحاجة مزيونة انتصارنا لجرحنا النازف، ورفضها لمخططات التهويد في أرضنا، وتدق قدما في الأرض وترفع جبينها ليصل عنان السماء، وبألم فراقها لناصر المستمر منذ ثمانية وعشرين عاما، تفيض حبا عظيما لتطرد به الغرباء وتروي به كثير من ظمئنا لحرية وكرامة ثورة”.

تحظى الحاجة مزيونة بحب واحترام أهالي مخيم عايدة. في شهر آذار الماضي، خلال أزمة فيروس كورونا، وتوقف زيارات الأسرى، أطلقت في المخيم حملة بعنوان: “مزيونة بخير”، وهدفت من خلال رمزية الحاجة مزيونة، طمأنة الأسرى بان أهاليهم بخير، وطالب منظمو الحملة بحماية دولية للأسرى، للذين يحتجزون في ظروف صعبة، وتوفير تلفونات لهم للتواصل مع أهلهم إضافة لوسائل التعقيم والفيتامينات.

عادت الحاجة مزيونة من قلقيلية، إلى مخيمها، بعد رحلة طويلة، توجتها بلقاء إياد واحتضانه، وشمت فيه رائحة ابنها ناصر، وخزنتها داخلها، لتساعدها على الصمود لأيام أخرى. كتب عليها الصبر والألم والصمود.

الحياة الجديدة- أسامة العيسة

مواضيع ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

فتح ميديا أوروبا